الصحة والتعليم في الموازنة.. بين غياب الأولويات ومخالفة الدستور

الحكومة تُخصص 128.1 مليار جنيه للصحة و192.7 مليار جنيه للتعليم
إلهامي الميرغني: سياسات الحكومة تقود لخراب التعليم والصحة وإغراق مصر في الديون
المخصص للانفاق على الصحة بالموازنة أقل من نصف النسبة التي ينص عليها الدستور والتعليم اقل من الثلث
البياضي: تخصيص ١٩٢مليار جنيه للتعليم والنسبة الدستورية ٦% تساوى ٥٥٣ مليارا.. والمخصص للصحة ١٢٨ مليار فقط بأقل 148 مليارا من النسبة بالدستور

“التعليم والصحة عندنا مش واخدين أولوية بالشكل المطلوب، والأسباب غير مبررة”، بهذه الكمات علق أحمد جلال، وزير المالية الأسبق، على سياسات الصحة والتعليم في البلاد، مطالبًا بتغييرها، وجاءت الموازنة العامة للدولة التي أقرتها الأغلبية في البرلمان، مؤخرًا، لتؤكد أن الحكومة تسير في نفس النهج، وأن الإنفاق على الصحة والتعليم مازال متدنيًا.
لذلك مازالت هجرة الأطباء للخارج تتواصل لتدني المرتبات ويؤكد مصدر طبي أن 7 آلاف طبيب هاجروا في العام الأخير بعد الاستقالة من وزارة الصحة، ومازال العجز في أعداد المدرسين مستمرًا، ويؤكد خبراء أن العجز تجاوز 300 ألف مدرس، فيما أعلنت الدولة أنها ستتعاقد مع 30 ألف مدرس سنويًا لمدة 5 سنوات.
يقول الخبير الاقتصادي، إلهامي الميرغني، إن المخصص للإنفاق على الصحة في العام المالي الجديد 128.1 مليار جنيه والتعليم 192.7 مليار جنيه يعني التعليم والصحة ركيزة التنمية والتقدم يخصص لهم 320.8 مليار جنيه.
ويضيف في تصريح له: فوائد الديون فقط دون الأقساط 690.1 مليار جنيه، يعني الإنفاق على التعليم والصحة 46.5% فقط من فوائد الديون، لذلك تستمر كثافات الفصول وعجز المدرسين والأطباء والتمريض ونقص عدد أسرة المستشفيات العامة.
وأضاف: السياسة المالية شغالة بالقروض وبتبني كباري وعاصمة إدارية وفشخرة ومنظرة ومونوريل وقطار معلق وسايبين التعليم والصحة للقطاع الخاص، واللي معاه فلوس يتعلم في الانترناشونال، لأن حتى التعليم الخاص بقي مستواه سيئ.
وواصل: الحكومة شغالة بمنطق اللي يجي منهم أحسن منهم المدارس التجريبية واليابانية والمدارس الحكومية ذات المستوى أسعارها أعلى من أسعار القطاع الخاص، هذه السياسات هي التي تقود لخراب التعليم والصحة وإغراق مصر في الديون، لهذا نرفض الموازنة بانحيازاتها الاجتماعية الواضحة وتعميق التبعية.
الإنفاق على الصحة والتعليم في الدستور
الدستور المصري يشترط إنفاق 3% من الناتج المحلي الإجمالي على الصحة كحد أدنى، بالإضافة لـ 3% من الناتج المحلي الإجمالي على التعليم كحد أدنى، بالإضافة لـ 2% للتعليم العالي و1% للبحث العلمي، مع مراعاة زيادة النسب بشكل سنوي لحد الوصول للنسب العالمية للإنفاق على الصحة والتعليم واللي بتوصل لحد 15% من الناتج المحلي الإجمالي.
ومن خلال ميزانية التعليم في الموازنة الجديدة نلاحظ أنها زادت 20 مليار جنيه لتصبح حوالي 192 مليار جنيه بدلا 172 مليار جنيه، والتي تمثل نسبة 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي، الذي قدرته الحكومة بحوالي 9 تريليون و200 مليار جنيه، وبالتالي المفترض بحسب الدستور تصبح ميزانية التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي 553 مليار جنيه لتصل لنسبة الحد الأدنى.
أما بالنسبة لميزانية الصحة فقد زادت حوالي 19 مليار جنيه لتصبح 128 مليار جنيه بدلا من 108 مليار جنيه، وهو ما يمثل نسبة 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي يفترض أن تصبح الميزانية 276.5 مليار جنيه لتصل للنسبة الدستورية 3% من الناتج المحلي الإجمالي.
نائب: الصحة انخفضت والتعلم كما هي
محمود سامي، النائب بمجلس الشيوخ، أعلن رفضه على الخطة بالكامل، مشيرًا إلى أن بها عدد من الأجزاء المعادة من السنة الماضية، خصوصًا فى التوزيع القطاعي.
وتابع: لا زال التركيز بشكل أساسي على قطاع المال والذى يمثل 21% من الخطة، وهو ما يعادل 306 مليار جنيه، أما الثلاث صناعات الحقيقة بيمثلوا 17%، وهذا لا يتوافق مع ما ذكره رئيس الوزراء فى الاجتماع الأخير، فترى أن الصحة قد انخفضت نسبتها عن العام الماضي وبقت نسبة التعليم كما هي، وأرى أن هذا لا يتسق مع ما يتم الإعلان عنه.
وأضاف: الحكومة عرضت مشروع الموازنة للسنة المالية الجديدة 2022-2023، وكان اللافت فيها تخصيص أكثر من نصفها لخدمة الديون، والموازنة الجديدة أظهرت زيادة كبيرة في مخصصات فوائد الديون، التي من المتوقع أن ترتفع بنحو 19% مقارنةً بالسنة المالية الحالية التي تنتهي في 30 يونيو المقبل، بينما ارتفعت مخصصات الموازنة لسداد القروض نفسها بشكلٍ كبير في المسودة، لتتجاوز الـ62%.
واختتم: كذلك إنفاق الحكومة على الصحة والتعليم أقل من المنصوص عليه في الدستور؛ حيث يُفترض ألا يقل الإنفاق على التعليم عن 6% من إجمالي الناتج المحلي، و3% بالنسبة للصحة.
المونوريل والأنشطة العقارية أولوية حكومية
النائب أحمد الشرقاوي، قال فيه إنه يجب إعلان فشل خطة الإصلاح الاقتصادي في مصر، خاصة أن نسبة الضرائب في إيرادات الموازنة أكثر من 70%، مع استمرار سياسة الاقتراض وتراكم الديون، وتخصيص مبالغ ضخمة لمشروع القطار الكهربائي (المونوريل) على حساب ميزانية التعليم والصحة.
وأضاف أنه شهدت الموازنة تخصيص 50 مليار جنيه لإنشاء قطار (المونوريل)، في مقابل تخصيص 19 مليار جنيه لإصلاح التعليم.
بدورها قالت النائبة مها عبد الناصر إن بند الاستثمارات في الموازنة يبلغ 1400 مليار جنيه، لكنها انتقدت أن يتم تخصيص نحو 500 مليار جنيه بنسبة 35% للتشييد والبناء والأنشطة العقارية، بينما لا توجد استثمارات في الاقتصاد الحقيقي أو الصناعة والزراعة.
ضياء داود: نحن أمام كارثة
النائب ضياء الدين داود، أعلن بدوره رفض للحساب الختامي لموازنة ٢٠٢٠/٢٠٢١، محذرًا من أننا أمام كارثة.
وقال النائب في كلمته بجلسة البرلمان: “دي سابع حساب ختامي يكون لي شرف رفضه، نرفض موازنات مسندة لبيانات حكومية تم رفضها، مصر لن تقف على قدميها بإصلاح مالي منفرد، مالم يصاحبه إصلاح اقتصادي، نحن موجودين في ظل أزمة تمويلية ضخمة”.
وأرجع داود رفضه لعدة أسباب، أكد أن منها، أن صافى الدين العام الحكومى داخلى وخارجى بلغ نحو ٥٥٤٧ مليار جنية فى ٣٠ / ٦ / ٢٠٢١، مقابل ٤٧٥١ مليار جنية فى ٣٠/٦/٢٠٢٠، ومقدار الزيادة فى الدين بلغلت نحو ٧٩٦،٣ مليار جنية بنسبة زيادة نحو ١٦،٨٪.
وتابع: بلغت أعباء الدين الحكومى داخلى وخارجى نحو ١٠٩٢ مليار جنية مقابل ١٠١٦ مليار فى الحساب الختامى السابق.
وأضاف داود: “للتوضيح معنى أعباء الدين هو قيمة الفوائد المستحقة سنويا بالإضافة لقيمة الأقساط المستحقة سنويا، قيمة الفوائد السنوية ٥٦٣،٧ مليار جنية، وقيمة الأقساط السنوية ٥٢٧،٧ مليار جنية، ومن ثم فإن أعباء الدين من أقساط وفوائد سنوية بلغ ١٠٨٢ مليار جنية وهى تساوى حوالى ٥١٪ من إستخدامات الموازنة، اللهم قد بلغت اللهم فأشهد”.
المصري الديمقراطي: التنمية المستدامة لا تتحقق إلا ببناء الانسان
الحزب المصري الديمقراطي أعلن اعتراضه على بنود الصحة والتعليم في الموازنة الجديدة.
وقال الحزب في بيان له: لا زالت ملاحظة الحزب المتكررة بعدم التزام الحكومة بالنسب الدستورية البالغة ٦٪، ٣٪ من الناتج القومي الإجمالي على التوالي، وعدم استطاعة وزارة المالية أن تعطي بيان دقيق بتفاصيل حساب تلك البنود، وكيفية وصولها للنسب الدستورية، ولا يوجد طريقة للوصول لتلك النسب إلا بتحميلها ببنود مثل خدمة الدين وبنود لا تمت للتعليم والصحة بعلاقة مباشرة.
وأضاف البيان: يرى الحزب أن التنمية المستدامة لا تتحقق إلا ببناء الانسان المصري، وكل التجارب الاقتصادية الناجحة السابقة للاقتصاديات الناشئة في الماضي مثل اليابان وكوريا الجنوبية، لم يكن ليكتب لها النجاح إلا بتركيز الأولويات في البداية على بناء الانسان من خلال الانفاق على بنود التعليم والصحة، وتلاها التنمية الاقتصادية المستدامة.
وقال الحزب: بخصوص مخصصات الدعم، فقد تقدم الحزب بملاحظات عديدة بعدم وجود زيادة حقيقة في مخصصات الدعم السلعي والنقدي (تكافل وكرامة)، وعدم استجابة زيادة مخصصاتها في الموازنة لارتفاع معدل التضخم وزيادة الأسعار الكبير هذا العام، مما يشير إلى أن القيمة الحقيقة لبنود الدعم قد انخفضت عن العام الماضي بقيمة تمثل على الأقل قيمة التضخم البالغ حتى هذا الشهر ١٤.٥٪ على أساس سنوي.
البياضي: مخالفات دستورية في الإنفاق على الصحة والتعليم
النائب فريدي البياضي، هاجم الحكومة بسبب الموازنة الجديدة، وطالب بإقالتها، وقالت إنها تشبه مواطن عاطل يستدين ويفرض إتاوات على الغلابة!.
وتابع، أن الحكومة توسّعت في الاستدانة، ولم تستثمر الديون في تشجيع الصناعة ولا الزراعة ولا الاستثمار، وهناك مخالفات دستورية صريحة في الإنفاق على الصحة والتعليم، ومزيد من الجباية من المواطن الغلبان!.
إيهاب منصور: الأولويات غائبة
النائب المهندس إيهاب منصور، قال في كلمته بالمجلس، إن ترتيب الأولويات غير موجود لدى هذه الحكومة ويجب عليها إعادة ترتيب الاولويات، مشيرا إلى مخالفة الحكومة للدستور فى النسب المخصصة للتعليم والصحة، حيث تم تخصيص ١٩٢ مليار جنيه للتعليم الجامعي وقبل الجامعي، فى حين أن النسبة المقررة لهما بـ ٦% تساوى ٥٥٣ مليار جنيه على اعتبار أن إجمالى الناتج المحلى ٩.٢ تريليون جنيه، وكذلك فإن المخصص للصحة ١٢٨ مليار جنيه فى حين أن نسبة ٣% طبقا للدستور تساوى ٢٧٦ مليار جنيه.
وتابع أن من أسباب هذا العجز هو انعدام الرؤية فى التطوير الحقيقى واستناده على بيانات وهمية، على غرار أن نسبة التابلت ٩٩.٩٩٩ وهى نسب غير صحيحة.
ولفت النائب، إلى أن التأمين الصحى الشامل مشروع بلا برنامج، كما أن الزراعة بدون دعم وتم تقليل دعم المزارعين من ٦٦٤ إلى ٥٤٤ مليون بنقص ١٢٠ مليون جنيه، أما بالنسبة للصناعة فإن “الوزير بيقفل المصانع الرابحة رغم أنه مسؤول عن إدارتها وإنجاحها”.
إلهامي الميرغني: الدولة تقلص الإنفاق على التعليم
بدوره قال الخبير الاقتصادي إلهامي الميرغني، إن الدولة تقلص الإنفاق على التعليم ورغم الإعلان عن الحاجة إلى 250 ألف فصل مدرسي لمواجهة مشكلة التكدس ورغم كل القروض اللي حصلت عليها مصر لتمويل التعليم أعلنت الحكومة أنها ستبني 30 ألف فصل سنوياً يعني العدد المطلوب هيتغطي خلال 8 سنوات إضافة إلى أننا نحتاج لأكثر من 17 ألف فصل سنوياً لتغطية الملتحقين الجدد وهو ما يعني انه لن يتوفر وفق المعلن سوي 13 ألف فصل وبالتالي نحتاج الي 19 سنة لتغطية عجز الفصول، إضافة إلي وجود عجز في المعلمين يصل الي نصف مليون معلم بينما يعاني خريجي كليات التربية من البطالة وتطرح الوزارة الحل في التطوع للعمل كمعلمين وهي خطوة تقضي نهائيا علي أي أمل في اصلاح التعليم، بل وبصدور قانون التأمين الصحي الاجتماعي تخلت الدولة عن التأمين الصحي على الأطفال في السن المدرسي وما قبله وأصبح أولياء الأمور مسئولين عن سداد اشتراكات التأمين الصحي لأبنائهم.
وتابع: مع ارتفاع الرسوم المدرسية وعجز بعض الأسر عن سداد المصروفات يتم حجب نتيجة الامتحانات للعديد من تلاميذ المدراس في مختلف المراحل التعليمية الحكومية.
وأضاف: منذ سنوات وبقروض تقدر بالمليارات يتم تجريف وتخريب التعليم الحكومي المجاني لكي يهجره أبناء الفقراء ولا يصبح لدينا فرص لتعليم جيد إلا في التعليم الخاص والدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *