في الذكرى الخامسة لرحيل «الأستاذ».. السناوي يروي كواليس اللقاء الأخير مع هيكل: كتب وصحف بجوار سريره وقرار بالامتناع عن الظهور

السناوي: هيكل تقبل مساعدتى في تناول كوب ماء بعد ممانعة.. وظل مخلصًا لمهنته حتى لحظاته الأخيرة

كتب: عبد الرحمن بدر

روى الكاتب الكبير عبد الله السناوي، كواليس اللقاء الأخير مع الكاتب والأستاذ الكبير الراحل محمد حسنين هيكل، داخل المستشفى أثناء مرضه الأخير، حيث تحل اليوم الذكرى الخامسة لرحيله عن دنيانا.

وقال السناوي في مقال بصحيفة الشروق بعنوان (اللقاء الأخير مع هيكل) بجريدة الشروق: “بعد خمس سنوات من رحيله تأكد حضوره رغم الغياب، فالأفكار تبقى بعد أصحابها والتجارب تلهم لأمادٍ طويلة بقدر ما تنطوى على معنى وقيمة”.

وأضاف: “هو على سرير المرض الشديد حاول أن يستدعى أسلحته التقليدية فى مقاومته، معنى الحياة عنده أن يتابع حركة الأحداث وما خلفها، ويقرأ المستقبل وما قد يحدث فيه”.

وتابع السناوي: “بادرنى بسؤال واحد: «قل لى ما الذى يحدث؟»، جلست على مقعد بجوار سريره أروى وأتحدث، وهو نصف ممدد منتبه للمعانى من وراء الأخبار ولا يخفى قلقه على مستقبل البلد ومصيره، على مقربة من سريره كتب غربية صدرت حديثا كان قد بدأ فى قراءتها، وبعض الجرائد اليومية المصرية، وشاشة التليفزيون مفتوحة على محطة الـ«C.N.N» الأمريكية الإخبارية”.

وقال السناوي: “من حين لآخر تدخل قرينته تطمئن على تناوله الدواء وتسأل إذا ما كان هناك شيء يطلبه، كانت تخشى من إنهاك الحديث، وهو يريد أن يدقق فى المعلومات، يسأل فى الخلفيات ويستقصى الأبعاد، حتى لحظاته الأخيرة ظل مخلصا لمهنته، التى لم ير لنفسه مهنة سواها، حاول أن يتحدث ويعلق ويحلل كما اعتاد على مدى حياته العامة الطويلة، غير أن المرض الشديد عانده بقسوة.

وكشف السناوي: “استأذنته أن الوقت حان للتفكير فى تنظيم الطاقة الإنسانية، أن يتخفف من بعض الأعباء واللقاءات وشواغل العمل اليومى دون أن يغيب عن الساحة وإبداء الرأى فيما يجرى عليها من تفاعلات وحوادث، علت ابتسامة خفيفة على وجهه المتعب: لماذا التنظيم؟.. سوف أمتنع عن أى نشاط وكل حضور حفاظا على صورتى”.

وتابع: “انتهت القصة كلها عندما استشعر بعمق أن طاقته الإنسانية استنزفت إلى حد يصعب معه أن يحيا بالأسلوب الذى انتهجه فى العمل والإنتاج والتأثير شاهدا وشريكا فى الأحداث والتحولات الكبرى التى شهدتها مصر منذ ثورة ١٩٥٢”.

وأضاف السناوي: “رغم شدة المرض تبدَّى كبرياؤه الإنسانى، أراد أن يعتمد على نفسه ولا يطلب مساعدة من أحد، لا يشتكى ويواجه قدره رافعا رأسه، بعد طول ممانعة تقبل مساعدتى فى تناول كوب ماء على «كومودينو» بجوار سريره لم يستطع من فرط التعب الوصول إليه، أراد أن يرحل على الصورة التى حرص عليها طوال حياته ورسم بدأب أدق تفاصيلها”.

واختتم السناوي:”قبل أن يفارق الحياة اتصلت بى قرينته قائلة: طلب أن يراك مرتين لكن حالته لا تسمح بأى لقاء.. أردت أن أقول لك ذلك حتى أبرئ ذمتى أمام الله وأمامه، لم أكن أعرف وأنا أنحنى على جبينه مقبلا، وهو على سرير مرضه الشديد، أنه اللقاء الأخير”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *