عمرو موسى: عملية طوفان الأقصى أعادت الزخم للقضية الفلسطينية.. ومصر تمتلك كفاءات دبلوماسية يمكنها صياغة مشرووع عربي والتفاوض بشأنه

درب

قال الأمين السابق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، إن عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر لها إيجابيات عديدة، أبرزها أنها أعادت الزخم والاهتمام للقضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن حالة الانفجار كانت متوقعة من الكثيرين، وتحليله ورؤيته كانت في ذلك الاتجاه، وإن لم يجزم بأن حالة “الانفجار” ستأتي بصورة قيام بعملية عسكرية كبيرة ومنظمة ودقيقة من جانب حماس.

وأكد أن ذلك “الانفجار” كانت له مسببات منطقية بالمعاناة الطويلة التي تعرض لها الفلسطينيون من إذلال وحصار وتهجير وتدمير القرى، لتفريغ فلسطين من شعبها، وإقرار واقع جديد بوجود دولة إسرائيلية فقط، وتصفية الوجود السياسي لغزة والضفة الغربية.

وأضاف أن تكوين وطبيعة الشعب الفلسطيني التي يدركها بخبرته الطويلة معهم، تؤكد أنه من الصعب إثناؤهم عن قضيتهم العادلة التي يواصلون نضالهم من أجله

جاء ذلك خلال ندوة نظمها مشروع “حلول للسياسات البديلة” بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، تحت عنوان: “مستقبل القضية الفلسطينية.. ما بعد 7 أكتوبر”، وأدارتها الدكتورة أهداف سويف.

وعن مستقبل القضية، قال إن الوصول للحق العادل يتطلب منا تضامنا عربيا قويا يصيغ رؤية متماسكة وذات محددات تفاوضية لا تقبل التنازل، وهو الاعتراف بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، مشددا على أن الأمر في الإمكان ولا يلزمه موقفا وقرارا من جميع الدول الأعضاء بالجامعة العربية، فيكفي 5 أو 6 دول من الدول الفاعلة للتوافق على ذلك الموقف الحاسم لحل القضية، لجانب ذلك يلزم حالة من توافق بين الأطراف الداخلية الفلسطينية المختلفة.

وأوضح أن مصر تمتلك كفاءات من الدبلوماسيين بوزارة الخارجية يمتلكون قدرات قوية تمكنهم من المشاركة الفعالة في صياغة ذلك المشروع العربي، وتسويقه والتفاوض بشأنه مع القوى الدولية الكبرى.

ورأى أن الحديث عن الوصول لدولة واحدة يتعايش سكانها، إسرائيليون وفلسطينيون، في تركيبة واحدة، أمر بعيد عن الواقعية والتحقيق في الوقت الراهن والمعطيات الموجودة، لكن موضوع حل الدولتين يعد متوافقا مع القوانين والقرارات الدولية، ويحظى بقبول وله مناصرين بين صناع القرار في الولايات المتحدة والدول الغربية.

ولفت إلى أن القادة في الحكومة الإسرائيلية الحالية لا يمكن التفاوض معهم بشأن التوصل لحل للقضية، والمرحلة يلزمها وجوها أكثر تفهما بأن أي تأخير لتسوية عادلة سيقابله انفجارا وستكرر حالة ومشاهد 7 أكتوبر بشكل مستمر.

وأكد أن إجراء الانتخابات هو أمر مطلوب وملح بداخل إسرائيل أيضا؛ حيث إن النخب الحاكمة الموجودة هي من ورطتهم وأدخلتهم لجحر الأزمات، وبات من الواجب أن يغادر نتنياهو وبن غفير ومن على شاكلتهم من الوزراء للمسرح السياسي بشكل فوري.

وأشار إلى تفريغ الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنات بغلاف غزة ونقلهم لمناطق أخرى داخل إسرائيل، ويعد ردا واضحا عليهم بأنهم يمكنهم التوقف عن التمدد الاستيطاني بوجود أماكن بديلة لمواطنيهم.

ورأى موسى أن إسرائيل هزمت هزيمة استراتيجية بعد 7 أكتوبر، فهي لا تفصح عن خسائرها بشكل دقيق، كما أن حديثها حركات المقاومة لا تزال تحافظ على تواجدها، فضلا عن خسارة إسرائيل لقدرتها التسويقية، وتأكد لمختلف الشعوب ازدواجية المعايير الأخلاقية للكثير من الدول التي استنكرت الحرب الروسية الأوكرانية في حينها، بينما ارتضت المجازر العديدة التي ترتكبها إسرائيل بلا هوادة.

وأكمل أن إسرائيل دولة غير طبيعية؛ حيث قامت جذورها على مذابح واستيلاء، وكل ما ارتكبته الحكومة الإسرائيلية من الجرائم الوحشية في حق المدنيين سيتحول إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وأوضح أن الحجة التي تدعيها إسرائيل وتسوقها دائما بحقها في الدفاع عن نفسها ليست صحيحة وغير مدعومة بالقانون الدولي، إضافة إلى أن طوائف كثيرة من اليهود داخل إسرائيل وخارجها لا يوافقون على ما ترتكبه في حق الفلسطينيين ويحاولون إظهار ذلك الاعتراض للعالم في شكل احتجاجات واسعة وصلت لأسوار البيت الأبيض الأمريكي.

واعتبر أن دور مجلس الأمن كان متخاذلا وأعاق مساعي وقف إطلاق النار، ولم يتبن قرارا من البداية لحماية الضحايا من المدنيين، وعلى الرغم من ذلك فقد اتخذت منظمات أخرى منبثقة عن الأمم المتحدة مواقف مختلفة، ما منحها احترام العالم لارتكازها على مبادئ حقوق الإنسان، كمنظمات يونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي والصحة العالمية وغيرها.

ووصف موسى المشهد السياسي في الدول الأوروبية بأنه “غير مرشح للاتزان”، حيث حقق اليمين المتطرف فوزا كبيرا بالانتخابات الهولندية، وهو أمر متوقع تكراره في الانتخابات المقبلة بألمانيا وفرنسا، ما يستوجب الإعداد لتلك السيناريوهات المستقبلية، فلا يمكن القطع بأن ذلك التغيير سيكون لصالح القضية الفلسطينية أو ضدها.

ولفت إلى ضرورة إجراء انتخابات بغزة والضفة الغربية، لاختيار ممثل للشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أنه ليس من المؤكد أن تحقق حماس الأغلبية في تلك الانتخابات، فالمشهد السياسي الفلسطيني به فئات متعددة ومختلفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *