“المحافظين” رافضا صندوق قناة السويس: مخالف للدستور ويتعارض مع متطلبات الأمن القومي

أعلن حزب المحافظين رفضه مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة ووافق عليه مجلس النواب من حيث المبدأ، بشأن تعديل أحكام القانون رقم ٣٠ لسنة ١٩٧٥ بشأن نظام هيئة قناة السويس، الذي يمنح الصندوق سلطة بيع وشراء واستئجار الأصول الخاصة بهيئة القناة والتحكم فيها.

وقال الحزب، في بيان عقب اجتماعه الطاريء مساء أمس الثلاثاء، 20 ديسمبر 2022، إن مشروع تعديلات القانون الحالي مخالف الدستور وقانون الهيئات الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة، نظرا لتعديه على أهم موارد الموازنة العامة للدولة من العملات الصعبة.

كما أكد الحزب تعارض مشروع القانون أيضا مع متطلبات الأمن القومي واستقرار واستدامة تنمية مرفق قناة السويس،ا رافضا على أية محاولات لتوجيه المناقشات داخل البرلمان.

كان سياسيون ونواب وأحزاب سياسية، رفضوا موافقة مجلس النواب في المجموع على مشروع قانون جديد بشأن إنشاء صندوق خاص لهيئة قناة السويس، يمنحه الحق في بيع وشراء واستئجار الأصول والتحكم فيها، فيما اعتبروا قناة السويس” خط أحمر”.  

وقال رئيس حزب التحالف الشعبي الكاتب الصحفي مدحت الزاهد، قال إنه تجري مشاورات خلال الأيام الحالية في إطار تكوين جبهة وطنية عريضة ككتلة ضغط للدفاع عن قناة السويس وإسقاط مشروع القانون الحكومي بشأن إنشاء صندوق هيئة قناة السويس، الذي يتيح شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصوله الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، واصفا إياه بأنه يمثل تهديدا واضحا للأمن القومي المصري. 

وأضاف الزاهد، في تصريحات لـ”درب” أن الجبهة من المقرر أن تشمل تحت لوائها جميع رافضي القانون من الحركة المدنية الديمقراطية، وغيرها من الأحزاب والنقابات والكيانات والشخصيات العامة، متسائلا: “هيئة قناة السويس أعلنت بالفعل تحقيقها أرباحا بمليارات الدولارات سنويا، فما الداعي لإنشاء صندوق سيادي يستقل بميزانيتها عن ميزانية الدولة ويبتعد عن آليات الرقابة والمحاسبة”. 

وكشف رئيس التحالف الشعبي عن اجتماع طاريء للأمانة العامة للحركة المدنية الديمقراطية من المقرر عقده قبل نهاية الأسبوع الحالي، لبحث المسارات المقرر التحرك فيها للتصدي لمشروع قانون الصندوق، التي قد تشمل إقامة مؤتمر موسع، فضلا عن التحرك القانوني أمام المحكمة الدستورية العليا، فضلا عن حشد الرأي العام لتوعيته بمخاطر مثل هذا التوجه، وغيرها. 

وقال السياسي البارز والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، إن “قناة السويس خط أحمر، بأرواح الشعب حفرناها، وبإرادة الشعب أممناها، وبدماء جيش الشعب حررناها، وهي ملك الشعب ولن يسمح لحكومة فاشلة بالتفريط فيها”.  

أعضاء مجلس النواب أيضا كان لهم موقف في رفض مشروع القانون أمام البرلمان، حيث سجل بعض أعضاء المجلس رفضهم المشروع المعد من الحكومة في مضبطة الجلسة، ومنهم النائب عن حزب الوفد الجديد محمد عبد العليم داود، الذي قال في كلمته: “إنشاء صندوق بهيئة قناة السويس هو بمثابة تفريغ مصر من أموالها، وتحويل المال العام إلى مال خاص. وهذا المشروع يمثل خطراً داهماً على الدولة المصرية”.  

وأضاف داود: “مشروع القانون المعروض على مجلس النواب يشبه مشروع طرح أهرامات الجيزة للبيع في سبعينيات القرن الماضي، والذي تصدت له النائبة نعمات أحمد فؤاد تحت قبة البرلمان”.  

وتابع: “هذه قناة السويس المملوكة للشعب المصري، والتي حفرها بدمه، وليست شركة من شركات القطاع العام التي تُباع بـ أبخس الأثمان”.  

وقال النائب عن حزب “التجمع” عاطف مغاوري: “أربأ بهيئة قناة السويس أن تلحق بمغارة علي بابا المسماة بالصناديق الخاصة. ومشروع القانون المطروح هو تشوه تشريعي، لأن قناة السويس ليست مرفقاً عادياً للدولة، وإنما هي تجسيد لإرادة الشعب المصري”.  

بدوره، أعلن النائب عن الحزب “المصري الديمقراطي” إيهاب منصور رفض الحزب مشروع القانون، قائلاً: “عدم وحدة الموازنة أحد العيوب الأساسية للسياسة المالية العامة للدولة، ومصر تعاني من زيادة عدد الصناديق والحسابات الخاصة التي وصل عددها إلى 7 آلاف صندوق، وكان فائضها العام الماضي وحده نحو 36 مليار جنيه، لم يستقطع منها سوى 3 مليارات جنيه لدعم الموازنة”.  

وطالب منصور الحكومة بـ”إعادة ترتيب أولويات الإنفاق، وبحث سبل زيادة معدل النمو الذي بلغ 5.5 في المائة، في حين أن معدل زيادة الديون وصل إلى 12 في المائة، أي ما يعادل ضعف معدل النمو”، مضيفا: “الحكومة تقترض الآن لسداد الديون، وليس للإنتاج والتشغيل، وهذا أمر خطير على الاقتصاد المصري”.  

وقال النائب فريدي البياضي: “الحكومة تعد مشروعاً جديداً كل فترة بشأن أحد الصناديق الخاصة، وبذلك تأخذ من إيرادات الدولة بعيداً عن موازنتها، أو عن رقابة البرلمان. الحكومة عومت الجنيه، وغرقتنا في الديون، وغرقت معها الطبقات المتوسطة والفقيرة”.  

وأضاف: “هذه الحكومة يجب أن تسمى حكومة الصناديق الخاصة، وأقول للجميع: كفاية إفراغ لموازنة الدولة، وكفاية صناديق جديدة، وكفاية سياسات خاطئة، وكفاية كل هذا الوقت على الحكومة. الحكومة الحالية يجب أن تقال، بل يجب أن تحاكم!”، على حد تعبيره.  

وأصدر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بيانًا حذّر فيه من “خصخصة قناة السويس”، مُشددًا على أن الإعلان عن “صندوق الهيئة الجديد” يأتي بعد أيام من اتفاق لم تُعلن كافة بنوده مع صندوق النقد الدولي.  

وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور زهدي الشامي، إن مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة أمس ووافق عليه مجلس النواب من حيث المبدأ لتعديل أحكام القانون رقم ٣٠ لسنة ١٩٧٥ بشأن نظام هيئة قناة السويس، يمثل خطوة جديدة بالغة الخطورة في خصخصة الأصول والمرافق الوطنية الاستراتيجية الكبرى، متسائلا: “ماذا بعد قناة السويس؟”. 

وأضاف الشامي، في تصريحات لـ”درب”، الثلاثاء 20 ديسمبر 2022: “الحكومة تخادع وتغالط كعادتها دائما بالزعم أن تأسيس صندوق خاص لهيئة القناة لا يعنى الخصخصة والبيع. بينما نصوص التعديل الذي تقدمت به واضحة وصريحة بأن الأمر متعلق بخصخصة لا لبس فيها”. 

وأوضح “المادة ١٥ مكرر (٢) من التعديل المذكور تقرر نصا على: تمكين الصندوق من القيام بجميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، ومنها: تأسيس الشركات، والاستثمار في الأوراق المالية، شراء وبيع وتأجير واستئجار أصول الصندوق الثابتة والمنقولة والانتفاع بها.. لا لبس إذن في أن الصندوق المذكور سيتعامل في الأوراق المالية وأنه بوسعه ليس فقط الدخول في شراكات مع القطاع الخاص المصري والأجنبي، بل بوسعه صراحة بيع الأصول التابعة له وهي بالطبع مخصصة من هيئة قناة السويس أو بتمويل منها سواءً من إيرادات الهيئة أو فائض أموالها وفق نص المادة (١٥ مكرر ٤)”. 

وتابع الشامي “الخصخصة والبيع لا يعني بالضرورة بيع المجرى الملاحة ذاته، بل خصخصة أنشطة هيئة قناة السويس، ويتوافق هذا مع ما ورد في (وثيقة سياسة ملكية الدولة)، التي أعلن عنها منذ عدة شهور، وأقرها مجلس الوزراء منذ أيام، ورد بها نصا الأنشطة المتعلقة بقناة السويس (المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والسفن العابرة للقناة، والأنشطة المتعلقة للقناة)”. 

وأردف الشامي “ويعني هذا أن الأمر كان مخططا له في سياق الخطة الحكومية لبيع أصول الدولة ومرافقها الأساسية تحت ضغط الجهات الدائنة، وممثلها الرسمي صندوق النقد الدولي، الذي أصبح يشترط الخصخصة وبيع الأصول كأسلوب لتمويل الأزمة النقدية والمالية الخانقة للحكم في مصر، وخاصة في مجال النقد الأجنبي، وهو أمر غير خافٍ على أحد ومعلن عنه، إلا أن الحكومة والصندوق تواطئا لإخفاء تفاصيله بفرض السرية على الاجتماع الأخير بينهما الذي تم فيه إقرار قرض الثلاثة مليارات دولار الجديد، والاتفاق على البرنامج الجديد بينهما لمدة ٤٦ شهرًا أي حوالي أربعة سنوات، وذلك بالمخالفة للتقاليد المتبعة”. 

واسترسل الشامي “نلاحظ أن القرض والبرنامج لم يعرض حتى الآن على البرلمان للموافقة عليه مسبقا كما تقضى المادة ١٢٧ من الدستور، تماما مثلما حدث في قرض واتفاق ٢٠١٦، الذي لم يعرض سوى بعد نحو خمسة شهور من عقده، وذلك انتهاك دستوري الهدف منه فرض التعتيم وغياب الشفافية، وللأسف فقد فرط مجلس النواب في واجبه الدستوري في مناقشة القروض والاتفاقيات المتعلقة بها لإقرارها مسبقا، بينما سارع للموافقة على تعديل القانون الذي يتيح الحكومة خصخصة قناة السويس”. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *