مكاريوس لحظي يكتب: يعجبني كل هذا

من المواقف التي بدأت في الانتشار مؤخرًا بخصوص علاء عبد الفتاح، أن يخبرك أحدهم: أنا متضامن مع علاء بالطبع، ولكن هل يعجبك التوقيت الذي اختاره؟ هل يعجبك الاستقواء بالخارج؟ هل يعجبك الإحراج الذي يسببه لمصر؟

وأنا -من أجل مصر، وفي خدمة مصر- يعجبني كل هذا!

أولًا، علاء لم يختر التوقيت.. ولكن مصر اختارت؛ مصر من دعت واستعدت وقاتلت من أجل استقبال قمة المناخ وبقية العالم على أرضها.. علاء لم يختر أن يكون مسجونًا منتهكًا مسلوبة ارادته بالتزامن مع قمة المناخ، ولكن مصر اختارت.. علاء لم يختر أن يستمر انتهاكه وتجاهل حقوقه، ولكن مصر اختارت.. علاء لم يختر شيئًا… فسخرية القدر تعجبني!

ثانيًا، نحن لا نعيش بمفردنا في هذا العالم.. عندما ولد علاء في الثمانينات مثلًا، كانت مصر بالفعل عضوًا بالأمم المتحدة وجزءًا من المجتمع الدولي الكبير وملزمة تجاهه. كل الدول تسائل كل الدول في حقوق الإنسان.. مخضوضين ليه يا جماعة؟! على هذا وُلد علاء وولدنا جميعًا على هذا الكوكب.. لنا الحق في الحياة والكرامة والحرية والمحاكمة العادلة والمشاركة في الحياة السياسية والرأي والتعبير والاعتقاد والاختلاف… إلخ. والعالم كله مسؤول عن حماية هذه الحقوق. لا شئ غريب إطلاقًا في استغاثة علاء وأسرته، ولا شيء غير متوقع أو غير قانوني في الاستجابة.. مصر أيضًا تفعل هذا… الاستماتة في الدفاع عن الحق تعجبني!

ثالثًا، لا يخفى على أحد ما وصل إليه ملف حقوق الإنسان في مصر، لا جوة ولا برة، أزمة كبرى تهدد وحدة الوطن وسلامته. القانون عاجز عن حل الأزمة.. والمجال السياسي مغلق.. والمجتمع المدني محاصر.. والآذان مسدودة.. والقرار السيادي معلق! إذا كان الإحراج هو الوسيلة الوحيدة التي ستنبهنا من الهوة التي نحن على حافتها، فالصدمة، هي الأخرى، تعجبني!

ماذا تطلبون من علاء؟ أن يرضى الهوان؟ أن يتستر على الانتهاكات التي تحدث بحقه؟ أن يتخلى عن كل مبادئه وقيمه؟ أن يموت في صمت؟!! هل من الوطنية الحفاظ على سرية القمع والانتهاكات؟ هل من الوطنية أن يسكت علاء عن ممارسات كارهيه ومحتقريه ومعذبيه؟ هل من الوطنية أن تشاهد أسرة علاه موته ولا تحرِّك ساكنًا؟ أن يمروا بأبواب النجاة -المشروعة- ولا يطرقها؟ أن يباركوا قمعه مثل بقية الناس؟!

يجب أن يدرك السائل، أن علاء وعائلته ومحبيه لم يدخروا جهدًا في وسعهم.. لم يتركوا طريقًا إلا سلكوه.. إجراءً إلا أخذوه.. قانونًا إلا احتجوا به.. نضالًا إلا أدوه… عشر سنوات وأكثر من القمع والانتهاك، ومع ذلك لم يخرجوا عن سلميتهم ولم يسلكوا إلا المنافذ الشرعية…

يتحمل وزرهذا المشهد من يديره.. من خالف القانون، من أخل بالعهود، من عاند وأصر على الخطأ. أما علاء وعائلته، هؤلاء لم ولن يخونوا…
منذ يومين تم إبلاغ الدكتورة ليلي سويف أم علاء عبد الفتاح، أن علاء تم إخضاعه لإجراء طبي، لا أحد يعرف ما هو الإجراء على وجه التحديد، ولكن نعرف أنه تم دون موافقة من أهله، دون ان نعرف موقفه، لكن المؤكد أنه تم بموافقة من يرفض خروجه.. وهو نفس من ألقى القبض عليه وحرمه المحاكمة العادلة وسلبه حريته وأصر على إذلاله… لا أذكر إن كنت شاهدتُ في فيلم أم قرأتُ في رواية، عن آسرٍ أو سجَّان اعتاد أن يعذب ضحاياه، وكي يضمن أن يستمر عذابهم لأطول فترة ممكنة ، كان يحقنهم بعقاقير تحفظ حياتهم وتنبه إحساسهم…
مع مرور الوقت، تتورط المزيد من مؤسسات الدولة في هذا المشهد.. أحدهم يقامر بكل شيء، وبحاجة حاله وملحة لمن ينبهه..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *