السيسي يؤكد ضرورة العودة لمفاوضات جادة بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.. والبرهان: نمر بمرحلة صعبة ونحتاج تضافر الجهود
كتب – أحمد سلامة
قال عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، إن مصر والسودان أكدا حتمية العودة إلى مفاوضات جادة وفعالة بهدف التوصل, في أقرب فرصة ممكنة وقبل موسم الفيضان المقبل, إلى اتفاق عادل ومتوازن وملزم قانونا بشأن ملء وتشغيل سد النهضة, وبما يحقق مصالح الدول الثلاث ويعزز من أواصر التعاون والتكامل بين البلدان الثلاثة وشعوبها.
وأضاف السيسي -خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم السبت عقب مباحثاته مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بالخرطوم- أن مباحثاته مع الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان تناولت عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية, وذلك في إطار الارتباط الوثيق للأمن القومي المصري والسوداني, وسعيا لتوحيد الجهود المشتركة بين البلدين والرامية لتحقيق الاستقرار على الساحتين العربية والإفريقية.. لافتا إلى أن المباحثات تناولت كذلك مستجدات مفاوضات سد النهضة الإثيوبي, وهو الملف الذي يمس صميم المصالح الحيوية لمصر والسودان بوصفهما دولتي المصب في حوض النيل اللتين ستتأثران بشكل مباشر بهذا المشروع الضخم, مشيرًا إلى أنهما اتفقا على أهمية الاستمرار في التنسيق الوثيق والتشاور في هذا الشأن.
وأكد الرئيس تطابق الرؤى بين البلدين على رفض أي نهج يقوم على السعي لفرض الأمر الواقع وبسط السيطرة على النيل الأزرق من خلال إجراءات أحادية لا تراعي مصالح وحقوق دولتي المصب, وهو ما تجسد في إعلان إثيوبيا عن نيتها تنفيذ المرحلة الثانية من ملء سد النهضة حتى إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق ينظم ملء وتشغيل هذا السد, وهو الإجراء الذي قد يهدد بإلحاق أضرار جسيمة بمصالح مصر والسودان.
ولفت السيسي إلى أن المباحثات تناولت سبل إعادة إطلاق مسار المفاوضات من خلال تشكيل رباعية دولية تشمل الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بجانب الأمم المتحدة للتوسط في العملية التفاوضية, وهي الآلية التي اقترحها السودان وأيدتها مصر, والتي تهدف إلى دعم جهود الرئيس فيليكس تشيسيكيدي رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية, والتعظيم من فرص نجاح مسار المفاوضات, مؤكدا ثقته الكاملة في قدرة الرئيس الكونغولي على إدارة هذه المفاوضات وتحقيق اختراق فيها من أجل التوصل إلى الاتفاق المنشود.
وقال “أؤكد لكم أن مصر ستظل معكم قلبا وقالبا, داعمة لجهودكم من أجل تنمية واستقرار وازدهار شعب السودان الشقيق, والذي يعد جزءا لا يتجزأ من أمن واستقرار أشقائكم في شمال الوادي”.
وأوضح أن العلاقات الثنائية بين مصر والسودان شهدت زخما يستحق الإشادة على مدار الفترة الماضية, والمتمثل في ارتقاء مستوى التنسيق بين حكومتي البلدين عبر الزيارات المتبادلة والتشاور المكثف والمستمر, وهو الجهد الذي يهدف في مجمله إلى تكثيف التنسيق السياسي بين البلدين, وتنفيذ مشروعات في عدد من المجالات الحيوية من بينها الربط الكهربائي والسكك الحديدية والتبادل التجاري والثقافي والعلمي والتعاون في مجالات الصحة والزراعة والصناعة والتعدين وغيرها من المجالات, بما يحقق هدف التكامل المنشود بين البلدين, ويستغل الإمكانات الضخمة للبلدين لمصلحة الشعبين الشقيقين.
وأضاف: “جاء اجتماعنا اليوم استكمالا لهذه الجهود, وسعيا لوضع إطار استراتيجي متكامل وتصور مشترك لمختلف أوجه ومجالات التعاون وسبل دفعها, بما يعكس تلاقي إرادتنا السياسية القوية في هذا الشأن, وبما يمهد لمرحلة جديدة من الجهد المشترك المكثف الذي يلبي مصلحة وتطلعات الشعبين الشقيقين”.
كما أعرب الرئيس السيسي عن تهنئته للأشقاء في السودان بالإنجاز التاريخي المتمثل في توقيع اتفاق السلام الشامل الذي تحقق بعد جهود كبيرة تكللت بالنجاح نتيجة لإخلاص كافة الأطراف السودانية وحرصها على أن تدخل بالوطن السوداني العزيز عصرا جديدا من السلام والتنمية والازدهار يشمل كافة أبناء السودان.
واختتم الرئيس السيسي كلمته بقوله: “أنتهز هذه المناسبة العزيزة لأعبر مجددا عن سعادتي البالغة بتواجدي هنا اليوم وسط الأشقاء في السودان, وأن أجدد شكري البالغ على الحفاوة التي لقيتها”.
وأعرب عن ثقته الكاملة في أن المرحلة القادمة من العمل المشترك والتعاون بين البلدين ستتواصل في شتى المجالات, استرشادا بالرؤية المشتركة والعزم الواضح والإرادة السياسية الصلبة والجهود الصادقة من جانب القاهرة والخرطوم, وستمضي قدما لمصلحة الشعبين, بل شعب وادي النيل الواحد في بلديه مصر والسودان.
من جهته، وجه الفريق البرهان الشكر للرئيس المصري على تلبية الدعوة بزيارة السودان، قائلا “نشكر الرئيس السيسي على تلبيته الدعوة لزيارة السودان في التوقيت الحالي التي تمر به الدولة السودانية”.
وأضاف أن الدولة السودانية الآن تمر بمرحلة انتقال يواجهها الكثير من المصاعب, مؤكدًا أن بلاده تمر بمرحلة انتقال تحتاج إلى تضافر الجهود وإلى وقفة الأصدقاء والأشقاء, وأن هذه الزيارة تعد دعما حقيقيا للسودان وسندا حقيقيا لثورة شعب السودان, لأنها تصب في خانة تقوية روابط الأخوة بين الدولتين التي ستنعكس على مجريات الانتقال.
وتابع “ناقشنا كل الملفات التي تدعم التعاون المشترك ووصلنا بها إلى رؤى موحدة تخدم تقدم وتطور ونماء الشعبين وتسهم في استقرار الدولتين”.