هل بدأت الحرب؟ قصف وإطلاق نار على منطقة “دونباس” الانفصالية بأوكرانيا.. وروسيا تحذر من “خطر كبير”

وكالات 

أطلقت القوات المسلحة الأوكرانية النار مرة أخرى على أراضي لوغانسك، “المعلنة جمهورية من جانب واحد”بما في ذلك على منطقة “زيليونيه روشا” الواقعة في ضواحي لوغانسك، ضمن منطقة دونباس جنوب شرقي أوكرانيا. 

بحسب ما أفاد ممثلو لوغانسك في المركز المشترك المعني بمراقبة وقف إطلاق النار على خط التماس، وقال ضابط ممثل لوغانسك لدى مركز المراقبة: (القوات المسلحة الأوكرانية) انتهكت وقف إطلاق النار بشكل صارخ، بما في ذلك استخدام الأسلحة الثقيلة”. 

ووفقا له، أطلقت القوات الأوكرانية النار على بلدات مولوتشني وفسيلينكويه الخاضعة لسيطرة لوغانسك، وكذلك على منطقة زيلينايا روشا في ضواحي لوغانسك، مستخدمة قذائف هاون من عيار 120 و82 ملم. 

وسُمع دوي انفجار قذائف، اليوم الجمعة، قرب قرية في شرق روسيا خاضغة لسلطة كييف، حيث أصيبت حضانة أطفال قبل يوم في قصف، بحسب مراسل لوكالة فرانس برس في المكان. 

وتضرر أكثر من 20 منزلا في قصف في محيط قرية ستانيتسيا لوغانسكا، ومن بينها الحضانة التي لم تقع فيها إصابات خطرة، حسبما أعلن رئيس منظمة “فوستكوك اس.أو.اس”، كونستيانتين روتسكي لوكالة فرانس برس. 

وفي وقت سابق، أعلنت القوات الشعبية في جمهورية لوغانسك (معلنة من جانب واحد)، عن إسقاط  طائرة  دون طيار تستخدمها القوات الأوكرانية لتصحيح نيران المدفعية. 

وقال رئيس دائرة القوات الشعبية يان ليشينكو “لتصحيح نيران المدفعية في منطقة سكنية، استخدم عدو دونيتسك طائرة دون طيار من نوع كوادروكوبتر أسقطتها نقطة المراقبة الجوية للقوات الشعبية بالتعاون مع معدات الحرب الإلكترونية”. 

وأعربت الرئاسة الروسية عن بالغ قلق موسكو إزاء مستجدات الوضع في منطقة دونباس جنوب شرقي أوكرانيا، محذرة من أن هذه التطورات من شأنها أن تشكل خطرا كبيرا. 

وأكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الرئيس فلاديمير بوتين ناقش مع الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن الروسي تطورات الوضع حول أوكرانيا ورد موسكو على اقتراحات الولايات المتحدة وحلف الناتو بشأن مبادرة الضمانات الأمنية. 

كان الرئيس الأمريكي جو بايدن، حذر من أنّ خطر اجتياح روسي لأوكرانيا خلال الأيام القليلة المقبلة “مرتفع جداً”، مبدّداً بذلك تطمينات روسيا بشأن سحبها مزيداً من القوات من حدودها مع جارتها الموالية للغرب التي شهد شرقها تصعيداً ميدانياً خطيراً.  

وقال بايدن إنّ هجوماً روسياً على أوكرانيا يمكن أن يقع “في الأيام المقبلة”، لافتاً إلى أنّ “لا نية” لديه للاتصال بنظيره الروسي فلاديمير بوتين. 

وأضاف “كلّ المؤشرات التي لدينا (تدلّ على) أنّهم مستعدون لدخول أوكرانيا، لمهاجمة أوكرانيا”، والخميس كثفت واشنطن من التحذيرات بهذا الشأن، مؤكّدة أن روسيا لا تسحب قواتها من الحدود الأوكرانية كما وعدت بل تستمر بتعزيز انتشارها على حدود جارتها. 

وخلال جلسة لمجلس الأمن في نيويورك حول الأزمة الأوكرانية، حضّ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن روسيا على “التخلّي عن مسار الحرب”. 

وقال “أنا هنا اليوم ليس لبدء حرب بل لتجنّب” اندلاعها، مشيراً إلى أنّه اقترح على نظيره الروسي سيرجي لافروف أن يلتقيا “الأسبوع المقبل في أوروبا”، وأضاف بلينكن “لا أشكّ في أن الردّ على تصريحاتي اليوم هنا سيكون مزيداً من الإنكار من جانب الحكومة الروسية”. 

وتابع الوزير الأمريكي “تستطيع الحكومة الروسية أن تعلن اليوم أنّ روسيا لن تجتاح أوكرانيا، أن تقول ذلك بوضوح أمام العالم أجمع، ثم تعمد إلى إثبات ذلك عبر إعادة جنودها ودباباتها وطائراتها إلى ثكناتهم ومخازن (السلاح)، وعبر إرسال دبلوماسييها إلى طاولة المفاوضات”. 

وحذّر بلينكن من أنّه “في الأيام التالية، سيتذكر العالم هذا الالتزام أو رفض القيام به”، وأضاف “معلوماتنا تظهر بوضوح” أن القوات الروسية المحتشدة على الحدود الأوكرانية “بما فيها قوات برية وطائرات، تستعدّ لشنّ هجوم على أوكرانيا في الأيام المقبلة”. 

وعرض بلينكن سيناريو تتوقعه الاستخبارات الأمريكية يتضمن إطلاق “صواريخ وقنابل” على أوكرانيا، إضافة الى “هجمات الكترونية” على “مؤسسات أوكرانية حيوية”، ثم عملية توغّل “لدبّابات وجنود تستهدف أهدافاً رئيسية” بما فيها العاصمة كييف. 

وشبّه مسؤول كبير في الخارجية الأمريكية الوضع الراهن بذلك الذي سبق اجتياح موسكو لجورجيا في 2008، مرجعاً أسباب القلق الأمريكي إلى القصف الذي حصل أخيراً في منطقة دونباس في شرق أوكرانيا وإلى التحضيرات الروسية الجارية لايجاد ذريعة لاجتياح أوكرانيا. 

وقال المسؤول الأمريكي “قد يكون هذا الوقت الأخطر للسلم والأمن منذ انتهاء الحرب الباردة”، وانضمّ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى المحذّرين من غزو روسي لأوكرانيا، متّهماً موسكو بممارسة عمليات “استفزاز”. 

وقال جونسون بعد سقوط قذيفة على حضانة للأطفال في شرق أوكرانيا، حيث تحدث الجيش الأوكراني والانفصاليون الموالون لموسكو عن عمليات قصف، إنّ “حضانة للأطفال تعرّضت لقصف، الأمر الذي نعتبره عملية (…) لتشويه سمعة الأوكرانيين ولايجاد ذريعة. (إنّه) استفزاز خادع لتبرير تحرّك روسي”، وأضاف “لدينا خشية كبيرة من أن نرى مزيداً من الأمور المماثلة في الأيام المقبلة”. 

وندّد الجيش الأوكراني الخميس بهجوم على بلدة ستانيستا لوغانسكا تسبّب بانقطاع الكهرباء عن نصف منازلها وأصاب مدرسة بقذيفة. 

من جهتهم، اتّهم انفصاليو لوغانسك ودونيتسك القوات الأوكرانية بتكثيف القصف بأسلحة ثقيلة، وكتبت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس التي تزور كييف، على تويتر ان “المعلومات عن نشاط عسكري غير مألوف لأوكرانيا في دونباس محاولة فاضحة من الحكومة الروسية لاختلاق ذريعة لتنفيذ اجتياح”. 

على صعيد متّصل، تلقّت الولايات المتحدة الخميس ردّ روسيا الخطّي على الموقف الأمريكي بشأن الضمانات الأمنية التي طلبتها موسكو من واشنطن وحلف شمال الأطلسي. 

كانت واشنطن سلّمت موسكو ردّها الخطّي على المطالب الروسية في 26 كانون الثاني/يناير لكنّها رفضت المقترحات الروسية الرئيسية وبينها ضمانة رسمية بعدم انضمام أوكرانيا إلى الأطلسي وسحب قوات للحلف منتشرة قرب روسيا. 

في كييف أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس عن أسفه لأنّ مسار انضمام بلاده إلى الأطلسي “لا يتقدم”، علما بأنّ عضوية كييف في الحلف هي أحد أبرز أسباب التوتّر بين الغرب وروسيا.  

وتقترح الولايات المتحدة على روسيا إجراء نقاشات حول نشر الصواريخ في أوروبا وقيودا متبادلة على المناورات العسكرية. 

وفي الواقع فإنّ ردّ روسيا لم يتأخر، إذ إنّها توعّدت بالتحرّك، ولو عسكرياً، في حال رفضت الولايات المتحدة مطالبها الأمنية الرئيسية، مكررة أنها تريد انسحابا للقوات الأمريكية من وسط أوروبا وشرقها ودول البلطيق. 

وكتبت الخارجية الروسية ردّاً على اقتراحات أمريكية في شأن محادثات حول الأمن الأوروبي “في غياب استعداد لدى الجانب الأمريكي للتفاهم على ضمانات قانونية راسخة لأمننا ستكون روسيا مضطرة إلى التحرك، خصوصاً عبر تنفيذ اجراءات ذات طابع عسكري وتقني”. 

والخميس أيضاً أعلن زيلنسكي أنّ بلاده “لا تحتاج” إلى جنود حلفاء أجانب على أراضيها لمواجهة روسيا لأنّ “استقرار العالم أجمع سيتزعزع”. 

وأضاف “لا نريد أن نعطي سببا إضافيا لروسيا لتقول إن لدينا هنا قواعد (اجنبية) ينبغي على (الروس) أن يدافعوا عن انفسهم حيالها”. 

وأتت هذه التطورات لتبدّد مفاعيل التطمينات التي حاولت روسيا إشاعتها بإعلانها الخميس أنّها سحبت مزيداً من القوات المحتشدة في مناطق مجاورة لأوكرانيا. 

وأعلنت روسيا منذ الثلاثاء عودة عدد غير محدد من القوات والمعدات التي تم نشرها في شبه جزيرة القرم وعند الحدود مع أوكرانيا إلى ثكناتها، داعمة تأكيداتها بصور. 

وقالت وزارة الدفاع الروسية الخميس إنّها سحبت وحدات جديدة من القرم، عارضة مشاهد تظهر قطارا يحمل شاحنات عسكرية، يعبر الجسر الذي يربط القرم بالبر الروسي، كذلك أعلنت أنها بصدد إعادة وحدات مدرعات ودبابات إلى قواعدها في غرب روسيا، بدون تحديد نقطة انطلاقها ولا مكان وصولها. 

غير أن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قال إن “وزير الدفاع أفاد في الواقع أن بعض مراحل التدريبات تشارف على نهايتها، وأن العسكريين سيعودون تباعا إلى قواعدهم”، مؤكّداً أنّ “هذا يتطلّب وقتا”. 

واتهمت الصين الخميس الولايات المتحدة من دون أن تسميها بتأجيج التوتر في شأن أوكرانيا، معتبرة أنّ سبب الأزمة الراهنة هو توسّع الأطلسي. 

وأعلنت الخارجية الأمريكية الخميس أنّ روسيا “طردت” المسؤول الثاني في سفارة الولايات المتحدة في موسكو بارت غورمان، مندّدة “بتصعيد” على خلفية الأزمة المتعلقة بأوكرانيا، ووسط هذه التطورات وصل عسكريون أمريكيون إلى سلوفاكيا الخميس للمشاركة في تدريبات للأطلسي. 

وتقاذفت موسكو وكييف في مجلس الأمن الخميس المسؤولية عن عدم تنفيذ اتفاقيات مينسك الرامية لإحلال السلام في شرق أوكرانيا، وتلتقي نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس السبت زيلينسكي وتجري محادثات مع العديد من المسؤولين الأوروبيين على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، على ما أفاد مسؤول كبير في البيت الأبيض الأربعاء. 

كذلك يجري رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي الـ27 الخميس محادثات حول التوتر بشأن أوكرانيا، وفق ما أعلن متحدث باسم المجلس الأوروبي الأربعاء. 

وفتحت موسكو جبهة جديدة بتصويت في البرلمان الروسي الثلاثاء يدعو بوتين إلى الاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، وحذر بلينكن الأربعاء من أنّ ذلك سيشكل “انتهاكا صارخا للقانون الدولي”. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *