بسبب انتقادات للملك.. المدوِّنة المغربية سعيدة العلمي تنتظر المحاكمة.. والسجن 4 سنوات للناشط ربيع الأبلق

مونت كارلو


نشرت مجموعة “مغربيات ضد الاعتقال السياسي” عدة نداءات على موقعها بالفيسبوك تطالب فيها بالحرية للمدونة سعيدة العلمي التي تم توقيفها ثم وضعها رهن الحراسة قبل أكثر من شهر، وتنتظر جلسة محاكمتها 29 أبريل الحالي.

وكانت “مغربيات ضد الاعتقال السياسي” عبّرت في بيان عن خشيتها من “متابعة ظالمة لها” وربطت اعتقال سعيدة العلمي بمناخ سياسي عام “متسم بالهجوم الكاسح على حرية الرأي والتعبير” حسب تعبيرها.

واعتبرت المجموعة النسوية أن العلمي مُستهدَفة “بسبب آرائها السياسية وجرأتها في التعبير عن مواقفها، ووقوفها إلى جانب ضحايا القمع والمحاكمات الظالمة، خاصة منهم الصحافيين معتقلي الرأي”.

عُرفت سعيدة العلمي “كمدونة تحضر كل الوقفات الاحتجاجية المنددة بالوضع في المغرب لا سيما في مدينة الدار البيضاء” وتميزت بخطابها الراديكالي الذي تنتقد به الأوضاع” بحسب الرئيس عبد الرزاق بوغنبور، السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، وأن اعتقالها يأتي في سياق “استهداف مجموعة من الرموز المنتقدة للوضع” حسب رأيه.

واستنكر بوغنبور متابعة سعيدة العلمي في حالة اعتقال في قضية تتعلق بحرية التعبير وبالمقارنة استغرب لكون المشتبهين في قضايا فساد تتم متابعتهم في حالة سراح.

وقالت محامية سعيدة العلمي، الأستاذة سعاد البراهمة إن التهم الموجهة لموكلتها تتعلق بـ”إهانة هيئة منظمة وإهانة موظفين عموميين بسبب قيامهم بمهامهم وتشهير وتحقير مقرر قضائي”.

وبناء على التدوينات التي نشرتها العلمي على صفحتها بالفيسبوك، تم استدعاؤها للاستماع إليها يوم 23 مارس 2022، فتقرر وضعها حينها بالحراسة النظرية، ثم أحيلت على المحكمة بعد يومين وبدأت محاكمتها على مراحل، كانت آخرها جلسة الاستماع ومرافعة الدفاع يوم الجمعة الماضي، 22 أبريل، فأُدرج الملف للمداولة بتاريخ 29 أبريل المقبل.

وأكدت سعيدة العلمي أثناء الاستماع إليها بأنها لم تقم سوى بالتعبير عن رأيها وأن تدويناتها لا تخرج عن إطار حرية الرأي والتعبير وعن انتقاد موضوعي لبعض المؤسسات أو أجهزة الدولة، بحسب ما نقلته محاميتها.ملاحقة سعيدة العلمي جاءت “على وجه الخصوص حينما أشارت في تدوينة إلى المؤسسة الملكية” ونددت فيها بممارسات غير سليمة في مؤسسات الدولة وحمّلت الملك مسؤولية عدم التدخل، حسب ما أفادت به المحامية سعاد البراهمة لمونت كارلو الدولية.

وأضافت أنه في إطار التحقيق جُلبت تدوينات أخرى أشارت فيها سعيدة العلمي إلى عبد اللطيف الحموشي، مدير إدارة الأمن الوطني الذي وجهت له انتقادات شديدة.في تدوينة تحت عنوان “علقم قديم في آنية جديدة” نشرتها على صفحتها في الفيسبوك يوم 4 مارس الماضي، عبّرت الناشطة سعيدة العلمي عن استيائها من “الملك الجديد” الذي علّقت عليه آمال الانتقال بالبلاد إلى عهد الحداثة “باختيار منهجية جديدة وأفكار حديثة وقابلة للتحديث، بتطلعات تتناغم مع وتيرة التنمية والازدهار في العالم” وأضافت “لكن سرعان ما اصطدم الجميع بالحقيقة المرة”.

وأكدت سعيدة العلمي في تدوينتها أنها ضد النظام الملكي وعدّدت الأسباب التي تُسند إليها موقفها، مشيرة إلى ما سمّته ب”ضياع الحقوق والتضييق على الحريات” و”الجوع والبطالة” و”الزبونية والإقصاء” و”السجون المملوءة بالمعارضين والمنتقدين للسياسات العمومية” واعتبرت أن لا استقرار في البلاد طالما استمرت كل هذه المعطيات.وفي تدوينات أخرى ذكرت الناشطة سعيدة العلمي اسم مدير إدارة الأمن الوطني لما وصفتهم ب”ميليشيات الحموشي” مشيرة إلى قيام رجال الأمن بزيارة العمارة التي تسكن فيها واستنطاق بعض الجيران خلال غيابها، فنددت بما اعتبرته “محاولة بئيسة لترهيبها”. فاعتبرت محاميتها الأستاذة البراهمة أن تسمية الحموشي بالاسم كان من “ضمن ما سرّع استقدام سعيدة العلمي إلى المحاكمة”.


وقالت المحامية البراهمة إنه منذ بضع سنوات أصبحت الملاحقات المرتبطة بانتقاد ملك المغرب تقام بمسميات أخرى بتطبيق نصوص قانونية تتعلق بإهانة هيئة منظمة وتحقير مقررات قضائية إلخ. مع تجنب إدراجها في إطار إهانة المقدسات والمؤسسة الملكية، لما جلبته في السنوات الماضية من مساس بصورة المغرب وبالملك على وجه الخصوص على الصعيد الدولي، بسبب كثرة المتابعات ضد من ينتقد الملك.إدانة الناشط ربيع الأبلق لانتقاده الملك، تحوّلٌ مفاجئ للقضاء في المغرب


الامتناع عن معاقبة المنتقدين للملك في إطار نصوص القانون الخاصة بإهانة المقدسات في المغرب شهد تحوّلا لافتا في الساعات الماضية بعدما قضت المحكمة الابتدائية بمدينة الحسيمة في شمال المغرب أمس الإثنين، 25 أبريل 2022، بالسجن 4 سنوات في حق الناشط ربيع الأبلق لإدانته بالإخلال بالاحترام الواجب للملك، على خلفية فيديوهات تضمنت انتقادات للعاهل المغربي.

المحامي عبد المجيد أزرياح عبّر عن صدمته من الحكم الصادر بحق موكله وقال “صدمني هذا الحكم لأن الأبلق لم يقم سوى بالتعبير عن رأيه منتقدا في فيديوهات الفساد والفوارق الطبقية، بدون أن يرقى ذلك إلى الإخلال بالاحترام الواجب للمؤسسة الدستورية العليا”. كما تضمن الحكم أيضا غرامة 20 ألف درهم (حوالى 2000 دولار).

بدورها تفاجأت المحامية سعاد البراهمة بهذا الحكم وعلقت بالقول: “نعيش ترديا حقوقيا إن على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي، كما أن المؤثرات التي كانت تُشعر الدولة المغربية بالحرج أمام ما يقع في العالم، لم يعد التخوف كما كان، أن يكون هناك ضغط من مؤسسات أو من منظمات في الخارج، وبالتالي يبدو أنه نعود إلى ما يسمى بزمن سنوات الجمر والرصاص بالمغرب وتعود المتابعات كما كانت سابقا” وأوضحت أن “الناس لا تنتقد شخص الملك في حد ذاته وإنما تنتقد المؤسسة كأداء، وكونه مسؤول عن السياسة التي تُنتهج في الدولة”.

توالت نداءات منظمات غير حكومية دولية مؤخرا بالكف عن ملاحقة المدونين والمدافعين عن حقوق الإنسان في المغرب، فكانت منظمة هيومن رايتس ووتش دعت السلطات المغربية الأسبوع الماضي إلى إسقاط التهم الموجهة لربيع الأبلق، موضحة أنها تستند الى “مقطعي فيديو منشورين على فيسبوك ويوتيوب خاطب فيهما الأبلق الملك بنبرة غير رسمية، وقارن ثروته الشخصية بالفقر المنتشر في المغرب”.

وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “ندعو السلطات إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن سعيدة العلمي وإسقاط جميع التهم الموجهة إليها، يجب على الشرطة وقف جميع الاستجوابات والمحاكمات التي يتعرض لها النشطاء والتي تنبع فقط من ممارستهم لحقهم في حرية التعبير”.وأشارت العفو الدولية إلى أن “السلطات المغربية كثفت مضايقاتها للمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء في الشهرَيْن الماضيَيْن، حيث يواجه أربعة منهم على الأقل تحقيقات جنائية ومحاكمات بشأن منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد السلطات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *