دار الخدمات ترفض قانون فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي: يفتح الباب أمام التعسف وينذر باستخدامه في الوشاية وتصفية الحسابات

الدار يطالب الرئيس بعدم إصدار القانون وإعادته إلى مجلس النواب تمهيداً لإعادة مناقشته وإلغائه

البيان: القانون لتشديد القبضة على العاملين بأجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات وشركات قطاع الأعمال العام وتطبيق إجراءات استثنائية

كتب: عبد الرحمن بدر

أعلنت دار الخمات النقابية والعمالية رفضها لمشروع القانون المُقر من مجلس النواب بتعديل القانون رقم 10 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي. وطالبت رئيس الجمهورية بعدم إصدار هذا القانون، وإعادته إلى مجلس النواب تمهيداً لإعادة مناقشته وإلغائه.

وقالت دار الخدمات في بيان لها، السبت، إن مشروع قانون يفتح الباب أمام التعسف مع العاملين، وينذر باستخدامه في الوشاية وتصفية الحسابات.

وتابعت دار الخدمات: مجلس النواب وافق في 12/7/2021 بالتصويت وقوفاً على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1973 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي، حيث أعلن المستشار حنفي الجبالي، أن القانون يعد مكملاً للدستور ويتطلب موافقة ثلثي أعضاء المجلس، وعلى هذا وافق المجلس نهائياً على مشروع القانون.

وأضاف البيان: تضمن المشروع تعديل كل من المواد رقم 1، 2، 3 من القانون رقم 10 لسنة 1973 ، وإضافة مادة مستحدثة تحت رقم 1(مكرر) ، كما تضمن كذلك تعديل المادة 69 من قانون الخدمة المدنية. رقم 81 لسنة 2016  التي تنظم أسباب إنهاء خدمة الموظف بإضافة “الفصل بغير الطريق التأديبي” إلى هذه الأسباب تحت البند رقم 11.

وقال بيان دار الخدمات: تتلخص التعديلات التي أدخلها مشروع القانون المُقر من البرلمان على القانون رقم 10 لسنة 1973 فيما يلي:

• تعديل نطاق سريان أحكام القانون (في المادة 1 منه)، فبدلاً من سريانها –على سبيل الحصر- على العاملين بإحدى وظائف الجهاز الإداري للدولة أو الهيئات والمؤسسات العامة ووحداتها الاقتصادية، تنص المادة المعدلة على أن “تسري أحكام هذا القانون على العاملين بوحدات الجهاز الإداري بالدولة من وزارات، ومصالح، وأجهزة حكومية، ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة، وغيرها من الأجهزة التي لها موازنات خاصة، والعاملين الذين تنظم شؤون توظفيهم قوانين أو لوائح خاصة، والعاملين بشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام”.

• كانت المادة 1 في القانون رقم 10 لسنة 1973 – قبل التعديل-قد أوردت ضمن الأحوال المجيزة لاتخاذ قرار الفصل بغير الطريق التأديبي حالة فقد أسباب الصلاحية للوظيفة التي يشغلها الموظف لغير الأسباب الصحية، وحالة فقد الثقة والاعتبار غير أنها اشترطت في هاتين الحالتين أن يكون الموظف من شاغلي وظائف الإدارة العليا، بينما ألغى مشروع القانون المُعدِل هذين الشرطين- بما يعني أنه يجوز إصدار قرار الفصل بغير الطريق التأديبي على أي موظف أو عامل إذا رؤي أنه فقد أسباب الصلاحية لوظيفته أو فقد الثقة والاعتبار-.

• عدل مشروع القانون الحالة (ب) من الحالات المجيزة لإصدار قرار الفصل غير التأديبي وهي حالة قيام قرائن جدية على ارتكاب العامل  ” ما يمس الأمن القومي للبلاد وسلامتها”، حيث أضاف أنه “يُعد إدراج العامل على قائمة الإرهابيين وفقاً لأحكام القانون رقم 8 لسنة 2015 بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين قرينة جدية”.

• كانت المادة 2 من القانون رقم 10 لسنة 1973 تختص رئيس الجمهورية فقط بإصدار قرار الفصل بغير الطريق التأديبي –بناءً على اقتراح الوزير المختص بعد سماع أقوال العامل- غير أن مشروع القانون المُعدِل أعطى سلطة إصدار القرار لرئيس الجمهورية أو من يفوضه- بناءً على عرض الوزير المختص بعد سماع أقوال العامل-.

• استحدث مشروع القانون المُعدِل للقانون رقم 10 لسنة 1073 – في حال توافر سبب أو أكثر من أسباب الفصل المُشار إليها في القانون- إجراء وقف العامل عن العمل بقوة القانون لمدة لا تزيد على ستة أشهر أو” لحين صدور قرار الفصل أيهما أقرب، مع وقف صرف نصف أجره طوال فترة الوقف عن العمل، ويُبلغ العامل بقرار الوقف”، وذلك “حال توافر سبب أو أكثر من أسباب الفصل”.

وذكرت دار الخدمات أنه تستدعي موافقة مجلس النواب على هذا القانون ما يلي من الملاحظات، إن القانون رقم 10 لسنة 1973 هو في حد ذاته قانون له طابع استثنائي بالغ الاستثنائية، ذلك أن الأصل هو عدم فصل العامل أو الموظف بغير الطريق التأديبي، وواقع الحال أن استدعاء القانون من الأضابير التشريعية لم يُقصد به تعديله فقط، وإنما أيضاً تفعيله، وإذا كان مقدمو المشروع قد استندوا في مذكرته الإيضاحية إلى المادة 14 من الدستور التي تنص على أن “الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة، وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب، وتكفل الدولة حقوقهم وحمايتهم، وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب، ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبي، إلا في الأحوال التي يحددها القانون”.. فإن النص الدستوري لا يعني بحال من الأحوال التوسع في الأحوال التي ينص عليها القانون لتبرير الفصل بغير الطريق التأديبي، وإنما ينبغي فهم روح النص التي تتماشى مع الروح العامة للدستور، وهي حماية وصون حقوق العاملين فلا يتم اتخاذ إجراء استثنائي في حقهم إلا في أحوال الضرورة القصوى.

وتابع: “تمثل التعديلات التي أدخلها مشروع القانون على القانون رقم 10 لسنة 1973 توسعاً خطيرًا في نطاق سريان القانون حيث أضافت إليه العاملين بوحدات الإدارة المحلية، والأجهزة ذات الموازنات خاصة، والعاملين الذين تنظم شؤون توظفيهم قوانين أو لوائح خاصة، والعاملين بشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام”.

وأضاف بيان دار الخدمات: “هذا التوسع في نطاق سريان قانون ذي طابع استثنائي غير مرغوب وغير مبرر، يهمنا في هذا الصدد أن نشير إلى التضارب التشريعي الذي كثيراً ما تكرر، ذلك أن العاملين بشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام لا يخضعون لقانون الخدمة المدنية ولا يعدون من متقلدي الوظائف العامة، وإنما هم عاملون يخضعون لأحكام قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 بكل ما يكفله لهم من ضمانات تحميهم من الفصل التعسفي، وهم في هذا الشأن إنما يتمتعون أيضاً بالحماية الدستورية المكفولة في المادة 13من الدستور فيما تنص عليه من أنه “تلتزم الدولة بالحفاظ على حقوق العمال، وتعمل على بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفي العملية الإنتاجية، وتكفل سبل التفاوض الجماعي، وتعمل على حماية العمال من مخاطر العمل وتوافر شروط الأمن والسلامة والصحة المهنية، ويُحظر فصلهم تعسفياً، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون”.

 وقال البيان إنه لم يتوسع مشروع القانون في نطاق سريانه فقط، وإنما أيضاً منح سلطة إصدار قرارات الفصل بغير الطريق التأديبي-التي كانت مقصورة في القانون على رئيس الجمهورية باعتبارها ذات طابع استثنائي- لمن يفوضه الرئيس، على سندٍ من القول-كما هو وارد في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون- بتخفيف العبء الإداري في ضوء اتساع رقعة الجهات المخاطبة بالقانون، حيث يبدو هذا السبب ذاته مثيراً للمخاوف فيما يشير إليه من اعتزام التوسع في اتخاذ قرارات الفصل بغير الطريق التأديبي.

وتابع: إلغاء اقتران حالة فقد الصلاحية، وحالة فقد الثقة والاعتبار فقط بالموظفين من شاغلي وظائف الإدارة العليا بما يعني أنه يجوز إصدار قرار الفصل بغير الطريق التأديبي على أي موظف أو عامل إذا رؤي أنه فقد أسباب الصلاحية لوظيفته أو فقد الثقة والاعتبار-.

كانت المادة 1 في القانون رقم 10 لسنة 1973 – قبل التعديل-قد أوردت ضمن الأحوال المجيزة لاتخاذ قرار الفصل بغير الطريق التأديبي حالة فقد الصلاحية للوظيفة التي يشغلها الموظف لغير الأسباب الصحية، وحالة فقد الثقة والاعتبار غير أنها اشترطت في هاتين الحالتين أن يكون الموظف من شاغلي وظائف الإدارة العليا، بينما ألغى مشروع القانون المُعدِل هذين الشرطين- بما يعني أنه يجوز إصدار قرار الفصل بغير الطريق التأديبي على أي موظف أو عامل إذا رؤي أنه فقد أسباب الصلاحية لوظيفته أو فقد الثقة والاعتبار-رغم أن فقدان الصلاحية للوظيفة هو شأن يتعلق بكفاءة العامل وأدائه لوظيفته، ولا علاقة له بما يمكن اعتباره مساساً بالأمن القومي للبلاد وسلامتها على النحو الذي يستدعي اتخاذ إجراء استثنائي في حق العامل أو الموظف.

 وأضاف: هذا التوسع إنما ينفي ما تم ترويجه بشأن مشروع القانون المقدم والقول بأن الضرورة التي فرضته هي وجود موظفين وعمال في أجهزة الدولة يمثلون خطراً على سلامتها وأمنها، حتى وصل الأمر إلى تعريف مشروع القانون باعتباره قانون (مواجهة الإخوان)، وقد أكد ذلك المستشار حنفي الجبالي رئيس مجلس النواب أثناء مناقشة مشروع القانون قائلاً إن هذا القانون يأتي أيضاً “لتمكين الجهاز الإداري والجهات التابعة للدولة من أداء دورها المنوط بها قانوناً استجابة لمتطلبات الدولة والمجتمع للإصلاح الإداري والتي هي في أساسها وهدفها الأسمى تقديم أفضل خدمة بأعلى جودة للمواطن المصري”.

وذكرت دار الخدمات: “لسنا إذن أمام قانون لمواجهة الإخوان، وإنما قانون لتشديد القبضة على العاملين بأجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات وشركات قطاع الأعمال العام، وتطبيق إجراءات استثنائية على العاملين بها!!”.

 وتابع: “الحالة (أ) من الحالات المجيزة للفصل بغير الطريق التأديبي وهي إذا أخل العامل بواجباته الوظيفية بما من شأنه الإضرار الجسيم بمرفق عام بالدولة أو بمصالحها الاقتصادية، إنما تثير مخاوف ليست بالقليلة بشأن تعريض العاملين الذين يمارسون حقهم في الإضراب السلمي للفصل بغير الطريق التأديبي على سندٍ من القول بالإضرار الجسيم بمرفق عام أو بالمصالح الاقتصادية”.

وأكد البيان أن التشريع المصري يحفل بالقوانين الكفيلة بمواجهة من يمكن اعتبارهم معادون للدولة يهددون أمنها وسلامتها، وليس ثمة حاجة للمزيد من التشريعات التي تضاف إلى هذه الترسانة الضخمة، كما أن قانون الخدمة المدنية وقانون العمل يتضمنان من النصوص ما يكفل محاسبة المخطئين بما يكفي، بينما يفتح هذا القانون الباب واسعاً أمام تعسف الرؤساء مع المرؤوسين، وينذر باستخدامه في تصفية الحسابات، والوشاية ببعض العاملين على سند من اتهامهم بالانتماء إلى “جماعة الإخوان المسلمين”، وهو قبل وبعد ذلك قانون بالغ الاستثنائية ينبغي إلغاؤه وليس تفعيله وتعديله بالتوسع في نطاق سريانه، وحالات تطبيقه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *