أول تعليق من الخارجية عن وساطة الكويت لمصالحة دول المقاطعة وقطر: نقدر الجهود ونأمل أن تسفر عن حل شامل يعالج أسباب الأزمة
بيان الخارجية: مصر تضع دائما في الصدارة الحفاظ على التضامن والاستقرار والأمن العربي
عبد الرحمن بدر
علقت وزارة الخارجية على سعي دولة الكويت للمصالحة بين دول المقاطعة وقطر.
وقالت الوزارة في بيان اليوم الثلاثاء: “ردًا على سؤال صحفي، أعرب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، السفير أحمد حافظ، عن تقدير مصر لاستمرار الجهود المبذولة من جانب أمير الكويت ودولة الكويت الشقيقة لرأب الصدع العربي وتسوية الأزمة الناشبة منذ عدة سنوات بين قطر ودول الرباعي العربي، وذلك في إطار الدور المعهود للكويت وحرصها الدائم على الاستقرار في المنطقة العربية.
وأضاف البيان: “نأمل في هذا الصدد أن تسفر هذه المساعي المشكورة عن حل شامل يعالج كافة أسباب هذه الأزمة ويضمن الالتزام بدقة وجدية بما سيتم الاتفاق عليه”.
وتابع البيان: “تؤكد مصر في هذا المقام بأنه انطلاقًا من مسئولياتها ووضعها، فإنها تضع دائما في الصدارة الحفاظ على التضامن والاستقرار والأمن العربي”.
وفي وقت سابق قال موقع تلفزيونات بي بي سي إن مسؤولون أمريكيون وخليجيون أكدوا أن السعودية وقطر بصدد التوصل إلى اتفاق مبدئي لإنهاء نزاع استمر سنوات، مما يمهد الطريق لمحادثات إقليمية أوسع قد تهدئ التوترات المستمرة منذ فترة طويلة بينهما، وذلك بحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.
لكن مصادر خليجية حذرت من أن هذه المبادرة قد تتعثر إذا لم تتمكن دول أخرى، وهي البحرين والإمارات ومصر، من الاتفاق على كيفية حل النزاع مع قطر.
وقد أعلن قادة شرق أوسطيون أنهم بدأوا محادثات جديدة برعاية أمير الكويت لإنهاء النزاع.
وقال محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وزير الخارجية القطري إن “قطر متفائلة تجاه حل الأزمة الخليجية”.
وأضاف، في نقاش عبر الفيديو مع جلسة منتدى روما السادس لحوار المتوسط، إن أي نوع من التسويات للأزمة يجب أن يكون شاملا ويحفظ وحدة الخليج.
وأردف: ”نأمل أن تتحرك الأمور في الاتجاه الصحيح، لكن لا يمكننا التكهن بما إذا كان التحرك وشيكا، أو سيحل النزاع بالكامل، ولا نستطيع القول إن جميع المشاكل ستحل في يوم واحد”.
من جهته قال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، في تغريدة على تويتر إنه يأمل أن تتكلل جهود الكويت والولايات المتحدة لحل الخلاف بين دول الخليج بالنجاح، وشكر البلدين على “تقريب وجهات النظر”.
وقال أحمد ناصر الصباح وزير الخارجية الكويتي إنه تم إحراز تقدم في جهود حل الخلاف الذي دفع السعودية وحلفاءها إلى مقاطعة قطر منذ منتصف 2017.
وأضاف الصباح في بيان بثه تلفزيون الكويت “جرت مؤخراً مناقشات مثمرة عبرت فيها كل الأطراف عن حرصها على التوصل إلى اتفاق نهائي”.
وأعرب عن شكره لجاريد كوشنر، صهر ترامب وكبير مستشاريه، على “الجهود الأخيرة”.
وجاءت بوادر التقدم في أعقاب عدة أيام من المحادثات المكثفة التي توسطت فيها الولايات المتحدة حيث سافر جاريد كوشنر وفريقه إلى السعودية وقطر في وقت سابق في محاولة لكسر الجمود في المحادثات والذي حال دون التوصل إلى اتفاق لسنوات.
وعلى الرغم من قلة التفاصيل حول الزيارة، توقعت تقارير أن كوشنر ركز على الجهود المبذولة لحل أزمة الخليج المستمرة منذ 3 سنوات.
وذكرت وكالة الأنباء القطرية الرسمية أن الشيخ تميم بحث مع كوشنر “التطورات في المنطقة”.
وعملت الولايات المتحدة والكويت على إنهاء الخلاف بعد أن قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية والتجارية وخطوط الطيران مع قطر منذ منتصف عام 2017.
فما الذي تريده إدارة ترامب؟
تريد إدارة ترامب من المملكة العربية السعودية أن تفتح مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية القطرية التي تدفع الدوحة حاليا ملايين الدولارات لتسييرها فوق إيران، بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
وفي واحدة من محاولاتها الأخيرة فيما يتعلق بدبلوماسية الشرق الأوسط، تضغط إدارة ترامب من أجل اتفاق من شأنه تخفيف الحصار المفروض على قطر، لكن الهدف قد يكون توجيه ضربة أخيرة للاقتصاد الإيراني قبل أن يترك الرئيس ترامب منصبه.
وقد أثار اجتماع جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي رفيع المستوى ومسؤولون آخرون في البيت الأبيض الأربعاء مع القادة القطريين احتمال تغيير مسار الرحلات الجوية التجارية من الدولة الخليجية عبر المجال الجوي السعودي بدلا من إيران، وذلك وفقا لمصادر دبلوماسية مطلعة على المناقشات.
ومن شأن ذلك أن يعيد فتح المسار الجوي الذي اتبعته شركة الطيران الحكومية القطرية لسنوات قبل أن تقطعها المملكة السعودية و3 دول مجاورة على الأقل بفرض حظر جوي وبري وبحري على قطر في عام 2017.
كما أن ذلك سيحرم إيران مما وصفه دبلوماسيون برسوم سنوية تقدر بنحو 100 مليون دولار دفعتها قطر للطيران عبر مجالها الجوي، وهي الأموال التي تغذي الاقتصاد الإيراني المنهك، وتسمح لقادة طهران بتمويل البرامج العسكرية بسهولة أكبر الأمر الذي تعتبره إدارة ترامب تهديدا، وذلك بحسب ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن مصادر مسؤولة.
كما وصف مسؤولان أمريكيان هدف هذه الحملة الدبلوماسية لكوشنر، والتي تضمنت التوقف في المملكة العربية السعودية، هو التوصل لاتفاق بشأن مسألة فتح المسار الجوي السعودي أمام الطيران القطري.
ويعد هذا النزاع المستمر منذ 3 سنوات بين الدول العربية مصدر قلق كبير للولايات المتحدة وليس فقط لأنه بين حلفاء إقليميين يعتمد عليهم الأمريكيون في النفط والقواعد العسكرية بل لأنه أدى إلى تفتيت جهود إدارة ترامب لعزل إيران في الشرق الأوسط والعالم.
واستهدف الحظر، الذي بدأ في يونيو من عام 2017، إلى معاقبة قطر على ما وصفته الدول العربية الأربع الأخرى بدعمها للإرهاب.
ومنذ ذلك الحين، وضعت الدول الأربع قائمة مطالب على قطر الوفاء بها قبل رفع الحظر، تتضمن إغلاق شبكة الجزيرة الإخبارية والتخلي عن العلاقات مع المنظمات الإسلامية وخاصة جماعة الإخوان المسلمين.
قناة مفتوحة مع إيران
وفي مقابلة في سبتمبر الماضي، قال السفير القطري لدى الولايات المتحدة بأن قناة الاتصال المفتوحة بين قطر وإيران هي “للجلوس معا وحل الخلافات”.
وأشار السفير الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني إلى مخاوف بشأن برنامج إيران النووي والصاروخي. لكنه قال: “نعتقد أن أفضل نهج هو إجراء حوار والتفاوض للاتفاق”.
وقبل أسبوعين فقط، سافر وزير الخارجية مايك بومبيو أيضا إلى قطر لتقديم ما أسماه أحد المسؤولين عرضه الخاص لمسألة المسارات الجوية إلى الحكومة القطرية.
وفي لقاء مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، ناقش بومبيو “الحاجة إلى العمل معا لمواجهة التهديدات التي تواجه الاستقرار في المنطقة، وأهمية التغلب على الانقسامات داخل الخليج لمواصلة مواجهة النفوذ الإيراني الخبيث”، وذلك بحسب بيان وزارة الخارجية الأمريكية.
ورفض البيت الأبيض الأربعاء الماضي التعليق على اجتماعات كوشنر في السعودية وقطر.
وكان استمرار العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية منخفضة المستوى بين إيران وقطر لسنوات من بين الشكاوى التي قدمتها الدول العربية الأخرى ضد الحكومة القطرية.
“لا مبرر للقطيعة الدائمة”
وقال عبد الله المعلمي السفير السعودي في الأمم المتحدة، في مقابلة: “إنه لا يوجد مبرر للقطيعة الدائمة مع قطر”، لكنه كرر الشكوك العميقة الجذور حول الحكومة القطرية خاصة فيما وصفه بدعمها للمتطرفين.
وقال المعلمي: “لا يوجد خلاف بيننا وبين قطر يغير المصير فنحن شعب واحد وبلد واحد، والإخوة القطريون امتداد للمملكة العربية السعودية، والسعودية امتداد لهم”.
ولفترة من الوقت، بدا ترامب منجازاً للمحور السعودي في هذا الخلاف. لكن إدارة ترامب قررت تدريجيا التوسط لإعادة توحيد قطر مع جيرانها الإقليميين حيث ترى أن المعركة الأكثر أهمية هي ضد إيران.
فمنذ عام 2018، عندما سحب ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، فرضت إدارته عقوبات اقتصادية ضد طهران فحرمتها من ما يقدر بنحو 70 مليار دولار من عائدات النفط، وقد ساهم ذلك في ما وصفه بومبيو الشهر الماضي بأنه تخفيض بنسبة 25 % في الميزانية العسكرية لإيران العام الماضي.
اتهامات ومطالب
وتتهم الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) قطر بزعزعة استقرار المنطقة بدعمها التشدد والإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة.
وقد فرضت هذه الدول منذ عام 2017 قيودا على قطر، شملت إغلاق حدودها البرية والبحرية ومجالاتها الجوية. وتسبب ذلك في حالة من الاضطراب داخل قطر التي تعتمد على الواردات لتلبية الاحتياجات الأساسية لسكانها البالغ عددهم 2.7 مليون شخص.
وقد أعدت البلدان الأربعة في يونيو من عام 2017 قائمة بـ 13 مطلبا قالت إنه يجب على الدوحة تلبيتها لحل الأزمة.
وشملت القائمة إغلاق قناة الجزيرة، وتحجيم العلاقات العسكرية مع تركيا وإغلاق قاعدة عسكرية تركية في قطر، وقطع العلاقات مع حركة الإخوان المسلمين، وتقليص الروابط مع إيران. ووصفت قطر قائمة المطالب بأنها “غير واقعية وغير عملية”.