‏ “التحالف الشعبي” يرفض خطط الحكومة الاقتصادية وخصخصة الموانيء وأصول الدولة: استباق للحوار الوطني.. وتعميق للأوضاع المتردية

الحزب يحذر من الانسحاب المخطط للدولة من النشاط الاقتصادى لصالح القطاع الخاص: تسييل أصول الدولة وطرح المرافق والشركات العامة والموانيء الكبرى للخصخصة “خط أحمر” 

‏تناقضات وبيانات انتقائية لتقدير أعباء أزمة أوكرانيا ومعدل البطالة وغيرها.. ورفع سعر الفائدة يزيد تفاقم أزمة التضخم 

الاقتراض الخارجى انتقل للمرحلة الصعبة.. وفوائد الديون تلتهم النسبة الأكبر من موارد الدولة وتصل إلى ٦٩٠ مليار جنيه فى موازنة ٢٠٢٢-٢٠٢٣  

عجز الميزان التجارى وصل لحوالى ٤٤ ‏مليار دولار .. و”الإصلاح الاقتصادي” اعتمد على المصادر الهشة لا تنمية الهياكل الإنتاجية 

“المشروعات القومية” غير منتجة ‏وتبدد مليارات الجنيهات من القروض.. ودخولها في أزمة ‏تباطؤ “حكم أمر واقع”   

رفض حزب التحالف الشعبي المواقف والتصريحات والخطط الحكومية المعلنة من رئيس الوزراء مصطفى مدبولي وأعضاء حكومته، ‏فيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية الراهنة، ومقترحات الحكومة لمواجهتها، خاصة في شأن خصخصة الموانيء الكبرى وأصول الدولة، واصفا إياها بأنها استباق للحوار الوطني المزمع عقده قريبا. 

وقال الحزب، في بيان صادر عنه، اليوم الثلاثاء، إن ما يميز الموجة الحالية من التصريحات والمواقف الحكومية، هو إقرارها بواقع وحقيقة ‏الأزمة الاقتصادية الراهنة، ولكنها تتنصل من مسؤولية الحكومة وسياساتها عنها، بل تشيد بالسياسات السابقة التى ‏تعتبرها إنجازات، وتلقى بالأزمة كلها على الأزمة العالمية متمثلة تحديدا فى آثار الحرب الأوكرانية التى تلت أيضا أزمة ‏كورونا.  

وأضاف أنه على الرغم من الاعتراف على استحياء، بعدم كفاية المدخل القديم للسياسات الاقتصادية الذى يركز على ‏السياسات النقدية لمكافحة التضخم الزاحف، والذى ورد على لسان مدبولى على هامش المنتدى الاقتصادى ‏المصرى التونسى، وهو ما قد يمكن فهمه على أنه نقد للمدخل النقدى المميز عموما للاتفاقات السابقة مع الصندوق، ‏وما يقتضيه ذلك من مداخل أخرى تركز أكثر على الإنتاج، فإن المسار الحالى لمقترحات وخطط الحكومة لا يعدو أن ‏يكون تكريسا وإعادة لإنتاج نفس السياسات القديمة التى أدت للأزمة الاقتصادية العميقة الحالية.   

وأعلن الحزب رفضه بشكل أولى ومطلق ما كشف عنه رئيس الوزراء من خطة حكومية لتسييل أصول للدولة المصرية ‏تصل قيمتها إلى ٤٠ مليار دولار على مدى أربعة سنوات، وطرحها للخصخصة سواء فى البورصة أو البيع المباشر ‏لمستثمرين أجانب أو محليين.  

كما عبر عن قلقه واستهجانه لخصخصة ١٠ شركات عامة منها ثمانية شركات للقطاع العام ‏وشركتين فقط تابعتين للجيش، وفوق ذلك الحديث عن ضم أكبر 7 موانئ مصرية فى شركة قابضة واحدة تمهيدا ‏لطرحها للخصخصة فى إطار تلك الخطة، وهو الأمر الذى يعنى أن الخصخصة تجاوزت مرحلة خصخصة وتصفية ‏الشركات إلى مرحلة بيع المرافق الاستراتيجية للدولة وصولا للموانئ التى تعتبر خطا أحمر للأمن القومى المصرى. 

وحذر التحالف الشعبي من الإعلان عن الانسحاب المخطط للدولة من النشاط الاقتصادى لصالح القطاع الخاص أجنبى ‏ومصرى، بالتخارج من قطاعات عديدة وتصفية شركات متعددة وطرح أصول للخصخصة تصل إلى ٤٠ مليار دولار، ‏وتحجيم دور الدولة حتى فى القطاعات الخدمية الأساسية المنصوص عليها دستوريا كالتعليم.   

وأشارت تصريحات رئيس الوزراء إلى تقديراته الخسائر المحتملة لمصر من الحرب الأوكرانية والموقف الدولى، ‏وقد جاءت تلك التقديرات وهي ما رآها الحزب مبالغا فيها بشدة، للتغطية فيما يبدو على الأوضاع المتردية أصلا بفعل ‏السياسات الحكومية الصندوقية المشتركة فى الفترة الماضية. 

وتحدث رئيس الوزراء عن أعباء قدرها بنحو ١٣٠ ‏مليار جنيه تأثيرات مباشرة للأزمة الأوكرانية الروسية، نتيجة زيادة أسعار السلع (القمح والوقود) و٣٣٦ مليار جنيه ‏تأثيرات غير مباشرة، فسرها بأنها لمواجهة التداعيات غير المباشرة مثل زيادة الأجور والمعاشات ودعم السلع، بمجموع ٤٦٥ مليار جنيه أعباء إضافية للحرب وفق قوله.  

وتابع التحالف: “من غير الصعب أن نرى فى مثل تلك الأرقام الجزائية ازدواجية ‏فى الحساب، فبعد أن حسب آثار ارتفاع السلع التى زادت بفعل تلك الحرب، عاد يضم معها أيضا زيادة الأجور ‏والمعاشات نتيجة، وهو فيما نرى بند آخر ليس له علاقة بآثار الحرب، في ازدواج واضح ومبالغ فيه للغاية، ثم أن ‏ما يتحدث عنه أصلا من زيادة فاتورة القمح والبترول غير دقيق أصلا، فالبيانات المتاحة عن الميزان التجارى البترولى ‏ تشير إلى تضرر مصر فعليا لكن مع استفادتها من زيادة أسعار البترول والغاز، لأنها دولة مستوردة ومصدرة أيضا، ‏وهذا ما يتجاهله عرض مدبولى، كما أن استفادتها أكبر من تضررها، رغم أنه يتذكر هذا تماما حين يتحدث عن طفرة ‏فى الصادرات وصلت معها وفق قوله إلى ٤٥ مليار دولار”. 

وأكد الحزب أن الأزمة تعود فى جذورها لسياسات الحكومة وعجزها وعجز برنامجها مع الصندوق عن إحداث تحول حقيقى فى ‏الهياكل الإنتاجية لمصر لصالح القطاعات الإنتاجية والصناعية والتصديرية، واستمرار اعتماد الاقتصاد على عدد ‏محدود من المصادر الهشة والريعية، كالقروض الخارجية، وتحويلات العاملين فى الخارج، والأموال الساخنة التى ‏تسعى للاستفادة من سعر الفائدة المرتفع للغاية فى مصر إذا وجد.  

وتجاوزت مصر المرحلة السهلة فى الاقتراض ‏الخارجى بعد أن وصلت مديونيتها إلى ١٤٥ مليار دولار، وأصبحت الحكومة مضطرة للدخول للاقتراض الخارجى ‏الصعب من زاوية ارتفاع التكلفة، وتزايد المشروطية، سواء بسندات دولارية بسعر من بين الأعلى فى العالم، أو رفع ‏سعر الفائدة المحلية فى محاولة عبثية لإعادة جذب ما يسمى الأموال الساخنة التي اعترف مدبولي بتخارج ٢٠ مليار ‏منها من مصر فى الشهور الماضية، وفقا للتحالف الشعبي. 

يذكر أن رفع سعر الفائدة أول أمس وحده بنقطتين مئويتين سيكلف ‏الخزانة المصرية حوالى ١٠٠ مليار جنيه فوائد إضافية، وهو ما يزيد عن ارتفاع أسعار السلع بسبب حرب أوكرانيا. 

وواصل: “نتيجة لذلك، أصبحت المديونية الحكومية الكبيرة تمثل مشكلة حقيقية تثير القلق، ولا تجدى فى ‏معالجتها التطمينات التقليدية التى تقول إنها ما زالت فى الحدود الآمنة، وبالأخص فإن الديون الخارجية قد تضاعفت ‏منذ عام ٢٠١٠ أكثر من أربع أمثال من ٣٣.٧ مليار دولار فقط إلى ١٤٥ مليار دولار حاليا.  

وإذا كانت كنسبة من ‏الناتج المحلى الإجمالي فى حدود ٤٠ فى المائة فقط، فإنها وبإضافة الدين الداخلى تتجاوز النسبة ٩٠ فى المئة، وهى ‏تفوق المعدلات الآمنة، وبينما تقول الحكومة إنها تستهدف خفض نسبة الديون للناتج المحلى إلى ٧٥ فى المئة فقط ‏مع عام ٢٠٢٦، فإن ذلك مشكوك فيه للغاية فى ظل ما يعلن عنه من مخططات لاقتراض ٧٣ مليار دولار إضافية عن ‏طريق بيع سندات حكومية دولارية.   

وفى ظل ذلك الوضع فإن أهم سمة تميز الديون المصرية ليس فقط نسبتها للناتج المحلى الإجمالي بل ارتفاع تكلفة ‏خدمتها نتيجة الاقتراض بسعر فائدة مرتفع خارجيا وداخليا، ولذلك تزايدت فوائد الديون وأصبحت أكبر بند ‏يستنزف موارد الموازنة العامة للدولة، وقدرت فوائد الديون فى موازنة ٢٠٢١ – ٢٠٢٢ ب ٥٧٩ مليار جنيه، ‏وباضافة اقساط الديون وقدرها ٥٩٣ مليار يكون إجمالى خدمة الدين ١.٣٦٥ مليار بما يساوى ٨٦ فى المائة من ‏إيرادات الموازنة. ومن المقدر أن تتزايد فوائد الديون فى موازنة ٢٠٢٢ – ٢٠٢٣ بنسبة كبيرة تصل إلى ١٩.١ فى المئة ‏لتبلغ ٦٩٠ مليار جنيه، وذلك لمواجهة قرارات رفع سعر الفائدة، بما يوضح أننا بالفعل فى حلقة مفرغة من الديون ‏والفوائد.  

وأكد الحزب أن الحديث عن إنجاز فى مجال الصادرات بتجاوزها ٤٠ مليار دولار العام الماضى، يتجاهل تزايد الواردات ‏بدرجة أكبر، ومن ثم استمرار تزايد عجز الميزان التجارى الذى وصل فى عام ٢٠٢١( أى قبل الحرب الأوكرانية ) إلى ‏حوالى ٤٤ مليار دولار، لأن الواردات السلعية غير البترولية وصلت إلى ٧٦.٧٩٨ مليار دولار. هذا بينما حقق الميزان ‏التجارى البترولى فائضا فى النصف الثانى من عام ٢٠٢١ وصل إلى ٢.١ مليار دولارا لارتفاع صادرات البترول والغاز لما ‏يقارب ١٢ مليار دولار، بما يعنى عدم تضررنا من زيادة أسعار البترول، وهو ما أشار رئيس الوزراء لعكسه.   

حديث رئيس الوزراء ووزير التخطيط عن النجاح فى خفض نسبة البطالة من ٧.٤% فى الربع الأول من العام ‏الماضى إلى ٧.٢% فى الربع الأول من العام الحالى، يثير شكوكا قوية لأسباب ظاهرة للغاية. 

يوضح التحالف أن “رئيس الوزراء ‏يتحدث عن أن قوة العمل وصلت إلى ٢٩.٨٩ مليون شخص فى العام الحالي، بينما كانت نحو ١٩ مليون فقط فى عام ‏‏٢٠٠٠، فلنلاحظ هذا المعدل للزيادة السنوية وأعداد الداخلين الجدد لسوق العمل سنويا، لكن قوة العمل سجلت فى ‏السنوات الأخيرة زيادة محدودة غير مفهومة بل أحيانا انخفاضا، وهذا مستحيل على ضوء ما يقرب من مليون من ‏الداخلين الجدد للسوق سنويا.  

وأشار إلى أن قوة العمل التى كانت قد وصلت إلى ٢٩.٠١٨ مليون فى عام ٢٠١٧ مازالت فى عام ‏‏٢٠٢٢ أى بعد خمسة سنوات عند مستوى ال٢٩ مليون ! لا يوجد سوى تفسير واحد وهو فى جانب منه بالمناسبة ‏معلن عنه من سلطات الإحصاء، وهو إنها بدلا من أن تضيف ملايين الأشخاص إلى أعداد المتعطلين، تقوم بالعكس ‏فى سابقة غير معمول بها فى أى دولة بحذفهم من قوة العمل بدعاوى غير مقنعة، وبالتالى ينخفض معدل البطالة ‏بشكل مصطنع. لابد من شفافية وتدقيق ومراجعة للبيانات حتى تكون معبرة بشكل صحيح عن الواقع   

كما يتحدث رئيس الوزراء ووزيرة التخطيط عن التضخم، ورغم الاعتراف بخطورته، فإنهما يشيران دائما للتضخم ‏العالمى وأن التضخم مميز لكل الدول فى ظل الأزمة الراهنة.  

وشدد الحزب على أن ذلك يخفى الفوارق الكبيرة بين التضخم فى ‏مصر وفى البلدان الأخرى من عدة زوايا، فمن ناحية يعاني المصريون من تضخم ممتد لسنوات طويلة تصل لحوالي ‏عشرة سنوات، وبلغ فى بعض السنوات ذروة فاقت ٣٣ %، وهو من الأرقام غير المقبولة نهائيا، هذا فى الوقت الذى ‏كان التضخم فى الدول الأخرى لا يتجاوز اثنين فى المئة.  

ومن ناحية أخرى فالمعدل الحالى هو ١٥ %، وهو أيضا من ‏المعدلات بالغة الارتفاع، كما أنه مرشح لمزيد من التصاعد فى ظل وضع مصر الاقتصادى الهش الحالى، ورفع أسعار ‏الفائدة جريا وراء الأموال الساخنة، واحتمالات قوية لمزيد من خفض سعر صرف الجنيه فى مواجهة الدولار.  

واستطرد: “إن استمرار السياسات الراهنة لن يعالج الأمر، وسيستمر تدهور مستوى معيشة غاليية المصريين، ويستمر التضخم ‏مبرهنا أن السياسات المتبعة كلها بعكس ما يروج لها ليست سياسات مناهضة للتضخم بل سياسات محفزة له بقوة”. 

وواصل: “استمر رئيس الوزراء فى الدفاع عما تسمى المشروعات القومية، المعروف إنها فى الغالب مشروعات غير منتجة ‏بددت وأهدرت مليارات الجنيهات من القروض فى مشروعات لا تقدم إضافة حقيقة للإنتاج القومى، وبالتالى تتسبب بشكل مؤكد فى ‏التضخم، ورفض مدبولي الانتقادات المطالبة بوقفها وإعادة النظر فيها.”. 

وأردف: “نلاحظ هنا أن مفهوم تلك المشروعات القومية وتعريفها فى استخدامه لها غير محدد بدقة، فهو يستغرق فى ‏الحديث أحيانا عن مشروعات الغاز والكهرباء، فى حين أن المقصود أساسا بتلك المشروعات هو ما يسمى العاصمة ‏الجديدة والعلمين الجديدة وأشباهها، والطرق والكبارى، والمونوريل والقطار السريع والكهربائى، وتوشكى، ‏والإسراع فى توسعة قناة السويس بتبديد العملة الصعبة سابقا وخلافه.”. 

‏واستكمل الحزب: “ما رفضه رئيس الوزراء إنما فرضه الواقع عليه، بإقرار عند سؤاله من الصحفيين، أنه نتيجة لتداعيات ‏الأزمة الاقتصادية نتج تباطؤ فى معدلات تنفيذ المشروعات لفترة زمنية، وهو أمر فى حد ذاته كاشف لعمق المأزق ‏الراهن وفشل السياسات الاقتصادية الحكومية”. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *