التطورات السودانية| تضارب الأنباء عن قرب التوصل لاتفاق لتقاسم السلطة.. والقوى الثورية: لا تفاوض مع إنقلاب ارتكب مجازر ضد الإنسانية

كتب – أحمد سلامة

مازالت الأوضاع في السودان ضبابية، محاولات انقلابية للاستحواذ على الحكم والسيطرة عليه، ومقاومة جادة من الشعب والتنظيمات النقابية في محاولة لإنقاذ المسار الديمقراطي بعد سلسلة من الانقلابات عانى منها البلد العربي والإفريقي على مدى عقود.. وبين الرغبة في الاستحواذ على الحكم من طرف ومقاومة ذلك من طرف آخر تضاربت الأنباء واستمرت الضغوط.


حسب وكالة “بلومبرج” فقد كشفت مصادر عن اقتراب التوصل لاتفاق لتقاسم السلطة بين العسكريين والسياسيين في السودان، وسط جهود دولية مكثفة، وذكرت المصادر، أن أحد الاقتراحات التي يتم مناقشتها هي منح رئيس الوزراء المعزول الدكتور عبدالله حمدوك صلاحيات أكبر ولكن مع حكومة جديدة تحظى بقبول من الجيش السوداني.


ونقلت “بلومبرج” عن متحدث باسم الأمم المتحدة قوله إن “المفاوضات بين الفريق أول عبد الفتاح البرهان وجماعات متمردة سابقة ورئيس الوزراء المخلوع عبد الله حمدوك استمرت الثلاثاء في العاصمة الخرطوم. مشيرًا إلى أنه لا تزال الاختلافات الرئيسية قائمة وأن النتيجة غير مضمونة على الرغم من إحراز تقدم خلال المفاوضات.


كما نقلت عن رئيس الأركان السابق للجيش السوداني عماد عدوي، الذي اطلع على المحادثات من قبل كبار قادة الجيش، قوله: “أعتقد أنهم سيتوصلون إلى نتيجة في القريب العاجل”.


مصدر مطلع على سير المبادرات، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن التسوية التي يقودها المبعوث الأممي “تتكون من 3 نقاط؛ تتضمن إعادة حمدوك ومنحه سلطات تنفيذية كاملة، وتكوين مجلس سيادة شرفي من 3 شخصيات وطنية، ومجلس للأمن والدفاع يقوده الشق العسكري”.
وأوضح المصدر أن “معظم الوساطات الأخرى التي تقود مبادرات منفصلة عن تلك التي يقودها فولكر، تتمحور حول نفس البنود”؛ لكنه أشار إلى وجود عقبات، أبرزها موقف حمدوك، الذي يرى “ضرورة أن تعود حكومته التي كانت قائمة قبل استيلاء الجيش على السلطة في الخامس والعشرين من أكتوبر، ومن ثم تقوم بحل نفسها تمهيدا لتشكيل حكومة تكنوقراط وفقا لبرنامج محدد”.


كما أكد المصدر أن أعضاء بارزين في الشق العسكري يعارضون التسوية بصيغتها الحالية، رغم موافقة البرهان عليها.
وتعطي التسوية رئيس الوزراء حرية مطلقة لاختيار طاقمه الوزاري، مما يعني انتهاء دور الحاضنة السياسية الممثلة في قوى الحرية والتغيير. وتنص كذلك على استيعاب جميع القيادات والكوادر الحزبية العاملة بالحكومة بالمجلس التشريعي.


في مقابل ما تردد عن مساعي التوصل إلى اتفاق، أعلن تجمع المهنيين السودانيين عن رفضه للتفاوض مع المجرمين في إشارة إلى المكون العسكري بقيادة عبد الفتاح البرهان، مؤكدا تمسكه بالإضراب السياسي والعصيان المدني لاسقاط المجلس العسكري الانقلابي ومحاسبته.


وقال تجمع المهنيين في بيان أصدره:
(لا تفاوض، لا مساومة، لا وساطة، لا حصانة، ولا شراكة مع المجرمين.
إسقاط ومحاسبة المجلس العسكري الانقلابي على سجل طويل من الجرائم، والتأسيس للسلطة الوطنية المدنية الكاملة للانتقال لسودان الحرية والسلام والعدالة.


متمسكين بالإضراب السياسي العام والعصيان المدني الشامل، وسيعضد شعبنا الأبي من صلابة أدوات مقاومته السلمية وإرادته الغلابة كل يوم).


وفي ذات السياق، ترفض قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي – التفاوض بشأن أي تسوية للخروج من الأزمة السياسية الحالية في السودان، قبل إعادة الأوضاع إلى ما قبل استيلاء الجيش على السلطة في الخامس والعشرين من أكتوبر.
من ناحية أخرى قال مكتب عبد الله حمدوك رئيس الوزراء إنه لن يكون طرفا في أية ترتيبات وفقا لقرارات الجيش.
وفي إطار الجهود الدولية الرامية إلى نزع فتيل الأزمة؛ التقى سفراء دول الترويكا (الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والنرويج) المعتمدين لدى السودان، برئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الاثنين، بمقر إقامته الجبرية شرقي الخرطوم.


وقال بيان صادر عن مكتب حمدوك، إنه “متمسك بشرعية حكومته والمؤسسات الانتقالية”؛ معتبرا أن إطلاق سراح الوزراء ومزاولة مجلس الوزراء بكاملة عضويته لأعماله “مدخل لحل الأزمة”.. مشددًا على أنه “لن يكون طرفا في أي ترتيبات وفقا لقرارات الجيش”.


جيفري فيلتمان، مبعوث الولايات المتحدة الخاص لمنطقة القرن الإفريقي جدد مساء الثلاثاء دعوة واشنطن لقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان وإطلاق سراح جميع المدنيين المحتجزين في إطار الانقلاب العسكري.
فيلتمان قال للصحفيين إن كلا الجانبين المدني والعسكري أظهرا ضبطا للنفس في الاحتجاجات مما كان مؤشرًا على أن الجانبين يدركان أنهما بحاجة إلى العمل معًا لإيجاد طريقة للعودة غلى مرحلة انتقالية تشمل كلا من (المدنيين والعسكريين).


لكن ضبط النفس الذي تحدث عنه المبعوث الأمريكي، تخلى عنه الانقلاب في السودان، فقد كشف تجمع المهنيين السودانيين عن انتهاكات المجلس العسكري الانقلابي في مدينة زالنجي بولاية وسط دارفور واصفًا إياها بأنها ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.


وتحت عنوان: المجلس العسكري الانقلابي يرتكب انتهاكات واسعة ضد العزل السلميين بزالنجي قال تجمع المهنيين: رغم التعتيم وقطع شبكات الاتصال وخدمات الانترنت، تتوارد المعلومات من مدينة زالنجي في ولاية وسط دارفور عن انتهاكات واسعة تمارسها قوات المجلس العسكري الانقلابي بحق المواطنين العزل والثوار السلميين، وتتكون هذه القوات من الاستخبارات العسكرية للجيش واستخبارات ميليشيا الدعم السريع وشرطة المباحث وجهاز الأمن والمخابرات العامة.


وأضاف بيان التجمع “استخدمت قوات المجلس العسكري الانقلابي الرصاص الحي ومدافع الدوشكا لفض مواكب 30 أكتوبر 2021، ما أدى لسقوط 18 إصابة بالغة بالرصاص والدهس بالمركبات العسكرية، توصف أربعة منها بالحالات الحرجة والخطيرة”.


وتابع “كما تواصل هذه القوات الآثمة عمليات استباحة وتنكيل بالمواطنين ومداهمة للمنازل وترويع قاطنيها واعتقالات عشوائية، تم رصد 45 حالة اعتقال منذ 30 أكتوبر 2021”.


واستكمل “وتقتاد هذه القوات المواطنين العزل من منازلهم تحت تهديد السلاح لمواقع العمل، وتجبرهم على أداء أعمالهم، وقد وضع المجلس العسكري الانقلابي كل المؤسسات المدنية بولاية وسط دارفور تحت سيطرة هذه القوات الغاشمة”.


وأردف “هذه الانتهاكات والممارسات ترقى لمستوى الجرائم ضد الإنسانية وتحرمها وتعاقب عليها القوانين السودانية والمواثيق الدولية، وهو ما يضع كل من أمر بها وخطط لها ونفذها تحت طائلة الإدانة القانونية والمحاسبة”.


واختتم بيان التجمع “هذه الجرائم لن تكسر شوكة المقاومة السلمية، بل تزيد من جذوتها عنفواناً وصلابة، وندعو الشعوب الحرة المحبة للسلام والديمقراطية ومنظماتها لرصد هذه الانتهاكات وإدانة بشاعتها.

أعلن تجمع المهنيين السودانيين عن رفضه للتفاوض مع المجرمين في إشارة إلى المكون العسكري بقيادة عبد الفتاح البرهان، مؤكدا تمسكه بالإضراب السياسي والعصيان المدني لاسقاط المجلس العسكري الانقلابي ومحاسبته”.


تزداد الأوضاع في السودان حدة، بين انقلاب يسعى للاستحواذ على كل شئ وبين شعب يتطلع إلى الديمقراطية.. ذلك الشعب الذي احتشد منه نحو 4 ملايين سوداني في شوارع مدن العاصمة الثلاث؛ الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري؛ وأكثر من 25 مدينة سودانية و50 مدينة حول العالم، في احتجاجات ترفض الحكم العسكري وتطالب باستعادة الحكم المدني وإطلاق سراح حمدوك والوزراء والسياسيين المعتقلين، واستعادة الوثيقة الدستورية.. في وقت يُنتظر فيه أن يعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الجمعة جلسة خاصة حول السودان، بناء على طلب 48 دولة، من بينها 18 دولة من أعضاء المجلس، في أعقاب حملة قمع ضد التجمعات الحاشدة بعد تحرك الجيش الأخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *