أزمة “فرانكشتاين”.. جدل في معرض تونس للكتاب بعد مصادرة كتاب ينتقد الرئيس بدعوى “عدم تسجيله” 

وكالات 

جدل عارم أثاره كتاب “فرانكنشتاين تونس” لكمال الرياحي، في معرض تونس الدولي للكتاب – الذي انطلقت فاعلياته الجمعة الماضية 28 أبريل 2023 تحت شعار “حلِّق بأجنحة الكتاب” – بعد مصادرة سحب الكتاب وإغلاق جناح دار النشر المعنية به، وسط كثير من المخاوف من عودة الرقابة على المحتوى الثقافي بالبلاد. 

صادرت قوات الأمن جميع نسخ الكتاب بدعوى “حيازة كتاب غير مصرّح به”، بعد أقل من ساعة من افتتاح المعرض بحضور الرئيس قيس سعيّد، الذي شدد في تصريح على أهميّة “تحرير الفكر”، قبل أن يعلن الناشر حبيب الزغبي فتح الجناح صباح اليوم التالي، السبت، بعد تأكيده “إزالة سوء التفاهم مع منظّمي المعرض”، مزيلا الغطاء عن منصته التي وضعت عليها لافتة تقول “هذا الجناح مغلق بقرار تعسفي”، بينما ترك باب الجدل مفتوحا رغم كل ذلك. 

قدم صاحب الكتاب كمال الرياحي مؤلَّفه باعتباره نصا “سياسيا” يستلهم قصة فرانكشتاين مجسدة في قيس سعيّد الذي انتُخب في رأيه على خلفية استثماره في غضب وإحباطات شعب خاب أمله من النظام القائم منذ ثورة 2011. 

وقال الرياحي، في لقاء مع إذاعة “موزاييك”، السبت 29 أبريل 2023، إنّ بعض القراء الذين زاروا معرض الكتاب من أجل الحصول على الكتاب، الجمعة، تفاجؤوا بسحبه من المعرض وغلق الجناح، متابعا: ”فكّرت أنها مزحة في البداية قبل أن يؤكّد لي الناشر الخبر'”. 

وأضاف أنّ مصادرة الكتب أمر مؤلم لكل كاتب، فضلا عن الشعور بالحزن من حدوث ذلك في تونس بعد 2011، واصفا ما حدث بـ”الفضيحة العالمية”، وتابع: ”الخوف كل الخوف على الثقافة وحرية التعبير في تونس التي طُعنت في الظهر في معرض الكتاب’. 

وتحدّث كمال الرياحي عن محتوى الكتاب، مبيّنا أنّه ”يتناول الأحداث في تونس منذ 25 يوليو إلى اليوم، ويتضمّن مقالات رأي متنوعة حول الحريات العامة المُهدّدة وحرية التعبير وملاحقة المعارضين وموقف النخبة التونسية والمثقفين من إجراءات 25 يوليو، فيما خُصّص الجزء الثاني من الكتاب للعودة إلى ما قبل وصول قيس سعيد إلى الرئاسة عبر مجموعة من المقالات ”المتخوفة من نكسة قد تحدث للديمقراطية والحريات في تونس، ويسلّط الضوء على وحش صنعه الشعب ورباه في السر ثم أطلقه'”. 

كما يتضمّن الكتاب ”حديثا حول مسؤولية الساسة والنخبة في تونس من 2011 إلى اليوم مع التركيز على فترة قيس سعيد التي تسارعت فيها الأحداث لتدمير كل المكتسبات والاعتقالات التي شملت حتى الشعراء على غرار شيماء عيسى التي مكانها الطبيعي هو معرض الكتاب لا السجن”، وفق تقديره. 

بعد إعادة فتح الجناح، قال حبيب الزغبي لوكالة “فرانس برس” أن “الكتاب المعني لم يصادر بسبب محتواه أو بسبب الرقابة، بل لأنه لم يكن مدرجًا في القائمة التي قدمت في البداية إلى إدارة المعرض كما تنصّ اللوائح، وأكد أن بعض النسخ “متوافرة في المكتبات في تونس العاصمة”، وأنه ستتم إعادة طبع الكتاب ويعود إلى المعرض قبل اختتامه في 7 مايو. 

وفي رده على وزارة الثقافة التي أكّدت أن الإشكال تنظيمي بحت ولا علاقة له بمحتوى الكتاب، قال المؤلف كمال الرياحي إن ”الكتابة الساخرة مؤلمة وأن كتابه موجه مباشرة إلى السلطة”، متابعا: ”هي ألاعيب وزارة الثقافة التي عملت فيها في السابق واعرف أسلوبها جيدا، ذرائع وزارة الثقافة مضحكة ومن المؤسف أنها تأتي من جامعيين”. 

في الجناح المجاور للناشر “مسكلياني” الذي أغلق الجمعة “تضامنًا” مع “دار الكتاب”، لا يزال المدير مقتنعًا بأن رفض عرض كتاب بحجة عدم تسجيله مسبقًا هي مجرد “ذريعة لفرض الرقابة عليه”، مضيفا أن الكتاب يتتبع ما يحدث لمعارضي الرئيس” الذين يستنكرون “الانحراف الاستبدادي” منذ الاجراءات التي أعلنها في 25 يوليو 2021 وتفرّد بموجبها بالحكم، وأنه من غير المعقول أن تفرض في عام 2023 رقابة على الفكرة والكتابة تحت أي ذريعة”. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *