نواب النور يدخلون على خط أزمة «المومس الفاضلة» ويطالبون بمنع المسرحية: نعرف أنها عن مقاومة «الظلم والمحسوبية» لكن اسمها لا يعجبنا
نواب الحزب عن اسم المسرحية: مصادمة لقيم المجتمع وأخلاقه ودينه وتشجيع على نشر الرذيلة ولابد للحكومة من وقفة جادة
كتب: عبد الرحمن بدر
أعلن الدكتور أحمد خليل خيرالله، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور بمجلس النواب، عن تقديم طلب إحاطة لوزيرة الثقافة، بشأن مسرحية بول سارتر، مشيرًا إلى أن المسرحية مسماه باسم غير أخلاقي، وأن الهيئة تترفع عن ذكره، في إشارة لمسرحية المومس الفاضلة.
وقالت الهيئة البرلمانية لحزب النور في طلبها، اليوم الأحد: “لم تكن المحافظة على ثوابت المجتمع الدينية والأخلاقية يومًا ما نوعًا من أنواع الرفاهية أو أن تكون وجهة نظر سياسية أو رؤية جماهيرية ولكنها تظل أمرًا ضروريًا وملحًا لا يؤجل ولا يفوض، وفي ظل التأكيد على النظام العام في المجتمع واحترام الدستور والقانون بمادته الثانية المسيطرة والمهيمنة، وتماشيًا مع ترسيخ القيم التي تتماشى مع طبيعة المجتمع ونحن في بداية بناء جمهورية جديدة نحرص فيها على إبراز النماذج المشرفة والمحترمة وصناعة القدوات في كل المجالات مع حرص الدولة ومؤسساتها على صون النظام العام وتعظيم الشعائر وترسيخ القيم والمبادئ التى تعبر عن الهوية وشعائر الدين قدر المستطاع”.
وتابعت: “انطلاقًا من قيام الكتلة البرلمانية لحزب النور لدورها الرقابي، نتقدم بطلب إحاطة للسيدة الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة عن الاسم المثير للاستفزاز والمخالف لما ذكرنا من مبادئ وأعراف في عنوان هذه المسرحية المزمع تقديمها، ونحن نعلم أنها رواية لجان بول سارتر وهى أحد أهم روايات مقاومة الظلم والمحسوبية، وأنها تحكي عن سيدة هي الشاهد الوحيد على اغتصاب رجل أبيض لسيدة سوداء وهو ابن سياسى كبير ومحاولة إلصاق التهمة ببريء أسود وهي ترفض كل الضغوط لتغيير شهادة الحق وتتعرض للتشوية، ولكن لماذا هذا الاسم ولماذا هذا العنوان المُغرض الغير أخلاقي؟”.
وأوضحت “برلمانية النور”: عندما نصف من تمارس الرزيلة بالفاضلة، فهذه مصادمة لقيم المجتمع وأخلاقه ودينه، بل هو تشجيع على نشر الرذيلة في المجتمع سواء قصد صناع العمل أم لم يقصدوا ونحن فى دولة ينص دستورها على أن دينها الإسلام.
وأضافت برلمانية النور: لتتخيل وزيرة الثقافة أن أحد المخرجين أراد إخراج مسرحية بعنوان الإرهابي الفاضل، أو الإرهابي الجميل!، ماذا ستكون ردود الأفعال لديها ولدى المؤسسات الرقابية؟!، بلا شك أن الإنزعاج الشديد مع الرفض البات سيتصدر المشهد، وحينها لن يستطيع أحد أن يقول أن هذا وأدُ للحريات أو قصف للقلم، لأنه عندما يتعلق الأمر بالنظام العام والآداب القويمة وبث روح القدوة للشباب، وهذه من مفاصل تثبيت المجتمع أمام أي تغيير في مرتكزاته، فحينها سينتصر الدستور على الجميع، وإلا فسيكون ذلك كيلاً بمكيالين وسيظل هذا الإسم سُبه في جبين كل من وافق عليه أو سكت عنه، وإذا لم يكن التاريخ مخوّفاً للبعض فإن الحساب الأخروي أكثر تخويفاً وأعلى ندامة.
واختتمت الهيئة البرلمانية طلبها: لذا لابد للحكومة من أن يكون لها وقفة جادة وعندها من الأدوات والوسائل لوقف هذا العبث الذى يمارس باسم الفن، حفاظًا على شبابنا وبناتنا وحفاظًا على مصر ومستقبلها، ليست هذا دعوة للتقييد ولكنها دعوة لرقي الأخلاق والحفاظ على القيم في بداية عصر جديد.
يذكر أنه فور أن أعلنت الفنانة إلهام شاهين تقديم مسرحية “المومس الفاضلة” للكاتب والفليسوف جان بول سارتر ثارت حالة من الجدل والاعتراض على اسم المسرحية ووصلت إلى البرلمان ووصفها أحد النواب بالعمل الإباحي.
وبدأت قصة تقديم المسرحية في مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي دورة “سميحة أيوب” وأعلنت فيه إلهام شاهين عن استعدادها لتقديم المسرحية إذا أخرجتها الفنانة القديرة سميحة أيوب التي وافقت.
وقدمت لافنانة القديرة سميحة أيوب مسرحية “المومس الفاضلة” في الستينات ولاقت إعجاب الجمهور، وقالت عنها سميحة أنها كانت نقطة فارقة في حياتها المهنية.
وفي تصريحات صحفية قالت الفنانة سميحة أيوب عن أزمة اسم المسرحية: عايزين يرجعونا الكهف تاني، مشيرة إلى أن الإعلان عن إعادة تقديم مسرحية «المومس الفاضلة» للكاتب جان بول سارتر، التي سبق أن قدمتها قبل سنوات طويلة كانت «دردشة ومجرد فكرة تم طرحها والتحمس لها»، خلال لقائها بالفنانة إلهام شاهين التي أعلنت عن بطولتها للمسرحية وتحمست لها خلال لقائهما في مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي قبل أيام، ولم نبدأ فيها حتى الآن.
وقالت إلهام شاهين: المسرحية ليست شيئًا من اختراعنا، ولكننا نعيد الأعمال الناحجة في الأدب العالمي، وأنا واثقة أن من يعترض لا عمره قرأ لجان بول سارتر ولا يعرف المسرحية بتتكلم عن إيه، ومش عارفة على أي أساس بيحكم عليها.
وتقدم النائب أيمن محسب، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة موجه لرئيس مجلس الوزراء، ووزيرة الثقافة، بشأن مسرحية «المومس الفاضلة»، أو «الساقطة الفاضلة» التي تعتزم الفنانة إلهام شاهين تقديمها على خشبة المسرح، مؤكدا: «طريقة التناول والمعالجة للمسرحية التي كتبها المفكر الفرنسي جان بول سارتر قبل أكثر من 75 عاما غير مناسبة للمجتمع والمصرى، بل ومن الممكن أن يطلق عليها فن إباحى».
أوضح محسب أن «القوى الناعمة لها دور في نشر الوعى وتغيير ثقافة المجتمع، وذلك من خلال إلقاء الضوء على موضوعات هادفة والجميع مع حرية الفن وعدم وضع قيود عليه لعظيم دوره في المجتمع، ولكن في نفس الوقت يجب أن يتم تناول موضوعات هادفة، فعلى سبيل المثال هذه الأعمال ستدخل كل بيت، ويشاهدها أطفال، وهذا الاسم للعمل الفني والمضمون غير مناسب، وهناك العديد من الاختيارات في حال ضرورة تقديم هذا العمل الذي يتحدث عن العنصرية في إشارة دون ذكر هذه المصطلحات صراحة في مجتمعنا الشرقي».
وأشار عضو مجلس النواب إلى أنه «ليس معنى أن هذه الرواية لكاتب كبير أنها تتناسب مع ثقافة المجتمع المصرى، ففي الوقت الذي تحرص الدولة المصرية على بناء الإنسان المصرى وذلك من خلال الاهتمام بالنشء ومحاربة الأعمال المبتذلة، مثل هذه الأعمال يكون له مردود سلبى على المجتمع، وليس كل الاقتباس من الأدب الغربى يتماشى مع ثقافتنا ويجب إعادة النظر في هذه الأعمال، مع الأخذ بالأسباب ضرورة فتح آفاق جديدة للإبداع وتشجيع الكتاب المصريين لتناول موضوعات هادفة من داخل المجتمع المصرى».
وشدد عضو البرلمان على ضرورة «تشديد الرقابة على الأعمال الفنية خلال الفترة المقبلة، بما يضمن تحقيق التوازن بين ما يقدم من جرعة فنية وثقافة المجتمع، وهذا لا يعنى وضع قيود على الفن بقدر ما يعنى نقطة نظام لصالح تنشئة أجيال جديدة لديها وعى وثقافة مع ضرورة إحياء الفن المصري والهوية والثقافة المصرية».
من ناحيتها قالت إلهام شاهين في مداخلة مع الإعلامي عمرو أديب في برنامجه الحكاية: اسم المسرحية ليس من اختراعنا، ومن يهاجمون لا يعرفون من هو سارتر أو عما تتحدث المسرحية، الناس لم تعترض على المسرحية حين عرضت من 45 سنة ولا أعرف هل تم تبديل الشعب أم ماذا؟.
وأضافت: “المسرحية محترمة جدا وفيها فكر، وفيه كتب دينية فيها عناوين تقيلة بس مش عاوزة أقول أسامي الكتب”.
وقدم عمرو أديب، مقترحًا لإلهام بأن تحذف هذه كلمة “المومس” وتكتفي بأن يكون اسم المسرحية “الـ ؟ الفاضلة”، كما حدث مع أفيش المسرحية الفرنسية للرواية نفسها، وهو ما أيّدته الفنانة المصرية الشهيرة، واستجابت له.
واستطردت :”أوعدكم أننا هشيل كلمة المومس ونخليها الـ”…” وفسروا براحتكم بقى، وهي مسرحية محترمة جدًّا، ويا رب تعجب الناس، لكن فيه تسرع شديد واللجان شغالة وبتتبلى علينا، اصبروا وشوفوا العمل وبعدين ابقوا احكموا عليه”.
تدور أحداث مسرحية المومس الفاضلة والتي استوحى كاتبها جون بول سارتر أحداثها من واقعة حقيقة تعرف إعلاميا بـ«فتية سكوتسبورو»، حول فتاة ليل تدعى «ليزي» التي تكون الشاهدة الوحيدة على واقعة تعدى رجل أبيض على فتاة ليل داخل القطار، ولكن توجه الاتهامات إلى راكب أسود البشرة والذي يهرب في محاولة لإثبات برأته.
وتتعرض «ليزي» لضغط شديد من قبل والد الرجل الأبيض، الذي يعمل سيناتور في مجلس النواب الأمريكي، في محاولة لجعلها تشهد ضد الرجل الأسود في المحكمة، وأمام رفضها يهددها بالقبض عليها بتهمة ممارسة البغاء.
واستوحي الكاتب الفرنسي رواية “المومس الفاضلة” خلال زيارته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وإطلاعه على تفاصيل قضية شهيرة للعنصرية ضد السود، وهي ” سكوتسبورو”، التي تم اتهام 9 من المراهقين السود الذين تصادف وجودهم ضمن ركاب أحد القطارات، بالاعتداء على فتاتين ليل من البيض، وتم إنزالهم في منتصف الرحلة والقبض عليهم في مقاطعة “سكوتسبورو”.
واعترفت واحدة من العاهرتين أمام القاضي أن التسعة متهمين لم يعتدوا عليها، لكن المحلفين والمحكمة رفضوا شهادتها وحكم على ثمانية متهمين بالإعدام، فيما عاش المراهق التاسع ويدعى روي رايت، وكتب شهادته في كتاب أستوحى منه جان بول سارتر رواية المومس الفاضلة.