حين هزم الفن الوشاية والتُهم المعلبة.. فيلم ريش ينتصر مُجددًا بمعركة التكفير على الطريقة الفنية ويحصد 3 جوائز جديدة (تقرير)

كتبت- ليلى فريد  

بعد شهور من الجدل الذي صاحب فيلم ريش، واصل الفيلم انتصاراته المتتالية على التكفير على الطريقة الفنية، وأصحاب التهم المعلبة، بد هجمه شرسة تعرض لها صناع العمل، حيث فاز الفيلم مؤخرًا بثلاث جوائز في النسخة السادسة لجوائز النقاد للأفلام العربية، التي ينظمها مركز السينما العربية، وتضم 167 ناقدا عالميا من 68 دولة. 

وجرى الأحد الماضي، الإعلان عن أسماء الفائزين بالنسخة السادسة لجائزة النقاد، على هامش الدورة 75 لمهرجان كان السينمائي، بحضور نخبة من صناع السينما العربية والعالمية، الذين عبروا عن سعادتهم لتتويج هذا الفيلم بالجائزة الكبرى. 

وفاز الفيلم المصري بالجائزة الكبرى لأحسن فيلم، كما حاز مخرجه عمر الزهيري على جائزة أفضل مخرج، بالإضافة إلى جائزة أفضل سيناريو مع السيناريست أحمد عامر عن عملهما “ريش”. 

ويتناول “ريش” قصة اجتماعية ساخرة وخيالية، لأم كرست حياتها لزوجها وأطفالها، قبل أن تشهد حفلة عيد ميلاد ابنها البالغ من العمر أربع سنوات خدعة سحرية، جعلت الساحر يحول زوجها المتسلط إلى دجاجة. 

وكان فيلم “ريش” للمخرج عمر الزهيري والذي عرض ضمن فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الجونة السينمائي الأخير أثار، جدلاً كبيراً، خاصة بعد انسحاب عدد من الفنانين من العرض بزعم إساءته لمصر. 

وأكد الفنانون المنسحبون، وعلى رأسهم الفنان شريف منير، أن الفيلم به أحداث تسيء لسمعة مصر، إضافة لقلبه الحقائق وضعفه الفني. 

وتروي أحداث الفيلم، حياة أسرة فقيرة تعيش في العشوائيات. 

وقال منتج الفيلم محمد حفظي وقتها لـ”العربية.نت”، إن الجدل المثار مفتعل، وإن الاتهامات غير منطقية، مضيفاً أن الفيلم ليس وثائقياً عن حياة الفقراء في مصر، لكنه من خيال المؤلف وليست له علاقة بواقع اجتماعي معين بل يمكن أن يكون في أي مكان وأي زمان. 

ويوم الأحد الماضي، وزعت مساء الأحد جوائز “مركز السينما العربية” بمهرجان كان بحضور نخبة من الفنانين العرب، وحصد فيلم “ريش” المصري للمخرج عمر الزهيري معظم جوائزه. وتقام هذه التظاهرة السينمائية العربية بالتوازي مع المسابقات الأخرى في هذا العرس الفني الدولي. 

حصد فيلم “ريش” للمخرج عمر الزهيري أكبر عدد من جوائز مركز السينما العربية، التي قدمت مساء الأحد بمهرجان كان السينمائي. وفاز الشريط بجائزة أفضل فيلم، كما حاز الزهيري على جائزة أفضل مخرج، وعادت جائزة أفضل سيناريو أيضا إلى السيناريست أحمد عامر، وبدورها نالت شاهيناز العقاد، التي شاركت في إنتاج الفيلم، على جائزة أفضل منتجة. 

ويعد فيلم “ريش” أول عمل سينمائي مصري يتوج بجائزة أسبوع النقاد بمهرجان كان العام الماضي، وأثار العديد من الجدل عند عرضه في القاعات على خلفية اعتباره من طرف البعض أنه عمل يسيء لمصر وصورتها في الخارج، إلا أن الكثير من النقاد دعموه أمام هذه الانتقادات القاسية، وأشار مخرجه في أحد التصريحات كرد منه عليها: “الفيلم لا يحمل أي إساءة لأحد، إنها قصة إنسانية عادية”. 

ورغم تعرض الفيلم لموجه انتقادات شديدة منذ شهور، فقد دفع فنانون عن الفيلم، رافضين فتنة التكفير على الطريقة الفنية، بعد انسحاب عدد من الفنانين خلال عرض الفيلم، واتهامهم له بالإساءة لمصر، لعرض معاناة بعض الفقراء. 

الفنان نبيل الحلفاوي، قال إن مغادرة القاعة أثناء عرض ما أو كلمة لمتحدث هو تصرف مشروع ومعروف للتعبير عن موقف مضاد. أو لمجرد عدم احتماله فنيا أو فكريا، أما أن التهم بالإساءة لا صحة لها فلا يمكنني الحكم سماعيا. 

وفي السياق نفسه قالت الفنانة سارة عبد الرحمن: فخر كبير لمصر إن مخرج شاب يروح بفيلمه الأول مهرجان كان ويكسب جايزتين مهمين، وأما سألوه فضل يتكلم في كل لقاء عن مكانة مصر في السينما و عن فخره بيها. 

وتابعت: أنا شوفت فيلم ريش عجبني جدا وكنت متسلية جدا بفيلم عن واحدة جوزها بيتقلب فرخة. 

بدوره عبر المخرج محمد دياب عن رأيه في الأزمة قائلا: “كلام الأستاذ شريف منير ان الجوايز اللي خدها فيلم ريش هي مؤامره من الغرب علي مصر كلام خطير جداً خاصه انه من فنان كبير”. 

وتابع في تدوينة له: “تكلم من خبرتي كشخص عضو لجنه تحكيم في مهرجان كان، وعضو في أكاديمية الأوسكار: قولاً واحداً مفيش إنسان لا بالتلميح ولا بالتصريح عمره ما بيحاول يأثر علي اختيارات لجان التحكيم واللي أعضاءها بيتكونوا من فنانين مميزين من أنحاء العالم.إدارة أي مهرجان دورها بينتهي بإختيار الأفلام المشاركة ونقطة. ويسأل في ذلك الفنانين اللي كانوا أعضاء لجان التحكيم في المهرجانات الثلاثة الكبرى زي هند صبري ونيللي كريم ومحمد حفظي. 

وأضاف: “طب ليه الأفلام اللي بتروح مهرجانات بتبقي عن الفقرا أو عن المشاكل؟ الأفلام المستقلة في العالم كله هي الأفلام اللي خارج منظومة الإنتاج التجارية، يعني الأفلام اللي مش لاقيه إنتاج ودي بتبقي دايماً الأفلام اللي عن المهمشين أو الناس اللي ملهاش صوت، وبما أنها أفلام مش متوقع منها تجيب فلوس فبيبقي عند صناع العمل الجراءه أنهم يعملوا اختيارات فنيه جريئه وده بيخليها مغريه للمهرجانات اللي بتدور على سينما جديدة ومختلفة”. 

وتابع:”سنة 2019 الفيلم اللي كسب البالم دور هو (شوب ليفترز ) الياباني، وسنه 2020 اللي كسب نفس الجايزه هو (باراسيت) الكوري وبعدها اكتسح الاوسكار. الفيلمين عن العشوائيات في دول عالم أول و بلادهم احتفت بالفيلمين وبصانعيهم بالرغم من ان العشوائيات نسبتها في الدولتين لا تذكر”. 

وقال دياب: المميز في فيلم ريش مش الفقر على الإطلاق بل اسلوب مخرجه الجرئ وطريقة سرده المختلفة، وسواء عجبك الفيلم أو لأ لازم نشيد بإن الفيلم ده فيلم بصوت وطعم مختلف فنياً مش موجود في السينما المصرية. الفقر والمشاكل لا يمكن يدخلوك مهرجان كبير لو مفيش جوده صنع او تجربه سينمائية رائدة، فيلم ريش فيه تجريد للمكان والزمان، والفقر فيه خلفيه للقصه لدرجه ان المكان مش شبه مصر ولا أي مكان في العالم”. 

وتابع: لو الفنانين نفسهم هم اللي بقوا بيرددوا الاتهامات اللي من نوعيه تشويه مصر فدي مصيبه، لأن الكلام ده فيه مزايده علي الرقابة وعلى منتجي الفيلم وعلى المهرجانات اللي بتختار الافلام وهيخلي اي فيلم عن المهمشين متهم بالتزلف وبيصعب انه ينتج او يُجاز.” 

وأضاف: للأسف الكلام ده بيخلي الرأي الشعبي يبقي دايماً حاطط افلام المهرجانات في وضع المتهم: اكيد اختاروا الفيلم عشان سبب غير مستواه الفني. كلام فيه انسحاق وهزيمة وكأننا معندناش القدرة نعمل حاجه كويسه. 

وقال دياب: بمنطق استاذ شريف كان هينسحب من عرض الفيلم العظيم الكيت كات اللي كان بطله وقدم فيه دور عظيم وكنا اتحرمنا من أعظم فيلم مصري. 

بدوره قال المخرج كريم الشناوي: حبيت فيلم ريش.، فيلم مختلف و خارج السائد ومطلوب يبقى عندنا تنوع ويبقى في مجال لأفلام مختلفة بتخدم جمهور متنوع وذوقه مش شبه بعض، مش متوقع ان كل الناس تحبه، ومش متوقع أن أي فيلم كل الناس تحبه عموما والحقيقة اعتقد أن صناعه أول ناس عارفين كويس مدى خصوصية مشروعهم وده سر تميز الفيلم وإختلافه. 

وتابع: لكن لو مفيش مجال نعرض فيلم مصري مختلف في مهرجان سينما، هنعرضه فين طيب؟، لو مفيش مجال نتقبل كصناع إننا مختلفين في أذواقنا ومشاريعنا في مهرجان للسينما، مين هيتقبل ده؟. 

وأضاف: أمتى هنبطل ننتقد الأفلام بإتهامات واسعة تشوية مصر، ما ننقد الأفلام كأفلام نتفق أو نختلف مع أفكارها، نحبها أو منحبهاش بس نبقى بنتكلم على المنتج مش بنشوه ونوصم الأشخاص. 

يذكر أنه قعت أزمة بمهرجان الجونة السينمائي الذي انطلق نهاية الأسبوع الماضي في البحر الأحمر، خلال عرض الفيلم الحائز على الجائزة الكبرى لمسابقة أسبوع النقاد بمهرجان (كان) السينمائي الدولي، لتناول الفيلم معاناة الفقراء في مصر، حيث انسحب عدد من الفنانين من العرض، معتبرين أن الفيلم يقدم صورة غير حقيقة، فيما أكد نقاد أن صورة الوطن لا يمكن اختزالها في مجموعة مشاهد. 

ويعد فيلم “ريش” للمخراج عمر الزهيري، وراء تتويج السينما المصرية للمرة الأولى في تاريخها بجائزة من مهرجان “كان” عن عمل فني محدد. 

وبعد نحو ساعة من عرض الفيلم، بدأ البعض في المغادرة، والمفارقة أن من غادروا هم من صناع السينما. 

وغادر العرض الفنان شريف منير، وظهر غاضبا للغاية، وتبعه الفنان أحمد رزق، ومن خلفه الفنان أشرف عبد الباقي، كما غادر قاعة العرض المخرج عمر عبدالعزيز. وكانت وجهة نظرهم أن الفيلم يحوي مشاهد لا تظهر الصورة الحقيقية لمصر. 

وخارج القاعة ظهر المنتج محمد حفظي منتج الفيلم ورئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ودخل في نقاش مع الثلاثي المغادر لعرض فيلم: منير ورزق وعبد الباقي. 

ونفى المنتج حفظي أن تكون مشاهد الفقر في الفيلم مسيئة لمصر، مؤكدا أن المجتمع يضم كافة الطبقات، قبل أن يعود إلى قاعة عرض الفيلم مرة أخرى من أجل استكمال المتابعة. 

وقال الناقد الفني طارق الشناوي إن الفيلم طرح رؤية مختلفة عما توقعه البعض مسبقا، ولكن هذا لا ينفي أن هناك بعض المشاهد التي كان من الممكن أن يتم اختصارها للحفاظ على إيقاع الفيلم. 

وحول ما قيل عن تقديم صورة غير حقيقية عن مصر، قال الشناوي إن صورة الوطن لا يمكن اختزالها في مجموعة مشاهد، موضحا أن حالة الفقر التي ظهرت في الفيلم موجودة، وهناك ما هو أسوأ منها، وأن الفيلم يتناول الطبقة الفقيرة وكل ما يتعلق بها. 

ورأى الشناوي أن لغة الفيلم لن تصل إلى الجمهور، واستدل بما حدث أثناء عرضه في مهرجان “الجونة”، حيث لم تستوعب حتى وجوه من النخبة بعض تفاصيل العمل. 

واعتبر الشناوي أن الفيلم جيد جدا، وحصوله على جائزة من مهرجان “كان” أثبت تميزه، مشيرا إلى المعادلة الصعبة لأي فيلم سينمائي يحاول الوصول للنقاد والجمهور معا. 

يذكر أن “ريش” شارك في بطولته دميانة نصار، سامي بسيون، محمد عبد الهادي، فادي مينا، ابوسفين نبيل، نعيم عبد الملك، محمد صدقي، يوستينا سمير، ناصر  جلال، عبدالله، سامية، سيناريو واخراج عمر الزهيري. 

والفيلم يقدم قصة أم تعيش في كنف زوجها وأبنائها، حياة لا تتغير وأيام تتكرر بين جدران المنزل الذى لا تغادره ولا تعرف ما يدور خارجه ذات يوم يحدث التغير المفاجئ ويتحول زوجها إلى دجاجة، فأثناء الاحتفال بيوم ميلاد الابن الأصغر، يخطئ الساحر ويفقد السيطرة ويفشل فى إعادة الزوج، الذي كان يدير كل تفاصيل حياة هذه الأسرة، هذا التحول العنيف يجبر هذه الزوجة الخاملة على تحمل المسؤولية بحثا عن حلول للأزمة واستعادة الزوج، وتحاول النجاة بما تبقى من أسرتها الصغيرة. 

وقال عمر الزهيري: علمت بانتقادات بعض الفنانين للفيلم، ولكني أقدم السينما التي أقتنع بها، وتقدم أفكاري وأمر طبيعي أن يكون هناك اختلاف في الرأي حول الفيلم وحينما وصلت لمهرجان كان لم أكن أعرف ما سيحدث بعدها. 

وعن الصعوبات التي واجهها الفيلم قال: كان علي أن أجد كل يوم مفاجأة في العمل أبني عليها مشهد، وكنت أخشى أن أفقد هذه التفاصيل، وكان مصدر قلقي حتى انتهى العمل، 

وتابع: أنا أملك خبرة تقنية كبيرة من خلال عملي في مجال الإعلانات وكمساعد مخرج قبل أن أقدم تجربة ريش. 

وأضاف الزهيري: أحب السينما منذ صغري والعمل الجيد يجب أن يراه الجميع، وفيلمي أول عمل يخلق ارتباك بين المشاهدين، وهو أمر حدث للكثير من المخرجين الكبار، وإذا شاهدت النقد الأجنبي عن الفيلم سنجده إيجابي وسنطرحه تجاريًا في شهر ديسمبر المقبل. 

وقال مخرج الفيلم إن السينما والفن دورهم طرح الأسئلة وترك الإجابة للجمهور وهو ما يخلق الاختلافات، لذلك النهاية المفتوحة كانت مقصودة، فأنا تخيلت كل مشهد بالعمل قبل أن أبدأ تصويره. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *