مقاطع من ديوان “وردة التخييل الذاتي” .. شعر: أشرف يوسف (إبداعات)

20
بِودِّي قَولُ كَلماتٍ بَسيطَةٍ عَنِّي…

كَأنْ أَكتبُ مجازًا

عن جُوعي لِشَفَتَيْن في رَسمَةٍ لِفنَّانٍ مُعاصِرٍ،

وإذا بامرَأَةٍ تَخرجُ من اللَّوحَةِ…

كَأنَّ الأَمرَ مُعتادٌ، ويَخلو من السِّحر،

ولمزيدٍ من كَسْرِ الإيهامِ تَتساءَلُ:

أَلَا تَعرِفُ مَطعَمًا بالقُربِ من هُنا؛

بودِّي أَنْ آكُلَ سَندويتش من الفلافِلِ،

وأُدخِّنَ سيجارَةَ لايت.


21


ربَّما هُما عائِدان مَعًا من سَهرةٍ،

أو كانا يَرمِيان نَظرةً صَباحيَّةً

على العالَمِ بِخارِجِ الجُدرانِ،

أَشُمُّ مِنهما رائِحَةً لابْتِهاجٍ لا يُصادِفني

في مثلِ هَذه الأَيَّامِ…

أَظنُّهُما عاشِقَيْن،

وقَد فَرَغا للتَّوِّ من طَعْنٍ وقُبُلاتٍ،

وجاءَا إلى مَقهى الفُقراءِ

لِتُدخِّنَ المرأةُ الشَّعبيَّةُ النارجيلَةَ،

ويَجلِسُ رَجُلُها الطَّيِّبُ

أَمامَ لَوحَتِه الضَّاحِكَةِ

بِحُبٍّ خالٍ من أَحقادِ العُمران.

22

هو شابٌّ أَجنبيٌّ،

هي شابَّةٌ أَجنبيَّةٌ،

كِلاهما غَيرُ مُطابِقٍ لمواصَفاتِ الآخَرِ…

قالا لي في اخْتصارٍ للتَّشَكِّي.

أَنظُرُ إلَيهِما تَحتَ سَقفٍ واحِدٍ

ولا تَزالُ هَذه البُقعَةُ تَتَّسِعُ بَينَهما

بِنفس الدَّرجَةِ الَّتي يِنْجُوانِ مِنها..

هي كَرِسالَةٍ… هو كُرسولٍ،

وقد اخْتَلَطا في غَيمَةٍ

بِداخلِ قَلبِ المدينَةِ الصَّديقَةِ التي أَحبَّاها

كَأنَّهما غريبان حَضَرَا إلى القاهرة؛

ليلتقيا عند جروبي..

ويَقعانِ في الحُبِّ من أَوَّلِ نظرةٍ

كَما في أَفلامِ الشَّرقِ الحَزين.

23

ثمَّة إحساسٌ خَفيفٌ بالتَّعاسَةِ؛

لَيسَ لَديَّ شَيءٌ لأقولَهُ

لِكلِّ تلكَ الأَصواتِ المستَعارَةِ

الَّتي تُقيمُ بِداخلي.

لماذا لا أُسْكِتُها صَوتًا صوتًا،

وأَبحثُ عن صَوتي؟

أنا الطَّائِرُ الهارِبُ

من قَفَصِ البَنسيون والسَّكَنِ الجَماعِيِّ

 إلى وَجبَةِ أُرزٍ ساخِنَةٍ..

أُنصِّبُ نَفسي في هذا المساءِ الحَزينِ

مَقهًى صغيرًا لأَرامِلِ «ماركس»*.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* أُنصِّب نَفسي مقهًى صغيرًا لأَرامِلِ ماركس: إشارة إلى عام 2015، سنة صدور «أرامِل ماركس» عن دار شرقيَّات.

24
لِمَاذا لا تُهاجِرُ يا أخي،

وتَلُفُّ شالًا أَبيضَ

حَولَ رُوحِكَ البَيضاءِ؛

حَتَّى تَنجُوَ من التَّلَفِ

مِثل امْرأَةٍ شَهيَّةٍ أَكَلَها النُّقصانُ؟!

غامِرْ يا أخي،

واذْهَبْ إلى أَرضٍ أُخرى؛

فأنتَ بِحاجَةٍ لِكَسْبِ النُّقودِ،

وبِحاجَةٍ أَيضًا للنِّسيان..

فَلَن يَخسَرَ العالَمُ شيئًا

لو صِرتَ قَوَّادًا

مِثلَ كاتِبي مقالاتِ النفاق؛

لِترتاحَ مِن أَلمِ الاكتمالِ،

ولا تَشْغَلَنَّ بالَكَ بِأنَّ للكَمانِ صَوتًا

يَتْبَعُكَ بين جِدارٍ لحائِطٍ وفَتاةٍ عَجوزٍ،

تُجيدُ أَلَمَ المغادَرَةِ دَومًا

إلى عُلبَةِ ذِكرياتِ رَجُلٍ آخرَ

ماتَ مُنذُ سنينَ،

ولا يَراها، ولا تَراهُ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *