مدحت الزاهد يكتب : فى يوم القدس وذكرى النكبة.. رسالة إلى أصحاب الجلالة والفخامة والسمو

“لو اعترف العرب بقرار التقسيم واندمجوا فى علاقات سلام مع إسرائيل ما ضاعت دولة فلسطين، ولو قبلوا حل الدولتين ما ضاعت حقوق الشعب الفلسطينى، المقاطعة أضرت بالقضية الفلسطينية ومكنت اسرائيل والتطبيع هو الحل”.. هكذا يتحدث المطبعون الذين يترأس صفوفهم الآن أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، ويتخفون وراء هذا الزيف لتمرير صفقة القرن للإجهاز الكامل على حقوق الشعب الفلسطينى وتثبيت الكيان الصهيونى.

والحقيقة أن مثل هذه الدعاية تجردنا مما بقى من عناصر القوة وتدعونا  للهزيمة بأثر رجعي  ولو اتبعنا هذا النهج لانهارت  كل قوى المقاومة الفلسطينية والعربية  مبكرا، وحققت اسرائيل هيمنتها الكاملة على كل فلسطين والمنطقة العربية، ولكنا فى وضع أسوأ بكثير لو كنا استسلمنا منذ زمن .

ولنتذكر فعمليا لم تقبل اسرائيل قرار التقسيم وواصلت طرد الفلسطينين من مدنهم وقراهم وارتكبت لتحقيق هدفها عشرات المجازر وعمليات الطرد الجماعى .. وفى عام ٥٥ شنت الغارات على غزة وفى ٥٦ شاركت فى العدوان الثلاثي على مصر وبعد حرب ٦٧ قبلت مصر والعرب القرار ٢٤٢ الذى نص على حق اسرائيل فى الحياة داخل حدود آمنة معترف بها ولم تنسحب اسرائيل من شبر واحد من الأراضى العربية  الا بالحرب من اراضى مصرية بعد حرب اكتوبر ٧٣ واراضى لبنانية بعد حرب التحرير .. واكثر من هذا فبعد حرب أكتوبر ظهرت فى الادبياث الفلسطينية فكرة حل الدولتين، دولة الضفة والقطاع, أي المطالبة فى مفاوضات التسوية بأن تنشأ فى الأراضى الفلسطينية التى كانت خاضعة للإدارتين المصرية (قطاع غزة) والأردنية (الضفة الغربية)  دولة فلسطينية وأصبح حل الدولتين هو أساس التحركات والمبادرات الفلسطينية والعربية، ورغم مبادرة السادات بزيارة اسرائيل وخطابه فى الكنيست ثم توقيع اتفاقية كامب ديفيد، رفضت تل أبيب أن يتجاوز الحديث عن فلسطين مشروع حكم ذاتى وظيفى للسكان دون المساس بالسيادة الإسرائيلية على الأرض، كما رفضت التنازل عن شبر واحد من القدس، بل أعلنت قبل أن يجف مداد اتفاقية ” السلام” أن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل على مر الأجيال، ورد بيجن على خطاب لمصطفى خليل رئيس الحكومة المصرية بقوله (دلني على فقرة أو عبارة أو جملة أو حرف أو فصلة فى اتفاقية كامب ديفيد تتحدث عن  فلسطينية القدس أو تنازل اسرائيل عنها)

وعلى نفس هذا الطريق تبنت المبادرة العربية حل الدولتين وأكده أيضا اعلان السلام الفلسطينى وخطاب عرفات فى الأمم المتحدة والتوجه الفلسطينى فى مؤتمر مدريد واتفاقية أوسلو الموقعة فى ١٣ سبتمبر ١٩٩٣، كانت تنص على انسحاب إسرائيلى خلال ٥ سنوات من أراضي الضفة والقطاع، وبدء مفاوضات الحل النهائي فى أواخر السنة الثالثة، وما حدث أن إسرائيل وسعت المستعمرات واستمرت فى تهويد القدس وجمدت الانسحاب وانتهى الأمر باغتيال من وقعا الاتفاقية (رابين ثم عرفات) ثم استكملت ذلك بإعلان الجولان اراضى إسرائيلية، وإسرائيل بالمناسبة احتلت كل دول الجوار العربية، مصر والأردن وسوريا ولبنان، فضلا عن فلسطين وشنت عشرات الغارات على غزة وواصلت حصار الضفة والقطاع ودعمت العمليات الإرهابية فى سيناء كلما أرادت الضغط على مصر وساندت مع التدخل التركى الميلشيات الإرهابية فى سوريا.

وكل هذا تم تحت سمع وبصر اللجنة الرباعية الراعية لما يسمى بالسلام وهو فى الحقيقة سلام شو، لا يشبه السلام فى أي ملمح من ملامحه، وصولا إلى صفقة القرن طوال مسيرة انتهكت فيها اسرائيل عشرات القرارات الدولية وداست بالاقدام المبادرات العربية، دون أن يكف المطبعون عن التبشير بالهزيمة بأثر رجعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *