لبنان يغرق في الظلام| الشموع والقناديل بديل الكهرباء.. ومريض ربو يستعين بمسجد لتشغيل جهاز أكسجين

وكالات 

شهدت مناطق لبنان كافة، خلال الساعات الماضية فترات تقنين إضافية بالتغذية الكهربائية بسبب فقدان مؤسسة كهرباء لبنان لمادتي الفيول أويل والغاز أويل. وأشارت مصادر متابعة إلى أن “مخزون المحروقات في مؤسسة الكهرباء بات حرجاً جداً، وأن إنتاج المؤسسة آخذ في التراجع إلى مستويات متدنية جداً، مما قد يؤدي إلى عتمة شاملة على كامل الأراضي اللبنانية”.

وتهافت اللبنانيون أمس بشكل ملحوظ على مادة الكاز، حيث وصل سعر الـ20 ليتراً إلى 100 ألف ليرة خوفاً من انقطاع التيار الكهربائي بالكامل وتقنين ساعات مولدات الاشتراك.

كما لجأ المواطنون إلى تنظيف القناديل القديمة ومسح الغبار عنها لاستعمالها للإنارة، خصوصاً بعدما وصل ثمن كيلو الشمع إلى 24 ليرة، إن وجد في محال السوبر ماركت وتلك التي لم تغلق أبوابها بعد بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

وحذّر رئيس تجمّع المولدات في لبنان عبدو سعادة من مغبة إطفاء المولّدات غداً إذا لم تتأمّن مادة المازوت. كما ناشد المسؤولين إيجاد آليّة لتأمين المادة.

وتراجعت تدريجاً خلال الأشهر الماضية قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية، ما أدى الى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً في بعض المناطق. ولم تعد المولدات الخاصة، على وقع شحّ الوقود، قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها بدورها الى اتباع تقنين.

وتغرق المناطق كافة في ظلام دامس. وتنتشر بشكل شبه دوري مقاطع فيديو وصور لأشخاص يناشدون المعنيين التدخّل لتوفير الكهرباء من أجل تشغيل ماكينات الأكسجين لأطفالهم أو أفراد عائلاتهم، خصوصاً في مناطق لا تتوفر فيها المولدات الخاصة. وكانت استغاثة رجل نهاية الشهر الماضي في مدينة طرابلس (شمال) لانقاذ طفلته المصابة بالربو قد أشعل تحركات احتجاجية في الشارع.

وعلى وقع تدهور سعر صرف الليرة التي خسرت أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار، ورفع السلطات لأسعار الوقود الأسبوع الماضي، لم يعد كثر قادرين على تحمّل تكلفة فاتورة المولّد الكهربائي، ما ينذر بتفاقم الوضع.

ولجأ رجل فجر يوم الأربعاء إلى أحد مساجد بيروت، عند موعد صلاة الفجر، للاستفادة من توفر الكهرباء من أجل تشغيل آلة أكسجين يحتاجها جراء إصابته بمرض الربو، وسط تقنين قاس في ساعات التغذية باليتار يتخطى 20 ساعة يومياً في خضم انهيار اقتصادي غير مسبوق.

ويُعد قطاع الكهرباء الأسوأ بين مرافق البنى التحتية المهترئة أساساً. ويُشكل إصلاحه أحد مطالب المجتمع الدولي الرئيسية لدعم لبنان. وقد كبّد خزينة الدولة أكثر من 40 مليار دولار منذ انتهاء الحرب الأهلية.

ووصلت أزمة الكهرباء في لبنان إلى المستشفيات، حيث تم إطفاء أجهزة التبريد في أقسام من مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت، في وقت سابق، مع تأجيل بعض العمليات الجراحية بسبب انقطاع التيار.

وكان فراس أبيض مدير مستشفى رفيق الحريري، وجّه خطابا إلى وزير الطاقة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، الاثنين قبل الماضي، طلب فيه الموافقة على استثناء المستشفى من التقنين القاسي للكهرباء.

وفي تغريدة على حسابه عبر “تويتر”، السبت الماضي، قال أبيض: “وضع تغذية الكهرباء للمستشفى غير مقبول، انقطاع لأكثر من 21 ساعة في اليوم، الوقود غير متوفر وإذا توفر نعاني مشاكل سيولة”.

وأوضح أن المستشفى يعاني تقنينا شديدا للكهرباء يصل إلى 21 ساعة في الـ24 ساعة، مما يستدعي استخدام 6 مولدات موجودة في المستشفى”، مضيفا: “جرى استهلاك المخزون الذي كان يكفي في العادة شهرا ونصف الشهر خلال أيام معدودة”.

وتابع: “في ذات الوقت، عانى المستشفى مشكلة العثور على وقود في السوق، مما وضعه في خطر انقطاع التيار الكهربائي بشكل كلي، مع ما يترتب عن ذلك من تعريض حياة المرضى للخطر، لا سيما من هم العناية الفائقة”.

وأوضح مدير مستشفى رفيق الحريري: “أول خطوة يتم اتخاذها في ظل هذا الوضع ترشيد الاستهلاك، من خلال إيقاف تشغيل المكيفات في المكاتب الإدارية، علما أنه من الصعب على الموظف العمل في ظل الحرارة من دون تكييف، أما الإجراء الثاني فهو وقف كل العمليات غير الطارئة”.

وتمكن الجيش اللبناني من تلبية نداء مستشفى رفيق الحريري، من خلال تأمين مادة المازوت من شركة “توتال” كحل مؤقت، في انتظار أن تفي وزارة الطاقة بوعودها بالتخفيف من ساعات التقنين.

وبينما يشتعل الشارع غضبا في مدينة طرابلس، تبقى أبواب المستشفيات مشرعة أمام المواطنين، لكن أزمة الكهرباء قائمة أيضا، في مدير مستشفى طرابلس الحكومي وغيرها، فضلا عن المستشفيات الخاصة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *