بعد موجة التصفية والاستحواذات.. مدبولي يعقد اجتماعًا لإعداد “استراتيجية واضحة للنهوض بالصناعة” وإطلاقها خلال المؤتمر الاقتصادي

كتب – أحمد سلامة
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعا بشأن إعداد استراتيجية واضحة للنهوض بالصناعة المصرية، وإطلاقها خلال انعقاد المؤتمر الاقتصادي.. وهو الاجتماع الذي يأتي بعد تصفية شركتي “الحديد والصلب” و“الكوك” إضافة إلى القومية للأسمنت والملاحة البحرية، كذلك الاستحواذ المستمر من قِبل صناديق الاستثمار السعودي على الشركات العاملة في قطاعات الأسمدة والحاويات والتكنولوجيا المالية، وهي كلها من دعائم الصناعة المصرية.

وأشار رئيس الوزراء إلى أنه تم الإعلان عن موعد عقد المؤتمر الاقتصادي، الذي كلّف به عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، خلال الفترة من 23-25 أكتوبر الجاري، قائلا: أحد أهم مخرجات المؤتمر التي نعمل عليها هو أن يكون لدينا استراتيجية واضحة للصناعة المصرية، ونحرص على أن يتم صياغتها من خلال التوافق مع جميع رجال الصناعة.

وأضاف مدبولي أنه يرحب بجميع الآراء التي يمكن أن يُدلي بها الخبراء في مجال الصناعة، وأنه حريص على أن يخرج المؤتمر بتوافق على أرضية واضحة من أجل مصلحة الصناعة المصرية.من جانبه، قال المهندس أحمد سمير، وزير التجارة والصناعة إن هناك اهتماما كبير من القيادة السياسية بملف الصناعة، وتقديم جميع أشكال الدعم والمساندة للنهوض بها في ظل القدرات الصناعية الهائلة التي تتمتع بها مصر، والتي تؤهلها لتكون مركزًا للتصنيع في المنطقة، مشيرًا إلى أنه من أجل ذلك يتابع بشكل دوري مع اتحاد الصناعات والغرف القطاعية التابعة له أبرز التحديات التي تواجهها ويستمع إلى مقترحاتهم للنهوض بالقطاع.

وفي مطلع سبتمبر الماضي، قررت الجمعية العامة غير العادية، لشركة النصر لصناعة الكوك، تصفية أعمال الشركة، بعد نحو 62 عامًا من تأسيسها، لتلحق النصر للكوك، بشركة الحديد والصلب المصرية التي تم تصفيتها عام 2021 إضافة إلى شركتي القومية للأسمنت والملاحة البحرية.وتزامنًا مع ذلك، بيعت أسهم الشركة في شركة حلوان للأسمدة، والبالغة نحو 10% إلى مستثمر إماراتي بـ”الأمر المباشر”.

وكان القيادي العمالي، كمال عباس، قد قال في تصريحات لـ”درب”، إن “الأسهم التي بيعت للمستثمر الإماراتي بالأمر المباشر بلغت 10%، وحصل ذات المستثمر الإماراتي على 10% من أسهم حلوان للأسمدة من الشركة القابضة بالأمر المباشر أيضًا، وهيئة التأمينات الاجتماعية كانت تمتلك 5% من الأسهم بيعت كذلك لنفس المستثمر بالأمر المباشر، إذن استحوذ المستثمر على 25% من شركة حلوان للأسمدة”.وأضاف “بالشكل دا إحنا مش في دولة، الدولة تقوم على زيادة المنتجات، وتوفير فرص العمل، لكن إحنا دلوقتي تحت ضغط الديون الشديدة التي اقترضتها الحكومة مضطرة للبيع”.. مشيرًا إلى أن سبب الأزمة هي سلسلة القروض التي بدأت منذ سنوات وليس “حُجة الأزمة العالمية”.

وأوضح عباس “الأزمة العالمية تجتاح العالم كله، لكننا لم نر أي دولة تقبل على عمليات البيع بهذا الشكل وهذا القدر، البيع في مصر يتم بهرولة وبأبخس الأثمان، وباقي الشركات تقوم الحكومة بتصفيتها.. سياسة الدولة في التعامل مع ملف التنمية أصبحت إما البيع أو التصفية”.واسترسل القيادي العمالي “الديون الحالية أكبر من فكرة السداد عن طريق بيع المصانع والشركات، إضافة إلى أن البيع يتم في وقت (احتياج شديد) لذلك يتم البيع بأسعار غير الحقيقية”.

وأردف “الأساس الآن هو تصفية شركة الكوك، لأن نحو 1800 عامل الآن مصيرهم مهدد، والعمال في حالة صدمة من القرار، خاصة وأن الشركة كانت ناجحة، وبعض الأصوات التي تقول إن الشركة ليست ناجحة هي أصوات تنافي الحقيقة، لأن شركة الكوك وبعد تصفية شركة الحديد والصلب منذ نحو عام ونصف العام حققت أرباح بلغت تقريبا 200 مليون جنيه.. فإذا كانت الشركة تحقق مكاسب ولها احتياج في السوق فما مبررات بيعها؟”.

ولفت عباس إلى نقطة هامة حين قال إن “شركة الكوك كانت تُغذي جميع شركات السكر بفروعها المختلفة لكن هذا لن يحدث بعد قرار التصفية”.وعن توجه الحكومة إلى التخلي عن الصناعات الاستراتيجية، قال عباس “في الستينات كنا نقول إننا نحتاج إلى جانب الزراعة أن نُدشن عملية تصنيع واسعة، وكانت الفكرة أن نتحول إلى ثورة صناعية لأن ذلك يضمن إنتاج منتجات محلية وتحقيق ريادة اقتصادية في المنطقة، وتوفير فرص عمل كافية للقضاء على البطالة، لكن مع التوجه الجاري الآن يجعلنا نتحول إلى دولة خدمات، كل الخريجين من الشباب الآن (هيشتغلوا بياعين أو سواقين توكتوك) وهي كلها أمور هامشية ولا تحقق طفرة في صلب الاقتصاد”.

وقال عباس “القطاع الخاص بكل الفرص التي حصل عليها منذ عام 1974 وحتى الآن لم يتطرق إلى الصناعات الاستراتيجية، بل بالعكس هو طوال الوقت يعتمد على الدولة في الفرص التي تقوم بتوفيرها له، الرهان على القطاع الخاص غير مُجدي، القطاع الخاص حاليًا عاجز، ولا يقارن بالقطاع الخاص قبل عام 1952 الذي كان يعمل على تدشين صناعات كبرى مثل شركات السكر والأسمنت والغزل والنسيج.. الحقيقة أن القطاع الخاص حاليًا يقوم على دعم الدولة ومساندتها ولا يقدم سوى المنتجات التافهة.. إحنا رايحين لكارثة”.

وحول استقالية القرار المصري في ظل غياب الهيمنة الاقتصادية قال عباس “النهاردة لما يبقى اللي بيستولي على كل الصناعات الإمارات والسعودية وقطر، البيع الذي يتم للخليج يدفعنا للتساؤل حول (من الذي سيتحكم في اقتصاديات البلد؟).. الأمر الآخر يتعلق بحقوق العمال الضائعة، فلا القطاع الخاص المصري ولا المستثمر الخليجي لديهم أي مراعاة لحقوق العمال.. وبينما نحن نتحدث يستمر عمال شركة بيشاي لصلب في إضرابهم بسبب عدم حصولهم على حقوقهم المادية والمعنوية رغم تحقيقهم لأرباح بالملايين سنويًا”.

وتتسابق السعودية والإمارات في الاستحواذ على الشركات العاملة في قطاعات الأسمدة والحاويات والتكنولوجيا المالية، إذ حصل البلدان الخليجيان على على 45% من “موبكو” و41% من أبو قير للأسمدة و52% من الأسكندرية للحاويات و37.6% من شركة “إي فاينانس”..

وبينما يحتدم السباق بينهما تدخل قطر على الخط إذ يعتزم الشيخ تميم بن حمد أمير قطر زيارة مصر خلال الأسابيع المقبلة للاستحواذ على حصص في”الإسكندرية للحاويات” إضافة إلى شركات أخرى بقطاعي التكنولوجيا المالية والأغذية باستثمارات قطرية تصل لـ 20 مليار دولار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *