تداعيات وفاة مهسا أميني.. إيران تحجب “إنستاجرام” و”واتساب” وعقوبات أمريكية على “شرطة الأخلاق.. و”العفو الدولية” تطالب بتحرك أممي عاجل

وكالات  

حجبت السلطات الإيرانية الوصول إلى تطبيقي “إنستاجرام” و”واتساب” الخميس بعد ستة أيام من الاحتجاجات على وفاة الشابة مهسا أميني، التي أوقفتها شرطة الأخلاق، وقتل فيها 17 شخصاً على الأقلّ بحسب وسيلة إعلام رسمية الخميس، فيما أعلنت واشنطن عن فرض عقوبات على هذه الوحدة من الشرطة. 

لكنّ الحصيلة قد تكون أعلى اذ أعلنت منظمة “ايران هيومن رايتس” غير الحكومية المعارضة في أوسلو، أنّ 31 شخصاً قتلوا في التظاهرات. 

ومنذ بدء التظاهرات، تباطأت الاتصالات ومنعت السلطات بعد ذلك الوصول إلى إنستاجرام وواتساب، وقالت وكالة الأنباء فارس “بقرار من مسؤولين، لم يعد من الممكن الوصول في إيران إلى انستغرام منذ مساء الأربعاء وتعطل أيضا الوصول إلى واتساب”. وأوضحت أن هذا الإجراء اتخذ بسبب “أعمال نفذها مناهضو الثورة ضد الأمن القومي عبر شبكات التواصل الاجتماعي المذكورة”. 

كان إنستاجرام وواتساب التطبيقين الأكثر استخداما في إيران منذ حجب منصات مثل يوتيوب وفيسبوك وتلغرام وتويتر وتيك توك في السنوات الماضية. بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام الإنترنت يخضع لقيود من السلطات. 

وقال خبراء حقوق الانسان لدى الأمم المتحدة، أن هذا الحجب “يأتي عموما ضمن جهود تهدف إلى خنق حرية التعبير والحد من التظاهرات”. 

وأثار موت مهسا أميني البالغة 22 عاماً، إدانة شديدة في جميع أنحاء العالم حيث نددت المنظمات غير الحكومية الدولية بقمع “وحشي” للتظاهرات، ومن على منبر الأمم المتحدة الأربعاء عبّر الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تضامنه مع “نساء إيران الشجاعات”. 

وأعلنت واشنطن، الخميس، فرض عقوبات اقتصادية على شرطة الأخلاق الإيرانية والعديد من المسؤولين الأمنيين لممارستهم “العنف بحق المتظاهرين” وكذلك على خلفية موت الشابة أميني. 

وأعلنت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين في بيان، أنّ هذه العقوبات تستهدف “شرطة الأخلاق الإيرانية وكبار المسؤولين الأمنيين الإيرانيين المسؤولين عن هذا القمع” و”تثبت الالتزام الواضح لإدارة بايدن-هاريس لجهة الدفاع عن حقوق الانسان وحقوق النساء في ايران والعالم”. 

وقالت منظمة العفو الدولية إنه يتعين على قادة العالم المجتمعين في الجمعية العامة للأمم المتحدة مساندة الدعوات المطالبة بإنشاء آلية دولية مُستقلة للتحقيق والمساءلة لمعالجة أزمة الإفلات من العقاب السائدة في إيران، بعد مهسا أميني أثناء احتجازها، وإطلاق وابل الرصاص على المحتجين على ظروف وفاتها، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات. 

وأوضحت المنظمة أن قوات الأمن الإيرانية تقمع بعنف الاحتجاجات السلمية بشكل عام التي أثارتها وفاة مهسا أميني، كاشفة عن جمعها أدلة على استخدام قوات الأمن غير القانوني لطلقات الخرطوش وسواها من أعيرة الكرات المعدنية (الخردق)، والغاز المسيل للدموع، ومدافع المياه، والضرب بالهراوات لتفريق المحتجين. 

وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا: “إنَّ موجة التعبير عن مشاعر الغضب والتعاطف والتضامن العالمي التي أثارتها ظروف وفاة مهسا أميني تستدعي اتخاذ المجتمع الدولي لخطوات ملموسة لمعالجة أزمة الإفلات المنهجي من العقاب التي سمحت باستمرار ممارسات التعذيب واسع الانتشار والإعدام خارج نطاق القضاء وسواها من عمليات القتل غير المشروع التي ترتكبها قوات الأمن الإيرانية خلف أسوار السجون وأثناء الاحتجاجات”. 

وأضافت أن “حملة القمع الوحشية الأخيرة التي تشنها السلطات الإيرانية ضد الاحتجاجات تتزامن مع خطاب إبراهيم رئيسي في الأمم المتحدة، حيث مُنح فرصة التحدث أمام منبر عالمي، بالرغم من توافر الأدلة الموثوقة على تورطه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في تذكير صارخ بالأثر المدمر للإخفاق المتكرر للدول الأعضاء في الأمم المتحدة في التصدي للإفلات من العقاب عن الجرائم الخطيرة في إيران”. 

وسجلت منظمة العفو الدولية مقتل 6 رجال وامرأة وطفل خلال الاحتجاجات التي جرت يومي 19 و20 سبتمبر في محافظات كردستان (4) وكرمانشاه (2) وأذربيجان الغربية (2)، ومن بين هؤلاء، توفي 4 أشخاص على الأقل متأثرين بجروح أصيبوا بها جرّاء إطلاق قوات الأمن لطلقات الخردق عليهم من مسافة قريبة. 

وفقد شخصان آخران على الأقل البصر في إحدى العينين أو كلتيهما، وأصيب مئات آخرون، بمن فيهم أطفال، بجروح مؤلمة ترقى إلى مستوى التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة بسبب الاستخدام غير القانوني لطلقات الخرطوش وغيره من الذخائر ضدهم. 

وأوقفت الشابة المتحدّرة من محافظة كردستان بشمال غرب إيران، في 13 سبتمبر في طهران من شرطة الأخلاق بسبب ارتداء “ملابس غير محتشمة”، وفارقت الحياة في 16 سبتمبر في المستشفى، وبحسب ناشطين، فقد تلقت ضربة قاتلة على رأسها لكن المسؤولين الايرانيين نفوا ذلك وأعلنوا عن تحقيق. 

واندلعت التظاهرات فور ذلك بعد إعلان وفاتها. ومنذ ذلك الحين شملت 15 مدينة وصولا إلى مدينة قم الشيعية المقدسة في جنوب غرب طهران مسقط رأس المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، وبحسب آخر حصيلة نشرها التلفزيون الرسمي فإن 17 قتيلا سقطوا منذ اندلاع التظاهرات في إيران، بينهم متظاهرون وشرطيون. 

وقال مدير منظمة “إيران هيومن رايتس” محمود أميري في بيان، إن “الشعب الإيراني نزل إلى الشارع للنضال من أجل حقوقه الأساسية وكرامته الإنسانية والحكومة ترد على هذه التظاهرات السلمية بالرصاص”. 

وأكدت “إيران هيومن رايتس” حدوث تظاهرات في أكثر من 30 مدينة، مبدية قلقها حيال “الاعتقالات الجماعية” لمتظاهرين ونشطاء من المجتمع المدني. 

وذكرت وكالة “تسنيم” للأنباء في وقت لاحق، أنّ عنصراً خامساً من قوات الأمن قتل مساء الأربعاء في قوتشان (شمال غرب) “أثناء محاولته تفريق مثيري الشغب” في هذه المدينة. 

وردّاً على الغضب الشعبي، قال الرئيس إبراهيم رئيسي الخميس من نيويورك – حيث يشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة – إنه سيتم التحقيق في وفاة مهسا أميني، مؤكّداً أنّه “اتّصل بأسرة الراحلة”. 

خلال تظاهرات في عدة محافظات في إيران، تواجه متظاهرون مع قوات الأمن وأحرقوا آليات للشرطة ورددوا هتافات مناهضة للسلطة بحسب وسائل إعلام وناشطين. وردت الشرطة باطلاق الغاز المسيل للدموع وأوقفت عددا غير محدد من الاشخاص بحسب وسائل إعلام إيرانية.  

وأظهرت صور متظاهرين يتصدّون لقوات الأمن. والصورة الأكثر انتشاراً على شبكات التواصل الاجتماعي كانت لنساء يضرمن النار في حجابهن، وردّد متظاهرون في طهران “لا للحجاب، لا للعمامة، نعم للحرية والمساواة”، ولاقت هذه الهتافات صدى في نيويورك واسطنبول. 

وفي إيران، تجبر النساء على تغطية شعرهن وتمنعهن شرطة الأخلاق من ارتداء المعاطف التي تصل إلى مستوى الركبة والسراويل الضيقة والجينزات المثقوبة والملابس ذات الألوان الزاهية. 

وتعد تظاهرات الأيام الماضية من الأكبر في ايران منذ تظاهرات نوفمبر 2019 التي اندلعت اثر رفع أسعار الوقود في أوج أزمة اقتصادية، وامتدت حركة الاحتجاج إلى نحو مئة مدينة وتم قمعها بقوة، وبلغت الحصيلة الرسمية 230 قتيلا وأكثر من 300 بحسب منظمة العفو الدولية. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *