أحمد أبو الوفا يكتب: بعد 31 سنة من إنشاء صندوق مكافحة الإدمان.. لاجديد سوى ارتفاع نسب التعاطي

في عام 1991 أصدر رئيس الجمهورية قرارًا بإنشاء صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، بهدف مواجهة ذلك المرض الذي ينهش جسد المجتمع، وتم تكليف الصندوق بوضع آليات واضحة لمحاصرة انتشار المخدرات داخل مصر.

في عام 2022 أي بعد 31 سنة ظهر الدكتور عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان بإحدى القنوات الفضائية ليصرح بأن نسبة تعاطي المخدرات التخليقية في البلاد مثل “الشابو” و”الاستروكس”، زادت بنسبة 10% في عام واحد.

هذا التصريح ليس مفاجئا لأحد فالجميع يدرك أن المخدرات منتشرة بشكل واضح في مجتمعنا، بالطبع لا يتحمل صندوق مكافحة الإدمان بمفرده نتائج انتشار المخدرات، لكن المسئولية الكبرى يتحملها هو لأنه أنشئ خصيصا لهذه المهمة، بقراءة قرار إنشاء الصندوق نجد أنه يختص بشقين الأول التوعية والثاني تقديم العلاج بالمجان من خلال الاتصال بأرقام الخط الساخن 16023 وللأسف لم يقدم الصندوق أي نتائج ملموسة.

بمتابعة عمل الصندوق فيما يتعلق بشق التوعية، نجد أن الصندوق لم يحقق أي نجاح والدليل هذا الانتشار الكبير للمخدرات في مجتمعنا حتى أن سن الإدمان باعتراف الصندوق وصل إلى 10 سنوات أي أنه وصل للأطفال، ويأتي ذلك بسبب ضعف الآليات التي يستخدمها الصندوق في مجال التوعية، فمازال يعتمد في مجال التوعية على توزيع “البرشورات” الورقية التي تكلف الدولة ملايين الجنيهات ثم تلقى في سلة المهملات بعد قراءتها، كما يعتمد الصندوق في عملية الإقناع بين المواطنين على شباب صغير السن لا يتجاوز 21 عاما أطلق عليهم روابط المتطوعين وخبراتهم ضعيفة في هذا المجال.

هؤلاء الشباب صغير السن الذين يُطلق عليهم متطوعين ينفق الصندوق ملايين الجنيهات عليهم سنويًا حيث يتم إقامة معسكرات وتدريبات لهم بمدن وقرى سياحية كما يصرف لهم سنويا بدلات انتقال عن كل نشاط يقومون به، وبعد هذا الإنفاق نجد أن المتطوع فترة عمله لا تتجاوز السنة أو أقل ثم يبدأ عقب التخرج من الجامعة في البحث عن وظيفة وبالتالي يخسر الصندوق كافة الأموال التي أنفقت على هؤلاء الشباب، ثم يبدأ ينفق من جديد ويقيم معسكرات في قرى سياحية من جديد ويعد شبابا جديدا تحت مسمى متطوعين!.

نأتي للتكليف الثاني للصندوق وهو العلاج، وهنا قامت الدولة بإنشاء مستشفيات لتوفير العلاج بالمجان لمدمني المخدرات وتأهيلهم نفسيا ومعنويا لعدم العودة للإدمان مرة أخرى، وهنا نشأت مشكلة تتمثل في أن كل ما يُطلق عليه لفظ “مستشفى” يجب أن يكون تابعا لوزارة الصحة أو التعليم العالي!.. فقرر الصندوق تغيير المسمى من مستشفى إلى مراكز تأهيل وأطلق عليها مراكز العزيمة حتى تكون تحت إشرافه وقام بانتداب أطباء من وزارة الصحة إلى وزارة التضامن للعمل بتلك المراكز، رغم أن عملية العلاج من الإدمان تتعلق بأمور طبية، لكن حاول الصندوق إضافة اختصاص لنفسه بعدما أخفق في مجال التوعية.

الغريب أن الصندوق الذي يدعي أن العلاج في سرية تامة لا يتأخر عن تصوير مرضى الإدمان ونشر صورهم بدعوى تنظيم دوري رياضي أو مسابقة لمرضى مراكز العزيمة وهنا المتسابقين والفائزين بالطبع مرضى من الذين يُعالجون -كما يُفترض- في سرية تامة، والأغرب أن مسئول قسم الوقائية بالصندوق أعلن مؤخرًا عن تنظيم احتفالات ورحلات إلى مراكز العزيمة بحجة الترويج لها وهو ما ينتهك خصوصية المرضى.

في النهاية، أتمنى من الدولة إعادة النظر في آليات عمل هذا الصندوق واختصاصاته وميزانيته التي تنفق في أمور غير مجدية، وندعو الله أن يحفظ أبنائنا من خطر الإدمان والمخدرات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *