أحمد سعد يكتب: معادلة المستثمرين الجدد “المال أهم من العمال.. وللعامل ربٌ يحميه”

يبدو أن عددًا من رجال الأعمال يسعون بضراوة إلى ترسيخ فكرة أن “المال أهم العُمال”، خلال الأيام الأخيرة توالت تصريحات عدد من “المستثمرين” التي بدت صادمة لقطاعات كبيرة من الرأي العام.

نجاح شركاتهم في الإبقاء على استثماراتهم، أهم من العامل الذي دفعته الظروف إلى أن يخرج من منزله في ظل هذه الجائحة وأن يحتك بالآخرين من أجل توفير لقمة عيش له ولأسرته.

بعد تصريحاته عن ضرورة إلغاء حظر الحركة وعودة العمالة، تراجع رجل الأعمال نجيب ساويرس وتبرعت مؤسسة بـ 100 مليون جنيه 40 مليون منها مخصصة للأسر المتضررة و 60 مليون للدولة لدعمها في إجراءات مواجهة كورونا.. ويبدو أن تراجع ساويرس جاء تحت ضغط وليس وليد التكافل والتضامن مع المتضررين.

ليخرج علينا بعدها رجل الأعمال حسين صبور “في حوار صادم” كما وصفه البعض قال فيه “رجَّعوا الشغل فوراً، ناس هتموت لكن مش هنفلس”.

ولم تمض ساعات على تصريحات حسين صبور، حتى خرج المهندس علي عيسى رئيس جمعية رجال الأعمال بتصريحات جديدة مفادها أن “الصحة لا تفيد، وأن المال هو الأهم”.

ولد المهندس علي عيسى في قرية كفر المصيلحة، مركز شبين الكوم التابع لمحافظة المنوفية عام 1942، وتلقى تعليمه الأساسي في مدرسة «المساعي المشكورة»، وانتقل بعدها إلى جامعة الإسكندرية ليلتحق بكلية الهندسة قسم الغزل والنسيج، وبعد تخرجه تم تعيينه معيدًا بالجامعة.

وفي مايو 2016 وقع الاختيار علي المهندس علي عيسي لرئاسة جمعية رجال الأعمال بالإجماع من أعضاء مجلس إدارة الجمعية، خلفاً للمهندس حسين صبور، الذى استقال لأسباب صحية.

ودخل عيسى مجال التصدير عام 1969 بعد أن اضطر لترك عمله معيدًا بالجامعة ليتولى إدارة أراضي وأملاك والده بعد وفاته، باعتباره الابن الوحيد، خوفًا من ضياع أراضي والده الكثيرة، وكانت تتم زراعتها بالمحاصيل التصديرية لحساب عدد من المصدرين، وقرر الاستفادة من ناتج أرضه، وتولى تصديرها بنفسه بدلًا من الآخرين.

رجل الأعمال، وابن رجل الأعمال، ورئيس جمعية رجال الأعمال.. طالب العامل بأن “يتنازل عن جزء من راتبه وليكن 25% مثلاً؛ حتى لا يثقل شركته فتقع فى شبح الإفلاس، أما الشركات فيجب ألا تضحى بعمالتها، وتتمسك بوجودهم، أما الدولة فسيقع عليها العبء الأكبر كأن يتم تأجيل سداد المستحقات الضريبية على الشركات، وإلغاء التأمينات خلال فترة التوقف عن الإنتاج، والمساهمة بـ25% من مرتبات العمالة أسوة بما تم في أوروبا”.

وأضاف عيسى أن القطاعات التي انتعشت خلال هذه الأزمة لا تنطبق عليها أي استثناءات، بالعكس يجب أن تلتزم بسداد ضرائبها وجميع مسئوليتها تجاه العمالة، فضلاً عن مسئوليتها المجتمعية، لإنقاذ الاقتصاد المصرى من السيناريوهات المظلمة، مثل القطاعات الغذائية والأدوية والمنظفات والمطهرات، خصوصاً أنها تعيش حالة انتعاش طلب غير مسبوقة، حسبما نقل عنه موقع “البورصة”.

تصريحات عيسى أثارت ضجة كبيرة، وتناولها عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالانتقاد بل والسخرية في كثير من الأحيان.

أحد التعليقات الساخرة التي قالها أحد رواد “فيس بوك” كانت “تبرعوا لرجال الأعمال أثابكم الله”.. فيما قال آخر، ويبدو أنه يوجه حديثه إلى فئة بأكلمها، “أنتم لا تعرفون الرحمة”.. بينما علق آخر “ليه يا محترم هو العامل اغني من اصحاب الشركات اقل شئ يقدمها صاحب العمل للموظفين هو الوقوف بجانبهم في هذه الازمه لان الموظف هو سبب أساسي في نجاح الشركات وتربحها وهو السبب المؤثر في ثراء اصحاب الشركات وهذا هو الوقت المناسب ليرد اصحاب العمل علي موظفيهم الجميل ( اغبي سياسة يقدم عليها صاحب العمل هي التضحية بالموظفين وقت الأزمات).

المثير للدهشة أن جمعية رجال الأعمال المصريين كانت قد أصدرت بيانًا في 26 مارس ناشدت فيه الشركات الأعضاء بالالتزام بالإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، وشددت الجمعية، على ضرورة قيام أصحاب الشركات والمصانع بنشر الوعي بين العمال والموظفين بالإجراءات المتبعة لمواجهة انتشار الفيروس وتقديم كافة أنواع الدعم للعاملين بالقطاع الخاص من أجل العبور من تلك الأزمة غير المسبوقة التي يواجهها العالم.

إذن، فالجمعية تقر بضرورة اتباع إجراءات خاصة لمواجهة الفيروس المتفشي، حتى أنها ألغت جميع الاجتماعات التخصصية ومنعت أي تجمعات في الوقت الحالي، فيما سمحت للعاملين بالتواجد داخل الجمعية لتسيير الأمور الإدارية.. لكن يبدو أنه مع ذلك هناك إيمان لدى البعض بأنه على العامل ضعيف الأجر أن يتبرع بجزء من دخله لصالح الشركة التي أفنى في خدمتها سنوات عمره لأجل أن يبقى رجل الأعمال “ملياردير”.

علينا هنا أن نلتفت إلى ما يقوم به رجال الأعمال خارج مصر، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، قرر الرئيس التنفيذي لشركة كولومبيا للملابس الرياضية ألغى بشكل أساسي راتبه الخاص، مشيرا إلى ضرورة استمرار صرف رواتب الموظفين، بمن فيهم أولئك الذين يعملون في متاجر البيع بالتجزئة التي يتم إغلاقها مؤقتًا في الشركة.

وأكد مسؤول في الشركة، أن تيم بويل، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة كولومبيا للملابس الرياضية، خفض راتبه إلى 10 آلاف دولار سنويًا، بما يعادل 830 دولار شهريا، كما خفض 10 من كبار التنفيذيين في الشركة رواتبهم طوعيا بنسبة 15٪ من أجل استمرار صرف رواتب صغار الموظفين.

في المقابل، فإن رجال الأعمال الذين ترعرعوا في كنف الدولة، والذين حصلوا على حوافز تقدر بالمليارات، من أراضي بأسعار متدنية إلى فواتير كهرباء وغاز مخفضة إلى خصومات ضريبية مهولة، يتخلون الآن عن مسئولياتهم المجتمعية.. لا يعنيهم إلا أن تبقى معدلات استثماراتهم مقاربة للظروف الطبيعية، أما العامل فله ربٌ يحميه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *