“فايننشال تايمز” في تقرير عن الأوضاع المصرية: الأزمة العالمية فاقمت من هشاشة “النموذج الاقتصادي الذي تقوده الدولة”

التقرير: القاهرة تعتمد منذ سنوات وبشكل متزايد على تدفق الأموال الساخنة لتمويل عجز الحساب الجاري.. والنتيجة “أعلى فوائد في العالم”


كتب – أحمد سلامة

أفردت صحيفة “فايننشال تايمز” مساحة لتقرير مطول علقت خلاله على الأوضاع الاقتصادية في مصر خلال الآونة الأخيرة، سلطت فيه الضوء على تنامي معدلات الفقر في ظل هروب رؤوس الأموال وما أدى إليه من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة وفي الوقت نفسه ارتفاع تكاليف الاستيراد.

وقالت الصحيفة “بعد ست سنوات منذ القرض الذي وقع في 2016، أصبحت مصر تعتمد مرة أخرى على دعم صندوق النقد الدولي في الوقت الذي تكافح فيه نقصًا آخر في العملة الأجنبية، حيث وافق الصندوق الأسبوع الماضي على حزمة قروض جديدة بقيمة 3 مليارات دولار.

وهذه هي المرة الرابعة التي تطلب فيها القاهرة مساعدة الصندوق منذ وصول عبدالفتاح السيسي إلى السلطة، حيث تحمل مصر عباءة غير مرغوب فيها بكونها ثاني أكبر مدين لصندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين”.

وأضافت “سلطت مشاكل مصر، جزئيًا، الضوء على مَواطِن ضعف الدول الفقيرة أمام تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا بعد أن تسببت في هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة وتسببت في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد في الوقت الذي جف فيه أحد المصادر الحيوية للعملة الأجنبية”.

وتستدرك الصحيفة “لكن الاقتصاديين ورجال الأعمال المصريين يقولون إن هناك المزيد من القضايا الأساسية على المحك، بحجة أن الأزمة العالمية قد ضاعفت من هشاشة نموذج السيسي الاقتصادي الذي تقوده الدولة”.واستكملت “تحت إشراف السيسي، أصبحت القاهرة تعتمد بشكل متزايد على تدفق الأموال الساخنة إلى الدين المحلي لتمويل عجز الحساب الجاري، حيث دعم البنك المركزي الجنيه وأبقى أسعار الفائدة في خانة العشرات.

إحدى النتائج هي أن القاهرة كانت حتى وقت قريب تدفع أعلى أسعار فائدة حقيقية في العالم على ديونها”.وأردفت “في الوقت نفسه، اعتمد السيسي على الجيش لدفع النمو حيث تم تكليفه بالعشرات من مشاريع البنية التحتية وتشجيعه على نشر بصمته الاقتصادية عبر قطاعات لا تعد ولا تحصى، من المكرونة إلى الأسمنت والمشروبات، مما أدى إلى إزاحة القطاع الخاص، الشكوى تأتي من كون الأموال الساخنة استُخدمت لدعم الإنفاق الحكومي الهائل، الذي كان الكثير منه من خلال الجيش، مما أدى إلى امتصاص العملة الأجنبية”.

ويضيف تقرير “فيننشال تايمز”: الآن، السؤال الذي يطرحه رجال الأعمال والمحللون المصريون هو ما إذا كانت صدمة الأشهر الستة الماضية ستكون كافية لإجبار السيسي على اتخاذ أصعب قرار اقتصادي له وهو تقليص دور الجيش في الاقتصاد.

ويقول الاقتصاديون إن هذا سيكون أمرًا حاسمًا إذا كان للقطاع الخاص أن يزدهر وأن تجتذب البلاد مستويات أكبر من الاستثمار الأجنبي المباشر لجلب مصادر أكثر استدامة للعملة الأجنبية، حسب التقرير.

وتشير الصحيفة إلى نقطة هامة حين تقول “من الناحية النظرية، يجب أن تدفع هذه المخاوف النظام إلى العمل. لكن آخرين قلقون من أن الشعور بالرضا عن الذات يمكن أن يأتي مع الاعتقاد بأن مصر مهمة للغاية من الناحية الجيوسياسية بحيث لا يُسمح لها بالفشل، وأن بإمكانها الاعتماد على عمليات الإنقاذ من جيرانها”.

لكن التقرير لفت في الوقت ذاته إلى أن السيسي نفسه حذر في مؤتمر عقد الأسبوع الماضي من مخاطر الاعتماد بشكل كبير على حلفائه الخليجيين.. وقال “حتى الإخوة والأشقاء، مقتنعون الآن بأن الدولة المصرية غير قادرة على النهوض مرة أخرى وأن سنوات من الدعم والمساعدة أدت إلى خلق ثقافة الاعتماد عليهم لحل الأزمات والمشاكل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *