«رواية التسامح الزائفة».. هيومن رايتس: الإمارات تستخدم «إكسبو 2020 دبي» لتعزيز صورتها كدولة منفتحة ومتسامحة بينما تنتهك حقوق الإنسان

المنظمة: السلطات الإماراتية تتجسس أيضا على الصحفيين والنشطاء الدوليين وحتى قادة العالم باستخدام برمجيات تجسس متطورة

الإمارات تستخدم «إكسبو 2020 دبي» للترويج لصورة من الانفتاح تتنافى مع جهودها لمنع التدقيق في انتهاكاتها لحقوق الإنسان.. المنتقدون المحليون يُعتقلون بشكل دوري

المؤسسات الأكاديمية والثقافية الدولية الرائدة أسست وجودا لها في الإمارات التزمت الصمت في مواجهة القمع المتزايد للحقوق الأساسية

اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، الإمارات بتقديم رواية تسامح زائفة، لافتة إلى أنها تستخدم  معرض «إكسبو 2020 دبي» للترويج لصورة عامة من الانفتاح تتنافى مع جهود الحكومة لمنع التدقيق في انتهاكاتها الممنهجة لحقوق الإنسان، وتساءلت لماذا لا تسمح الإمارات للمعارضين والنشطاء بتبادل أفكارهم بشكل حر.

وقالت «هيومن رايتس»، في تقرير لها يوم الجمعة بعنوان «الإمارات: رواية التشامح الزائفة»، إن سلطات الإمارات تستخدم معرض «إكسبو 2020 دبي» وهو حدث ثقافي عالمي بارز مبني على التبادل الحر للأفكار، للترويج لصورة عامة من الانفتاح تتنافى مع جهود الحكومة لمنع التدقيق في انتهاكاتها الممنهجة لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أنه «يُعتقل المنتقدون المحليون بشكل دوري» في البلاد.
وأضافت أنه منذ 2015 على الأقل، تجاهلت السلطات الإماراتية أو رفضت طلبات دخول خبراء «الأمم المتحدة» والباحثين الحقوقيين والأكاديميين والصحفيين المنتقدين إلى البلاد.

وأشارت المنظمة إلى أن الرقابة المحلية المستفحلة من جانب الحكومة أدت إلى رقابة ذاتية واسعة النطاق من قبل المقيمين في الإمارات والمؤسسات التي تتخذ من الإمارات مقرا لها، وإلى تعرض وسائل الإعلام الإعلامية للرقابة وحتى للمراقبة المحتملة وعدم التعاون من قبل الحكومة.

وقال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: «اعتُقل العشرات من المنتقدين المحليين السلميين في الإمارات، وتعرضوا لمحاكمات جائرة بشكل صارخ، وحُكم عليهم بالسجن لسنوات عديدة لمجرد محاولتهم التعبير عن آرائهم بشأن الحكم وحقوق الإنسان. إكسبو 2020 هو فرصة أخرى للإمارات لتقدم نفسها إلى العالم على أنها منفتحة ومتسامحة وتحترم الحقوق، بينما تغلق مجال السياسة والخطاب العام والنشاط الحقوقي في الداخل».

وسيقام «إكسبو 2020» في الفترة من 1 أكتوبر 2021 إلى 31 مارس 2022 تحت شعار «تواصل العقول وصنع المستقبل». وقال «المكتب الدولي للمعارض»، المنظمة الحكومية الدولية التي تشرف على معرض إكسبو 2020 دبي، إن الفكرة «تستند إلى الإيمان بأن جمع العالم معا يمكن أن يحفز تبادل وجهات نظر جديدة”. تم تأجيل المعرض إلى 2021 بسبب جائحة فيروس “كورونا».

قالت «هيومن رايتس» إن الهدف من هذه الفعالية، كما هو الحال مع غيرها من الفعاليات الترفيهية والثقافية والرياضية والتعليمية المكلفة جدا، هو تعزيز صورة العلاقات العامة للإمارات كدولة منفتحة وتقدمية ومتسامحة، بينما تمنع سلطاتها المسيئة بقوة جميع الانتقادات والمعارضة السلمية.

ويشار إلى أنه في وقت سابق من هذا الشهر، حثّ البرلمان الأوروبي الدول على عدم المشاركة في المعرض وذكر انتهاكات الحقوق وسجن الناشطين واستخدام الحكومة لبرمجيات التجسس لاستهداف المنتقدين.

ووفقا لـ«هيومن رايتس» منذ 2011، شنّت السلطات الإماراتية هجوما مستمرا على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، واعتقلت وحاكمت المئات من المحامين والقضاة والمدرسين والطلاب والنشطاء المستقلين، وأغلقت جمعيات المجتمع المدني الرئيسية ومكاتب المنظمات الأجنبية، مما أدى فعليا إلى سحق أي مساحة للمعارضة. وأدخلت الإمارات أيضا قوانين جديدة وعدلت القوانين القمعية أصلا للقضاء على المعارضة بسهولة أكبر.

وتمارس المواقع الإخبارية المحلية، والعديد منها مملوك للدولة أو تحت سيطرتها، الرقابة الذاتية وفقا للتعليمات الحكومية والخطوط الحمراء غير الرسمية. يقول الصحفيون والأكاديميون الأجانب إن منظماتهم قد تمارس الرقابة الذاتية خوفا من منع الدخول أو الترحيل، بحسب المنظمة الحقوقية.

وقالت «هيومن رايتس» إن الحكومة الإماراتية منعت أيضا خبراء أميين وباحثين حقوقيين وغيرهم من التدقيق ميدانيا في سجلها الحقوقي. منذ 2014، عندما زارت المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني باستقلال القضاة الإمارات ونشرت تقريرا دامغا ينتقد افتقار البلاد لاستقلال القضاء، رفضت الحكومة معظم طلبات خبراء حقوق الإنسان الأمميين لزيارتها.

وأضافت أن المنظمات الحقوقية الدولية الكبيرة، بما فيها هيومن رايتس ووتش و«منظمة العفو الدولية»، واجهت أيضا قيودا متزايدة على قدرتها على زيارة المسؤولين الحكوميين والتواصل معهم بشأن قضايا حقوق الإنسان. مُنع موظفو المنظمتين من الوصول إلى السجون والمحاكمات البارزة، حتى أنهم منعوا من دخول البلاد. نادرا ما تستجيب السلطات الإماراتية لطلبات أي من المنظمتين للحصول على معلومات أو اجتماعات.

وتابعت أنه «منذ 2011 على الأقل، منعت السلطات الإماراتية أيضا بشكل عشوائي دخول الأكاديميين والكتاب والفنانين والصحفيين، بعضهم بسبب انتقادهم لسوء معاملة الإمارات للعمال المهاجرين، والبعض الآخر غالبا دون أي مبرر معلن».

ووفقا للبيان، شرعت الإمارات في جهود دامت عقودا لتلميع سمعتها على الساحة الدولية. تجلّت هذه الجهود في «استراتيجية القوة الناعمة» للحكومة لعام 2017، والتي تتضمن تنمية «الدبلوماسية الثقافية والإعلامية» كركيزة أساسية ولها هدف معلن يتمثل في «ترسيخ سمعة [الإمارات] كدولة حديثة، منفتحة، متسامحة ومحبة لكافة شعوب العالم».

وقالت «هيومن رايتس» إن إكسبو 2020 هو الأحدث في قائمة طويلة من الاستثمارات في مشاريع ثقافية وتعليمية طموحة تسعى إلى تحقيق هذا الهدف. وأشارت إلى أن المشاريع الأخرى تشمل الاستحواذ على مقرات لمتحف «اللوفر» و«غوغنهايم» و«جامعة نيويورك»، مما جعل دبي وجهة سياحية فاخرة تستضيف الأحداث الثقافية العالمية مثل «الأولمبياد الخاص 2019» في أبو ظبي ومعرض إكسبو الدولي القادم في دبي.

وأضافت المنظمة أنه «في حين أن المؤسسات الأكاديمية والثقافية الدولية الرائدة أسست وجودا لها في الإمارات على أمل خدمة الصالح العام من خلال تعزيز الأفكار والخطاب والتفكير النقدي، إلا أنها التزمت الصمت منذ ذلك الحين في مواجهة القمع المتزايد للحقوق الأساسية»، مشددة على أن هذه المؤسسات تعمل في الإمارات «حتى على حساب الحرية الأكاديمية والحق في حرية التعبير داخل فضاءاتها الخاصة».

وأشارت إلى أنه على مدى السنوات القليلة الماضية على وجه الخصوص، وسّعت حكومة الإمارات بشكل كبير من قدراتها في مجال المراقبة، سواء عبر الإنترنت أو من خلال المراقبة الجماعية للمساحات الفعلية، مما دفع الخبراء إلى إدراج أبو ظبي ودبي ضمن أكثر مدن العالم التي تخضع للمراقبة عن كثب.

وتابعت: «يتم أيضا مراقبة المواقع الإلكترونية والمدونات وغرف الدردشة ومنصات التواصل الاجتماعي بشدة وتقليصها. تحظر السلطات وتفرض الرقابة على المحتوى عبر الإنترنت الذي يرون أنه ينتقد حكام الإمارات وحكومتها وسياساتها وأي موضوع، سواء كان اجتماعيا أو سياسيا، قد تعتبره السلطات حساسا. يتم تجريم الشبكات الافتراضية الخاصة (VPNS). يواجه المواطنون والمقيمون غرامات كبيرة وأحكاما بالسجن بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي».

وقالت «هيومن رايتس ووتش» إن السلطات الإماراتية تتجسس أيضا على الصحفيين والنشطاء الدوليين وحتى قادة العالم باستخدام برمجيات تجسس متطورة من إنتاج إسرائيل والاتحاد الأوروبي، أو بمساعدة مسؤولين سابقين في المخابرات الأمريكية. بعض من استُهدفت اتصالاتهم وأجهزتهم من قبل المراقبة الحكومية ومن المقيمين في الإمارات، تعرضوا لاحقا للاعتقال والإساءة أثناء الاحتجاز، لافتة إلى أن من بين هؤلاء الناشط الإماراتي البارز في مجال حقوق الإنسان أحمد منصور. حكمت محكمة إماراتية على منصور بالسجن عشر سنوات في مايو 2018 بعد محاكمة جائرة، تستند جزئيا إلى رسائل بريد إلكتروني خاصة ومحادثات «واتساب». وأظهر تقرير لـ«سيتيزن لاب» عام 2016 خمس حالات أخرى ألقي فيها القبض على المستخدمين أو إدانتهم في أعقاب هجمات البرمجيات الضارة ضد حسابات “تويتر” الخاصة بهم من 2012 إلى 2015.

وشددت «هيومن رايتس» على أن الحكومات والشركات تتحمل مسؤولية حقوقية تتمثل في تجنب المساهمة في جهود السلطات الإماراتية لتلميع صورة انتهاكاتها، لافتة إلى أنه «بينما تستعد الدول لعرض أجنحتها في معرض دبي إكسبو، ينبغي عليها المساعدة في منع محاولات تلميع صورة الإمارات إما من خلال دعوة الإمارات إلى الإفراج غير المشروط عن جميع المحتجزين ظلما لممارستهم حقهم في حرية التعبير وفتح البلاد بانتظام، بما في ذلك سجونها ومحاكمها للتدقيق من قبل باحثين ومراقبين مستقلين، أو من خلال عدم المشاركة في المعرض».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *