صباحي في الملتقى العربي الإفتراضي: التطبيع فيروس يستهدف وجدان الأمة والجسد العربي سيلفظه

حمدين صباحي: التطبيع الجائزة الكبرى التي يسعى إليها العدو الصهيوني.. وهو لا يعني فقط التخلي عن فلسطين بل موت العروبة

كتب – محمود هاشم

أكد المرشح الرئاسي الأسبق حمدين صباحي، أن التطبيع هو الجائزة الكبرى التي يسعى إليها العدو الصهيوني، موضحا أن استسلام المغتصب للغاصب، ومباركة الضحية لسكين الجلاد، هو تخلي صاحب الحق عن هويته وتنكره لدمه وتكذيبه لروايته وترديده لسردية قاتله.

وأضاف صباحي، في مداخلته في الملتقى العربي الافتراضي لمناهضة التطبيع، لكل حرب أسلحتها وجنودها، وسلاح التطبيع هو الكذب وجنوده هم بضعة عرب كاذبون استهدفوا تزييف وعي الأمة وإصابة الروح والعقل والوجدان العربي بفيروس التطبيع كما يفعل فيروس كورونا الآن،  ولأن الكيان الصهيوني هو عضو غريب مزروع بالعنف في الجسد العربي، ولأن المعلوم من الطب أن الجسد يلفظ العضو المزروع ما لم يحقن بمثبطات المناعة لكي يتقبله، فإن هدف فيروس التطبيع هو تثبيط المناعة العربية لكي تقبل الكيان الدخيل.

وأوضح أن أنه مع تعدد الجبهات وتوالت الحروب في الصراع العربي الصهيوني، يظل الصراع الحضاري الشامل عسكرياً ومعرفياً وثقافياً وعلمياً وتكنولوجيًا وسياسيًا، من نوع فريد لن ينتهي إلا بانتفاء أحد طرفيه، فهو صراع وجود لا حدود.

ولفت إلى أنه في سياق هذا الصراع، يعد التطبيع حربا كبرى، فعند العدو كل انتصار منقوص ما لم يتممه التطبيع، وعند الأمة كل هزيمة محتملة ما لم يكرسها التطبيع.

وشدد على أن التطبيع لا يعني فقط التخلي عن فلسطين بل هو موت العروبة، لأنه انتفاء شرط الأمة، وهي ليست محض عديد بشر يتساكن، بل جماعة يوحدها تاريخ من الهم والحلم والسعي نحو حياة تجسد هويتها وتحقق أهدافها، ولكل أمة مقاصدها الكبرى تجتمع على السعي نحو تحقيقها.

وتابع: “لقد بلور العرب بوحدة الجغرافيا والتاريخ هوية جامعة ومقاصد نبيلة في الحرية والتنمية المستقلة والعدل الاجتماعي والكرامة الانسانية والتجدد الحضاري وبناء دولة القانون المدنية الديمقراطية الحديثة الحامية لحقوق الانسان، وفي قلب هذه المقاصد تحرير فلسطين، الذي هو حق وواجب أخلاقي وقومي ووطني”.

وشدد على أن هذه المقاصد سلسلة متكاملة الحلقات يعزز بعضها بعضا، فلو انكسرت بالتطبيع حلقة تحرير فلسطين لتكسرت السلسلة وانفرط العقد وتبعثرت الأمة.

وأشار صباحي إلى أن انتفاء أحد طرفي صراع الوجود لا يعني بالضرورة الإبادة الجسدية بل إكراهه أو استدراجه إلى الرضوخ والتخلي عن الحقوق، حيث ثبت أن هذا الهدف لن يتحقق بالقوة العارية وحدها، فتاريخ العدو يفيض بالمذابح وسفك الدم والاقتلاع والتهجير والنقل والاحتلال والعدوان والفصل العنصري والإبادة الجماعية، ورغم كل هذه الوحشية ما يزال العربي الفلسطيني على مدى سبعين عاماً على قيد الحياة والمقاومة والأمل.

واستطرد: “بالتطبيع وحده يمكن إخراج العرب من حال الأمة التي تقاوم عدوها ككل الأحرار إلى حال قطعان العبيد، وهذا هو المقصد الجوهري للمشروع الصهيوني بتعدد لافتاته من إسرائيل الكبرى إلى الشرق الأوسط الجديد إلى صفقة القرن”.

وتساءل: “أربعة عقود من حرب التطبيع خاضها الصهاينة بدعم أمريكي وتواطؤ دولي ومشاركة ذليلة من بعض النخب العربية التي خارت فخانت في قصور الحكم وأجهزة الإعلام وأسواق التجارة، فماذا كان الحصاد”.

ويكفي نظرة فاحصة لحالة مصر التي عمًدت خلال هذه الحرب أبطالها في مواجهة التطبيع : سعد إدريس حلاوة وسليمان خاطر وأيمن حسن وأبطال تنظيم “ثورة مصر” بقيادة خالد عبدالناصر ومحمود نورالدين، كما عمد الأردن العربي بطله أحمد الدقامسة، والأكثر دلالة ملايين الابطال المغمورين من النساء والرجال العاديين الذين يتجلى رفضهم الطبيعي للتطبيع واحتقارهم ونبذهم للمطبعين، بحسب صباحي.

وواصل المرشح الرئاسي الأسبق: “لعل من مكر التاريخ أن الجيل الذي ولد في ظلال كامب ديفيد وتربى تحت سلطة وابواق التطبيع حتى اذا بلغ أشده رفع علم فلسطين في ميدان التحرير في أعظم تجليات الربيع العربي قبل أن يختطفه خريف الحكام التابعين، هو نفسه الذي رفع في الميدان صورة جمال عبد الناصر الرمز الأصدق في مقاومة الصهيونية والاستعمار، هو نفس الجيل الذي ما أن أسقط مبارك حتى اتجه إلى سفارة العدو على شاطىء النيل يحاصرها بأجساده الغضة وهتافاته الغاضبة ويتسلق جدرانها باظافره ويقتحمها بصدوره العارية”.


واستكمل: “ما أبأس المطبعين وما أحقرهم، ورغم خطرهم ما أهونهم، إن النصر عليهم أكيد، لأن حرب التطبيع ليست وقفاً على الجنرال أو المثقف، إنها حرب كل الناس، حرب الشعب، وما دامت بطبيعتها حرب الشعب فإن النصر فيها هو الممكن الوحيد، كما أن هزيمة الكيان الصهيوني في هذه الحرب تحرمه من ثمرة عدوانه، وتبقيه في مهب تبديد كل ما حققه، وانتصار أمتنا لا يحقق مقاصدها لكن يؤكد مناعتها، وهي الشرط اللازم لتقدمها الواجب من الممانعة اإى المقاومة، ثم من المقاومة إلى تحرير فلسطين، كل فلسطين”.

وشدد على أن تيار الوعي الجمعي لأمة وحدتها هزائم مقيمة وانتصارات مبددة وأحلام لا تموت، فتعلمت أن تميز العدو من الصديق كما تميز الخبيث من الطيب، لا يضيره أن تسقط فيه بعض أكاذيب منتنة يلقيها مهربو التطبيع، يجرفها تيار الوعي الجمعي الطبيعي، وهذا هو القانون الحاكم من أربعين عاما، “الطبيعي يهزم التطبيعي، والنيل يجري”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *