أمير متى يكتب: كورونا في السياسة الدولية

فجر “كريس ليو” (نائب سكرتير وزارة الأعمال في إدارة أوباما الثانية) مفاجأة من العيار الثقيل حين أعلن أمس إن إدارة أوباما كانت قد قدمت لإدارة ترامب “الجديدة” شرح سيناريو لتعامل الولايات المتحدة مع انتشار فيروس وبائي يجتاح العالم في ١٣ يناير عام ٢٠١٧ قبل استلام السلطة، و قد حصلت مجلة بوليتيكو (Politico) علي اوراق السيناريو الذي قدم.
الأكثر مفاجأة ان ٦٦% من أعضاء إدارة ترامب والفريق المعاون الذي حضر السيناريو قد رحل عن الإدارة الحالية وان الأعضاء الجدد لم يعلموا أن هناك خططا قد حصلت عليها الإدارة مسبقا تتضمن كيفية التعامل.

تزداد الامور غموضا بمراجعه تقرير المخاطر العالمي لعام ٢٠١٩ الذي قدمه دانيل كوتس (مدير جهاز الاستخبارات الوطني الأمريكي) الذي وضع وجود تهديد حقيقي للامن القومي الأمريكي في إحتمالية انتشار وباء عالمي معتمدا علي تقارير تفيد بزيادة الأمراض المنقوله عن حيوانات للإنسان في العامين السابقين، بل ووضع ماينمار (دولة ملاصق للصين شرقا) في اول القائمة للمناطق الحرجة.

علي الجانب الاخر، نجد أن المتحدث باسم الحكومه الصينية أشار إلى أن هناك احتمال أن أحد أفراد القنصلية الأمريكية في الصين هو من نقل العدوي إلى وهان (مركز انتشار المرض)، مما دعي ترامب للرد قائلا (جميعنا نعلم من أين أتت كورونا).

لا يوجد دليل مادي علي إدعاء أن الولايات المتحدة قامت بشن حرب بيولوجية علي الصين وخرجت عن السيطرة، بل علي النقيض يوجد أكثر من دليل علي بداية المرض من الصين ثم انتشاره في أنحاء العالم. وأن الأرقام الواردة في تقرير المخاطر الأمنية يبرز أن احتمالية ظهور وباء عالمي تزداد عاما بعد عام. وأن المؤسسات الامريكية استطاعت أن تدرك المخاطر التي تواجه الولايات المتحدة علي مستوي عالمي.

لكن السؤال الأهم كيف سنري العالم بعد الوباء؟

العالم بعد COVID-19 يختلف تماما عن قبله، فهذه المرة كل الدول تدرك أن النظام الجديد بدء يتحدد، وأن كل الدول موضوعة تحت نفس الاختبار وبنفس مقاييس للنجاح والرسوب وأيضا بقدرة الدول علي السيطرة وتنفيذ برامج ناجحة، وبحث علمي سريع وفعال. فالنجاح الاقتصادي وحده ليس كافيا، بل أن قدرة الدولة علي المواجهه أصبحت أيضا من ضمن المعايير في النظام الجديد.

ليس أدل من ذلك سوي في الإعلانات عن أساليب المواجهة، ففي نفس اليوم الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة عن تطعيم يتم تجربته علي البشر، تقوم الصين بالإعلان عن دواء تم استخدامه علي المرضي في وهان، ثم تعلن ألمانيا علي دواء مبكر وترفض بيعه للولايات المتحدة. هذا صراع حقيقي علي إنتاج علاج أو مصل تحجز به الدوله مقعد لها في النظام الجديد.
تكون النتيجة أن الصين هي أول الدول التي فازت بمقعد في المقدمة، بينما مازالت أوروبا تعاني بشدة من انتشار الوباء وعدم قدرتها علي احتواء الوضع الصحي.
أما الولايات المتحدة فمازالت في مراحل مبكرة جدا وغير واضح نتائج استراتيجيتها.

علي الجانب الآخر، نجد أن مصر حسمت جانبها مبكرا جدا حين اتجهت للصين، بالخطوة لا تعبر علي التضامن ولكن عن أي قطب عالمي سوف تتخذ مصر حليفا في الفترة القادمة.

مازال هناك عدد من الكراسي في انتظار من يأخذها. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *