مدحت الزاهد يكتب: هانى شكر الله.. نجمه لا يغيب

كأخ ورفيق وصديق أوحشنا وافتقدناه، ولكنه كفكر وكروح كأنه لم يسافر ولم يغب ولم يرحل الا بالجسد فهانى شكر الله، الذى رحل منذ عام، عاش فى عمره القصير حياة طويلة عريضة مديدة شغل بها مساحة فى العقول والقلوب، ولم يكن رفيقا ككل الرفاق لانه تميز بصفات نادرة اجتمعت فيه، وقلما تجتمع كلها فى رفيق. فكريا تعلم هانى من المادية الجدلية والتاريخية أن الحقيقة تحليل ملموس لواقع ملموس ، وان النظرية رمادية اللون وشجرة الحياة خضراء دوما، فلم تستعبده نظرية او تقرير أو حزب أو زعيم وامتلك رحابة النقد والعقل وهو ما منحه مقدرة نافذة على التطور المستمر المرتكز للدراسة والعلم والمعرفة والانفتاح على مختلف المدارس دون أن يفقد المعالم الكبرى لرؤيته وبوصلته .

وقد منحته هذه الصفة نفسها القدرة على رؤية الظواهر فى تطورها وصيرورتها وتناقصها ومتابعة الميول المتعارضة لتشكل الظواهر ، ومكانته هذه القدرات الفكرية من جرأة النقد وتصحيح المسار وتغيير التكتيك والابتعاد عن عبادة الأصنام أفكارا وبشرا والانفصال المبكر عن أمراض الحلقية

كما مكنته هذه الصفة مع صفات الطبع وتربية ابراهيم شكر الله وجانيت ورفقة علاء وهالة وأصدقاء العمر من مد جسور الود مع رفاق من كل الأجيال وكل مدارس اليسار والحركة الديمقراطية وكأنه ومع وضوح موقفه ، الاب الروحى للجميع لا يشعر أحد فى رفقته بالغربة ولا يراوده احساس التحفز فى مواجهة خصم .. كانت عباءة هانى واسعة وحضنها اتسع للجميع. وبهذه الصفات مع موهبة أصيلة تغذيها الثقافة والمثابرة أبدع هانى شكر الله تجارب فى السياسة والصحافة وتنوعت إسهاماته الفكرية والسياسية والحزبية فى انتفاضات السبعينيات الطلابية وحزب العمال الشيوعى المصرى الذى أسهم هانى فى تأسيسه وشارك فى قيادته وتصحيح مساره وفى الصحافة السرية والعلنية ، وهى ا وتعددت تجاربه وهى أمور جرى تناولها وسوف اعود إليها فى مناسبات لاحقة ولكن عودة إلى هانى شكر الله الإنسان والصديق والرفيق، كان هانى المفكر العميق إنسانا صاحب كبرياء ومعتدا بكرامته ولهذا لم ينكسر قلمه ولم ينحنى ويبدو لى أن الكرامة والكبرياء وعفة النفس، وأكثر من اى صفة أخرى هى التى تحمى الناس من الانكسار  والهوان وقد رأيت كبارا ينكسرون وآخرين يصمدون واظن أن هذا هو االغرق، وهانى كان صاحب كبرياء ولكنه لم يكن متكبرا، وكان معتدل بكرامته ولكنه كان بسيطا متواضعا ولهذا صان كرامة الناس ونفذ إلى مواهبهم وفرح بها كما لو كانت موهبته وكانت موهبته الأكبر انه قائد اوركسترا لا يجيد العزف المنفرد وهو أكثر من جسد معنى القيادة وبالفريق أبدع وصنع تجاربه الملهمة .. وقد رحل هانى قبل لقاء عصف ذهنى  لتجربة نصف قرن هى عمر صداقتنا ولكن رفاق مثل هانى أثرهم لا يغيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *