دراسة لـ”مسار” ترصد محاولات الحكومة للسيطرة على الفضاء الألكتروني والرقابة على الإنترنت: حجب.. تشريعات.. وأشياء أخرى (خط زمني)

مسار: الدراسة تركز على الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة المصرية للسيطرة على الإنترنت.. ومحاولات فرض الرقابة عليه

العديد من المواقع تعرضت لعملية الحجب.. من بينها موقع “درب” الصادر عن حزب التحالف: مصادرة حرية الصحافة لا تحمي الأوطان

كتب – أحمد سلامة

أصدر “مسار- مجتمع التقنية والقانون” دراسة تناولت التسلسل الزمني خلال السنوات العشر الأخيرة لتعامل الحكومات المصرية المتعاقبة مع الإنترنت وما وصفته بمحاولة فرض السيطرة عليه، راصدة التعديلات التشريعية التي أجريت من أجل تحقيق ذلك وحجب المواقع الإخبارية ومن بينها موقع “درب” الصادر عن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي.

وتحت عنوان “أحداث الرقابة على الإنترنت في مصر – خط زمني”، قالت مسار “يقدم هذا الخط الزمني عرضًا لأهم أحداث الرقابة على الإنترنت بداية من عام 2010 وحتى الآن، ويركز على الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة المصرية للسيطرة على الإنترنت أو منع مستخدميه من التواصل سويًا عن طريق محاولات حجب تطبيقات التراسل الفوري مثل سيجنال وواير، كما يستعرض أهم التطورات التشريعية المرتبطة بالإنترنت والقضايا التي نظرتها المحكمة الإدارية العليا مثل حجب يوتيوب وقضية قطع الاتصالات، بالإضافة إلى سرد أحداث الرقابة على الإنترنت التي تزامنت مع اندلاع مظاهرات بمصر مثل مظاهرات 20 سبتمبر 2019”.

وأضافت “منذ بداية العقد الثاني من الألفينات ومع تزايد أعداد مستخدمي الإنترنت في مصر وما ترتب عليه من توسع في نشر محتوى سياسي ومعارض للسلطات خصوصًا مع انتشار المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي، بدأت السلطات المصرية بتركيز الاهتمام والجهود نحو فرض رقابة على الإنترنت في محاولة للسيطرة على المحتوى المنشور على الفضاء الافتراضي. حيث بدأ عام 2011 بحجب موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتوتير عقب الدعوة للتظاهر في ميدان التحرير يوم 25 يناير 2011، ولم يكن حجب مواقع الوِب آنذاك ممارسة معتادة من السلطات، ولكن الحدث الأبرز ذاك العام كان قطع خدمات الإنترنت والاتصالات عن كافة أنحاء مصر في يوم 28 يناير. منذ ذلك الحين أولت الدولة اهتمامًا خاصًا بالإنترنت، فبدأت بحجب المواقع بشكل ممنهج ثم تبعت ذلك باستحداث قوانين لتقنين ممارسة الحجب مثل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقانون تنظيم الصحافة والإعلام”.

ورصدت مسار، سلسلة الحوادث التي توالت للحد من استخدام وسائل الاتصالات الحديثة والإنترنت، ففي عام 2010 أصدر المجلس القومي لتنظيم الاتصالات قرارًا في 13 مارس 2010 بمنع إجراء المكالمات باستخدام الإنترنت الخاص بالموبايل وكان الحجب موجها بالأساس إلى موقع سكايب، ثم في أعقاب الدعوة لتظاهرات 25 يناير تم حجب موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” وموقع مشاركة الفيديوهات “بامبوزر” بعد أن اعتمد عليهم العديد من المتظاهرين في نشر أخبار ومقاطع مصورة عن المظاهرات باستخدام الهشتاج الشهير #Jan25، كما تم حجب موقع “فيس بوك” في اليوم التالي للتظاهرات 26 يناير.

وفي 27 يناير 2011، قامت الحكومة المصرية بتعطيل خدمة الرسائل النصية القصيرة على الهواتف المحمولة SMS، حيث لم يتمكن أيٌّ من المستخدمين من إرسال أو استقبال أي رسائل نصية، واستمر تعطيل الخدمة في مصر حتى 5 فبراير 2011.

وتابعت مسار “مع تزايد أعداد المتظاهرين في أنحاء الجمهورية يوم 25 يناير 2011، دعت القوى السياسية إلى التظاهر يوم الجمعة الموافق 28 يناير، والمعروف باسم “جمعة الغضب“، وفي الساعات الأولى من جمعة الغضب أصدرت الحكومة المصرية أمرًا للشركات مقدمي خدمات الإنترنت بقطع خدمة الإنترنت عن جميع المستخدمين في مصر، حيث تم قطع الخدمة عن شبكات: “تي إي داتا، فودافون، لينك دي إس إل، واتصالات مصر” للإنترنت المنزلي والإنترنت الخاص بالموبايل، والشبكة الوحيدة التي كانت تعمل وقتها هي شبكة “نور” قبل أن تتعرض للقطع بدورها في يوم 31 يناير 2011. استمر قطع الإنترنت في مصر منذ 28 يناير وحتى 2 فبراير 2011، وهو ما تم بالتزامن مع قطع الإنترنت في مصر في 28 يناير 2011، تم أيضًا قطع جميع الاتصالات عن شركات المحمول الثلاث”.

ولفتت مسار إلى أن محكمة القضاء الإداري قضت في 28 مايو 2011، بتغريم كلٍّ من الرئيس الأسبق حسني مبارك، ورئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي 540 مليون جنيه مصري من أموالهم الشخصية كتعويض عن الأضرار التي خلَّفها قرارهم بقطع خدمات الإنترنت والاتصالات يوم 28 يناير 2011، غير أنه بعد سبع سنوات أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمًا نهائيًّا بإلغاء الحكم الصادر عن القضاء الإداري حيث اعتبرت المحكمة أن قرار قطع الاتصالات “جاء حفاظًا على الأمن القومي للبلاد ومنعًا لوقوع أي جرائم إرهابية تزامنًا مع أحداث التظاهر التي كانت تشهدها البلاد في ذلك الحين“.

وتستكمل الدراسة “في 15 أغسطس 2015 أصدر رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي القرار بقانون رقم 94 لسنة 2015 بإصدار قانون مكافحة الإرهاب. ويسمح القانون للنيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة في جريمة إرهابية أن تأذن بأمر مسبب لمدة لا تزيد على ثلاثين يومًا، بمراقبة وتسجيل المحادثات والرسائل التي ترد على وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة، وتسجيل وتصوير ما يجري في الأماكن الخاصة أو عبر شبكات الاتصال أو المعلومات أو المواقع الإلكترونية وما يدون فيها، وضبط المكاتبات والرسائل العادية أو الإلكترونية والمطبوعات والطرود والبرقيات بجميع أنواعها. كما يمكن للنيابة العامة أو سلطة التحقيق وقف أو حجب المواقع التي أنشئت بغرض بث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية أو التأثير على سير العدالة في شأن أية جريمة إرهابية”.

وأشارت الدراسة -في سياق التسلسل الزمني- إلى تعرَّض الموقع الصحفي “العربي الجديد” للحجب في مصر في 30 ديسمبر 2015، وتزامن حجب الموقع في مصر مع حجبه في كلٍّ من السعودية والإمارات، بينما تعرض الموقع الصحفي المستقل “مدى مصر” للحجب في مصر في 24 مايو 2017، مع بداية استخدام السلطات المصرية لممارسة حجب المواقع.

وأردفت مسار “في محاولة لمنع المستخدمين من الوصول إلى المواقع المحجوبة، قامت السلطات المصرية بحجب عدد ضخم من المواقع التي تقدم خدمات تخطي الحجب، حيث تعرض ما يقرب من 250 موقعًا من مواقع الـVPN والبروكسي للحجب في يوم 30 أغسطس 2017، بينما إجمالي عدد المواقع التي تعرضت للحجب حتى هذا التاريخ كان قد ارتفع إلى 398 موقعًا بحسب رصد “مسار“. وعلى مدار السنين الماضية استمرت السلطات في حجب المواقع التي تقدم خدمة تخطي الحجب حتى وصل عدد مواقع الـVPN والبروكسي المحجوبة في مصر إلى 349 موقعًا حتى وقت نشر التقرير”.

وحول استكمال التعديلات التشريعية، تضيف مسار “صادَّق الرئيس السيسي على قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في 18 أغسطس 2018، وهو القانون المعروف إعلاميًّا بقانون مكافحة الجريمة الإلكترونية. يعطي القانون لجهات التحقيق سلطة حجب المواقع “متى قامت أدلة على قيام موقع يبث داخل الدولة أو خارجها، بوضع أي عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أية مواد دعائية، أو ما في حكمها مما يعد جريمة من الجرائم المنصوص عليها بالقانون، وتشكل تهديدًا للأمن القومي أو تعرِّض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر“. كما يلزم القانون مقدمي الخدمة “بحفظ وتخزين سجل النظام المعلوماتي أو أي وسيلة لتقنية المعلومات لمدة 180 يومًا متصلة“، ومن البيانات الواجب حفظها: “البيانات التى تمكِّن من التعرف على مستخدم الخدمة، البيانات المتعلقة بمحتوى ومضمون النظام المعلوماتي، والبيانات المتعلقة بحركة الاتصال“. وفي 27 أغسطس 2020، أصدر رئيس مجلس الوزارة اللائحة التنفيذية للقانون”.

وأردفت “بعد أيام من التصديق على قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي في 1 سبتمبر 2018 على قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. أعطى القانون سلطة حجب المواقع الصحفية للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في حالة عدم الحصول على ترخيص سارٍ من المجلس، كما يمكن للأعلى للإعلام، بموجب القانون، حجب أي موقع إلكتروني شخصي، أو مدونة إلكترونية شخصية، أو حساب إلكتروني شخصي يبلغ عدد متابعيه خمسة آلاف متابع أو أكثر إذا “نشر أو بث أخبارًا كاذبة، أو ما يدعو أو يحرِّض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوي على تمييز بين المواطنين أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب أو يتضمن طعنًا في أعراض الأفراد أو سبًّا أو قذفًا لهم أو امتهانًا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية“. وفي 16 فبراير 2020، أصدر رئيس مجلس الوزارة اللائحة التنفيذية للقانون”.

وأشارت الدراسة إلى أنه “في بداية إبريل 2019 وبالتزامن مع فترة دعوة المصريين للاستفتاء على التعديلات الدستورية، بدأت حملة “باطل” في مصر، وهي حملة استهدفت جمع توقيعات من مواطنين ضد التعديلات الدستورية، بعد يوم واحد فقط من إطلاق الحملة، تعرض موقع “باطل” للحجب في مصر، أطلقت الحملة رابطًا جديدًا لجمع التوقيعات لكنه تعرض بدوره للحجب هو وكل رابط جديد، ففي خلال 12 يومًا تعرضت 9 روابط لحملة باطل للحجب في مصر. أثناء محاولة الحكومة حجب روابط حملة باطل، تعرض ما يزيد على 26 ألف موقع في مصر للحجب فقط لاشتراكهم مع موقع باطل في عنوان الآي بي”.

وذكّرت الدراسة بأنه “في 20 سبتمبر 2019 انطلقت في مصر عدد من المظاهرات المتفرقة، وقبل ساعات من انطلاق المظاهرات نشر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام موضوعًا بعنوان: “الحجب والغرامة عقوبة نشر الشائعات على وسائل الإعلام“، ولم يكن الموضوع سوى تذكير بلائحة الجزاءات الخاصة بالمجلس، حيث قالت المادة 17 من اللائحة إن للمجلس الحق في مجازاة أي صحيفة أو وسيلة إعلامية أو موقع إلكتروني يقوم بنشر أو بث أخبار كاذبة أو شائعات أو نقل معلومات من مواقع التواصل الاجتماعي دون التحقق من صحتها”.

وأشارت الدراسة إلى أن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أطلق موقع “درب” برئاسة تحرير الصحفي خالد البلشي في 8 مارس 2020، وبعد شهر من إطلاقه تعرض الموقع للحجب في مصر في 9 إبريل 2020. لافتة إلى أن موقع “درب” هو الموقع الثالث الذي يُحجب للصحفي خالد البلشي، حيث حجبت السلطات سابقًا موقعين برئاسة تحريره: موقع “البداية” في يونيو 2017، وموقع “كاتب” الذي حُجب بعد تسع ساعات فقط من إطلاقه في يونيو 2018.

ونوهت بأن حزب التحالف الشعبي وفريق درب بيانًا أصدرا بيانًا حول حجب الموقع في 11 إبريل 2020 بعنوان: “مستمرون في العمل وسنتخذ الإجراءات القانونية“، وأكد البيان أنه “رغم الحجب غير المعلن ومجهول المصدر، فإن الموقع سوف يستمر، بنفس سياسته التحريرية، كمنصة لتداول المعلومات، ونشر الآراء، ومعبرًا عن القوى الديمقراطية بكل تنوعاتها” كما أعلن أنه سيتم اتخاذ كافة الإجراءات النقابية والقانونية في مواجهة هذا القرار، واختتم البيان بـ“حجب الآراء وقمعها ومصادرة حرية الصحافة لا يحمي الأوطان“.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *