طعن جديد على التمييز ضد النساء في التعيين بمجلس الدولة: قصر التقدم على أعضاء هيئة النيابة الادارية وقضايا الدولة

كتب- فارس فكري

تقدمت أمنية جادالله إحدى خريجات 2013 بدعوى قضائية جديدة أمام محكمة القضاء الإداري، بسبب التمييز ضد النساء في التعيين بمجلس الدولة ، وقالت مبادرة “المنصة حقها” إن الطغن تم قيده برقم 51786 لسنة 75 وذلك لقصر الحق في التقديم للدفعة الاستثنائية بمجلس الدولة على أعضاء هيئة النيابة الادارية وهيئة قضايا الدولة.

وأضافت المبادرة في بيان أن الطعن جاء على الإعلان رقم (٢) لعام ٢٠٢١ الصادر بتاريخ ١٤ مارس الماضي والذي قصر الحق في التقديم للدفعة الاستثنائية بمجلس الدولة على أعضاء هيئة النيابة الادارية وهيئة قضايا الدولة وأقصى عضوات هيئة التدريس والمحاميات وخصص نصوصا بغير مخصص مسوغ قانوني مخالفا قانون مجلس الدولة وميز بين المخاطبين بأحكامه بموجب المادة (5) منه فضلا عن مخالفة الدستور والقانون.

ومبادرة “المنصة حقها” هي مبادرة حقوقية توعوية تهدف لدعم الفتيات ومكافحة التمييز فيما يتعلق بقضية حرمان المرأة المصرية من تولي القضاء. تؤمن بأهمية اعتلاء المرأة المنصة ومدي انعكاس ذلك على المؤسسات القضائية خصوصا وعلى المجتمع وقضية التنمية عموما، ومدي أهمية ذلك في تعزيز سيادة دولة القانون، وترسيخ مفهوم الحيادية والاستقلال للسلطة القضائية والتزامها بنصوص الدستور والقانون الذي أقسم أعضائها على احترامه واعلائه على ما سواه.

وطالبت الدعوى بإلغاء القرار السلبي برفض وامتناع المدعى عليهم عن سحبها لملف تعيين في وظيفة مندوب بمجلس الدولة أسوة بعضوات النيابة الادارية وهيئة قضايا الدولة وتنفيذا لنص المادة (75) من قانون مجلس الدولة، ورفضهم استلام أوراق  المدعية للتقدم لشغل هذه الوظيفة، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها قبول أوراق المدعية للتقدم لشغل وظيفة مندوب بمجلس الدولة والمفاضلة بينها وبين سائر المتقدمين على أسس وشروط موضوعية بغير تمييز، كما طالبت بإلغاء الإعلان المطعون فيه، واعتباره كأن لم يكن فيما تضمنه من حرمان المعيدات بالجامعة بكليات الشريعة والقانون والحقوق من الترشح لشغل وظيفة مندوب بمجلس الدولة، وقصر الترشح للعاملين بالنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام مجلس الدولة بتعديل الإعلان وتسليم الملفات والسماح للمدعية وغيرها من المعيدات والمحاميات بالتقدم لشغل الوظائف المعلن عنها.

وقال البيان إن الإعلان خالف قانون مجلس الدولة: حيث أن المدعية قد رغبت في التقدم للتعيين في وظيفة مندوب بمجلس الدولة، وقد توافرت فيها الشروط المنصوص عليها بالمادة (75) من قانون مجلس الدولة، وحال بينها وبين التمتع بفرصة المنافسة على شغل هذه الوظيفة، ما شاب القرار السلبي المطعون فيه من عيب مخالفة القانون، كما شاب القرار الصادر به الإعلان أيضا عيب مخالفة القانون الذي نص على رخصة التعيين المباشر لفئات حددها بصورة لا تميز فئة عن أخرى، ولا تقصر التنافس على شغله الوظيفة على فئة دون أخرى، والقول بغير هذه المساواة والعمل على غير مقتضاها يخالف صراحة النص الذي لم يميز بين فئة وأخرى ولم يفاضل بين الفئات المخاطبة بحكمه، بما يكون قصر القرار المطعون فيه فرصة الترشح لشغل وظيفة نائب بمجلس الدولة على فئة واحدة (هي العضوات بهيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة) دون سائر الفئات ومنها المعيدين بالجامعات بكليات القانون والتي تنتمي إليها المدعية يكون قد خالف عمومية النص بتخصيصه بغير مخصص.

كما خالف القرار أحكام الدستور قرر الدستور القائم والصادر عام 2014 أصل المساواة بين المواطنين بما نصت عليه المادة (53) منه من أن “المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللغة أو العقيدة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي أو لأي سبب آخر..” كما نص على أصل تكافؤ الفرص بين المواطنين بنصه في المادة (9) على أن “تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز”، ثم كفل المساواة بين الرجل والمرأة وكفل حقها في تولي الوظائف العليا والقضائية بنصه في المادة (11) على أن “تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور…كما تكفل الدولة للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها…”، وأخيرا كفل المساواة في تولي الوظائف العامة وعدم التمييز بين المواطنين في شأنها، بما نصت عليه المادة (14) منه على أن “الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة، ودون محاباة ودون وساطة، وتكليف القائمين بها لخدمة الشعب، وتكفل الدولة حقوقهم وحمايتهم وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب..”؛ لما كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه وقد حصر الفرصة في شغل وظيفة نائب بمجلس الدولة على فئة العضوات بهيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة دون سائر الفئات التي نصت عليها المادة (75) من قانون مجلس الدولة، بحسبانها المصدر القانوني للقرار، فإن ذلك مما يشوبه بالتمييز بين المخاطبين بذات المادة تمييزا لا يرتد إلى ضابط موضوعي، ولا يشهد له علم ولا هدى ولا كتاب منير، مما يعيبه بمخالفة الدستور مخالفة صارخة بما يبطله ويستوجب إلغاءه.

وخالف القرار قاعدة المساواة بين المواطنين من أكثر من وجه، فقد مايميز بين عضوات الهيئتين القضائيتين المذكورتين، اللآئي أفردهن بالقابلية للترشح لشغل الوظيفة، وبين المعيدات (ومنهن المدعية) والمدرسات المساعدات بالجامعة والمحاميات وغيرهن، اللآئي أغفلهن القرار فجعلهن غير مخاطبات بحكمه، فحرمهن من حق تولي الوظيفة العامة المعلن عنها، ومايز بغير علة ظاهرة تشفع له بين من يتمتعن بمركز قانوني واحد.

ومن وجه آخر، فقد أهدر قاعدة تكافؤ الفرص في شغل الوظيفة العامة، وحابي بين المخاطبين بالمادة (75) من قانون مجلس الدولة دون حق، إذ فضل بعض الفئات على حساب فئات أخرى دون سبب مفهوم. بل إن القرار قد فضل العضوات بالهيئات القضائية عن غيرهن ممن لهن ذات المركز القانوني في أحقية التنافس على شغل الوظيفة، بما يشي بالمحاباة وإهدار عنصر الكفاءة التي يتعين أن يرتد إليه التفاضل في شغلها، وذلك لما هو معلوم، ويصل العلم به إلى درجة العلم العام، أن جُلّ – أو بالقدر المتيقن – العديد من شاغلات المناصب القضائية بهيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة هن من المنتسبات إلى أعضاء مجلس الدولة الحاليين وغيرهم من أعضاء الجهات القضائية، نسبا أو قرابة، بما يشوب القرار بمظنة قوية في الاستتار بالمصلحة العامة لتحقيق صوالح خاصة.

كانت المدعية قدمت بعد تخرجها طلبا لسحب أوراق ترشيح دفعتها 2013 لشغل وظيفة مندوب مساعد، ورفض طلبها مما كان محلا لطعن تقدمت به أمام المحكمة الإدارية العليا (الطعن رقم 30105) لسنة 60 ق عليا وصدر الحكم بعدم قبول دعواها لانتفاء القرار الإداري، وجاري قيد طعنها على ذلك الحكم بدعوى بطلان أصلية، كما أقامت المدعية الدعوى رقم (59364) لسنة 73 ق بإلغاء القرار الجمهوري بتعيين دفعتها مقصورا على خريجيها دون خريجاتها، وقضي كذلك فيها بعدم القبول لانعدام الصفة، وهو ما طعنت عليه.

وقالت المبادرة إن قضية حرمان المرأة المصرية من تولي القضاء تستحق تكاتف الجميع رجالا ونساء لدعمها وتسليط الضوء عليها حتي تلقي الدعم المجتمعي الكافي للوصول لنهاية المطاف في قضية كهذه وتقلد الأكفاء المناصب بغض النظر عن الجنس وانهاء صورة من صور التمييز في المجتمع المصري. القضية قضية الرجل والمرأة علي السواء …قضية المجتمع باكمله…ففي انتصارنا لقضية كهذه انتصار لانسانيتنا جميعا.

هناك 66 قاضية فقط تم تعيينهن بغير الطريق الطبيعي لسلوك القضاء مقارنة بأقرانهن من القضاة البالغ عددهم 22 ألف قاض وفقا لتصريحات وزير العدل، بما يجعل نسبة القاضيات المصريات هي الأدنى على الاطلاق حيث تبلغ 0.3% مقابل 99.7% وتم تقلدهن المنصب بغير الطريق الطبيعي لاعتلاء المنصة كأقرانهن من القضاة، حيث تم اختيارهن من المستشارات المعينات بالفعل في النيابة الادارية وهيئة قضايا الدولة، مع استمرار حرمان الخريجات من مجرد التقديم لمجلس الدولة والنيابة العامة منذ انشائهم عام ١٩٤٦ وعام ١٨٨١ علي التوالي ما يعد استمرارا لمسلسل التمييز ضد كافة نساء مصر عموما وخريجات القانون خصوصا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *