مخاوف على حرية الصحافة والتعبير بعد سجن خالد درارني.. هل هذه “الجزائر الجديدة” التي يبنيها تبون؟

توالت ردود الفعل المنددة بالحكم القضائي الذي صدر الثلاثاء بحق الصحافي الجزائري خالد درارني بالسجن عامين مع النفاذ. واعتبرت العديد من الجمعيات الحقوقية والنقابات الصحافية هذا الحكم بأنه تراجع للحريات الأساسية وخطوة جديدة لقمع الصحافة والإعلام في هذا البلد الذي هزه حراك شعبي مطالب بتغيير جذري للنظام الحاكم.

واستنكرت الجمعيات الحقوقية والأحزاب السياسية ونقابات الصحافيين في الجزائر وخارجها الحكم الذي أصدرته محكمة الجزائر في حق مراسل قناة “تي في 5 موند” ومنظمة “مراسلون بلا حدود” خالد درارني، والذي يقبع في سجن القليعة (غربي الجزائر العاصمة) منذ 29 مارس.

وكانت المحكمة قد أدانت درارني بعقوبة السجن لمدة عامين مع النفاذ بتهمتي “المساس بالوحدة الوطنية والتحريض على التجمهر غير المسلح”.

وقال عبد الغني بدي، وهو عضو في هيئة الدفاع عن خالد درارني: “كلنا في خطر. عندما نرى مثل هذه الأحكام، فلا يمكن أن نضمن للمواطنين حقوقهم الأساسية ولا حرية الصحافة. الصحافة في خطر. مهنة المحاماة في خطر، الحريات في خطر والجزائريون كلهم في خطر”، بحسب موقع “فرانس 24”.

من جهتها، أسرت زبيدة عسول، وهي محامية وعضو في هيئة الدفاع عن الصحافي: “نشعر بصدمة كبيرة وبغضب شديد إزاء هذا الحكم القضائي. وبالرغم من أنه يجب علينا احترام الأحكام القضائية كمحاميين، إلا أننا نشعر في نفس الوقت بأن القضاء موظف لأهداف أخرى”.

وتابعت عسول: “حرية التعبير وحرية الصحافة والحريات الأساسية للمواطنين الجزائريين في خطر. على الناس أن يفهموا بأن حرية الإعلام والحريات الأساسية الأخرى بشكل عام لا تتعلق فقط بقضية خالد درارني وإنما هي قضية كل المجتمع”.

 أما رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض محسن بلعباس، فقد كتب على صفحة فيس بوك التابعة للحزب: “الحكم الذي أصدرته محكمة الجزائر في قضية خالد درارني و(الناشطين) سليمان حميتوش وسمير بن لعربي يؤكد تراجع الحريات وتجريم عمليات ممارسة المواطنة التي نص عليها الدستور”.

وتابع قائلا: “الحكم على خالد درارني بالسجن عامين سيبقى منقوشا في الذاكرة والتاريخ كأبشع عملية توظيف القضاء لإدارة الصراعات السياسية واعتداء على سلوك المواطنة”.

من جهته، اعتبر حزب العمال الذي تتزعمه لويزة حنون أنه لا “توجد أية ذريعة لسجن صحافي مارس نشاطاته الإعلامية” معلنا في الوقت نفسه عن “دعمه الكامل وغير المشروط ” للصحافي الجزائري، داعيا إلى “إطلاق سراحه وكل سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين”.

وعبر رئيس منظمة “مراسلون بلا حدود” كرستوف دولوار عن “صدمته” بعد الحكم الذي صدر في حق خالد درارني، منددا بـ “العناد الأعمى” للقضاة الجزائريين. وكتب في تغريدة على حسابه في موقع تويتر: “إبقاء درارني في السجن ما هو إلا دليل على مدى انغلاق النظام الجزائري في منطق سخيف غير عادل وعنيف”.

نفس الموقف عبرت عنه منظمة العفو الدولية إذ أعلنت في تصريح صحفي أن “الأحكام القاسية التي أصدرتها محكمة الجزائر ما هي إلا دليل على قمع الحريات على مستوى كل الوطن وتكشف عن سلوك جديد يتمثل في متابعات قضائية ضد كل المناضلين الذين يطالبون بالديمقراطية وباحترام دولة القانون”.

أما جمعية “راج”، التي تضم في صفوفها شبان ينادون بالتغيير، فقد عبرت عن “استيائها إزاء الحكم الذي صدر في حق خالد درارني” داعية السلطات الجزائرية إلى “إطلاق سراح كل سجناء الرأي الذين تم اعتقالهم دون سبب وبشكل تعسفي”.

ردود فعل أخرى منددة بالحكم على خالد درارني نشرت في الصحافة الدولية، وجميعها اعتبرت سجن هذا الصحافي بسبب عمله الإعلامي أمر يبعث على القلق في “الجزائر الجديدة” التي يريد الرئيس عبد المجيد تبون إرساءها.

كان الرئيس الجزائري تعهد بالعمل على طي صفحة الماضي وفتح صفحة “الجمهورية الجديدة”، دون إقصاء لأي طرف، كما دعا إلى حوار مع الحراك الشعبي.

وقال عبد المجيد تبون في أول كلمة له عقب إعلان فوزه في الانتخابات بنسبة 58 %:” أتعهد بالعمل على طي صفحة الماضي وفتح صفحة الجمهورية الجديدة، وسنعمل بعيدا عن الإقصاء ونسعى للعمل على لم الشمل في الجزائر”، داعيا المتظاهرين في الحراك الشعبي إلى بدء حوار جاد من أجل الجزائر، معبرا عن احترامه وتأثره بمطالب الحراك، قبل أن يشرع في ملاحقتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *