ريهام الحكيم تكتب: تفجيرات وانتخابات العراق والادارة الأمريكية الجديدة.. “داعش” مرة أخرى” (تحليل إخباري)

بعد ثلاث سنوات من إعلان الحكومة العراقية القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، عاد التنظيم للظهور مجدداً من خلال سلسلة من التفجيرات والعمليات المسلحة داخل محافظات العراق.

فالبداية كانت هذا الأسبوع بعملية انتحارية قَتل فيها 32 عراقياً وأصابة 110 جريح، في تفجيريين انتحاريين في ساحة الطيران/ الأعظمية بالعاصمة بغداد، كما أعد التنظيم كميناً لعدداً من جنود الحشد الشعبي في محافظة صلاح الدين عن طريق إستهداف خمس عربات تابعة للحشد ” لواء 22″، ما أسفر عن إستشهاد 11 عنصرا ومنهم قائدهم العسكري.

ونُفذ الهجوم ليلاً بواسطة أسلحة خفيفة شرق مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين. وعلى الرغم من عدم إعلان التنظيم تبنيه للهجوم، إلا أن مصادر إعلامية وجهت الإتهام للتنظيم.

كما فجر مسلحون خطوطاً لنقل الطاقة الكهربائية بين محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين شمال العراق، وأُسقط عدداً من الأبراج الكهربائية مما أدى إلى عزل وتحديد أحمال الطاقة الكهربائية وهو ما انعكس على ساعات تجهيز الكهرباء.

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في تصريح :” تنظيم داعش مازال قوياً ويعمل في العديد من المناطق، والعراق لا يستطيع أن يتعامل مع هذا الخطر وحده. وأشار الوزير أن الصراع الخليجي الإيراني في المنطقة يؤثر بشكل مباشر على الوضع الأمني في العراق”.

وكانت القوات العراقية قد نجحت في القضاء على التنظيم – عقب إستعادة الجيش العراقي لمدينة الموصل شمال العراق – في معاقله الكبرى نهاية 2017 بعد معارك دامية جمعت كلاً من الجيش العراقي ومجموعة فصائل الحشد الشعبي بعد إحتلال دام لثلاث سنوات استطاع التنظيم إحتلال مساحات شاسعة/ ثلث مساحة العراق.

لكن خلايا منه لا تزال تنشط في بعض المناطق البعيدة عن المدن، وتستهدف بين وقت وآخر مواقع عسكرية.

في سبتمبر 2020، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، النجاح في إبادة التنظيم بشكل كامل ونجاح قوات التحالف في إغتيال زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي وتفاءل ترامب بمستقبل المنطقة بعد إنتهاء التنظيم.

ولم يُستقرعلى العدد الفعلي لخلايا التنظيم المتبقية عقب معركتي التحرير في الموصل(العراق) والرقة (سوريا)، فبين 15 ألف إلى 30 ألف عنصراً – طبقاً لبعض التقديرات لمراكز أبحاث – في أماكن متفرقة بين العراق وسوريا وليبيا وعدداً من الدول الأفريقية.

الإدرة الأمريكية الجديدة

اعتبر البعض أن ادارة الرئيس ترامب، كانت قد غضت الطرف عن نشاط التنظيم في جهد منها لإشغال الرئيس بايدن عن أجندته الأكثر إلحاحاً، والبعض الأخر يرى أن التنظيم كان في أفضل حالاته في عهد الرئيس الأسبق باراك اوباما، وقتما كان بايدن يشغل منصب نائب الرئيس الامريكي، حيث استطاع التنظيم السيطرة على أراضي ومحافظات عديدة في كلاً من سوريا والعراق.

تحظى القوات العراقية بمساندة من قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة التي تدخلت في البداية عام 2014 للمساعدة في الحرب ضد “داعش”، عبر تأمين التدريب والمراقبة والغطاء الجوي دعماً للعمليات ضد الجهاديين.

وخفض التحالف الدولي عدداً من قواته بشكل كبير خلال العام 2020، إذ قلصت الولايات المتحدة قواتها من 5,200 إلى 2,500 جندي فقط.

مصادر عسكرية ومراقبون اشارت إلى انقسامات سياسية في صفوف قوات الأمن العراقية ، بين الوحدات التي دربتها الولايات المتحدة وأخرى تلقت دعماً من إيران.

اعتمد رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، إلى حد كبير، على جهاز مكافحة الإرهاب الذي دربته الولايات المتحدة، في مجموعة من المهمات، منها مطاردة خلايا “داعش”، و السيطرة على المجموعات التي تُطلق صواريخ على السفارة الأميركية/ المنطقة الخضراء في بغداد.

الانقسام الداخلي وصراع الأحزاب الأسلامية

مشهد الإرهاب لا ينفصل عن الوضع السياسي والإجتماعي الداخلي في العراق، فمنذ سقوط نظام البعث في عام 2003 على يد قوات الإحتلال الأمريكي، وتنامي نفوذ القوى الإقليمية والدولية على القرار السياسي في العراق ، مما أسهم بشكل كبير في عرقلة المسار السياسي نحو الديمقراطية، مقابل ترسيخ سلطة الأحزاب السياسية الطائفية وزيادة هيمنتها على الدولة.

سيطرت مجموعة من الأحزاب الإسلامية، تمتلك أجنحة مسلحة تعمل خارج منظومة الدولة وتتبع أجندات إقليمية، تبنت خطاباً طائفياً تحرضياً ضد فئات المجتمع العراقي كافة. مما وضع أسهم في التقليل بشكل كبير من إمكانية تحقيق التحول إلى دولة مستقلة موحدة، خصوصاً مع التأثير المباشر للمال السياسي والنفوذ على مؤسسات الدولة والسلاح المنفلت على مسار العملية السياسية والإصلاح المجتمعي بشكل عام.

ويأتي قرار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بتمديد موعد إجراء الانتخابات البرلمانية إلى شهر أكتوبر 2021 ، ليثير الشكوك حول جدوى تلك الانتخابات.بعد أن ضغطت الأحزاب الحالية بقوة، من أجل تأجيل موعد الانتخابات البرلمانية التي كان مقرر عقدها في يونيو 2021 في محاولة لتوفيق أوضعها بعد أن شعرت بالغضب الشعبي من سياساتها التميزية التي استمرت أكثر من 17 عاماً، والتي أوصلت البلاد لنفق مظلم من الفقر والبطالة والتهجيروضعف البنية التحتية وتهريب مليارات الدولارات إلى الخارج.

الانتخابات العراقية تأتي في ظل أجواء سياسية واجتماعية وأمنية غير مبشرة بتغيير تلك الطبقة السياسية الحالية واستبدلها بأخرى.

فالوضع الاقتصادي يجعل المواطن العراقي الذي يعاني المشاكل في مختلف مجالات الحياة غير راغب في تحديث بياناته أوالمشاركة في الانتخابات المقبلة، وهذا كان واضحاً في انخفاض نسبة تحديث بيانات الناخبين التي تجري حالياً، والدعوات المستمرة للمقاطعة من قبل نشطاء ومشككيين في العملية الإنتخابية بإكملها.

ويعاني النشطاء السياسيون من الشباب حالة إنقسام وتشرذم حول قرار المشاركة في العملية السياسية، فبينما اقدم البعض منهم على الإعلان عن إنشاء تحالفات تمثل ثورة تشرين/أكتوبر لتشارك في الانتخابات البرلمانية القادمة، رفض عدد أخر تلك الأنتخابات ودعا إلى المقاطعة في ظل وجود انفلات أمني ومفوضية انتخابات شُكلت من قِبل البرلمان الحالي المتهم بالفساد.

ويظل الوضع الأمني الأولوية الغائبة بين صراع السياسيين حول التقاسم السياسي للمناصب على حساب الشعب العراقي وسلمه الأهلي.

اذن، العراق الان كدولة يفتقد القدرة على التعامل أمنياً ضد خلايا التطرف وتلك التنظيمات موجودة في الداخل لأن هناك أسباب عملية وسياسية واجتماعية واقتصادية تغذيها، فالتشتت الاجتماعي في الداخل والأوضاع الكارثية في عدداً من المحافظات على رأسها كركوك وديالى، بالإضافة إلى التهميش وفقدان العدالة الأجتماعية، والخطاب التحريضي ضد فئات الشعب الواحد هى المغذي الأول للفكر المتطرف وهدم المجتمع من الداخل.

#عاش_العراق_العظيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *