بالصور والدقائق وقائع الحشد قبل ترشح السيسي في المعادي (تقرير مصور)

بقلم/ كارم يحيى

قبل ساعات معدودة من إعلان الرئيس “عبد الفتاح السيسي” مساء الأحد (2 أكتوبر 2023) ترشحه للمرة الثالثة لرئاسة الدولة، شهد ميدان الحرية بالمعادي وقائع عملية الحشد والنقل الجماعي بالحي لتحرير توكيلات هذا الترشيح. وفي هذا التقرير وفق مسلسل من الصور الفوتوغرافية، رصد لتطوارات هذا الحشد، وجانب من الحوارات مع عدد من المشاركين وشهود العيان بين الساعتين الرابعة والخامسة عصرا وقبل غروب شمس اليوم. وعلما بأننا حرصنا على عدم التصريح بالاسماء، و على إخفاء وجوه فاعلة في هذا الحشد ومنظمة له.

⦁استعدادات في رعاية الشرطة

حتى الساعة الرابعة و10 دقائق ظل توافد المشاركين في هذا التجمع/ الحشد. تبدو الأغلبية من النساء فوق الأربعين من المناطق الشعبية على مقربة من الميدان. أعداد مجمل الحشد لم تتجاوز أبدا العشرات، وعلى الأرجح لم يصلوا إلى المائة. الوجوه غريبة عن هذه المنطقة في حي المعادي تحديدا، والعديد افترشوا في وضع الانتظار الأرصفة المحيطة بالدائرة التي تشكل قلب الميدان (الصينية). ويعد الأهم والأقدم في حي المعادي بأسره.

عربتا شرطة ( بوكس) باللون الأسود والأبيض، ترابطان مع الحشد. وفي العادة فإن الميدان لاتتواجد به إلا سيارة شرطة واحدة.

ويتوافد بهمة ونشاط عدد من عناصر الأمن، وبعضهم في ملابس مدنية، وإن تظهر مسدسات متدلية من خواصرهم.

تخبرني سيدة من الجالسات إلى الرصيف، بعد قدر من التحفظ، “بأنهم استدعوها علشان الريس”. وعندما سألتها :”من استدعاها ؟”. تلفتت حولها وصمتت. وسألتها :”طيب وبعدين،هتعملوا إيه؟”، أجابت بصوت خفيض:” أهم واخدين البطاقات علشان نعمل لل… توكيلات”، واستخدمت كلمة بذيئة لايمكن نشرها. وسألتها :”طيب وليه.. وطالما شايفاه كده، ليه جيتي؟”، فنظرت لي باستغراب مشيرة إلى أن الكل عارف “الناس بتروح ليه؟.

فيما بعد أبلغتني سيدة أخرى بين الحشد في الانتظار بأن المبلغ الموعود هو 200 جنيها، لكنها أشارت إلى صعوبة أن يرفض أحد بين المستدعين طلب الاستدعاء. وقالت :” كل واحد الحكومة شايفاه مخالف، وماسكة عليه ذلة ولاويه دراعه. الكل متعلق من عرقوبة، و علشان يعيش لازم يجاريهم، وممكن يعكننواعلى اللي يرفض عيشته في أي حاجة، حتى لو بيشحت على الرصيف، أو يستقصدوه في فاتورة كهرباء أو مايه”.

سألت أكثر من سيدة عمن جرى الاتصال بهن كي يأتين في الموعد والمكان، فرفضن جميعا تقديم إجابة واضحة عن السؤال:”من هو الذي استدعاهن؟”. الأغلبية لاذت بالصمت. وفي أفضل الأحوال قلن:”الحكومة”. ولما تفاعلت مع هذه الإجابة، واستوضحت :”رجال حزب مستقبل وطن أم الأمن؟”،قالت إحداهن:” كله حكومة سواء رجالة الحزب الوطني أو المخبرين”.

⦁الساعة 4,20 س/د: مفاتيح الحشد تظهر

أصبح بالإمكان تمييز عدد من مفاتيح الإشراف على الحشد ( المنظمون الميدانيون)، وقد ظهروا يتحركون بين الحشد وجنبات الميدان، وهم يتحدثون في هواتفهم المحمولة، وكأنهم يترقبون شيئا ما سيأتى من الشوارع الواصلة إليه.

مفاتيح الإشراف هذه من شباب يرتدون ملابس عادية، “لا يونيفورم” ولا إشارات على الملابس أو الرؤوس تميزهم.

⦁4,24 س/د: توافد الميكروباصات


تتوافد على الميدان وتحديدا القطاع الذي يتركز به الحشد عدد من “الميكروباصات” الخالية، وتصطف بلا نظام لتغلق جانبا منه، و في وجود رجال شرطة المرور الذين لم يكن يسمحوا بوقوف سيارة للحظة بالميدان، وإلا حرروا لها في التو محضر تعطيل للحركة والوقوف في الممنوع.

سألت لاحقا عن مصدر هذه “الميكروباصات”، فقال غير مصدر من المقيمين في الميدان بأن أصحابها وسائقيها “غلابة” طالما استخدموهم وسياراتهم بلامقابل في حملات أمنية للقبض على مطلوبين. وقالوا ما يفيد اعتقادهم بأن جهاز أمن الدولة ( الوطني) أصبح لديه شبكة علاقات واستدعاءات من عشرات سيارات “الميكروباصات” بالحي بسائقيها لتوظيفيهم في مهام، وأنها ليست المرة الأولى التي يجرى استخدامهم لأغراض “سياسية”. وتذكروا في حواراتنا أن الأمر نفسه جرى من قبل خلال استفتاء تعديل الدستور 2018، حيث كان يجرى اعتراض الشباب من الشوارع وحشرهم في هذه “الميكروباصات” مع احتجاز بطاقات الرقم القومي، وذلك لاجبارهم على الذهاب عنوة للجان الخاوية و اخذ صور لهم والتصويت.
وثمة هنا بين المقيمين في ميدان الحرية ممن تحدثنا معهم تعاطف مع أصحاب وسائقي “الميكروباصات”، وباعتقاد أن الحكومة تعطلهم عن أرزاقهم وتجبرهم على استهلاك سياراتهم ووقودها في هذه المهام الإجبارية.

⦁ رجل المرور لا يرى لا يسمع لا يتكلم


يقف رجل المرور في الميدان حاملا “اللاسلكي” ودفتر المخالفات، وقد اضطربت حركة السيارات أمامه في الميدان، من جراء وقوف وزحام “الميكروباصات” المستجلبة لنقل الحشد الانتخابي. هو على بعد أمتار، لا يشارك، لكنه لا يفعل أي شئ من مهامه، فيما تجرى أمامه مخالفات بالجملة. ويتطور الموقف حين يتولى منظمو الحشد تنظيم الحركة في الميدان، وكأنهم اخذوا مهام شرطة المرور.

⦁4,27 س/د: حافلتان تنضمان للمشهد بصور كبيرة للسيسي

تصل حافلتان متوسطتا الحجم، تظهر على جانبيهما صور “السيسي” وعبارة ” حزب مستقبل وطن: أمانة المعادي وطرة”. وبالأصل يتضح أنهما تابعتان لشركة ” كايرو سكاي” لخدمات النقل والسياحة والمملوكة. وتنضم الحافلتان إلى موقع تجمع “الميكروباصات” والحشد. وتتحرك إحدى عربتي الشرطة من مستقرها لتواكب وصول الحافلتين.

⦁4,44 س/د: السير عكس الاتجاه

يتحرك “ميكروباص” من السيارات المخصصة لهذا النقل الجماعي من أمام الحشد عكس الاتجاه حول دائرة (صينية) الميدان. وكي يتمكن عدد من حضور الحشد من الركوب.

⦁ 4,45 س/د: إغلاق الميدان تماما


يكتمل حضور سيارات الحشد وتغلق ميدان الحرية بالمعادي تماما، باستثناء المسار/ الحارة الفرعي للقادم بعد نزول الكوبري العابر لخط المترو في طريق العودة إلى محطة المتروبشارع 7. وتتعالى أصوات “كلاكسات” السيارات غير المشاركة في الحشد الانتخابي طلبا لمخرج.

⦁ 4,55 س/د مغادرة جماعية:
تغادر “الميكروباصات” ومعها الحافلتان الميدان بركابها
في اتجاه الشهر العقاري بمنطقة معادي العرب، وكما قالت مصادر في الميدان. وعلى الفور تغادر سيارة الشرطة الإضافية.

⦁5 س/د: الميدان يخلو من الفوضى

يعود الميدان خاليا من الفوضى والزحام الاستثنائي، ولكن يبدو وكأنه يتعافى بمزيد من الهدوء و ضعف الحركة من آثار ماكان. أتحدث إلى مجموعة من الشباب العاملين بالمتاجر، فيعبرون عن غضبهم لما وصلت إليه أحوالهم والبلد الاقتصادية، ويقولون انهم يشعرون بالاستفزاز مما جرى أمامهم هنا قبل دقائق. ويشير أحدهم إلى اعتقاده بأنهم لو تركوا الانتخابات حرة “لهزمه طنطاوي شر هزيمة”.

⦁كلمات عامل نظافة

يجلس عامل نظافة إلى رصيف بالميدان ليتسول. وعندما اقتربت منه وتحدثنا، شكا من ضيق الحال والرزق، ومن جوع البنات والأبناء وعدم القدرة على مواصلة تعليمهم، ودعا على “الظالم المفترى”. سألته لماذا لم يذهب معهم؟، فقال :” الشحاتة أكرم”. وأبلغني بأن زملائه في شارع 9 جمعوا منهم بطاقاتهم منذ أسبوع، واحتجزتها الحكومة، ولم تعدها لهم إلا أمس فقط (يوم السبت 1 أكتوبر 2023).وتساءل :ماذا يفعلون بالبطاقات؟!. ثم أضاف :” حتى لم يعطوهم الميتين جنيه”.وقال أيضا:” كل هذه الفلوس نحن الذين سنتحملها في النهاية من قوتنا، وأحنا أصلا مكويين بالغلا.. واستنى كده بعد الانتخابات الغلا هيموتنا”.

⦁في مقهى (السكرتير/ المرشدي)

بمقهى “شريف السكرتير” أحد رجالات الحزب الوطني فمستقبل وطن بالمعادي، وبالتحديد داخل امتداد المقهى إلى ما تحت الكوبري العابر لخط المترو، جلس شرطي مرور ميدان الحرية ومعه زميل له، يلتهمان وجبتي “فراخ” من “مطعم حضرموت”، ومعه داخل حقيبتين من البلاستيك مشروبات غازية. ثم احتسيا الشاي من المقهى قبل ان يغادرا، وإن لم يلاحظ أنهما قاما بسداد الثمن.

وبعدها بدقائق معدودة اعترض أحد رواد المقهى بصوت عال على المبالغة في أسعار المشروبات، لكنه اضطر لأن يدفع المطلوب كاملا قبل أن يغادر.

على واجهة المقهى من الخارج، صور النائب العائد للبرلمان بعد ثورة يناير مقاول العقارات المعروف ” محمد المرشدي” مع ألقاب “الدكتور مهندس”، وأيضا إلى جواره اسم”السكرتير”. ولطالما قال سكان الحي بأن مسار تسلم “كراتين” الاستفتاءات والانتخابات تنتهى إلى هذا المقهى وعدد من المقاهي الأخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *