فخ الإستدانة | جدول سداد ديون مصر.. أرقام صادمة.. هل دخلت مصر منطقة الخطر؟

🛑 البنك المركزي: الديون الخارجية بلغت 157 مليار دولار بينها 131.4 مليار طويلة ومتوسطة الأجل و 26.4 مليار قصيرة الأجل


🛑 مصادر وخبراء تكشف جدول السداد: 26 مليار دولار ديون قصيرة الأجل تُسدد خلال عامين بالإضافة لـ 72 مليار متوسطة وطويلة الأجل حتى 2025


🛑  تفاصيل جدول السداد: 8.57 مليار خلال النصف الثاني من 2022.. و 17.65 مليار في 2023.. و24 مليار في 2024


🛑 خدمة الدين ارتفعت إلى 20 مليار دولار في الفترة من يوليو 2021 إلى مارس 2022 بزيادة 3.4 مليار دولار عن العام المالي الأسبق

🛑 خبراء اقتصاد لـ”درب”: مصر دخلت دائرة الخطر.. واستمرار الحكومة في نفس السياسات يعني المزيد من الديون والمزيد من التعثر


🛑 الميرغني : الديون الخارجية ارتفعت من 46,1 مليار دولار لدى تولي السيسي إلى 157,8 مليار.. والداخلية من 1816 مليار جنيه إلى 5500 مليار


🛑خبراء الاقتصاد يؤكدون أن السنوات القادمة “شديدة الصعوبة”.. ودعوات لعقد اجتماع لمجلس الأمن القومي لمناقشة الأزمة


كتب – أحمد سلامة

أرقام صادمة حول ديون مصر وجدول سدادها نشرها البنك المركزي المصري وعدد من المواقع ووسائل الاعلام.. خطورة الأرقام طبقا للخبراء لا تقف فقط عند حد تضخم الدين المصري الخارجي ليصل إلى أكثر من 157 مليار دولار حتى نهاية يونيو الماضي، ولكنها تظهر بوضوح في مواعيد سداد هذه الديون والتي شكلت جانبا كبيرا من الأزمة الاقتصادية الحالية بعد أن بلغ حجم الديون قصيرة الأجل إلى 26.4 مليار دولار يتعين سدادها خلال عامين فقط، فيما تضمن جدول السداد حتى نهاية 2025 – بحسب عدد من المواقع والصحف ديونا متوسطة وطويلة الأجل تجاوز إجماليها الـ 72.4 مليار دولار.فما حقيقة هذه الأرقام وما تأثير جدول السداد على الأوضاع الاقتصادية، وهل دخلت مصر بالفعل دائرة الخطر.. وما تأثير ذلك على أوضاع المواطنين؟ وما الحلول التي يطرحه الخبراء في مواجهة الحل الحكومي المطروح بالتوسع في بيع الشركات الرابحة وفتح باب الاستحواذات للصناديق الخليجية؟


🛑 غابة الأرقام

وفقًا لمستندات الوضع الخارجي للاقتصاد المصري الصادرة عن البنك المركزي “المجلد 77”  والتي اطلعت عليها درب والمنشورة على موقع البنك، فإن إجمالي الديون الخارجية بلغ نحو 157 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي، تمثل الديون طويلة ومتوسطة الأجل 131.4 مليار دولار منها بمعدل 83.3 % من إجمالي الدين الخارجي، بينما بلغت الديون قصيرة الأجل 26.4 مليار دولار، ويشير موقع البنك المركزي إلى أن الدين قصير الأجل ارتفع من 12.7 مليار دولار إلى حوالي 26.4 مليار دولار خلال الربع الأول من العام وحتى أواخر مارس الماضي، وأصبح هذا الدين، يمثل 71.3 % من إجمالي الاحتياطي النقدي، مما يهدد بتناقص هذا الاحتياطي في حال تعثر مصر عن توفير مصادر لسداد هذه الديون، وطبقا للأرقام المنشورة على موقع البنك فإن خدمة الديون الخارجية هذا العام بلغت  20.0 مليار دولار أمريكي.

وتشير الأرقام المعلنة إلى إن جدولا مزدحماً بالسداد ينتظر مصر خلال الأعوام القليلة المقبلة، فـ”بخلاف 26.4 مليار دولار ديون قصير الأجل يتعين سدادها خلال عامين، هناك ديون متوسطة وطويلة الأجل تجاوزت 72.4 مليار دولار خلال المتبقي من 2022 وحتى نهاية 2025″ طبقا لما نشره موقع اندبنت عربية.

وبحسب جدول سداد الدين الخارجي متوسط وطويل الأجل – المنشور على الموقع – يتعين على مصر سداد 8.57 مليار دولار خلال النصف الثاني من العام الحالي، وفي 2023، يجب سداد 9.33 مليار دولار في النصف الأول، و8.32 مليار دولار في النصف الثاني، وفي 2024، يجب سداد 10.9 مليار دولار في النصف الأول و13.3 مليار دولار في النصف الثاني من العام، وفي 2025 يجب سداد 9.3 مليار دولار في النصف الأول و5.8 مليار دولار في النصف الثاني من العام، أما في عام 2026 فيتعين سداد 6.6 مليار دولار خلال النصف الأول من العام بخلاف 10.2 مليار دولار خلال النصف الثاني.

كما من المقرر – والكلام لاندبندنت عربية-  أن تسدد مصر لمؤسسات دولية نحو 2.4 مليار دولار في النصف الثاني من 2022 و3.6 مليار دولار في النصف الأول من 2023 و3.8 مليار دولار في النصف الثاني منه”.


وبالعودة لمستندات البنك المركزي عن الوضع الخارجي للاقتصاد المصري فإنها تكشف أن الدول العربية تمتلك نحو 25.1 في المائة من الديون الخارجية لمصر، بينما يمتلك صندوق النقد الدولي نحو 15 في المائة منها، وتشير هذه المستندات إلى أن خدمة الدين المصري ارتفعت إلى 20 مليار دولار خلال الفترة من يوليو 2021 إلى مارس 2022 بزيادة 3.4 مليار دولار عن الـ16.6 مليار دولار التي سددتها مصر في العام المالي الأسبق، وأرجع البنك تلك الزيادة لارتفاع الأقساط المسددة بنحو 8.8 مليار دولار فيما كانت الفوائد المسددة مستقرة بزيادة طفيفة بنحو 0.3 مليار دولار.

وبحسب مستندات المركزي تعد المؤسسات متعددة الجنسيات وعلى رأسها صندوق النقد الدولي أكبر مقرض لمصر بواقع 52 مليار دولار، موزعة بنحو 23.3 مليار دولار لصندوق النقد الدولي و11.8 مليار دولار للبنك الدولي و4.7 مليار دولار لبنك الاستثمار الأوروبي و3.1 مليار دولار لبنك الاستيراد الإفريقى “أفريكسيم بنك” و2.7 مليار دولار للبنك الأفريقي للتنمية، فيما تعد الدول هي ثاني أكبر مصدر للتمويل وذلك بصدارة الدول العربية التي تمتلك 25.1% من ديون الخارجية لمصر، بواقع 11.4% للإمارات بقيمة 17.9 مليار دولار و7.8% للسعودية بقيمة 12.25 مليار دولار و3.8% للكويت 5.9 مليار دولار.


وتعد الصين من أكبر مقرضي مصر وتستحوذ عى 4.8% من ديونها واليابان على 1.8% وألمانيا على 1.7%، وإنجلترا 1.2% وفرنسا 1.1%، واستحوذت الدول الأخرى على 12.5% من ديون مصر، بينما كانت السندات الدولية وسيلة الاقتراض الثالثة إذ تمثل أرصدتها 18.6% من ديون مصر الخارجية، ومعظمها مقومة بالدولار، حسب مُجلد البنك المركزي.

ورغم خطورة الأرقام فإن مذكرة بحثية حديثة لمؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس أفريكا” جاءت لتؤكد إن مصر ليست سريلانكا طبقا لما حاول البعض التحذير منه، ولفتت المذكرة إلى أن مصر بحاجة إلى “تفادي خطر التخلف عن السداد، لكنها ليست سريلانكا – فهي لديها احتياطي أعلى بكثير وخيارات تمويل أفضل بكثير في المستقبل. مؤكدة إن مشكلة مصر يمكن السيطرة عليها من خلال سياسات أكثر صرامة ودعم الدائنين الرسميين”.

لكن ما حدود المشكلة على أرض الواقع؟


🛑  فخ الديون


تفاقمت الأوضاع الاقتصادية خلال الآونة الأخيرة، إذ تواجه مصر ضغوطاً كبيرة فيما يخص الدين الخارجي هذا العام جراء ارتفاع أسعار السلع الأساسية وارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع الدولار والاضطراب في الأسواق المالية، كما سحب المستثمرون الأجانب مليارات دولار من البلاد، وذلك في إطار ملف الأموال الساخنة التي دخلت وخرجت بشكل سريع، مما تسبب في أزمة عنيفة، كما يتسع عجز الحساب الجاري، وتتزايد الضغوط على العملة المحلية، مما قد يدفع صناع السياسة لقبول مزيد من المرونة في سعر صرف الجنيه.

وبينما تتزايد فاتورة القروض التي أجرتها مصر خلال السنوات الأخيرة، تُصر الحكومة على السير في إجراءات قرض جديد من صندوق النقد الدولي على الرغم من الشروط القاسية التي يشترطها الصندوق، فإلى جانب تخفيض سعر العملة والذي هو أحد الشروط الأساسية يأتي شرط آخر بتخفيض الأصول الحكومية حيث التزمت -حسب رويترز- مصر ببيع أصول بـ 10 مليارات دولار خلال 4 سنوات.

🛑 خبراء اقتصاد: مصر دخلت دائرة الخطر


في سياق تعليقه على ما ورد عن جدول سداد ديون مصر، قال الخبير الاقتصادي الدكتور زهدي الشامي، إن الأرقام المنشورة عن وضع الديون الخارجية لمصر تثير بالفعل قلقا كبيرا.. والمشكلة الواضحة ليست فقط حجم الدين الخارجي الكبير الذي وصل إلى ١٥٧.٤ مليار دولار قفزا من ٤٦.١ مليار فقط في عام ٢٠١٥ ، بل فى جدول السداد المعلن للديون المصرية بدءًا من العام الحالي وحتى عام ٢٠٢٦.


وأضاف الشامي، الجدول يشير لمبالغ كبيرة مطلوب سدادها وهي على النحو التالي:٨.٥٧ مليار دولار خلال النصف الثاني من العام الحالي١٧.٣ مليار خلال عام ٢٠٢٣٢٤.٢ مليار خلال عام ٢٠٢٤١٥.٢ مليار دولار خلال عام ٢٠٢٥١٦.٨ مليار خلال عام ٢٠٢٦كلام الشامي يستند في جانب منه لتقرير نشره موقع صحيفة البورصة منسوبا للبنك المركزي حول جدول ومواعيد سداد قروض مصر متوسطة وطويلة الأجل حتى عام 2045 قالت فيه ” إنه في 2025 يجب سداد 9.3 مليار دولار في النصف الأول و5.8 مليار دولار في النصف الثاني من العام، اما في عام 2026 فيتعين سداد 6.6 مليار دولار خلال النصف الأول من العام بخلاف 10.2 مليار دولار خلال النصف الثاني.

وطبقا للتقرير الذي استند إليه الشامي يشهد عام 2026 سداد وديعة سعودية بقيمة 5.3 مليار دولار، وخلال السنوات من 2022 وحتى 2026 ستدفع مصر فوائد عليها بقيمة 1.28 مليار دولار، فيما تسدد مصر وديعة الإمارات على شرائح صغيرة كان من المفترض أن تبدأ بـ667 مليون دولار في النصف الأول من 2022، ونحو 664 مليون دولار في النصف الثاني منه، وفي 2023، يتعين سداد 1.667 مليار دولار، وفي 2024 مليار دولار وفي 2025 نحو 333 مليون دولار وفي 2026 نحو 1.333 مليون دولار.

كما من المقرر أن تسدد مصر لمؤسسات دولية نحو 2.4 مليار دولار في النصف الثاني من 2022 و3.6 مليار دولار في النصف الأول من 2023 و3.8 مليار دولار في النصف الثاني منه.

وخلال 2024  – يواصل التقرير – يجب سداد 4.3 مليار دولار في النصف الأول و4.6 مليار دولار في النصف الثاني، وفي عام 2025 يجب سداد 4.95 مليار دولار في النصف الأول و3.02 مليار دولار في النصف الثاني، وفي 2026 يجب سداد 2.45 مليار دولار في النصف الأول و1.92 مليار دولار في النصف الثاني.

ويعلق الشامي على التقرير قائلا ” إنه ليس من التجاوز أن نعتبر كل تلك الفترة ستكون فترة صعبة للغاية على الاقتصاد المصري، ببساطة لأنه لا يملك فائضا من العملات الأجنبية لسداد تلك الالتزامات.. فللأسف الشديد بعد حوالي سبع سنوات من الاندفاع للاقتراض الخارجي بدون حساب ولا تَروي فهذه هي النتيجة.

واسترسل الخبير الاقتصادي “إن الوضع المتأزم الحالي يكشف بوضوح عن فشل كل ما سموه سياسات الإصلاح الاقتصادى منذ الاتفاق مع صندوق النقد الدولى في نوفمبر عام ٢٠١٦.. ومن الواضح تماما أن مصر قد وقعت في المحظور الذي طالما حذر منه كل الخبراء الوطنيين المخلصين، ألا وهو الاقتراض ليس لغرض إقامة مشروعات إنتاجية يمكن أن تسدد التكلفة وتساهم في زيادة الصادرات، بل اقتراض لسداد عجز الموازنة الناتج عن الانفاق الحكومي غير الرشيد وعن التوسع في الإنفاق على قطاعات غير منتجة ولا يمكن أن تدر عائدا بالعملات الصعبة يساهم في سداد ما اقترضته، ومن ذلك العاصمتان الجديدتان وشبكة عنكبوتية لم يسبق لنا رؤية مثلها من طرق وكبار جديدة وخلافه”.


وأردف “والنتيجة والمحصلة أنه على العكس من كل ما قالوه وزعموه فلم تؤد تلك السياسات لا إلى طفرة في الصادرات ولا إلى تقليل الواردات، بل استمر العجز الهائل في الميزان التجاري، وإضافة لذلك لحساب العمليات الجارية إجمالا بما يشمله من صادرات وواردات السلع والخدمات وميزان دخل الاستثمار وصافي التحويلات المباشرة.. وقد سجل الحساب الجاري عجزا في عام ٢٠٢٠ -٢٠٢١ قدره ٧.٦ مليار دولار، وارتفع فى عام ٢١- ٢٢ إلى ٧.٨ مليار دولار”.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى تعامل الحكومة مع تلك القضايا خلال الفترة السابقة، قائلا “لقد غطت الحكومة على هذا الفشل في السنوات السابقة بمزيد من الاقتراض لسداد الديون القديمة، وبجذب الأموال الساخنة من خلال زيادة سعر الفائدة وخلافه في ظل انخفاض سعر الفائدة الأمريكية.  والآن لم يعد بإمكانها الحصول على قروض جديدة بسهولة لا من الجهات الدولية التي تتجه للتشدد في شروطها، ولا من خلال أسواق المال الدولية التى تحبذ رؤوس الأموال فيها الاتجاه للسوق الأمريكية بعد رفع سعر الفائدة في أمريكا، ونتيجة لذلك تخارج من مصر في الشهور السابقة حوالي ٢٠ مليار دولار مما يسمى الأموال الساخنة”.


وتابع “وفي ظل هذا الوضع من عجز للحساب الجاري وضعف للصادرات فإن المخرج الذي يبدو أن الحكومة المصرية لا تجد سبيلا سواه هو بيع الأصول المصرية، وعلى الأخص لدول الخليج الإمارات والسعودية وقطر.. وقد أعلنت تلك الدول بالفعل عن صح ٢٢ مليار دولار أموال واستثمارات لمصر، غير أنها في الغالب ستكون على صورة استحواذ على الأصول المصرية الرابحة.. وقد استحوذت تلك الدول بالفعل على عدد مهم من الشركات المصرية الرابحة كشركة أبو قير للأسمدة والبنك التجاري الدولي وشركة فوري وشركة موبكو و الأسكندرية لتداول الحاويات  ومصر لإنتاج الأسمدة وغيرهم”.


وشدد “إلا أن المأساة تكمن في أن هذا البيع حتى لو شكل مخرجا مؤقتا من أزمة خطر عدم القدرة على السداد الراهنة، فإنه لن يمثل مخرجا لإصلاح الإقتصاد المصري المريض عموما، ولا العجز الكبير في المعاملات الاقتصادية و المالية الخارجية خصوصا، بل سيزيده تفاقما على تفاقم، بحكم أن مصر ستواجه عجزا أكبر في ميزان دخل الاستثمار لأنها ستكون ملزمة بالسماح بتحويل أرباح الشركات التي يستحوذ عليها مستثمرون خارجيون وأجانب”.


وفي نهاية حديثه أكد الشامي أن “المأزق الراهن مأزق قادتنا له سياسة الاستدانة الواسعة والإنفاق غير الإنتاجي، ولن نخرج منها ببيع أهم الأصول الاقتصادية لمستثمرين ينتهزون الفرصة لشراء كل الدجاج الذي كان يبيض ذهبا لمصر”.


وفي تصريح لـ”درب” قال الخبير الاقتصادي، إلهامي الميرغني، إن “أزمة الديون تفاقمت وإن مصر دخلت بالفعل إلى دائرة الخطر”، موضحًا أن ديون مصر الخارجية ارتفعت من 46,1 مليار دولار في يونيو 2014 لدى تولي الرئيس السيسي، إلى 157,8 مليار دولار في نهاية مارس 2022، وكذلك الديون الداخلية التي ارتفعت من 1816 مليار جنيه في بداية عهد الرئيس السيسي إلى 4742 مليار جنيه في يونيو 2020.

ووفقا لأدنى معدل لتزايد تلك الديون فإنه من المرجح أن تكون قد تجاوزت 5500 مليار جنيه في الوقت الراهن. وأضاف الميرغني “والغريب أنه عند مناقشة الديون وأعبائها تركز التصريحات على الديون الخارجية فقط وتتجاهل الديون الداخلية.

ولو نظرنا إلى موازنة مصر لعام 2022/ 2023 نجد أن مصر خلال السنة المالية تسدد مصر 965.5 مليار جنيه أقساط ديون محلية وخارجية و 690.1 مليار جنيه فوائد أي تسدد   1655.6 مليار جنيه أقساط وفوائد وتحصل على ديون جديدة تقدر بحوالي 1523.6 مليار جنيه تضاف إلى رصيد الديون المصرية”. 

واستكمل الخبير الاقتصادي “تم إنفاق الديون على مشروعات غير إنتاجية ومشروعات البنية الأساسية ومشاريع غير ملحة وعندما حل أجل السداد وإعادة ودائع الخليج أصبحت مصر في أزمة كبيرة، لذلك عادت لتطلب قرض جديد من صندوق النقد الدولي بقيمة 9 مليار ارتفعت إلى 12 مليار ثم وصلت إلى 16 مليار دولار ولكن الصندوق لم يوافق إلا على قرض قيمته 3 مليار دولار فقط، حيث يرى الصندوق أن مصر بطيئة في إجراءات بيع وتصفية القطاع العام وبيع الشركات المملوكة للقوات المسلحة في البورصة وإطلاق المزيد من الحرية للقطاع الخاص وإلغاء الدعم والرقابة على الأسواق لأن السوق سيوازن نفسه، وكذلك فرض تخفيض جديد في قيمة الجنيه مقابل الدولار.

وأشار الميرغني إلى أنه من بين مطالب الصندوق رفع أسعار فوائد القروض المدعمة التي يقدمها البنك المركزي لبعض القطاعات مثل قروض المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وكذلك قروض الإسكان الاجتماعي وهو ما يمكن أن يؤدي إلى كارثة اجتماعية.وأردف “وعندما حل أجل السداد بدأت مصر في بيع أصولها المربحة بدءًا من مجمع التحرير إلى شركات الأسمدة والبنوك وشركة الأسكندرية لتداول الحاويات وغيرها من الشركات في حُمى مسعورة لجمع الدولارات لكي لا ينكشف الاقتصاد المصري أمام الدائنين ولكن الحكومة لم تعلن كيف سيتم السداد إذا باعت كل الأصول خلال أربع سنوات، وفي السنة الخامسة والسادسة من أين ستأتي بأقساط وفوائد الديون.


وتابع “ثانياً، لو أن الحكومة باعت أصول مصر لسداد الديون لتغطية الإنفاق غير الرشيد، فمن أين تسدد باقي الأقساط والفوائد، وإذا كان التمويل يتم بالمزيد من القروض كما أعلنت في موازنة 2022/ 2023 . إذًا حمى الاقتراض مستمرة رغم تأثيراتها. وإذا كانت الحكومة صامدة حتى الآن وتماطل في بيع باقي الأصول وشركات القوات المسلحة والانسحاب الكامل من الاقتصاد وتحويل المرافق والخدمات العامة إلى القطاع الخاص فإلى أي مدى يمكن أن يصمد اقتصاد الكباري والمحاور المرورية أمام مطالبات الدائنين وضغوط مؤسسات التمويل الدولية”.


وقال الميرغني إن “الحكومة تتطلع لإصدار سندات باليوان الصيني المعروفة باسم (باندا) بأكثر من 500 مليون دولار، لافتة إلى جاهزية البلاد لإصدار صكوك سيادية بنحو 1.5 إلى 2 مليار دولار. وكشفت أن الأسواق الدولية غير مناسبة في الوقت الحالي من حيث السيولة والتكلفة، لافتة إلى أن عمر الدين الخارجي لمصر يصل إلى 12 عاماً، وأن متوسط سعر الفائدة للدين الخارجي لمصر يبلغ 6 في المئة”.


واختتم الخبير الاقتصادي بالقول “إن بيع الأصول مع الاستمرار في الاستدانة والاستمرار في المشاريع غير الملحة وغير الضرورية وضعيفة الموارد يجعل الاستدانة هي الحل الأسهل لتوفير التمويل بينما نهمل الزراعة والصناعة ونترك الطاقات العاطلة والمصانع المتوقفة في القطاع الخاص. إضافة إلى رفض فرض ضرائب تصاعدية على الدخول والثروات توفر مصادر تمويل حقيقية للتنمية. لذلك قد تنجح الحكومة في تأجيل تفجر الأزمة ولكن استمرار نفس السياسات يعني المزيد من الديون والمزيد من التعثر وماذا يمكن أن يبقى ليباع بعد أربع سنوات في وقت تعتزم فيه الحكومة على بيع كل ما هو قابل للبيع”.


🛑  تفعيل المادة 205 من الدستور


من جانبه، دعا محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تفعيل المادة 205 من الدستور والتي تنص على دعوة مجلس الأمن القومي للانعقاد للاستماع ومناقشة أعضاء المجلس ومن يرى من ذوي الخبرة والاختصاص لبحث كيفية التعامل مع “أزمة الديون الخارجية لمصر” لاعتبارها بمثابة أزمة وتحدى حقيقى ومصدر خطر على الأمن القومي المصري، حيث أصبحت تمثل عبئا كبيرا على الدولة المصرية حكومة وشعباً.  


وقال السادات إن كل المبادرات والأفكار التي طرحت الفترة الأخيرة عن ملف الديون تناولت أفكار عديدة تنحصر أغلبها في إدارة أزمة الديون من خلال إعادة جدولتها، وهذا توجه محترم وسليم، لكن ينغي علينا العمل على ما هو أكثر من ذلك وليس الاكتفاء بإعادة الجدولة، وتمديد أجل الاستحقاقات واستبدالها بقروض أخرى طويلة الأجل أو طرح بيع بعض الأصول والاستحواذات الجارية باعتبارها حلول مؤقتة.


وأكد السادات على أهمية العمل على إسقاط جزء معتبر من الديون الخارجية التي ترهق ميزانية الحكومة وتعرقل التنمية بشكل أساسي، أسوة بما حدث في تسعينيات القرن الماضي بعد حرب تحرير الكويت وإسقاط جزء كبير من الديون الخارجية على مصر، مشيرا إلى أن لديه رؤية وسيناريوهات متكاملة بخصوص هذا الطرح تأتى من بعض المقرضين والدائنين طواعية تقديرا لمصر وشعبها .

وأوضح السادات أن فرص نجاح مصر في هذا الملف كبيرة إذا أحسنا تطبيق السيناريوهات المقترحة والتسويق لها وقمنا بتهيئة المناخ العام لتقبل الطرح من خلال بعض الخطوات والإجراءات التي من شأنها تشجيع الدائنين والمقرضين على مساعدة مصر واسقاط جزء من الديون الخارجية.

🛑  آثار الاستدانة: تسريع وتيرة الاستحواذ وبيع الشركات الرابحة للسداد


تسعى الحكومة المصرية إلى طرح مصانع وشركات وموانئ على طريق سباق الاستحواذات، في إطار مسعاها لسداد الديون المستحقة، إذ تتسابق السعودية والإمارات في الاستحواذ على الشركات العاملة في قطاعات الأسمدة والحاويات والتكنولوجيا المالية، إذ حصل البلدان الخليجيان على على 45% من “موبكو” و41% من أبو قير للأسمدة و52% من الأسكندرية للحاويات و37.6% من شركة “إي فاينانس”.. وبينما يحتدم السباق بينهما تدخل قطر على الخط إذ يعتزم الشيخ تميم بن حمد أمير قطر زيارة مصر خلال الأسابيع المقبلة للاستحواذ على حصص في”الإسكندرية للحاويات” إضافة إلى شركات أخرى بقطاعي التكنولوجيا المالية والأغذية باستثمارات قطرية تصل لـ 20 مليار دولار.


وفي ظل الصراع الخليجي على الاستحواذ على الشركات المصرية، امتد عملية “البيع والاستحواذ” إلى الموانئ المصرية، حيث صدرت تأكيدات عن مصادر مُطلعة أنه يتم دراسة مدى ملائمة طرح أي من الموانئ المصرية في البورصة للمستثمرين العرب والأجانب، في وقت أعلنت فيه هيئة قناة السويس عن اعتزامها  إدراج 3 شركات في البورصة المصرية مع نهاية العام الحالي.


ومنذ أشهر، عكفت الحكومة على طرح الشركات المصرية أمام صناديق الثروة الخليجية، وعلى وجه التحديد السعودية والإماراتية ثم القطرية، وهي الصناديق التي دخلت في سباق محموم من أجل الاستحواذ على الشركات المصرية العاملة في مجالات الأسمدة والحاويات والتكنولوجيا المالية.بعد ستة أيام فقط من تأسيسها، استحوذت “الشركة السعودية المصرية للاستثمار” المملوكة للصندوق السيادي السعودي على 25% من أسهم شركة موبكو بإجمالي 370 مليون دولار.. كان ذلك في أغسطس الجاري، وقبل ذلك بأشهر قليلة وبالتحديد في شهر فبراير استحوذت شركة “ألفا أوريكس ليمتيد” التابعة للصندوق السيادي الإماراتي على 20% من الشركة، فيما تبقى لدولة 40.04% من الأسهم في مقابل 14.96% لمستثمرين آخرين.. وفي غضون ذلك تجري المفاوضات من الجانب السعودي للاستحواذ على نسبة جديدة تتراوح بين 15 و 20% من الشركة.  


وتُعد شركة مصر لإنتاج الأسمدة “موبكو” هي أكبر مصانع للأسمدة النيتروجينة في مصر، وتأسست الشركة عام 1998 داخل المنطقة الحرة العامة بدمياط على مساحة 400 الف متر مربع وبرأس مال يتجاوز إثنان ونصف المليار جنيه مصري.. والمثير للدهشة، أن شركة “موبكو” حققت “صافي أرباح” خلال النصف الأول من عام 2022 بلغ نحو 2.8 مليار جنيه.


في الشهر نفسه الذي استحوذ فيه الصندوق السيادي السعودي على شركة موبكو، استحوذ أيضًا على نسبة 19.8% من شركة “أبو قير” للأسمدة، مقابل 379 مليون دولار بعد شراء حصص القابضة للكيماويات والهيئة العامة للتنمية الصناعية.. أما صندوق أبوظبي السيادي فقد استحوذ في أبريل الماضي عبر شركته “ألفا أوريكس ليميتد” على 21.5% مقابل 392 مليون دولار، وتبقى لملكية الدولة ومساهمين آخرين 58.7%.


ولأن لا جديد يُذكر ولا قديم يُعاد، فإنه ينبغي لفت الانتباه إلى أن الشركة حققت خلال العام الماضي صافي أرباح 9 مليار جنيه مقابل 3.5 مليار للعام الأسبق، أي أنها تحقق التطور المأمول في المسار التجاري إضافة إلى كونها مع “موبكو” من أهم ركائز “الأمن القومي” في توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي.


الصندوق السيادي السعودي عبر الشركة “السعودية المصرية للاستثمار” حديثة الإنشاء، استحوذت أيضًا على 25% من شركة “إي فاينانس” مقابل 391 مليون دولار، وهي واحدة من كبريات شركات الاستثمارات المالية والرقمية، وتتعاون الشركة مع الحكومة في تنفيذ مشروع “مصر الرقمية” والذى يتم من خلاله تقديم جميع الخدمات الحكومية للمواطنين رقميا.


لدى الشركة تعاون واضح مع الحكومة المصرية في عدة مجالات أبرزها قطاعات “الصحة، السياحة، والنقل”، وحسب تصريحات لرئيس مجلس إدارتها إبراهيم سرحان فخلال عامي 2020 و 2021 قامت “أي فاينانس” بعمل شراكة مع الهيئة العامة للتأمين الصحي للعمل على تطوير وإدارة وتشغيل الخدمات التكنولوجية والرقمية لقطاع التأمين الصحي على مستوى الجمهورية، وفي قطاع السياحة تم القيام بمشروعين للآثار، والمتاحف، حيث قامت بتفعيل مشروع التحول الرقمي لخدمات المتاحف والمواقع الأثرية بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، ويتضمن المشروع أول منصة حجز إلكتروني للتذاكر باستخدام “الباركود” والذي يمكن الزائرين من حجز التذكرة من خلال الإنترنت وتطبيقات المحمول والدفع من خلال البطاقات البنكية والمحافظ الإلكترونية.


أما صندوق أبوظبي السيادي، فقد استحوذ من الشركة على 12.6% من أسهم شركة فوري مقابل 68.5 مليون دولار إلى جانب أسهم في حقوق الشركة مقابل 45.9 مليون دولار.وبالطبع، حققت الشركة -التي تعتبر مُحتكر خدمات التكنولوجيا المالية الحكومية- صافي أرباح بلغت 198 مليون جنيه في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بـ 143 مليون جنيه خلال نفس الفترة من عام 2021.


بالعودة إلى الأسكندرية، فبعد الاستحواذ على شركة “أبو قير للأسمدة” التفتت السعودية إلى شركة “الأسكندرية للحاويات”، فعبر الشركة المذكورة سابقًا تم الاستحواذ على 20% من الأسهم مقابل 156 مليون دولار، بينما استحوذت الإمارات على 32% من أسهم الشركة مقابل 159 مليون دولار.


كل ذلك بعيدًا عن العجز في ميزان المعاملات التجارية، حيث أكد الخبير الاقتصادي، هاني جنينة، قال إن مصر مُلزمة بسداد الديون بسبب الفجوة التمويلية وإلا فسنواجه مصير سيرلانكا، مضيفا “نحن مدينين بـ 10 مليار دولار أيضًا في صورة عجز في ميزان المعاملات الجارية، وهو المتعلق بعملية الاستيراد والتصدير، وبالتالي لدينا عجز بسبب زيادة أسعار القمح والبترول عالميًا”.


في السياق ذاته، قال تقرير أصدرته وكالة “رويترز”، إنه “في العام المالي المنتهي في 30 يونيو، ترك البنك المركزي والجهاز المصرفي أكثر من 35 مليار دولار بالعملة الأجنبية، مع انخفاض صافي الأصول الأجنبية إلى 370.1 مليار جنيه مصري (19.3 مليار دولار) من 251.7 مليار جنيه إيجابية، وفقًا للبنك المركزي.. وأدى عجز الحساب الجاري إلى استنزاف 5.79 مليار دولار من الاقتصاد في الربع الأول من عام 2022 وحده”.وتابع التقرير “وتضرر الكثير من سكان مصر البالغ عددهم 103 ملايين نسمة من جراء إجراءات التقشف منذ اتفاق قيمته 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي في عام 2016. ويبلغ معدل التضخم السنوي الآن 13.6٪ ، وهو أسرع معدل له منذ مارس 2019”.


ونبه التقرير إلى أن مصر بدأت في مارس الماضي محادثات للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، لكن الصندوق قال الشهر الماضي إن القاهرة لا تزال بحاجة لإحراز “تقدم حاسم” في الإصلاح المالي والهيكلية، فيما قدمت دول الخليج استثمارات وودائع بقيمة عشرات المليارات من الدولارات لدعم مصر منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير، ومن المتوقع أن يقدموا المزيد لمساعدة القاهرة في إبرام صفقة مع صندوق النقد الدولي.


واستكمل التقرير، “خفتت الحكومة المصرية الأضواء في ميدان التحرير في القاهرة وأمرت المتاجر والمراكز التجارية بإيقاف أجهزة التكييف لتوفير الغاز الذي يمكن تصديره بالعملة الأجنبية”.. في الوقت الذي تراجع فيه سعر الجنيه الرسمي إلى 19.15 للدولار من 15.80 في مارس، وعلى الرغم من الحملة على السوق السوداء، تباع العملة بنحو 20 جنيهاً في الشارع”.


في الوقت نفسه، نقلت رويترز عن جيمس سوانستون الخبير بـ”كابيتال إيكونوميكس” قوله إن الجنيه بحاجة إلى الانخفاض بنسبة 24٪ أخرى.. متابعًا “نعتقد أن العملة بحاجة إلى مزيد من الانخفاض، وأنها بحاجة إلى الانخفاض إلى 25 مقابل الدولار بحلول نهاية عام 2024. من الناحية المثالية، سيكون هذا بمثابة ضعف تدريجي يمكن إدارته للجنيه لتجنب التخفيضات الحادة في قيمة العملة التي يمكن أن تكون أكثر ضررًا”.


كما نبه التقرير إلى أنه “يبدو أن تخفيض قيمة الأصول الحكومية ومبيعاتها هما الشرطان الأساسيان لصفقة مع صندوق النقد الدولي.. حيث التزمت مصر هذا العام ببيع أصول مملوكة للدولة بقيمة 10 مليارات دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *