أمريكيون يعتبرون قرار إلغاء حق الإجهاض «انتكاسة» وآخرون يرون فيه «انتصارا لقدسية الحياة».. والأمم المتحدة: ضربة موجعة لحقوق النساء

الأمم المتحدة تعلق على قرار المحكمة الأميركية العليا: ضربة موجعة للحقوق الإنسانية للنساء.. القرار ينتزع استقلالية ملايين النساء في الولايات المتحدة

في نفس يوم إبطال الحكم التاريخي الأميركي ألمانيا تتخذ قرارا معاكسا بإنهاء حظر الحقبة النازية الإعلان عن عمليات الإجهاض

وكالات

أثار قرار المحكمة العليا الأمريكية الجمعة إلغاء حق الإجهاض ومنح كل ولاية حرية السماح بإجرائه أو تقييده وفق تصورها، ردود فعل متباينة من قبل مؤسسات الدولة وعدد من المسؤولين السياسيين، وكذلك عموم المواطنين الذين اختلفت آراؤهم حول الخطوة، بين من اعتبرها “انتكاسة حقوقية” ومن رأى أنها تجسد “يوما تاريخيا لقدسية الحياة”.

ووفقا لما نقل موقع “فرانس 24″، امتزجت دموع الفرح بنظرات الوجوم وهتافات الرفض وصرخات التحدي، في مشهد جمع الفرقاء خارج المحكمة العليا الأمريكية بعد جلسة النطق بالحكم بإلغاء الحق في الإجهاض.

وفي حين ندد البعض بالقرار وأكدوا أنهم لم يخسروا معركتهم بعد، احتفى مئات آخرون به ووصفوه بـ”النصر التاريخي”.

جينيفر لوكوود شبات، امرأة تبلغ من العمر 49 عاما، وأم لبنتين، عبرت عن حزنها جراء القرار بالقول باكية: “من الصعب أن نتخيل العيش في بلد لا يحترم المرأة كبشر وحقها في السيطرة على جسدها”.

في المقابل، لم تخف غوين تشارلز البالغة من العمر 21 عاما، ابتهاجها، فقالت إن “هذا هو اليوم الذي كنا ننتظره… ندخل في ثقافة جديدة للحياة في الولايات المتحدة”.

من المرجح أن يؤدي قرار المحكمة العليا إلى سنّ مجموعة قوانين جديدة في نحو نصف الولايات الأمريكية الخمسين، ستقيد بشدة عمليات الإجهاض أو تحظرها تماما وتجرمها، ما سيجبر النساء على السفر لمسافات طويلة إلى الولايات التي لا تزال تسمح بهذا الإجراء.

وبعد ساعات فقط، حظرت ولاية ميسوري الإجهاض بدون استثناء الحمل الناتج عن الاغتصاب أو سفاح القربى، وكذلك فعلت ولاية ساوث داكوتا باستثناء الوضعيات التي تكون فيها حياة الأم في خطر.

وتعبيرا منه عن تأييده للقرار، قال المدعي العام في ولاية ميسوري إريك شميت “هذا يوم تاريخي لقدسية الحياة”.

خلافا لشميت، يرى القاضي صمويل أليتو أن الحكم في قضية “رو ضد واد” في رأي غالبية قضاة المحكمة “خاطئ بشكل صارخ”، إذ ذكر أن “الإجهاض يمثل قضية أخلاقية عميقة يتبنى الأمريكيون آراء متضاربة بشدة بشأنها”، وأردف أن “الدستور لا يحظر على مواطني كل ولاية تقنين أو حظر الإجهاض”.

ورفضت المحكمة الحجة التي استندت إليها قضية “رو ضد واد” ومفادها أن للنساء الحق في الإجهاض على أساس الحق الدستوري في الخصوصية على أجسادهن.

يعكس رأي أليتو إلى حد كبير ما جاء في مسودة ألّفها وتم تسريبها بشكل غير معتاد مطلع مايو وأثارت تظاهرات منددة على مستوى البلاد.

يمثل الحكم انتصارا لخمسين عاما من حراك اليمين الديني ضد الإجهاض، ومن المتوقع الآن أن يواصل النشطاء الضغط من أجل حظره تماما على مستوى البلاد.

وأعلنت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، في الأمم المتحدة، الجمعة، أن إلغاء الحق في الإجهاض الذي قررته المحكمة الأميركية العليا “يشكل ضربة موجعة للحقوق الإنسانية للنساء”.

وقالت، ميشيل باشليه، في بيان، إن “الحق في الاجهاض الآمن والقانوني والفاعل متجذر بعمق في القانون الإنساني الدولي وهو في صلب استقلالية النساء وقدرتهن على القيام بخياراتهن بأنفسهن”، مبدية أسفها لقرار “يشكل تراجعا كبيرا”.

واعتبرت أنّ “القرار ينتزع استقلالية ملايين النساء في الولايات المتحدة، خصوصاً ذوات الدخل المنخفض واللواتي ينتمين إلى أقليات عرقية وإثنية، (ويأتي) على حساب حقوقهن الأساسية”.

وذكّرت باشليه بأن أكثر من 50 دولة خفّفت من قوانينها التي تقيد الإجهاض في السنوات الـ 25 الماضية. 

وقالت “قرار اليوم يبعد الولايات المتحدة عن هذا الاتجاه التقدمي”. 

ولم يتأخر الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب في الإشادة بالحكم، فقال معلقا عليه: “الله اتخذ القرار”.

من جهتها وصفت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي الحكم بأنه “شائن ويدمي القلب”، بينما تعهدت منظمة “الأبوة المخططة” الرائدة في مجال دعم حقّ الإجهاض بـ”عدم الكف أبدا عن النضال”.

واعتبر الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما أن الحكم “هجوم على الحريات الأساسية لملايين الأمريكيين”.

لكن مايك بنس، نائب الرئيس السابق ترامب، قال إن المحكمة “أصلحت خطأ تاريخيا”.

واعترض القضاة الثلاثة الليبراليون في المحكمة العليا على الحكم الذي جاء غداة إصدارها قرارا بتكريس حق المواطنين في حمل مسدس في الأماكن العامة.

وقالوا منتقدين: “أيا كان النطاق الدقيق للقوانين المقبلة، فإن نتيجة قرار اليوم المؤكدة هي تقييد حقوق المرأة”.

وحذروا من أن مقدمي خدمات الإجهاض قد يواجهون الآن عقوبات قانونية وأن “بعض الولايات لن تقف عند هذا الحد”.

وأضافوا “ربما في أعقاب قرار اليوم، قد يجرم قانون ولاية سلوك المرأة أيضا، وسجنها أو تغريمها لجرأتها على السعي للإجهاض أو إجرائه”.

ويتعارض قرار المحكمة مع التوجه الدولي لتخفيف قوانين الإجهاض، بما في ذلك في دول مثل إيرلندا والأرجنتين والمكسيك وكولومبيا حيث لا يزال للكنيسة الكاثوليكية نفوذ واسع.

ولم يكن صدور الحكم ممكنا لولا تعيين ثلاثة قضاة محافظين في المحكمة رشحهم الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب.

وكانت القضية المعروضة أصلا على المحكمة تتعلق بقانون في ولاية ميسيسيبي يقيد الإجهاض خلال 15 أسبوعا من الحمل، لكن أثناء النظر في القضية في كانون الأول/ديسمبر، أشار عدد من القضاة إلى استعدادهم للمضي أبعد من ذلك.

ووفق “معهد غوتماشر”، أعدت 13 ولاية قوانين تحظر الإجهاض فور صدور قرار المحكمة العليا تقريبا.

ولدى عشر ولايات أخرى قوانين تعود إلى ما قبل عام 1973 ويمكن أن تدخل حيز التنفيذ مجددا أو تشريعات تحظر الإجهاض بعد ستة أسابيع من الحمل أي قبل أن تعرف الكثير من النساء أنهن حوامل.

لا يجعل القرار إنهاء الحمل غير قانوني، ولكنه يعيد الولايات المتحدة إلى الوضع الساري قبل القرار التاريخي المعروف باسم “رو ضد واد” والذي صدر عام 1973 ليكرس حق المرأة في الإجهاض، عندما كان بإمكان كل ولاية أن تسمح بالإجراء أو أن تقيده كما ترى.

ويتعين على النساء في الولايات التي تطبق قوانين صارمة ضد الإجهاض إما الاستمرار في الحمل وإما الخضوع لإجهاض سري أو الحصول على حبوب الإجهاض أو السفر إلى ولاية أخرى حيث الإجراء قانوني.

يذكر أن العديد من الولايات التي يحكمها الديموقراطيون اتخذت خطوات لتسهيل الإجهاض وأصدرت ثلاث منها، وهي كاليفورنيا وأوريغون وواشنطن، تعهدا مشتركا بالدفاع عن هذا الحق في أعقاب قرار المحكمة العليا.

على صعيد آخر، صوت البرلمان الألماني، الجمعة، على إنهاء حظر الحقبة النازية الإعلان عن عمليات الإجهاض، وهو الإجراء الذي عوقب بموجبه أطباء قدموا معلومات عن هذه النوعية من العمليات.

ورغم تجاهل قانون العقوبات لهذا النص منذ سنوات، أثيرت مؤخرا العديد من القضايا المرفوعة ضد أطباء، مما أسفر عن حملة لنشطاء حقوق الإجهاض لرفع الحظر، حسبما تشير صحيفة نيويورك تايمز.

والإجهاض في ألمانيا قانوني حتى الأسبوع الـ12 من الحمل، وبعد جلسة استشارية إلزامية.

وفي تغريدة، كتبت طبيبة أمراض النساء في وسط مدينة كاسل، نورا سزاسز: “هذا هو يومنا”. وأضافت مشيرة إلى الفقرة المحذوفة من قانون العقوبات: “يسقط # 219 أ ومعه جزء من أسوأ رعاية للمرأة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *