رشا رفعت شاهين تكتب: العبث الظاهر والباطن ( قصة قصيرة)

جاءت من القرية للقاهرة لتعمل ممرضة، تسكن في حي شعبي لذا لم تسلم من الاذى والتحرش النفسي والجسدي ،الفقراء مباحون، تعود كل ليلة قبل الفجر مرتدية ملابس العمل لتثبت لأهل منطقتها بأنها لم تكن تعبث، هم يتقنون العبث ويحبونه ولا يفكرون سوي به، وبه فقط ،لكنه عبث خفي وويل لمن اراد إظهاره، بل ويل لها فهي فقط من سوف تعاقَب اذا وشت بعبثها أما العابثون الذكور فهنيئاً لعبثهم وطوبي له ولهم،، يمسك رجل الشارع المسابح وترتدي حتي الفتيات الصغيرات الملابس الخانقة ليثبتوا للجميع انهم لا يعبثون ،هم لا يفعلون شيئا سوي التدين والنصائح الاخلاقية، لماذا لاتغطي شعرك؟ هي :ربنا يهديني اصل ضغطي بينخفض وربطة الطرحة غلط علي مرضي الضغط وده بحكم عملي كممرضة ،،اخذت تعتذر وتبرر عدم تغطية شعرها الخشن المجعد كلما قابلت جارتها او جارها ،، تعتذر ليل نهار وتحاول ان تبريءنفسها من تهمة العبث ،،حارتها المتدينة التي لا يفارق رأسها الطرح ة ولا تحب العبث ،،دقت باب جارتها لتستعير منها بعض الملح فلا وقت لديها لشراء طلبات منزلها بسبب الوردية المسائية ولاوقت للطهو ،، لمحت في مرآة الطرقة المجاورة للمطبخ رجلا عاريا فاجأه فتح الباب ويحاول الاختباء،جارتها اعطتها الملح في توتر واغلقت مسرعة،الاولاد في المدرسة والزوج في العمل وحان وقت بعض العبث الخفي،،،زوج جارتها حاول العبث معها ذات مرة ولسخرية الامر كان نفس الوقت تقريبا حيث يذهب الاولاد للمدرسة وتذهب أمهم لأمها،رفضت بالطبع وبدأت تزداد الأقاويل حولها ممن رفضت العبث معهم،للعبث قدسية هي تدركها فالعلاقة بين الرجل والمرأة يجب أن تكون محترمة مهما كان نوعها ،يجب أن يعلم بها الجميع فالجنس ليس بجريمة والحب ليس بخطيئة ،هكذا فكرت ،كان والدها متمرداً محباً للاطلاع ومنه ورثت كيف يكون لها موقف خاص وفكر مختلف ،،طلبت من البقال لوح شيكولاتة وبعض الاشياء الاخري وطلبت منه توصيلها ،،دخلت الحمام ،،ترك البقال الطلبات علي عتبة بابها ورحل ،،خرجت الجارة لتجد لوح شيكولاتة علي عتبة باب جارتها ،،وفكرت :هل تلك الطلبات ثمناًلعبث ما؟ صورت بموبايلها صورة وارسلتها لجاراتها ،تلك الفتاة الغير محجبة خدعتنا جميعاً فهي عابثة عابثة عابثة،وتدافعت بعدها التحرشات والاتهامات من جميع سكان الشارع ،كان عليها ترك المنطقة والسكن في منطقة اخري ،اكثر ما ادهشها في الامر هو صمت البقال ،الذي ظل ينظر لوحوش الشارع وهي تنهشها مبتسماً،ذات مرة رأت أحد أطفال الشارع يدخل المحل ،كانت تنظر من شرفتها في استحياء شبه مختبئة ،فالاستمتاع ببعض نسمات الهواء المنعش عبث لا يجوز لفتاة وحيدة لا ترتدي غطاء للرأس وهي تنشر الغسيل ،،تأخر الطفل داخل محل البقالة وخرج باكياً،،كان البقال المتدين ظاهراً يعبث به في الخفاء عبثاً لا يجوز ظاهراً أو باطناًمثله مثل تزويج طفلة في التاسعة،جمع ت ملابسها ومشت مبتعدة وقد تركت شعرها الخشن المجعد فوق ظهرها مثل عاصفة هوجاء غاضبة تدور لتكنس كل الوساخات والعفن ،كحريق غابة اشتعل فجأة ليقدم النباتات المريضة والحيوانات التي لاتستطيع الدفاع عن نفسها قرباناً لغابة جديدة،، وبداية جديدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *