بدر محمد.. سنتان في إعادة محاكمة “حدث” والتهمة “حمل مستلزمات دراسية” (لم ير طفلته سوى من خلف القضبان)

كتب- محمود هاشم:

سنتان محروم فيهما من حريته وزوجته، وطفلته التي لم يلق نظرته الأولى عليها إلا من خلف قضبان السجن، لم يسمح له برؤية محاميه، ويراه قاضيه من خلف قفص زجاجي لا يستطيع من ورائه حتى الدفاع عن نفسه، 5 سنوات محكوم بها على بدر محمد عبدالله، على ذمة القضية 8615/2013، المعروفة بـ”أحداث رمسيس” على الرغم من كونه “حدثا” حينها، حيث لم يكن يتجاوز الـ17 ربيعا.   

أكمل بدر، في 11 مايو الحالي، عامه الثاني في السجن، حيث حُكم عليه غيابيًا في عام 2017، وهو الآن قيد إعادة المحاكمة على ذمة القضية التي تحمل رقم 4163/2013 شمال القاهرة، بينما تتواصل مناشدات زوجته إلينا بيشلر، التي تحمل الجنسية النمساوية، للإفراج عنه، بينما يصيبها الأسى مرارا وتكرارا مع كل تأجيل للقضية.   

تقول إلينا لـ”درب”: “في شهر مايو من عام 2013، كان بدر في محيط منطقة رمسيس، حيث كان متوجها إلى منطقة الفجالة لشراء مستلزمات دراسية بعد نحاجه في الثانوية العامة وتقدمه للالتحاق بكلية الهندسة، حيث لم يتعد حينها عامه الـ17، إلا أنه تم القبض عليه لتواجده في محيط المكان بينما كانت تجري أحداث رمسيس.  

في أثناء هذه الفترة، قضى بدر 3 أشهر محبوسا قسم الأزبكية، وسجن وادي النطرون، والمؤسسة العقابية بالمرج، قبل الإفراج عنه لاحقا، وفي 11 مايو 2020 تم القبض عليه بعد الحكم عليه غيابيا بالسجن 5 سنوات على ذمة القضية، لتجري بعدها إجراءات إعادة محاكمته، بينما ما يزال محبوسا في سجن المزرعة بطرة، بعد نقله من سجن الليمان، وفقا لزوجته.  

تحكي إلينا: “في يوم القبض على بدر كنا في منزل عائلته نحضر إفطار رمضان حينها، بينما كنا نستعد لنزف لهم خبر حملي بطفلتنا، إلا أنه في هذه اللحظة حضر عدد من أفراد الأمن ليأخذوه، رأيته فجأة يحتضنني، دون أن أفهم ماذا يجري، قبل أن أستوعب الأمر بعدها”.  

وتضيف: “لم أتخيل أن هذه المناسبة التي كنت أنتظرها كثيرا تتحول إلى هذا الكابوس في لحظات، يونس لم يستطع إخبار والده بحملي إلا في أثناء اقتياده من قوات الأمن، لم أستطع فعل شيء خاصة أنني حضرت إلى مصر قبل عام فقط، ولا أعرف فيها سوى زوجي وأسرته”.  

في هذه الأثناء كان فيروس كورونا المستجد تشتد حدته في مصر، وسط اتخاذ إجراءات بالإغلاق، لم تستطع إلينا حتى السفر إلى أسرتها في النمسا لرعايتها وطفلها حتى موعد الحمل، بينما كانت زوجة بدر تبذل ما في وسعها لرؤية زوجها في محبسه، ومحاولة معرفة أسباب القبض عليه، وظروف احتجازه.  

تروي إلينا: “في زيارتي الأولى له، دائما ما كان محاولا تهدئتي وإخباري أنه بحالة جيدة وأنه لا حاجة للقلق عليه، كان ينتظر الحضور بجانبي لحظة ولادة ابنتنا، وكانت لدينا بالفعل الكثير من الخطط للتحضير لهذه المناسبة الهامة لنا، لكن كل ذلك لم يكتب له الحدوث بحكم حبسه”.  

لم يلق بدر النظرة الأولى على رضيعته للمرة الأولى إلا من خلف قضبان السجن، تسعده ابتسامتها الطفولية، بينما يبدو محاولا الثبات أمامها وأمام زوجته، بينما يسعى لكتم دموع السعادة برؤيتها المختلطة بدموع الأسى على المعاناة التي يعيشونها جميعا في هذه اللحظات.  

تشرح “إلينا” 3 أسباب تؤكد براءة زوجها من الاتهامات المنسوبة إليه في “أحداث رمسيس”، وتستدعي سرعة الإفراج عنه وعودته لأسرته وطفلته، أولها عدم وجود دليل على مشاركته في الاحتجاجات، مع وجود إثبات من قسم الشرطة في عام 2013، بعدم مشاركته في الاحتجاجات، وإن وجوده في موقع الأحداث في هذا الوقت كان لشراء كتب ومستلزمات دراسية، ومنذ ذلك الحين ، يستخدم هو ومحاميه هذا الدليل كدفاع أساسي عنه.   

السبب الآخر، أن بدر كان قاصرًا في ذلك الوقت، حيث لم يتجاوز الـ17 من عمره، وثالثا أنه لم يكن منتميا لأي جماعة دينية أو سياسية، كما لم ينشر أي آراء سياسية يمكن تفسيرها على أنها تضر بالوطن. 

وفقا لزوجة بدر، تم اقتراح ضم اسمه أمام أعضاء في لجنة العفو الرئاسية وآخرين، ضمن قوائم الإفراجات المحتملة، مؤكدة أن إعلان الدولة إعادة النظر في ملفات المحبوسين فرصة جيدة للإفراج عن بدر، وإثبات برائته، كما تواصلت بدورها مع السفارة النمساوية لمحاولة التدخل للإفراج عن زوجها. 

وواصلت: “أخشى أن القاضي سيحكم عليه فقط من خلال الأوراق المقدمة إليه، لأنه لم يرَ بدر قط ولم يسمعه يتحدث مدافعا عن نفسه، أشعر بكثير من الإحباط مع كل تأجيل لنظر القضية، وأخشى من إطالة أمد الحكم فيها، لكن لدي أمل كبير في القضاء بتبرئة زوجي وعودته إلينا قريبا”.  

وتستكمل: “في زياراتي له، دائما ما يؤكد لي أن ما يحدث معه لا يمكن أن يدفعه لكره وطنه، ويخبرني بخططه حال خروجه، ورغبته في استعادة حياته الطبيعية، والاستمتاع إلى جوارنا باللحظات التي افتقدناها سويا خلال فترة حبسه، مشاركة ثلاثتنا مائدة الطعام للمرة الأولى، والحديث الأول مع ابنتنا بعيدا عن أي قيود أو حواجز”.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *