الجوع يهدد آلاف المهاجرين في اليونان بعد تقليص برامج الدعم
أ ف ب
بعد خفض المساعدات الحكومية المقدمة لهم يعاني آلاف المهاجرين في اليونان من الجوع، ما جعل كثيرين منهم يعتمدون على تبرعات غذائية لسد رمقهم. لكن هؤلاء أيضا يعانون من انعدام شديد في الأمن الغذائي، وهو ما يحذر خبراء من تبعاته.
في أحد أفقر أحياء أثينا اصطفت عشرات النساء المهاجرات والأطفال الصغار المعوزين بسبب خفض البرامج اليونانية لمساعدة اللاجئين، للحصول على تبرعات غذائية.
اختارت النيجيرية دنيز يوبو (33 عامًا) ما يكفي من الأرز والعدس والطحين والبسكويت لملء خزائن مطبخها للشهر القادم. تبخر راتب يوبو والدة الطفلين والمعيلة لهما، هذا العام لارتفاع كلفة المعيشة في اليونان. وتكسب يوبو من عملها كمنظفة بدوام جزئي أقل من 500 يورو (550 دولار) شهريًا، بالكاد تكفي لتسديد إيجارها البالغ 350 دولارا. وقالت لوكالة فرانس برس: “في كثير من الأحيان في منتصف الشهر، لا يبقى معي المال الكافي لإطعام ولدي”.
وتواصل اليونان خفض الإعانات المقدمة لطالبي اللجوء واللاجئين وسط تشديد السياسات تجاه المهاجرين في أنحاء أوروبا، والمساعدة المالية البالغة بضع مئات اليوروهات شهريًا، تتوقف ما إن يحصل طالب اللجوء على وضع لاجئ.
في ديسمبر أوقفت أثينا برنامجًا يموله الاتحاد الأوروبي كان يسدد بدل إيجار لعشرات آلاف اللاجئين على مر السنوات السبع الماضية. وقال وزير الهجرة آنذاك نوتيس ميتاراكيس إن “البرنامج أنجز مهمته” مضيفًا أن “العدد القليل” من مقدمي الطلبات نُقلوا إلى مخيمات “عصرية”.
وكانت فهيمة الأفغانية العشرينية من بين الذين أصبحوا في الشارع بسبب ذلك الإجراء. ووجدت نفسها خارج القانون وغير قادرة على الاستفادة من أي مساعدة حكومية. وقالت: “أنا في وضع شاق إذ لا أحصل على مساعدة حكومية ولا يمكنني إيجاد عمل”.
في الأشهر الـ18 الماضية قدمت مجموعة “إنترسوس” الإنسانية مواد غذائية لأكثر من خمسة آلاف مهاجر ولاجئ، 54 منهم قاصرون. تقول المشرفة على برنامج “طعام للجميع” ماتينا ستماتيادو، إن المستفيدين لاجئون وطالبو لجوء رُفضت طلباتهم، ومهاجرون بدون أوراق ثبوتية وآخرون قد يكون لديهم عمل.
خلال عام واحد فقط ارتفع عدد المدرجين على قائمة الانتظار أربع مرات وصولًا إلى أكثر من ألفي شخص، على ما قالت. وتُعطى الأولوية لمقدمي طلبات يعانون من ضائقة شديدة مثل أمهات عازبات أو أشخاص لديهم مشكلات صحية خطيرة. وقالت ستماتيادو إن “اليونان لا تزال تعتبر نفسها بلد عبور. لكن العديد من اللاجئين يعيشون هنا منذ عدة سنوات ويريدون الاندماج”، وأضافت: “غير أن الحكومة فشلت في تطبيق سياسات فاعلة لهذا الغرض”.
ويقدر المدير العام لبرنامج “إنترسوس” فرع اليونان أبوستولوس فيزيس أن قرابة 15 ألف لاجئ في أثينا غير قادرين على الوصول إلى وجبات يومية كاملة. وقال “عند الجوع لا يمكن البحث عن عمل أو الاهتمام بالإجراءات القانونية أو الصحة”. وفي وضع كهذا “كي تحصل على المال تكون مستعدًا لتعريض نفسك للخطر والقيام بأنشطة غير قانونية والاستدانة دون القدرة على التسديد”، بحسب فيزيس.
وقرابة 60 بالمئة من الذين يتلقون مساعدات من منظمات، كانوا يحصلون على مواد غذائية كافية بين مرة وثلاث مرات أسبوعيًا، ما عرضهم لانعدام أمن غذائي شديد، وفق معايير الأمم المتحدة.
ويؤكد فيزيس أن للجوع تداعيات خطرة أيضًا على النمو الجسدي والعقلي للأطفال.
وقالت النيجرية سينتيا إفيوناندي (30 عامًا): “أحيانًا لا يذهب أطفالي إلى المدرسة لأنهم متعبون بسبب الجوع”، وأضافت: “نسمع روايات فظيعة عن مراهقات لا يذهبن إلى المدرسة لأنهن في دورتهن الشهرية والأهالي غير قادرين على شراء الفوط الصحية لهن” وروايات أخرى عن أطفال جائعين يفقدون الوعي في الصف.