أمير متى يكتب: من سلام السادات إلى سلام كوشنير

كانت الأزمة المصرية بعد حرب أكتوبر تتمثل في أراضي مصرية مازالت تحت الاحتلال، وحرب انتهت وطريق غير واضح للمستقبل. وقرر السادات منفردًا أن يقوم بصلح مصري إسرائيلي، كان القرار بعيدا تماما عن أي رؤية للمستقبل، أو ذكاء سياسي، أو حتي معرفة بالغيب. فالرجل قرر أن يسير وحيدا نحو إسرائيل ليس متخليا عن العرب فقط بل وعن المصريين أيضا.  فالرجل لم يشاور حتي الوفد المرافق له في المحادثات، كان بطرس غالي يفاجأ بأن السادات قد وافق علي نقاط مع اسرائيل وهم لم يكونوا علي علم بها. وأن عليهم مناقشة التفاصيل.

و كانت النتيجة هي إقرار بمبدأ الارض مقابل السلام لاول مرة، وتم إعتماد نفس المبدأ في مفاوضات الاردن والسلطة الفلسطينية فيما بعد. وحتي المبادرة السعودية التي أقرتها الجامعه العربية عام ٢٠٠٢ والتي تقوم علي تطبيع عربي كامل مع إسرائيل مع انسحاب كامل لاسرائيل لحدود ٦٧ يقوم علي نفس المبدأ.

يونيو ٢٠١٩، يعرض كوشنير في المنامة عاصمة البحرين ما عُرف بصفقة القرن، و الذي اعتمد مبدأ جديد وهو النمو الاقتصادي مقابل السلام غير معترف بأتفاقيات سابقة، أو مستوطنات، أو لاجئين، أو حتي حدود دولية للفلسطينين. كان هذا بمثابة إنقلاب سياسي في الادارة الامريكية للصراع في الشرق الاوسط. وبالطبع رفضت السلطة الصفقة، ولكن كان هناك من يريد حلّ ساداتيا منفردا مع إسرائيل بأي شكل حتي ولو لم يكن هناك أراضي محتله له!!!

فجأة و بدون أي تفسيرات، تظهر اتفاقيات سلام مع اسرائيل، مع كل من الامارات و البحرين. علي الرغم أنه ليس هناك أي أراضي محتلة للأمارات أو البحرين. كانت الإمارات أعلنت أن الاتفاقيات هدفها إيقاف التعديات الاسرائيلية علي الفلسطينين (دون تحديد ما هي) وهو ما رفضه نيتنياهو علانية وأقر أن اسرائيل ماضيه في كل خططها دون توقف، ودون توقف أيضا في خطة السلام!!

القصة لاتنتهي عند فقط السلام، ولا حتي المشكلة الفلسطينية، القصة تبدأ بتحديد الأمن العربي، وتحدياته قبل الحديث عن سلام.

فالتمدد الايراني في المنطقة أصبح يمثل تهديدا مباشرا للخليج والسعودية، فإيران نجحت في الحفاظ علي حزب الله في لبنان، وبناء حزب الله في العراق، ودعم نظام بشار وزرع قوات إيرانية مباشرة في سوريا، وعلاقات طيبة مع الحوثيين في اليمن.

في المقابل لم ينجح بن سلمان في حربه في اليمن، رغم التكلفة الباهظة للامدادت، ولم تستطيع التيارات السلفية في الحد من النمو الشيعي في العراق وسوريا. وفوق كل هذا ظهر أن الولايات المتحدة غير مستعدة أو غير قادرة علي إيقاف ايران.

كل هذا أدي إلى مزيد من التعاون بين الخليج والسعودية من جانب واسرائيل من جانب آخر. و تكلل هذا التعاون بإتفاق السلام، ليس من أجل مساعدة فلسطين بل من أجل صد إيران. فالسلام سوف يتيح تعاون أكبر في المجال العسكري والأمني علي السواء، وهو ما ظهر من خلال ردود الأفعال الإيرانية علي اتفاقية السلام، وكيف أنها اعتبرت وجود قوات اسرائيلية في الخليج خطوط حمراء، وانها تهدد أمن الخليج بأكمله. فالصراع مع ايران انتقل من صراع في دول أخري (كالعراق، و سوريا، و اليمن) إلى صراع مباشر.

نحن لسنا أمام اتفاقيات سلام مع اسرائيل، نحن أمام تغير بوصله العرب في كل شئ. في الحرب والسلام، في النصر والهزيمة، في العدو والصديق.

One thought on “أمير متى يكتب: من سلام السادات إلى سلام كوشنير

  • 22 سبتمبر، 2020 at 5:33 ص
    Permalink

    التطبيع لاعلاقة له بما تسميه انت، المد الايرانى، ايران ، ايران دولة من دول المنطقة المستهدفة ، والتى تعانى من اضطهاد وحصار عالمى ، من اجل عيون اسرائيل. الشيعة والسنة، جذء من التكوين الطبيعى لشعوب المنطقة، واشعال الفتن، والتأمر، بالسم الخطر الايرانى ، العوبة اخترعها الصهاينة، لخلق مزيد من التفتت والصراعات فى المنطقة

    Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *