تطورات ليبيا| مصر تأمل عدم الاضطرار لحماية أمنها “بالشكل الذي تراه”.. وعقيلة يبحث توحيد المؤسسات.. وجوتيريش: انتهاك حظر الأسلحة “فضيحة”

تواصلت الجهود الدولية لإنهاء الانقسام الليبي، والتوصل إلى تسوية شاملة للأزمة تمهيدا لعقد انتخابات رئاسية وتشريعية وإعادة ترتيب ملفات مؤسسات الدولة.

وأكد وزير الخارجية سامح شكرى أن مصر تواصل جهودها عبر اتصالات مع الأشقاء الليبيين ومن خلال التنسيق الكامل مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي حتى يعود الأمن والاستقرار إلى كافة ربوع ليبيا.

وقال شكرى، فى كلمته التى ألقاها أمس الاثنين في المؤتمر الوزاري حول ليبيا، إن مصر لم تتوقف منذ اندلاع الأزمة الليبية عن التحرك الدؤوب والمخلص في كافة الاتجاهات، مرتكزة فى ذلك على علاقات تاريخية وروابط شعبية ومصير مشترك مع أشقائنا الليبيين، وأضاف أن مصر دعمت كل جهد جاد لإعادة الأمن والاستقرار في ليبيا بدايةً من جهود الأمم المتحدة فى الصخيرات وصولاً إلى مؤتمر برلين.

وأوضح أنه لم تنقطع اتصالات مصر مع كافة الأطراف الليبية لتقريب الرؤى، لافتا إلى أنه ولم يكن “إعلان القاهرة” الصادر في السادس من يونيو الماضي إلا بناءً على المرجعيات المُجمع عليها دولياً، وقد جاء هذا الإعلان في وقت بالغ الحساسية بهدف حقن الدماء وتمهيداً لما نحن اليوم على مشارفه من حل سياسي برعاية الأمم المتحدة.

وأشار الوزير إلى أن مصر قد كثفت منذ ذلك التاريخ من جهودها واتصالاتها، فاستضافت ممثلي القبائل الليبية من المناطق كافة للتأكيد على أن أحدًا لا يمكن أن يقرر لليبيا مصيرها سوى أهلها، ثم استضافت وفداً من الغرب الليبي ضم أعضاء من مجلسي النواب والدولة للتأكيد مجدداً على أن مصر هي وجهة كل الليبيين.

وتابع “ثم استقبلت القاهرة كلاً من المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، والمشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، لتشجيعهما على التعاطي بكل روح إيجابية وبناءة مع جهود الأمم المتحدة الرامية لتثبيت وقف إطلاق النار والتوصل لحل سياسي وعلى التنسيق فيما بينهما بشكل أفضل”.

وقال إننا نجتمع اليوم كمشاركين في مؤتمر برلين المُنعقد مطلع العام الحالي وكدول جوار لليبيا لتجديد رسالة التأكيد على اجتماع إرادتنا لوضع نهاية لإخفاقات الماضي في التوصل لحل سياسي ينهي معاناة الشعب الليبي الشقيق..ومؤكدين أننا لن نترك فرصة إلا وظفناها لوقف تباين الرؤى حول مستقبل ليبيا ووضع حد لطموح الهيمنة الإقليمية لدى البعض.

وأوضح أننا نجتمع اليوم لمعاودة التأكيد على أن أي حل سياسي حقيقي في ليبيا لابد وأن يستند إلى رؤية وطنية وحصرية للشعب الليبي دون إملاءات أو ضغوط مغرضة من هنا أو هناك.

وقال شكرى إنه خلال السنوات الماضية، زادت معاناة الليبيين بشكل غير مسبوق حيث تتفاقم يوماً بعد يوم مشكلات جمة على صعيد توافر الاحتياجات والخدمات الأساسية، فضلاً عن هدرّ واستنزاف ثروات الليبيين، وغيابّ الأمن في ظل سيطرة الجماعات المسلحة على بعض المناطق وانتشار الجماعات الإرهابية والمرتزقة والقوات الأجنبية في بقاع من ليبيا، وقد آن الأوان لأن تتعافى ليبيا بعد مشقة طالت وثقُلت.

ونوه بأن مدينة الغردقة احتضنت أول اجتماع ينعقد منذ فترة طويلة بين وفدين ممثلين للجيش الوطني ولحكومة الوفاق لبناء الثقة بينهما دعماً لجهود بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لاستئناف اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 التي نشأت بالبناء على مقررات مؤتمر برلين، وما اجتماعنا اليوم إلا للتأكيد على التمسك بهذه المقررات لترجمتها إلى واقع ملموس.

وشدد شكرى على أننا اليوم أمام فرصة مثالية للتوصل إلى تسوية سياسية تراعي الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية للأزمة الليبية، وتأخذ في الاعتبار التوزيع العادل للسلطة والثروة، وتنهي أي تدخلات خارجية، وتقضي على تواجد الإرهابيين والمرتزقة والقوات الأجنبية على الأراضي الليبية.

ودعا شكرى إلى أن يرسل اجتماع اليوم رسالة واضحة لا لبس فيها بأنّ المجتمع الدولي جاد في إنهاء الأزمة الليبية وفق إرادة ورؤية الليبيين “فلا مصلحة لأحد في أن تتحول ليبيا إلى بلد تتخطفه الأزمات وتمزقه الصراعات وأن تتحول إلى بلد مصدّر للتهديدات الإرهابية والهجرة غير الشرعية، كما أنه لا مصلحة لكافة الأطراف الليبية في أن يطول أمد الصراع أكثر من ذلك فتستّمر معاناتها ويستمر معها استنزاف ثرواتها التي ينبغي أن يتم توجيهها لبناء ليبيا ولخير شعبها”.

كما طالب بأن تترجم إرادة الدول في إنفاذ توصيات وخلاصات برلين، جميعها دون استثناء، في إجراءات فعلية ملموسة لدفع الأطراف الليبية لاحترام ما التزم به الجميع في برلين وفي مجلس الأمن سواء تعلق ذلك بوقف إطلاق النار أو بحظر استيراد السلاح من جانب، أو بتفكيك الميليشيات ونزع سلاحها ومكافحة التنظيمات الإرهابية من جانب آخر بما يقتضيه ذلك من وقف فوري لجلب الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا وخروج كافة القوات الأجنبية من ليبيا.

وتابع “وهي التزامات لطالما قطعها الليبيون والمجتمع الدولي على أنفسهم دون أن نرى لها أثراً فعلياً على الأرض ودون أن نرى مواقف رادعة لمن يخالفها”.

وأضاف “كلي أمل ألا تصل مصر إلى مرحلة تضطر فيها إلى حماية مصالحها وأمنها القومي بالشكل الذي تراه كما صرح رئيس الجمهورية بقاعدة “سيدي برانى” في 20 يونيو الماضي، ومن هنا تواصل مصر جهودها عبر اتصالات مع الأشقاء الليبيين ومن خلال التنسيق الكامل مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي حتى يعود الأمن والاستقرار إلى كافة ربوع ليبيا”، وأعرب عن الأمل فى أن يكون الاجتماع محورياَ على طريق صناعة السلام في ليبيا.

كان شكرى قد استهل كلمته بتوجيه الشكر للأمانة العامة للأمم المتحدة ودولة ألمانيا الاتحادية على تنظيم هذا الاجتماع الهام في تلك المرحلة الدقيقة من الأزمة الليبية.

وبحث رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، مع السفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، في اجتماعهما بالقاهرة، الاثنين، توحيد مؤسسات ليبيا، بحسب ما ذكرت مصادر لـ”العربية”.

وأكدت المصادر الاتفاق بين عقيلة والسفير الأمريكي على “فرض رقابة دولية على البنك المركزي الليبي”، وأفادت المصادر أن “واشنطن هددت بفرض عقوبات على من يعطل المؤسسات الليبية”، وأشارت إلى أن أمريكا تدعم “توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا”.

وشدد وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، ديفيد هيل، في الاجتماع الوزاري بشأن ليبيا، على دعم الولايات المتحدة للعملية السياسية برعاية الأمم المتحدة، داعيا جميع أعضاء عملية برلين إلى الوفاء بالتزاماتهم، بحسب بيان للخارجية الأمريكية.

وشارك هيل في الاجتماع إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ووزير الخارجية الألماني، هيكو ماس، بالإضافة إلى أعضاء آخرين في عملية برلين، وجيران ليبيا.

وأكد هيل أن التزام أعضاء عملية برلين يكون من خلال “احترام حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، ودعم وقف إطلاق النار الذي تقوده ليبيا والاتفاق السياسي، واتخاذ كل التدابير اللازمة لتحقيق خفض التوتر في ليبيا”.

وأرجع وكيل وزارة الخارجية الأمريكية الفضل في التقدم الأخير بالمحادثات، “إلى الدعوات المتزامنة من قبل رئيس الوزراء الليبي فايز السراج ورئيس مجلس النواب الليبي (عقيلة) صالح للحوار السياسي ووقف إطلاق النار وإعادة فتح قطاع الطاقة”.

ودعا هيل إلى “التعيين السريع للمبعوث الخاص للأمم المتحدة للأمين العام لليبيا للمضي قدما في الزخم السياسي الحالي”.

وشدد وكيل الخارجية الأمريكية على أن الولايات المتحدة ستواصل “إشراك أصحاب المصلحة من جميع أطراف النزاع، داخليا وخارجيا، لوقف القتال والتوصل إلى اتفاق سلام”.

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، أن الانتهاكات المستمرة لحظر الأسلحة على ليبيا الذي فرضه مجلس الأمن الدولي تعد “فضيحة”.

وقال جوتيريش، الذي كان يتحدث خلال اجتماع لمتابعة تنفيذ مقررات مؤتمر برلين حول ليبيا التي مزقتها الحرب والذي عقد مطلع هذا العام، إن التعهدات التي قطعت في المؤتمر “لابد أن يتم الالتزام بها وأن تنفذ”.

وأضاف الأمين العام للمنظمة الأممية “هذا يشمل التنفيذ غير المشروط لحظر الأسلحة الصادر بقرار من مجلس الأمن الدولي، وأن الانتهاكات للحظر تعد فضيحة وتثير الشك في الالتزام الاساسي بالسلام من جانب كافة المتورطين في الصراع”، وأوضح أن شحنات الأسلحة والدعم العسكري لابد أن يتوقفا فورًا.

كان مجلس الامن قد فرض حظرًا على الأسلحة إلى ليبيا على خلفية صراع دائر بين ما تسمي بحكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *