د. يحيى القزاز يكتب: بايدن بعيون عربية.. هل يكون ابراهام لنكولن أم أن المتغطي به عريان؟

تفاخر “ترامب” أثناء فترة رئاسته الولايات المتحدة الأمريكية بأنه أطلق سراح الأمريكيين، من أصل مصري؛ آية حجازى وزوجها من السجون المصرية، بمكالمة هاتفية مع الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى. وفى موضع آخر وصف ترامب “السيسى” بديكتاتوره المفضل. لم يرفض أو يعلق أحد من “النظام” أو إعلامه أو برلمانه على ماقال به ترامب عن تلك المكالمة ولا ذلك الوصف. والمواطن المصرى يرى ذلك ويتحسر على ما آل إليه حاله، ويصرخ من أعماقه: “أريد أن أكون حرا في بلادى كالمواطن الأمريكي”.

فى اثناء انتخابات الرئاسة الأمريكية (نوفمبر2020)، غرد المرشح للرئاسة “بايدن” (الرئيس الأمريكي الجديد) على حسابه بتويتر: “ليست هناك شيكات على بياض تمنح لديكتاتور ترامب المفضل”، وكان قد أشار إلى “اعتقال وتعذيب ونفي النشطاء مثل آية حجازي ومحمد سلطان، وتهديد عائلاتهم كعمل غير مقبول”، وهى إدانة منه لممارسة القمع في مصر. ثم تبلورت نواة كتلة في الكونجرس الأمريكي حاليا؛ للتنديد بأوضاع حقوق الانسان في مصر، وتطالب بالافراج عن المسجونين السياسيين، وقد وُصِفَ سجنهم ب”ما كان يجب سجنهم بالأساس”. فى إشارة واضحة لمسلك الحكومة المصرية، وتجاوزها حقوق الإنسان!!

سعد البعض بهذه التصريحات، وعبروا عن شماتتهم في حكومة لا تحترم حقوق الإنسان المصرى، وارتعدت فرائص فئة أخرى توالى الحكومة، ووصفها آخرون بالحملات المغرضة والتدخل السافر في شئون البلاد. وهنا علينا التفرقة بين الدولة والحكومة، فالدولة تتكون من شعب وأرض ونظام حكم، أما الحكومة فهى أحد سلطات “النظام الحاكم” الثلاثة. ودمج الدولة في الحكومة أو فى أي شخص مهما علا منصبه غير جائز، فالحكومة هي سلطة أجيرة عند الشعب -لافوقه- وهى متغيرة، ولا تجب السلطات الأخرى، وعليها العمل لصالح الشعب.

ومن الممكن التساؤل هل يمكن أن يكون الرئيس الأمريكي “بايدن” محررا للشعوب من قبضة الحكام المستبدين في هذا القرن؛ الواحد والعشرين؛ كما كان ابراهام لينكولن (الرئيس الأمريكي رقم 16 فى القرن التاسع عشر فى الفترة من 1861 – 1865) محررا للعبيد من ساداتهم «المستوطنين البيض بأمريكا في ذلك الوقت، أم أنها طريقة للسيطرة الناعمة على الدول من خلال شعوبها -بديلا عن الحكام المستبدين- والشعوب أصحاب حق أصيل في الدول وحماة الأوطان ومصدر الاستقرار؟ ومعروف أن السياسة الأمريكية ثابتة، مصلحتها أولا ولو على حساب رقاب الشعوب الأخرى، ومايتغير هو وجوه الحكام، ولغة الخطاب لكن الهدف واحد، فهذا يحصل على مايريد بالعصا وذاك يحصل عليه بالجزرة.

لأول مرة يتغير خطاب الإدارة الأمريكية على يد بايدن واعدا بمناصرة الشعوب الفقيرة والمقهورة على حساب المستبدين. وينوى اصلاح ما أفسده ترامب -الرئيس السابق للولايات المتحدة- ومنها استئناف المساعدات للفلسطينيين، وإعادة البعثات الدبلوماسية، ووصفت إدارة بايدن عودة المساعدات للفلسطينيين بإنها ليس منة لكنه واجب يساعد على استقرار المنطقة، وهل هذه اللغة تعبير عن تغيير وتواضع واضح فى  اللهجة الأمريكية أقرب للغة المصالحة غير الممكنة. بحكم الانحياز الناعم لخطاب وتوجه سياسى جديد ينصف الناس ويحقق العدالة؟ وقد أولى اهتماما بقضية مقتل الصحفى السعودى عدنان خاشقجى المتهم فيها ولى العهد السعودي محمد بن سالمان.

حديث بايدن وإدارته عن إعادة صياغة العلاقات مع الدول التي عرفت بانتهاك حقوق الانسان. وإغلاق المجال العام، وعدم تخلى سلطاتها عن استبدادها، وعدم إتاحة هامش ديمقراطى يسمح بالتنفيس يطرح السؤال الصعب نفسه: ماموقف القوى الوطنية المنتهكة حقوقهم في أوطانهم من يد العون الأمريكية ومزايدة القتلة بالوطنية؟ هذا هو الاختيار المر في ظل عدم الثقة المتوارث عن الادارات الأمريكية السابقة. مصداقية إدارة بايدن مرهونة برفع الولايات المتحدة يدها ودعمها السياسى والعسكرى والاقتصادى عن النظم المستبدة، ومقاطعتهم اقتصاديا، ومنع التدخل في الشئون الداخلية للدول. إن فعل بايدن هذا يصبح نصير الشعوب للتحرر من حكامها المستبدين كما كان ابراهام لنكولن محرر العبيد السود بالولايات المتحدة.

يرى الاقتصادى الكبير د. رائد سلامة في طريقة اختيار بايدن لإدارته توجها جديدا وتغييرا للنظام العالمى لصالح العدالة الاجتماعية على حساب الرأسمالية المتطفلة. في عهد بايدن هل يكذب المثل العامى الشائع لدينا “المتغطى بأمريكا عريان”؟! وهل تصير الولايات المتحدة نصيرة للشعوب التي تُسحق كرامتها تحت الاحتلال الداخلى لا نصيرة للحكام المستبدين؟ كل هذه التساؤلات، ومازال الانحياز الأعمى لإسرائيل على حساب الفلسطينيين هو سيد الموقف لدى أي إدارة أمريكية سواء كانت سابقة أو آنية أو لاحقة!  هل تنجح أمريكا في إزالة طواغيت شيدتها؟

#المقاومةهىالحل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *