رحاب إبراهيم تكتب : تغريبة الحب

من أصدق ما قيل في وصف الحب كلمات الشاعر الكبير عبد الرحيم منصور في أغنية تغريبة والتي شدا بها الفنان محمد رشدي حين قال :
“وحياتك يا صبية يا زينة الصبايا
لاخلي الشوق في قلبي يمسك لك المراية”

هي حالة من أعلى وأصدق حالات الحب , وهي لا تقتصر – في رأيي – على حالة العشق بين رجل وامرأة ,إنما تتسع لتشمل كل الأحاسيس الصافية
فالذين يحبوننا بصدق يجعلونا نرى أنفسنا في أجمل حالاتنا
يشيرون دوما لنقاط القوة لا الضعف
يثقون في قدراتنا حين يراودنا الشك فيها
يروننا أقوياء قادرين على الانتصار والتجاوز حتى ونحن في أقصى وأقسى حالات الضعف والارتباك.
هذه الثقة التي تنبع من الإيمان الحقيقي بالآخر .
وأنا هنا لا أقصد أن يعتمد المرء فقط على صورته في عين الآخر/المحب
مهما كانت طبيعة العلاقة , بل يجب أن يمتلك قدرا من الوعي بنفسه وقدراته ..
ولكننا بشر يصيبنا التعب والقلق والشك وانعدام الطاقة , وهنا يتضح دور المحب الصادق المخلص الحقيقي .
وللأسف
فإن العكس أيضا موجود , بل ربما يكون هو الأكثر انتشارا..
الشخص القريب منك ولكنه ضعيف الثقة في نفسه أولا وفي استحقاقه للحب والنجاح , فتجده يشير دوما لنقاط ضعفك ليجعلك تفقد الثقة بنفسك وتحيد عن مواطن قوتك
..يحب صورتك الضعيفة المرتبكة لأنها تمنحه إحساسا وهميا بالقوة والسيطرة.
وإذا كان الشوق باستطاعته أن يمسك لك المراية ليريك جمالك , فهناك الحبيب الذي يلغي رؤيتك الشخصية تماما
كما شدت وردة من كلمات حسين السيد
” وانا لما صحيت على حبك
وشفت الدنيا من عندك”
ونحن لاندري هل تخلت هي بإرادتها الحرة عن رؤيتها الخاصة وعطلت حواسها لتبصر فقط ما يراه حبيبها
أم أنه هو من أجبرها على ذلك بطريقة مباشرة أو ملتوية
ربما لم يقصد الشاعر هذا المعنى الحاد
ولكن هذا ما يفعله الكثيرون خاصة في بداية العلاقة
وهو تحديدا ما يعجل بنهايتها
فمن يحب أن يرتبط بنسخة مكررة من نفسه ؟! حيث كل الأفكار والمشاعر والأحداث معروفة مسبقا ومتوقعة
لا إضافة للروح ولا للعقل
الحب هو أن أرى من مكاني, وترى من مكانك, ونتشارك الرؤيا لتتسع .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *