خطاب مفتوح من الكاتبة أهداف سويف لوزيري العدل والري بشأن عوامات النيل: هذه 4 اقتراحات للحل يارب واحد منهم يحوز رضاكم

استطعنا بمجهودنا وأموالنا أن نوفر للأسرة والأصدقاء مكانا حميما يسع أفراحنا كل هذا يختفي وكأن كارثة طبيعية ابتلعته  

نطالب بتعويضات مالية عن ممتلكاتنا اللي أبعدنا عنها وأسلوب حياتنا وعن الحزن والقلق الذي يسببه هذا لنا ولعائلاتنا 

مطلوب منا أن نلملم حياتنا وحياة الأبناء والأحفاد نفك المطابخ والمكتبات نلم الستاير الملايات والمفارش والملابس والأدوية في أسبوعين 

وجهت الكاتبة أهداف سويف، خطابًا مفتوحًا إلى وزير الرى والعدل بشأن إزالة عوامات النيل، وقدمت الكاتبة 4 اقتراحات لحل أزمة العوامات التي صدرت لها قرارات إزالة. 

وأضافت: الخطاب الرسمي يصور الأمر على أننا ناس مابندفعش اللي علينا، بنلوث النيل، مراكبنا متهالكة ولا يمكن تترخص، بنسئ لوجه العاصمة الحضاري، وبنستعمل بيوتنا في أغراض غير شريفة – الحقيقة ده تصوير احنا مش هنقدر نسكت عليه. فإحنا هنقاومه في الإعلام في كل مكان، وهنقاومه في كل ساحات القضاء المتاحة لنا. 

وتابعت: نطالب بتعويضات مالية عن ممتلكاتنا اللي أبعدنا عنها، وتعويض عن تدمير أسلوب حياتنا، وعن الحزن والقلق الذي يسببه هذا لنا ولعائلاتنا، وعن الضرر الأدبي الذي لحق بنا جراء الخطاب الرسمي لمسؤولي الوزارات المعنية في هذه الأيام.  

وإلى نص خطاب أهداف سويف المفتوح:  

أنا، أهداف سويف، واحدة من مجموعة مواطنين، نمتلك ونسكن عوامات في النيل، حاولنا التواصل مع سيادتكم مرات عديدة بأشكال مختلفة عبر السنوات من ٢٠١٦ إلى اليوم. وبما أننا لم ننجح في هذا، وبما أن خطاب مؤسساتكم – الخطاب الذي يضيف الإهانة الشخصية إلى الظلم الواقع علينا – صار يملأ قنوات التواصل الرسمية، فلا أجد أمامي إلا أن أخاطبكم هنا، في الفضاء المشاع.  

يا معالي الوزراء،  

سيادتكم أخذتوا قرار، سنة ٢٠٢٠، بإنكم مش عايزين عائمات سكنية على النيل. وضروري كان واضح لكم تماما إن القرار ده سيكون له أكبر الأثر على مالكي وساكني العائمات. وضروري كمان كنتوا عارفين إن الموضوع يخص ٣١ عائمة هي ما تبقى من تراث العائمات، وكلها موجودة في مكان واحد، تشغل خمسمائة متر على شاطئ امبابة. يعني حضراتكم عارفين إن قراركم هيكون له أثر مدمر على حياتنا، وإننا عددنا محدود، ومكاننا معروف. ومع ذلك رأيتم ان الصح إنكم لا تعلنونا بالقرار، ولا تعلنوه حتى بالشكل الرسمي المعتاد للدولة فيتسنى لنا الاطلاع عليه والاستجابة له.  

أحنا دلوقتي شايفين إن اتخاذ القرار ده، والتعامل معه بهذه الطريقة هو في الحقيقة استمرار وتطوير لعملية ”تطفيش“ بدأت في ١٦ نوفمبر ٢٠١٦ حين أصدر معالي وزير الرى قراراً مفاجئاً بتغيير أساس المحاسبة على المرسى – القرار الذي كان معناه – في حالتي، زيادة المطلوب مني لـ“رَكن“ العائمة في موقعها – زيادته من ثلاثة آلاف إلى ٤٥ ألف جنيه في السنة، زادت، مرة أخرى، في ٢٠١٨، إلى ٧٢ ألف جنيه في السنة. وبالمثل بالطبع لجيراني، كل بحسب مساحة عائمته.  

دلوقتي فهمنا كمان ليه قوبلت كل تظلماتنا، ومذكراتنا القانونية، والتماساتنا – كل محاولاتنا للتواصل مع إداراتكم منذ قرار ٢٠١٦ – قوبلت بالتجاهل والجمود، بحيث اضطررنا إلى معاناة وتكلفة أن نلجأ للقضاء. ربما إذاً لم تكن لدى معاليكم أبداً نية التوصل إلى حل يمكننا من تحقيق شئٍ مما تطلبه السياسات الجديدة للدولة – مع الاستمرار في حياتنا.  

اتخذتم القرار في ٢٠٢٠ ولم تخطرونا. وفي ٢١ يونيو ٢٠٢٢ أرسلتم لنا المطالبات المالية واخطارات الإزالة (ودفع المطالبة لا يلغي الإزالة)، على أن تتم الإزالة بعد أسبوعين.  بعد أسبوعين.  

يعني مطلوب مننا أن نلملم حياتنا، وحياة الأبناء والأحفاد، نفك المطابخ والمكتبات، نلم الستاير الملايات والمفارش والملابس والأدوية واللعب والأجهزة والكنب والكراسي والترابيزات والسراير والكتب والأوراق – نلم حياتنا، ونوجد لنفسنا بديل ننتقل إليه، وننظم عملية الانتقال في أسبوعين. 

أما العوامة نفسها وما سيحدث لها فقلبي لا يسمح في اللحظة الراهنة أن أتعامل معه.  

وأما أسلوب الحياة، وأننا استطعنا، بمجهودنا وأموالنا، أن نوفر للأسرة والأصدقاء مكانا حميماً، يسع أفراحنا، ويربت على قلوبنا في أوقات الحزن – فكل هذا، من ذكريات ومن خطط مستقبلية، كل هذا يختفي وكأن كارثة طبيعية ابتلعته.  

أكيد معاليكم عارفين ان فيه حلول تانية ممكنة. معاليكم بتديروا وزارات ودول، والحلول لا تخفى عليكم. وعلى قد مجهوداتي المتواضعة، دي بعضها:  

الحل الأول: سيبوا الناس قاعدة مكانها. احنا قليلين، ومعظمنا كبار في السن. اتناقشوا معانا وخدوا من كل حد مدفوعات مرسَى بأقصى ما يطيق. المرسَى بتاعي ارتفع المطلوب فيه من ١٦٠ جنيه سنويا في ٢٠١٣ إلى ثلاثة آلاف جنيه في ٢٠١٥، وجيراني كلهم نفس الوضع، ودفعنا وما قلناش حاجة. وفي الإطار ده نراجع مع بعض المطالبات الجزافية التعجيزية اللي مليانة غلط في الحساب اللي بنلاقيها مزوقة على أبوابنا.  

عايز تخللي النيل كله تجاري، دي سياسة دولة؟ نفذها على ١٠ سنين، على ٥ سنين. قول لنا اللي عُمره عدّى ٧٥ سنة هنسيبه يموت في بيته، وهندي الورثة سنة يظبطوا أمورهم وبعد كده خلاص. وكل الباقيين قدامهم  عدد من السنين يكيفوا حياتهم، يبيعوا، يتصرفوا.  

حل تاني:  سيبوا الناس قاعدة مكانها، واعتبروا النص كيلو من النيل ده أثر. اتفقوا معانا إننا نفتح الجناين والتيراسات يومين في السنة ”يوم مفتوح“، الناس تدخل وتتفرج وتشرب عصير وتعيش خبرة العوامات ونعمل لها فعاليات. دي لما تتعرف تنشَّط حتى السياحة.  معاليكم، الحاجة اللي بتتميز بيها القاهرة عن عواصم أخرى في المنطقة هي العمق التاريخي، وهي وجود أجزاء منها كأيقونات في المخيلة الجمعية للعرب وللعالم. دي ميزة مش موجودة عند حد تاني. بلاش نهدرها. خلينا نستغلها.  

حل تالت: أوجدوا لنا مكان لطيف في نيل القاهرة، مش ملوث، وعلى بعد أقصاه عشرة كيلومتر من المتحف المصري (الأصلي)، وانقلونا فيه بمعرفتكم، وثبتوا لنا إيجار وحق انتفاع المرسي تثبيت معقول لمدة خمس سنين.  

 حل رابع: لو معاليكم مصرين على تحويل كامل النيل إلى تجاري بدون انتظار طويل، أجلوا الإزالات ٣ شهور، وفوضوا لجنة تقعد مع كل واحد، تشوف حالته، تشوف لو يحب ويقدر إنه يتحول تجاري تسهل له أموره، تشرح له بشفافية تكلفة الرخصة التجاري وإجراءاتها. العوامة تفضل في مكانها علشان التكلفة والبهدلة، وساعدوه على إنه يحول تجاري ويجيب فلوس.  

واللي مايقدرش أو مايحبش يتحول تجاري، شوفوا تمن عوامته في موقعها إيه في السوق واشتروها منه، وعوضوه، وسيبوه ٦ شهور يلاقي لنفسه مأوى تاني.  

وفيه حلول تانية. الحلول موجودة، ومتنوعة. بس السمة العامة فيها هى فكرة إن الدولة تدار لمصلحة مواطنيها، وإن مواطنيها دول راشدين لهم رأى، وإن حتى لو الحكومة أخدت قرار هيسبب محنة لأصحاب الشأن الأساسيين بدون التشاور معهم فهى بتتشارك معهم برضه في إيجاد حل لمحنتهم.   

يا رب حل من دول يحوز على رضاكم.  

التوجه الحالي إن الخطاب الرسمي يصور الأمر على اننا ناس مابندفعش اللي علينا، بنلوث النيل، مراكبنا متهالكة ولا يمكن تترخص، بنسئ لوجه العاصمة الحضاري، وبنستعمل بيوتنا في أغراض غير شريفة – الحقيقة ده تصوير احنا مش هنقدر نسكت عليه. فإحنا هنقاومه في الإعلام في كل مكان، وهنقاومه في كل ساحات القضاء المتاحة لنا، ونطالب بتعويضات مالية عن ممتلكاتنا اللي أبعدنا عنها بعملية تهجير قسري، وتعويض عن تدمير أسلوب حياتنا، وعن الحزن والقلق الذي يسببه هذا لنا ولعائلاتنا، وعن الضرر الأدبي الذي لحق بنا جراء الخطاب الرسمي لمسؤولي الوزارات المعنية في هذه الأيام.  

نأمل أن تصلكم هذه الكلمات، وأن تلتقوها برحابة صدر من ناس بيدافعوا عن مأواهم وكيانهم. 

يذكر أنه أعلن نشطاء ومعماريون خلال الأيام الماضية رفضهم لإزالة العوامات بالنيل، ودشنوا عدة هاشتاجات على مواقع التواصل الاجتماعي، لرفض قرار الحكومة المصرية المتعلق بإزالة العوامات السكنية الراسية على ضفاف النيل، وهو القرار الذي أثار غضب سكانها الذين أكدوا أنها جزء من تاريخ النهر.   

الجدل بشأن العوامات بدأ عقب إرسال إنذارات إلى سكان العوامات تفيد بإزالتها على مرحلتين، ليتم إخلاء النهر في الرابع من يوليو المقبل، بدعوى «مخالفة هذه العوامات شروط الترخيص»؛ وهو الأمر الذي نفاه سكانها، مؤكدين أن «الحكومة هي من رفضت منحهم الترخيص على مدار السنتين الماضيتين».   

الدكتورة نعمة محسن، واحدة من سكان العوامات، قالت في تصريحات تلفزيونية، إنهم «كانوا يحصلون على تراخيص سنوياً، حتى توقفت الدولة عن منحهم الترخيص بدعوى دراسة تقنين أوضاعهم»، مضيفة: «الحكومة هي من رفضت منحنا الترخيص رغم محاولاتنا على مدار العامين الماضيين، واليوم تفرض علينا غرامات لتأخرنا في إصدار الترخيص، وتصدر قرارات إزالة بحقنا». 

وفي وقت سابق أعلنت أميرة صابر، عضوة مجلس النواب، تقدمها ببيان عاجل، بشأن إزالة عوامات النيل التاريخية للمستشار حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، موجه إلى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء ووزير الموارد المائية ووزيرة البيئة.  

وقالت النائبة في الطلب: قامت الجهات المعنية عن طريق وزارة الموارد المائية والري بإصدار قرار بإزالة عدد من العوامات التاريخية المطلة على نهر النيل الممتدة من الزمالك إلى إمبابة، وتمكن قطاع حماية النيل التابع للوزارة من إزالة ثلاثة عوامات يوم 17 يونيو الماضي والتي جرى عليها نزاعات قضائية، وجار إزالة 15 عوامة أخرى خلال أيام قليلة.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *