د.رحاب إبراهيم تكتب: في صحتك.. الحيل الدفاعية النفسية…كيف يحمي العقل نفسه؟

يُعرّف الأطباء السلوك الدفاعي النفسي  بأنه السلوك الذي يستخدمه الشخص لحماية نفسه من المواقف والأفكار والمشاعر السيئة.

وينقسم السلوك الدفاعي حسب درجة الفعالية إلى ثلاثة أقسام : بدائي – متوسط – فعّال

الحيل الدفاعية البدائية

و تتم غالبا عن طريق العقل اللاواعي , و هي الأقل فاعلية على المدى الطويل ولكنها  فعالة جدا على المدى القصير ولذا فهي المفضلة لدى معظم الناس خاصة هؤلاء الذين لم يتعلموا مواجهة الضغط والتغلب على المشاكل .  

1- الإنكار

هو رفض الواقع, والتعامل كما لو أن  الحدث المؤلم  لم يحدث .

الإنكار من أكثر أشكال الحيل الدفاعية البدائية انتشارا سواء في فترة الطفولة أو في الممارسات الحياتية اليومية عند البالغين .

وربما يكون المثال الأشهر هو الشخص المدمن الذي ينكر أن الإدمان يسبب له أي مشكلة في العمل أو العلاقات.

2- التراجع

أي العودة لمرحلة سابقة, مثلا المراهق الذي يعاني من الخوف والانفعال السريع  والرغبة الجنسية ربما يتراجع لمرحلة الطفولة وتنتابه حالات التبول اللا إرادي.

أيضا الرغبة في البقاء في الفراش وعدم ممارسة الأنشطة اليومية المعتادة كرد فعل تجاه مشكلة ما  شكل من أشكال التراجع .

3- السلوك المبالغ فيه

هو تحويل الشعور غير المحتمل إلى فعل متطرف, مثل أن يشعر الشخص بغضب شديد فيقذف كتابا او يكسر زجاجة  بدلا من شرح سبب الغضب .

أيضا تعمّد إيذاء النفس  لتحويل الألم النفسي لألم جسدي  يمكن رؤيته.

4- الانفصال عن الواقع

صاحب هذا السلوك لا يستطيع إدراك نفسه ولا العالم من حوله ولا الزمن, وبذلك بفقد الاتصال مع المجتمع , ويخلق عالما خاصا يعيش فيه يخلو من المشاعر والذكريات السيئة التي لا يحتملها.

في الحالات الشديدة يمكن أن يؤدي هذا السلوك للإصابة بتعدد الشخصية.

multiple personality disorder

5- التجزئة

يشبه الانفصال عن الواقع ولكنه لا يتم بشكل كامل بل إنه يختار جزء معين في حياته ليتجاهله تماما

مثال الموظف الذي يقبل الرشوة أو الغش في الأمور المالية, وعدا ذلك هو شخص جيد في باقي تعاملاته.. إنه يتجاهل تماما هذه النقطة ويتعامل كما لو لم تكن موجودة.

6- الإسقاط

هو اتهام شخص آخر بنفس الشعور أو السلوك الذي يعاني منه ولا يستطيع التحكم فيه, وفي نفس الوقت لا يستطيع الاعتراف به كونه غير مقبول .

وهو سلوك متكرر عندما يكون الشخص فاقدا للبصيرة والوعي بالذات.

7 – السلوك العكسي

هو تحويل الشعور غير المحتمل أو غير المقبول إلى نقيضه تماما

مثلا عندما يكره المرء رئيسه في العمل  ويرغب بشدة في ترك وظيفته, فإنه قد يتصرف بلطف زائد للتغلب على هذا الشعور ونفيه .

الحيل الدفاعية متوسطة الفاعلية

1- القمع

أهم ما يميز هذا السلوك أنه يتم بشكل لا إرادي وبالتالي يصعب التحكم فيه, وهو عبارة عن قمع للفكرة أو الشعور المؤلم وحذفه من الذاكرة الواعية.

ولأن الذاكرة البشرية مرنة ولا تشبه أجهزة التسجيل فهي تقوم بفلترة وتعديل المشاهد بناء على الخبرة الحياتيه بل وبناء على ما يقرؤه أو يشاهده المرء كذلك.  

2- الإزاحة

هو إعادة توجيه الشعور أو الفكرة لشخص غير مؤذي أو أكثر أمانا بدلا من الدخول في مواجهة وتصعيد المشكلة .

 وأبرز مثال عندما يتشاجر شخص ما مع رئيسه في العمل ويعود للمنزل فيصرخ في زوجته ويعنّف أولاده

3- الذهنية الشديدة

الاهتمام بالتفاصيل الذهنية والأفكار المجردة بدلا من التورط في الشعور السيء ..مما يخلق مسافة بين الشخص وبين ما يؤلمه من مشاعر .

مثلا عندما يواجه المرء بنتائج تحاليل طبية سيئة يبدأ في مناقشة الإجراءات الطبية وتفاصيل التحليل ومعانيه بدلا من التعامل مع المشاعر المؤلمة وإظهار الحزن والأسى.

4- التسوية المنطقية

هو رؤية الموقف بشكل مختلف وخلق تفسير آخر له لتحويله لموقف آخر أكثر قبولا وأقل ضررا .

مثلا عندما تعيش امرأه قصة حب قوية  وفجأة يتركها شريكها بلا سبب  , فتلجأ لإعادة التفكير في العلاقة وترتيب تفاصيلها بالشكل الذي يجعلها تقنع نفسها أنها كانت غير سعيدة معه  وأن الانفصال هو الوضع الأمثل لها .

5-الرجوع عن الفعل

هو محاولة لتصحيح فعل سيء تم  بشكل لا إرادي . فمثلا عندما يتورط شخص في ابداء تعليق مسيء أو إهانة لشخص آخر , ثم يدرك مدى الإيذاء الذي سببه فيبدأ في الكلام عن مزايا هذا الشخص وصفاته الحسنة أملا في أن يعادل الموقف السابق ويزيل أثره السيء .

الحيل الدفاعية الفعالة

هي الأكثر نضجا  لكنها تتطلب تدريبا وجهدا أكبر .

وعلى عكس السلوكيات البدائية التي لا تحل المشكلة  فإن هذه السلوكيات تركز على مساعدة الشخص في تحقيق السلام النفسي وفي أن يكون شخصا مؤثرا في مجتمعه

1- التسامي

هو توجيه الشعور أو الفكرة غير المقبولة لفكرة أخرى مقبولة

وأشهرها توجيه الشاب أو المراهق لممارسة الرياضة بدلا من المعاناة في السيطرة على رغباته الجنسية المتزايدة , وبذلك تتحول الطاقة الضارة لسلوك بنّاء.

التسامي يمكن أن يتم أيضا عبر الدعابة أو الخيال

الدعابة تخفف من شدة الموقف

والخيال يزيد من قدرة الشخص على التجاوز والاحتمال

مثلا تخيل الإنجاز النهائي والنجاح المهني يخفف كثيرا من ضغط الدراسة و مشاكل التحصيل الأكاديمي.

2-التعويض

هو تحقيق التوازن بالاهتمام بمواطن القوة للتغلب على نقط الضعف ,فلا يوجد إنسان يمكنه النجاح في كل مجالات الحياة. 

والتعويض عندما يتم بشكل صحيح وليس بصورة مبالغ فيها يساعد المرء على اكتشاف مواطن قوته والاستفادة منها وتحقيق الثقة بالنفس واحترام الذات.

3-القدرة على التحديد

أي توجيه الأفكار والمشاعر لأن تكون واضحة ومحترمة ومحددة.

هناك العديد من أساليب  التواصل بين الناس , بدءا من السلبية المفرطة وحتى العدوانية والهجوم ..وبينهما العديد من الدرجات .

الشخص السلبي قد يكون مستمعا جيدا لكنه يفشل في التعبير عن نفسه واحتياجاته

والشخص الهجومي قد يصلح قائدا جيدا ولكن على حساب تعاطفه  مع الاخرين وقدرته على الاستماع لهم .

الشخص المتوازن هو من يقف بين الحالتين

و يمتلك  مهارة أن يكون مستمعا جيدا إذا لزم الأمر , وأيضا التعبيرعن مشاعره ومتطلباته بوضوح.

هذا التوازن هو أفضل الحيل الدفاعية  والمهارات الحياتية عموما والتي يجب أن يحرص الإنسان على اكتسابها.

وأخيرا..

تذكر أن الحيل الدفاعية السلوكية هي أمور يمكن تعلّمها

وإذا كنا قد تعلمنا بعضها في فترة الطفولة فإن من الجيد أن نتعلم الحيل الأكثر فاعلية في فترة النضج.

Based on John M. Grohol article :

15 Common Defense Mechanisms

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *