الحرية حقه| شقيقة الصحفي أحمد علام للجنة العفو: ساعدونا في الإفراج عنه.. والدته لم تره منذ سنتين والحياة ميتة في غيابه
كتب- محمود هاشم:
ما أصعب الانتظار على أهالي السجناء والمحبوسين، الذين يعيشون على أمل خروج ذويهم بعد أشهر وسنوات من المعاناة في غيابهم، فبعد قوائم الإفراجات الأخيرة عن عدد منهم، تجدد الأمل لدى آخرين في خروجهم ضمن قوائم مرتقبة، خاصة بعد وعود من لجنة العفو الرئاسي بالتدخل للإفراج عن سجناء الرأي، في الوقت الذي لا تتوقف أيادي ذويهم عن الدعاء لخروجهم للحرية.
إيمان علام شقيقة الصحفي الزميل أحمد علام، طالبت الجهات المسؤولة ولجنة العفو الرئاسية بالتدخل سرعة التدخل للإفراج عن شقيقها، الذي قضى أكثر من عامين خلف القضبان حتى الآن، غائبا عن أسرته وأحبابه، بعد حبسه احتياطيا على ذمة القضية رقم 558 لسنة 2020 حصر أمن الدولة العليا، والتي يواجه فيها اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
“تلقينا وعودا كثيرة بالإفراج عن شقيقي في وقت قريب، لكنها لم تترجم إلى واقع حتى الآن، تفاصيل صعبة ومؤلمة تمر عليه وعلينا يوميا في ظل غيابه، في كل زيارة نمني أنفسنا أن تكون الأخيرة له، لكن الأمل بتبدد شيئا فشيئا مع كل تجديد لحبسه”، توضح شقيقة علام لـ”درب”.
في الرابع والعشرين من مايو الماضي زارت إيمان شقيقها في محبسه، وعن تفاصيل الزيارة تقول: “هو نفسيا مش تمام خالص، موضوع أن مفيش حاجة رجعت من الأدوية والزيارة فرق مع شويا، لكنه كان عنده أمل بس بسيط في الخروج قريبا، لأنه سمع وعود أنه هيخرج مليون مرة”.
وتابعت: “أحمد شقيقي الوحيد، ووالدانا كبار في السن، وهم في حاجة ماسة لوجوده ورؤيته، فوالدته لم تره منذ أكثر من عامين، كما لم يعد والده يتحمل مشوار الزيارة بحكم سنه، وكذلك جدته المحروم من رؤيتها طوال هذه المدة، أملنا الوحيد الذي نعيش من أجل تحقيقه، هو عودته إلينا، الحياة باتت متوقفة وميتة في غيابه، مهما حاولنا”.
لا يعرف علام بقدوم اليوم الجديد سوى من شعاع الضوء الذي يدخل من شباكها الضيق، يعد الساعات على أمل معانقة الحرية في أي لحظة، بينما يصبر نفسه بالأيام الخوالي في حواري القاهرة وأزقتها، التي يشتاق إليها وتشتاق إليه، هذا هو الواقع المؤلم الذي يعيشه منذ أكثر من عامين داخل محبسه، محروما من أبسط معاني حريته، فقط لمجرد كونه صحفيا يمارس مهنته.
“وددت زيارته في هذه المناسبة خاصة، للاطمئنان على أوضاعه، وأملا في التخفيف من الوحدة الموحشة التي يعانيها من محبسه، وإشعاره أنه ما يزال بجوارنا، لقد أكمل عامين في الحبس الاحتياطي حتى الآن، ومن المفترض خروجه أو عرضه على قاضيه، لكنه بات فاقدا الأمل في الخروج بعد كثرة الوعود التي تلقاها ولم ينفذ أي منها حتى الآن”، تقول شقيقة علام لـ”درب”، في تصريح سابق.
وتضيف إيمان: “ما خفف علينا وطأة المعاناة أنه تم السماح بدخول جميع الطعام والأدوية له في هذا اليوم، وللمرة الأولى، لكن ذلك لا يمكن أن يغني عن وجوده بجانبنا في منزله وبين أهله وأحبابه، لم نعد نشعر بطعم الحياة في غيابه، بينما تزداد مرارة طعام الإفطار مع رؤية مقعده الفارغ بجوارنا، لم يعد لدينا ما نقوله أو نتمناه سوى عودته”.
يحاول علام الظهور متماسكا قدر الإمكان أمام شقيقته مع كل زيارة تجمعهما، إلا أنها ما تزال تشعر بثقل الحمل الملقى على عاتقه، تستكمل إيمان: “أحمد يسعى للتخفيف من آلامنا بسبب غيابه، لكنه هو من يحتاج إلى من يخفف عنه وينتشله من هذه المعاناة المستمرة”.
لا تختفي الابتسامة من على وجه الصحفي والمعد التليفزيوني، حتى يكاد أصدقاؤه يظنون أنها مطبوعة على وجهه الهاديء دوما، لا ينقطع حديثه في معظم جلساته على المقهى وفي أي تجمع عن ثورة 25 يناير وأحلامه بها وضيقه إلى ما وصل إليها حالها وحال أنصارها.
تتكشف ميوله اليسارية بالفطرة من سخطه على السياسات الاقتصادية التي يعاني فقراء الوطن من آثارها، ليجد نفسه فجأة ضحية جديدة في قائمة الصحفيين المسجونين، بتهمة جاهزة “دعم جماعات إرهابية”، على الرغم من توجهه الواضح في انتقاد سياسات جماعات الإسلام السياسي.
الجمعة الرابع والعشرين من أبريل 2020، كان الأشد إيلاما لأسرة علام، ففي الأيام الأولى من شهر رمضان قبل الماضي، الذي اعتاد قضاءه مع أسرته في منزلهم بإحدى قرى مدينة العياط في محافظة الجيزة، حضر عدد من قوات الأمن في الحادية عشرة ونصف من المساء، للسؤال عنه، قبل أن يدخلوا به إلى إحدى غرف المنزل، ليصادروا هاتفه وهاتف شقيقته لاحقا.
ذهول الأسرة وصدمتها مما حدث أعجز لسانها عن الحديث لوهلة، قبل أن يستفيقوا على قوات الأمن وهي تأخذ الصحفي الشاب إلى إحدى عربات الشرطة، بدعوى الحاجة لاستجوابه في أحد مقراتها على أن تفرج عنه لاحقا، ليكتشفوا بعد ذلك ظهوره في مقر نيابة أمن الدولة في التجمع الخامس.
شمل التحقيق مع علام في 27 من الشهر ذاته، سؤاله عن نشاطه وعمله الإعلامي والصحفي وعلاقته بإعداد برنامج يتم إذاعته في قناة الجزيرة الوثائقية، كما سألته النيابة عن مضمون ما جاء في تحريات الأمن الوطني حول انضمامه لجماعة إرهابية، قبل أن تأمر نيابة أمن الدولة العليا بحبسه 15 يوما على ذمة القضية رقم 558 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، وتجدد حبسه منذ ذلك التاريخ حتى اليوم.
المحامي نبيه الجنادي، الذي حضر جلسة التحقيق مع علام، قال إن التهم الموجهة للصحفي الشاب تشمل: نشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والانضمام إلى جماعة إرهابية.
لم يتم ضبط أي أحراز بحوزة الصحفي، وعلى الرغم من اتهامه بإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لم تكن هناك أي مطبوعات لمنشوراته على “فيسبوك”، كما أن وكيل النيابة لم يفحص حسابه من الأساس.
وجاء اتهام علام – المعروف بعدم ممارسة نشاط سياسي ضمن أي كيان – بالانضمام إلى جماعة الإخوان، ليثير موجة من السخط، والحديث عن تلفيق اتهامات جاهزة للقبض عليه، ومن بينها إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من عدم تفاعله عبر حسابه على “فيسبوك” منذ فترة طويلة سابقة لتاريخ القبض عليه.
تعرف قهوة غزال في منطقة وسط البلد زبائنها جيدا، ففيها التقى 3 أصدقاء والتقط رابع صورة لهم، لتمر الأيام وتصبح الصورة شاهدة على وجع وقهر أسر حرمت من أبنائها بدخولهم السجن.
فقبل ما يزيد عن نصف عام من القبض على علام، ألقي القبض على زميله المحامي الحقوقي عمرو إمام، واتهامه على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، والمعروفة باسم “فخ اصطياد المعارضين”.
ويواجه إمام في القضية اتهامات بمشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وأخيرا نشر أخبار كاذبة.
كما قررت النيابة حبس الصديق الثالث في الصورة، الصحفي سامح حنين، 15 يوما احتياطيا على ذمة القضية رقم 586 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، ووجهت له تهم مشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها، إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر أخبار وبيانات كاذبة، قبل أن يتم الإفراج عنه لاحقا.
وأحمد علام، 34 سنة، صحفي ومعد تلفزيوني، عمل في العديد من المؤسسات الصحفية والإعلامية من بينها المصري اليوم، CBC، والأخبار والسفير اللبنانيتين، وموقع الغد، وجريدة الكرامة، كما أسس موقع بوسطجي، المعني بنقل مشاهدات حية للتفاعلات الاجتماعية السائدة في مناطق عدّة حول العالم، ونشر قصصا تعكس طبيعة التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية في القطرين المصري والعربي.