بالأرقام.. النجار يُحذر من توقف دورة إنتاج الدواجن: الأمر لن يقف عند غلاء الأسعار والبطالة والخسائر.. إعادة الدورة للعمل ستكون باهظة وتستغرق زمنًا

هل تتفادى الحكومة تعميق الأزمة الراهنة بحل مشكلات القطاع أم ستستمر في الإدارة العشوائية للتركيب المحصولي المختل والذي تغيب عنه أصول الأولويات؟  

قطاع الدواجن يعمل به أكثر من 3 ملايين عامل وينتج نحو 95% من احتياجاتنا من الدواجن وكل ما نحتاجه من البيض  

كتبت: ليلى فريد  

حذر الكاتب الصحفي والخبير الاقتصادي، أحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة الأهرام الأسبق، من توقف دورة إنتاج الدواجن، لافتًا إلى أن إعادة الدورة للعمل ستكون باهظة وتستغرق زمنا تضطرب فيه الأسعار والإمدادات. 

وتساءل النجار: هل تدرك الحكومة وتتفادى تعميق الأزمة الراهنة بحل مشكلات هذا القطاع، وتغيير التركيب المحصولي من خلال دورة زراعية مرنة أو سياسة فعالة للحوافز لتشجيع المزارعين على زراعة المحاصيل الاستراتيجية وضمنها الحبوب وفول الصويا الضروري لغذاء البشر وصناعة الأعلاف، أم ستستمر في “الإدارة” العشوائية للتركيب المحصولي المختل والذي تغيب عنه أصول الأولويات التي يجب أن تكون للمحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها الحبوب.؟ 

وإلى نص ما كتبه النجار تحت عنوان: (قطاع الدواجن وأصول الأولويات). 

إذا انقطعت دورة الإنتاج بالنسبة للثروة الحيوانية والداجنية (الكائنات الحية)، فإن الأمر لا يتوقف عند ارتفاع الأسعار وبطالة العمال وكشف سترهم وخسائر أصحاب الأعمال، بل إن تكلفة إعادة دورة الإنتاج للعمل تكون باهظة وتستغرق زمنا تضطرب فيه الأسعار والإمدادات في هذا القطاع، وذلك خلافا لانقطاع دورة الإنتاج في السلع الصناعية بسبب عدم توفر الخامات أو الآلات والسلع الوسيطة حيث تحدث أزمة وارتفاع في الأسعار واستغناءات عن بعض العمال، لكن إمكانية معالجتها ببعض التكاليف إذا تم توفير تلك المستلزمات يكون متاحا وبشكل سريع، وقطاعي الإنتاج اللذين ينهض عليهما أي اقتصاد قوي وراسخ البنيان ويتحقق من خلالهما الأمن الاقتصادي القومي هما الصناعة والزراعة ومعهما الخدمات الصحية والتعليمية، وهي القطاعات التي تخدمها باقي القطاعات الخدمية ومرافق البنية الأساسية. فإذا كانت هناك أزمة في العملات الحرة، فإن فقه الأولويات يفرض تجميد مشروعات البنية الأساسية وإيقاف الدخول في أي مشروعات جديدة وإعطاء الأولوية المطلقة للقطاعات الإنتاجية فالبشر وقطاعات الإنتاج أولى من الحجر ومشروعات البنية الأساسية التي تفوق متطلباتها طاقة الاقتصاد المصري على التمويل وتجور بشكل متعسف على القطاعات الأولى منها بالتمويل. وقطاع الدواجن بمزارعه وصناعات الأعلاف والأدوية واللقاحات المغذية له والمجازر الكبيرة ومحلات التجهيز والبيع الصغيرة، يعمل به أكثر من 3 ملايين عامل، وينتج نحو 95% من احتياجاتنا من الدواجن وكل ما نحتاجه من البيض، وهو مهدد بالفعل سواء بسبب بطء الحكومة في معالجة مشاكله، أو لأنه تطور منذ سبعينيات القرن الماضي بشكل تابع ومعتمد على استيراد الأعلاف، دون أن تضع الدولة استراتيجية لتوفير الأعلاف المحلية له حتى يكون قطاعا مستقلا، وذلك من خلال تغيير التركيب المحصولي المختل الذي تشغل الخضر والفاكهة جانبا كبيرا منه ويزيد الإنتاج المحلي منها على الاستهلاك، دون أن تكون هناك قدرة على حفظ الفائض أو تصديره كله وإنما جزء منه فقط، مما يؤدي إلى تلف وإهدار جانب من هذ الإنتاج في ذروة مواسم الإنتاج، بينما يوجد لدينا نقص فادح في السلع الزراعية الاستراتيجية وعلى رأسها الحبوب!  

ولنتأمل هذه البيانات لندرك جذر الأزمة.. تشير بيانات منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) إلى أن الرقم القياسي لإنتاج الحبوب في مصر قد ارتفع من 100 خلال فترة الأساس من 2004-2006، إلى 108 عام 2016،  بينما ارتفع الرقم خلال الفترة نفسها إلى 167 في روسيا، ونحو 130 في كل من الصين والولايات المتحدة، ونحو 132 في البرازيل، ونحو 125 في العالم إجمالا، ونحو 132 في أفريقيا، ونحو 124 في آسيا، ونحو 131 في الأمريكتين، ونحو 119 في أوروبا. وواضح أن زيادة إنتاج الحبوب في مصر هي بين الأدنى عالميا، ويزيد من وطأة هذا البطء في نمو إنتاج الحبوب في مصر أن الرقم القياسي لعدد السكان ارتفع من 100 في فترة الأساس 2004-2006 إلى 127 عام 2016، أي أنه زاد بمعدلات أعلى كثيرا من معدلات زيادة إنتاج الحبوب مما أدى إلى زيادة الفجوة بين الإنتاج والاحتياجات وجعل مصر تتصدر دول العالم في استيراد القمح والحبوب إجمالا.  

وعلى العكس من ذلك ارتفع الرقم القياسي لإنتاج الفواكه والخضر في مصر من 100 خلال فترة الأساس 2004-2006، إلى 130 عام 2016، بينما ارتفع الرقم خلال الفترة نفسها إلى 126 في روسيا ، و162 في الصين، وانخفض إلى 98 في الولايات المتحدة، وبلغ نحو 106 في البرازيل، ونحو 137 في العام إجمالا، ونحو 109 في أوروبا، ونحو 132 في أفريقيا، ونحو 151 في آسيا (بسبب الزيادة الكبيرة في الصين والهند بالأساس)، ونحو 113 في الأمريكتين.  

وارتفع الرقم القياسي لإنتاج مصر من الجذور والدرنات من 100 خلال فترة الأساس 2004-2006، إلى 177 عام 2016، مقارنة بنحو 124 في روسيا، ونحو 120 في الصين، ونحو 102 في الولايات المتحدة، وانخفض إلى نحو 90 في البرازيل، وبلغ نحو 121 في العالم إجمالا، وانخفض إلى نحو 97 في أوروبا، وبلغ نحو 133 في أفريقيا، ونحو 131 في آسيا، ونحو 99 في الأمريكتين خلال الفترة نفسها.  

هي لحظة اختيار.. فهل تدرك الحكومة وتتفادى تعميق الأزمة الراهنة بحل مشكلات هذا القطاع، وتغيير التركيب المحصولي من خلال دورة زراعية مرنة أو سياسة فعالة للحوافز لتشجيع المزارعين على زراعة المحاصيل الاستراتيجية وضمنها الحبوب وفول الصويا الضروري لغذاء البشر وصناعة الأعلاف، أم ستستمر في “الإدارة” العشوائية للتركيب المحصولي المختل والذي تغيب عنه أصول الأولويات التي يجب أن تكون للمحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها الحبوب. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *