حكاية قرآني مع الحبس من 2008 وحتى 2020: عندما كتبت البديل الورقي عن رضا عبدالرحمن ودافع عنه الباز (قصة عن حرية الاعتقاد)

أول واقعة للقبض عليه كانت في أكتوبر 2008 باعتباره أحد أفراد أسرة أحمد صبحي منصور زعيم القرآنيين

البديل نشرت عن وقفة والدته للمطالبة بالكشف عن مكانه في نوفمبر 2008 .. والباز يدافع عنه ويعتذر عن خبر غير صحيح

أسرة رضا: وقائع القبض عليه تكررت آخرها في 2016 وبعدها استجاب للأوامر بإغلاق مدونته حتى القبض عليه في اغسطس الماضي

المبادرة المصرية تدين ملاحقة المنتمين لأفكار دينية مختلفة.. وتدعو لضمان حرية العقيدة ووقف محاكمات “ازدراء الأديان”

كتب- حسين حسنين

لم يكن يعلم رضا عبد الرحمن، المدرس الأزهري، إنه على موعد مع الحبس من جديد في 2020، بعد 12 عاما من التوقيف الأول بسبب قربه من زعيم القرآنيين، وأن يتحول إلى متهم بالإرهاب. ووقائع القبض على رضا المتكررة منذ 12 عاما، تكتب قصة مدرس قرآني مع حرية الاعتقاد في مصر منذ ما قبل ثورة يناير .

ورصد “درب”، تفاصيل الحبس الأول للمدرس الأزهري المحبوس حاليا على ذمة اتهامه بالإرهاب، وهي الواقعة التي جرت منذ 12 عاما، وتحديدا في أكتوبر 2008، وتضامن فيها معه عدد كبير من الصحف والصحفيين. وألقت قوات الأمن القبض على عبد الرحمن، يوم 29 أكتوبر 2008، ونشرت الصحف آنذاك نبأ القبض عليه بعنوان “القبض على أحد أفراد أسرة زعيم القرآنيين”.

وتابعت الصحف ومن بينها “البديل”، نشر أخبار وتفاصيل المطالبة بإخلاء سبيل رضا عبد الرحمن، حيث نشر البديل يوم 28 نوفمبر خبر بعنوان “وقفة احتجاجية لـ القرآنيين.. وبلاغ للنائب العام للتحقيق في واقعة اختفاء رضا عبد الرحمن”.

المفارقة هو أن جريدة الخميس في عددها يوم 27 نوفمبر 2008 نشرت تقريرا بعنوان “أمن الدولة يلقي القبض على زعيم تنظيم تحريف القرآن في الشرقية”. ليعود محمد الباز مدير تحرير “الخميس” آنذاك، ليكتب مقالا مطولا في الدفاع عن رضا، في العدد التالي بتاريخ 4 ديسمبر 2008 معتذرا عما تم نشره ضد رضا عبد الرحمن ومؤكدا أنه تم توريط الخميس فيما تم نشره ومتسائلا عن سبب تعذيبه وقتها.

وأضاف الباز في اعتذاره “الأسبوع الماضي تورطنا في عنوان لم يكن له أي أساس من الصحة حول إلقاء القبض على زعيم تنظيم تحريف القرآن”.

ويتابع الباز “إذا قال رضا بالفعل لضباط أمن الدولة إنه لا يؤمن بالطريقة التي يختارها له أمن الدولة، فلديه كل الحق، فلن يكون الإسلام مصدره أمن الدولة، ومن حق كل إنسان منا أن يعتنق ما يشاء من أفكار”.

وطبقا لأسرة رضا وللمبادرة المصرية للحقوق الشخصية فقد تكرر احتجاز رضا  عبد الرحمن بدون توجيه أي تهم إليه عدة مرات بسبب تعبيره عن أفكاره على مدونته، وكان آخر احتجاز له قبل القبض عليه في أغسطس الماضي عام 2016، وطبقا لما نشرته المبادرة نقلا عن مصادر من عائلته فقد أمرته أجهزة الأمن بوقف نشاطه تمامًا وقطع اتصالاته مع أحمد صبحي منصور، وأضافت المصادر أنه بالفعل أغلق مدونته وتوقف تمامًا عن أي نشاط وقطع اتصالاته مع منصور منذ ذلك الوقت.

ورغم اتباعه للتعليمات التي وصلته، نقلت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، عن مصادر من عائلة عبد الرحمن أن قوات الأمن ألقت القبض على رضا في 22 أغسطس 2020 هو و7 آخرين من أقاربه، كلهم ينتمون إلى عائلة أحمد صبحي منصور، الأستاذ السابق بجامعة الأزهر والمفكر المعروف بتبنيه مذهب القرآنيين.

وأضافت المصادر أن قوات الأمن وجهت إليهم أسئلة تتعلق بعلاقتهم بأحمد صبحي منصور وحقيقة تبنيهم مذهب القرآنيين، وأفرجت عنهم جميعًا ما عدا رضا عبد الرحمن الذي استمر احتجازه في مقر الأمن الوطني بكفر صقر.

من جانبها كشفت شقيقة رضا عبد الرحمن، ظروف القبض عليه في مقطع فيديو قائلة: “في 22 أغسطس الماضي، تم القبض على رضا و5 من أعمامي وأقربائي من عائلة الدكتور أحمد صبحي – الأستاذ السابق بجامعة الأزهر، وتم التحقيق معهم من ضابط أمن دولة في مركز شرطة كفر صقر، وسألوهم عن علاقتهم بصبحي، فأوضحوا أنه أحد أقربائهم، لاحقا تم الإفراج عن المقبوض عليهم ما عدا شقيقي، مطالبة بالإفراج عنه”.

وأضافت: “سألنا عن رضا في المركز والنيابة وتوجهنا إلى جميع الأماكن، وكل ما استطعنا معرفته بعد 47 يوما من الواقعة، أنه تم عرضه على النيابة بتاريخ 6 أكتوبر الماضي دون استدعاء محام أو أي من أسرته لحضور التحقيق معه، وفي أول زيارة من زوجته له أخبرها بأنه قضى جزءا من فترة حبسه في كفر صقر وجزء آخر في الزقازيق”.

وطبقا لعائلته عُرض رضا على النيابة العامة بكفر صقر مرة واحدة لأخذ أقواله، وأنكر كل التُهم الموجهة له، قائلا إن أمن الدولة لم يقبضوا عليه من داخل البيت، ولم يدخلوا منزله على الإطلاق ولم يفتشوه، ولم يصطحبوا معه أي أوراق وأنهم ألقوا القبض عليه هو وأعمامه يوم 21 أغسطس وليس 4 أكتوبر، كما تم التدوين في المحضر.

وتابعت شقيقة عبد الرحمن: “رضا يتلقى أوراق تجديد حبسه من المحامي العام في فاقوس، للتوقيع عليها وهو داخل محبسه”، وواصلت: “نحن نطالب الحرية لعبد الرحمن، ووقف الاضطهاد المستمر لعائلة الدكتور أحمد صبحي منصور، لأنهم لم يرتكبون أي جريمة، لا يصح أن يؤخذ مواطن كرهينة للحصول منه على معلومات لا يعلم عنها شيئا”.

واستكملت: “رضا ليست له علاقة بالسياسة، وكل مشكلته أنه أحد أقرباء الدكتور أحمد صبحي منصور، لديه ما يدينه في أي واقعة تدينه بتهمة الإرهاب، فهو محسوب على القرآنيين، وهو معروف للجميع بمدونته الحرية والعدل والسلامة، فهو إنسان متصالح مع نفسه وغير متشدد، الدستور والقانون المصري يكفلان حرية الفكر والعقيدة لجميع المواطنين، والرئيس عبد الفتاح السيسي ذاته طالب بتجديد الخطاب الديني، وتقبل الآخر”.

والدكتور أحمد صبحي منصور، الذي تكررت الإشارة له كسبب للقبض على رضا، هو مفكر إسلامي مصري يعيش حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد هجرته من مصر إلى هناك عام 2000 بعد سلسلة من الحملات الأمنية التي استهدفته وأسرته، والتي بدأت مع عام 1985 منذ فصله من جامعة الأزهر بسبب إعلانه الاكتفاء بالقرآن الكريم وتأسيسه مذهب القرآنيين.

وأسس أحمد صبحي منصور مركزه الخاص تحت اسم “المركز العالمي للقرآن الكريم”، ويكتفي منصور حاليا بنشر سلسلة مقالات في أماكن مختلفة حول قراره الاكتفاء القرآن الكريم وعدم الاعتداد بالسنة النبوية.

ومنذ القبض عليه تم تجديد حبس رضا عبد الرحمن أكثر من مرة، وأعلن شريف منصور، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اللجنة الدولية لحماية الصحفيين، أمس تجديد حبس ابن عمه رضا عبد الرحمن المدرس بالمعهد الأزهري في كفر صقر، 15 يوما أخرى. وحمل منصور في تدوينه على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك المستشار حلمي عطالله المحامي العام في فاقوس، شرقية المسؤولية الكاملة عن صحة ابن عمه رضا عبد الرحمن قائلا: تم التجديد لرضا ١٥ يوم كمان.. كده داخلين أربع شهور بعد أسبوع.

من جانبها أدانت المبادرة المصرية ملاحقة المنتمين إلى أفكار دينية مختلفة عن الأفكار السائدة في المجتمع أو تتبناها الدولة ودعت إلى ضمان حرية العقيدة وحرية التعبير كحقوق يكفلها الدستور، كما دعت المبادرة فورًا إلى وقف محاكمات “ازدراء الأديان” وفق المادة 98 (و) من قانون العقوبات التي يتم وفقها ملاحقة أصحاب طيف واسع من الأفكار والمعتقدات بدءًا من المذاهب الإسلامية المختلفة عن المذهب السني، مثل: المذهب الشيعي أو القرآني أو الأحمدي أو أصحاب الآراء النقدية للتراث الديني، وصولًا إلى ملاحقة أصحاب الأفكار الإلحادية أو اللا دينية، وهي المحاكمات التي لم تتباطأ وتيرتها في أي وقت وتستمر حتى الآن حيث قضت محكمة جنح مشتول السوق بالشرقية في يونيو الماضي بالحبس لمدة عام على شابين بتهمة ترويج الأفكار الشيعية وفقًا لأحكام المادة نفسها.

كما نبهت المبادرة المصرية إلى خطورة استخدام المادة 27 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر في 2018 لاستهداف الطيف نفسه من الأفكار والاتجاهات غير التقليدية، بدعوى “إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”، ففي يونيو الماضي كذلك، ووفق هذه المادة أيدت المحكمة الاقتصادية جنح مستأنف بالإسكندرية الحكم بالحبس 3 سنوات وغرامة 300 ألف جنيه على مدون بتهمة الاشتراك في إدارة صفحة “الملحدين المصريين” على فيسبوك.

وتأتي دعوة المبادرة على خلفية العديد من الوقائع الخاصة بحرية العقيدة، كانت واقعة رضا واسرة د. أحمد صبحي منصور واحدة منها ، وتبدأ القصة منذ عام 1985 عندما أوقفت جامعة الأزهر د. أحمد صبحي منصور مدرس قسم التاريخ في كلية اللغة العربية ، عن العمل بسبب تبنيه أفكارًا مختلفة عن الفكر السائد داخلها، فواصل العمل والنشاط الفكري والاجتماعي خارج الجامعة، وتم القبض عليه فترة شهرين، وتكررت الملاحقات الأمنية له ولعائلته، حتى هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2000 حيث حصل على اللجوء السياسي هناك. فيما دخل رضا على خط الملاحقات منذ 2008.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *