تقرير لـ”الحرة” حول الأوضاع الاقتصادية المصرية: أزمة نقص بالعملة الأجنبية وتخوفات من عدم قدرة البلاد على الوفاء بالتزاماتها

وكالات

نشر موقع قناة “الحرة” الأمريكية، الأربعاء، تقريرًا ذكر فيه أن مصر تعاني أزمة “نقص بالعملة الأجنبية” بالتزامن مع اقتراب سداد استحقاقات خارجية مليارية قصيرة وطويلة الأمد، ما أثار تخوفات بشأن “عدم قدرة البلاد على الإيفاء بالتزاماتها”، مشددًا على أن مصر تشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها، ففي عام واحد، فقد الجنيه المصري نصف قيمته مقابل الدولار الأمريكي في حين تراجعت احتياطات البلاد من العملات الأجنبية.
وأضاف التقرير “أثار نقص العملة الصعبة مخاوف بشأن قدرة مصر على سداد الديون الخارجية، ومنذ أبريل خفضت وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية الثلاثة النظرة المستقبلية لديون مصر.. وفي مايو، خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تصنيف مصر درجة واحدة من (بي +) إلى (بي)، مع تحويلها نظرتها المستقبلية إلى سلبية”.
واستكمل تقرير “الحرة” قائلا “تحدثت وكالة فيتش في بيان عن ازدياد مخاطر التمويل الخارجي في ضوء الاحتياجات التمويلية المرتفعة، وتشديد شروط التمويل الخارجي”.
وفي أواخر أبريل أعلنت وكالة التصنيف الائتماني “ستاندرد آند بورز” أنها أعادت النظر في تقديراتها لدرجة آفاق الدين المصري من “مستقر” إلى “سلبي” بسبب “الحاجات الكبيرة لتمويلات خارجية” تتوقعها بشأن المالية العامة.. ومن جانبها قالت وكالة موديز إن مواعيد استحقاق الدين الخارجي الكبير لمصر أصبحت “تمثل تحديا متزايدا”.
وتحدث أستاذ الاقتصاد السياسي ومستشار البنك الدولي السابق، عمرو صالح، لـ”الحرة” عن ثلاثة مصادر رئيسية للنقد الأجنبي في مصر وهي “السياحة ورسوم عبور قناة السويس، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج في الخارج”.. فيما أشار التقرير إلى أن مدخلات العملة الأجنبية من السياحة ورسوم عبور قناة السويس ارتفعت، لكن تحويلات المصريين العاملين في الخارج قد تراجعت بسبب تحويل عدد أكبر من الناس لأموالهم عن طريق السوق الموازية.
وأشار صالح إلى معاناة مصر من “نقص حاد بالعملة الصعبة”، مما يتسبب في ضغوط متصاعدة على الاقتصاد المصري، حيث تحتاج البلاد حاليا لـ”زيادة مدخلاتها من النقد الأجنبي”، حيث تحتاج مصر لزيادة “مدخلاتها من العملة الصعبة وتنويع مصادرها” للإيفاء بالالتزامات الداخلية والخارجية خلال الفترة المقبلة، وفقا لمستشار البنك الدولي السابق.
ومن جانبه يشير الباحث بالاقتصاد السياسي، أبوبكر الديب، إلى تحسن في مدخلات النقد الأجنبي للبلاد، بعد زيادة حجم الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع الصادرات وعوائد القطاع السياحي وقناة السويس والاستثمارات المباشرة.
وفي حديثه لموقع “الحرة” يوضح ارتفاع معدل نمو الصادرات المصرية بنسبة 53.1 بالمئة خلال العام المالي 2021-2022 لتسجل 43.9 مليار دولار.
وحسب الديب فقد ارتفعت إيرادات السياحة بنسبة 121.1 بالمئة لتصل إلى 10.7 مليارات دولار، وكذلك عائدات قناة السويس التي بلغت نحو ٨ مليارات دولار في الفترة نفسها.
كما ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إلى ما يقارب 9 مليارات دولار، في الفترة عينها، وفقا للديب.
وفي مطلع مايو، كشفت “بيانات البنك المركزي المصري”، تراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال النصف الأول من العام المالي الجاري بنسبة 23 بالمئة مقارنة بنفس الفترة عام 2021-2022.
ووصلت تحويلات المصريين بالخارج خلال النصف الأول من عام 2022-2023 إلى 12 مليار دولار مقابل 15.6 مليار دولار في نفس الفترة من العام المالي الماضي.
وتشكل عائدات قناة السويس مصدرا رئيسيا للنقد الأجنبي في مصر، وسجلت ثمانية مليارات دولار في العام 2022، وهو رقم قياسي منذ إنشاء القناة التي افتتحت عام 1869، وفق بيانات الهيئة.
وفي مصر يعاني قطاع السياحة ضربات متتالية منذ مطلع 2011، وصولا إلى الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير 2022، وأثرت على وصول الزائرين من البلدين وهم يشكلون النسبة العظمى من السياح الوافدين إلى مصر، حسب “فرانس برس”.
ويعمل بقطاع السياحة نحو مليوني مصري ويدر 10 بالمئة من إجمالي الناتج القومي للبلاد، وفقا لـ “فرانس برس”.
والأسبوع الماضي، أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، أن المدفوعات المستحقة على مصر تشمل 2.49 مليار دولار من الديون قصيرة الأجل في يونيو، بينما في النصف الثاني من 2023 تشمل 3.86 مليار دولار من الديون قصيرة الأجل و11.38 مليار دولار من الديون طويلة الأجل.
ويوضح الديب أن إجمالي قيمة الالتزامات على مصر تبلغ نحو 20.2 مليار دولار، خلال العام المالي الجاري 2022-2023، الذي بدأ في شهر يوليو الماضي وينتهي في يوليو المقبل.
ومن تلك الالتزامات نحو 8.7 مليار دولار خلال النصف الأول الذي انتهي في ديسمبر 2022.. ويشير إلى أن مصر ملزمة بسداد نحو 83.8 مليار دولار عن خدمة الدين الخارجي خلال الخمس سنوات المقبلة.
ومصر ملزمة خلال الـ 4 سنوات المقبلة بسداد 10 مليارات دولار لصندوق النقد الدولي، وهي تحتاج إلى 28 مليار دولار حتى نهاية 2023 لتمويل خدمة الدين وعجز الحساب الجاري لتتفادى التخلف عن السداد، وفقا للديب.
ويوضح الباحث في الاقتصاد السياسي أن القاهرة ملزمة بتسديد ما بين 5 إلى 6 مليارات دولار شهريا، سواء كانت تلك المدفوعات لسندات أو قروض أو فوائد قروض أي ما يعادل نحو 70 مليار دولار سنويا.
ويضيف التقرير “خلال الأعوام الثمانية الماضية، ارتفع الاقتراض الخارجي إلى أربعة أمثاله، وأظهرت بيانات للبنك المركزي أن القروض الخارجية قفزت إلى 162.9 مليار دولار بحلول ديسمبر 2022 من أقل من 40 مليار دولار في 2015.. وقفز الاقتراض في الربع الأخير من 2022 وحده ثمانية مليارات دولار”.
ويشير الخبير الاقتصادي، عبدالنبي عبدالمطلب، أن سياسة الاقتراض جاءت استنادا على “نظرية اقتصادية” مفادها “كلما زادت قدرتك على الاقتراض كلما ازداد جذب الاستثمار الأجنبي المباشر”.. لكنه يستدرك “النظرية حققت نجاحا وهميا، وبمجرد بدء الاقتراض جاءت للبلاد حوالي 30 مليار دولار من الأموال الساخنة، التي سرعان ما انسحبت من السوق المصري بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وقد أثر ذلك “سلبا على الوضع الاقتصادي في مصر”، وأدى لتراكم الديون على البلاد.
من جانبه، عدد الديب أسباب ارتفاع حجم الدين الخارجي المصري.. مشيرًا إلى عجز الميزان التجاري بين الصادرات والواردات وكذلك الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية ومواجهة تداعيات جائحة كورونا، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *