ماذا يعني انسحاب فرنسا والشركاء الأوروبيين من مالي؟ تحديات في مكافحة الجهاديين وإعادة تموضع في منطقة الساحل
فرانس 24
بعد أشهر من توتر علاقات بلاده مع باماكو، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس، رسميا عن الانسحاب العسكري لباريس وشركائها الأوروبيين من مالي مؤكدا مواصلة الالتزام لدى دول منطقة الساحل وخليج غينيا.
وقالت باريس وشركاؤها في بيان مشترك “نظرا للعقبات المتعددة التي تضعها السلطات الانتقالية المالية، ترى كندا والدول الأوروبية التي تعمل مع عملية برخان (الفرنسية) وداخل مجموعة تاكوبا الخاصة، أن الشروط لم تعد متوافرة لمواصلة مشاركتها العسكرية بشكل فعال في مكافحة الإرهاب في مالي، وقررت بالتالي بدء انسحاب منسق من الأراضي المالية لوسائلها العسكرية المخصصة لهذه العمليات”.
وقد تدخلت باريس لوقف تقدم الجماعات الجهادية الذي هددت باماكو في 2013، ثم نظمت عملية واسعة في المنطقة لمكافحة الجهاديين تحمل اسم “برخان” ونشرت آلاف الجنود لمحاربة فرعي تنظيمي “القاعدة” و”داعش”، لكن على الرغم من الانتصارات التكتيكية لم تتمكن الدولة المالية وقواتها المسلحة من بسط سيطرتها على الأرض من جديد.
وما زاد من خطورة الوضع الإطاحة بالحكومة المالية في انقلابين في 2020 و2021، أديا إلى تولي السلطة من قبل مجموعة عسكرية ترفض تنظيم انتخابات قبل سنوات، وتستغل مشاعر العداء لفرنسا المتزايدة في المنطقة.
وينتشر نحو 25 ألف عسكري في منطقة الساحل حاليا بينهم نحو 4300 فرنسي (2400 في مالي في إطار عملية برخان)، حسب الإليزيه.
كما ينتشر في مالي 15 ألف جندي تابعين لبعثة الأمم المتحدة (مينوسما) وبات مستقبلهم مجهولا حاليا لاعتمادهم على دعم كبير من قوة برخان.
وأكد رئيس ساحل العاج الحسن واتارا الأربعاء لإذاعة فرنسا الدولية وفرانس 24 “نعتبر أن مكافحة الإرهاب أمر أساسي لمالي وبوركينا فاسو والنيجر ودول الساحل”.
ورأى أن “رحيل برخان وتاكوبا (مجموعة من القوات الخاصة الأوروبية) يسبب فراغا. سنضطر لشراء أسلحة وعلى الحصول على قدر أكبر من الاحتراف ولكن هذا واجبنا أيضا”، مؤكدا أنه “يجب على الجيوش الوطنية تسوية المشاكل على أراضينا الوطنية وهذه فلسفتنا”.
وكشفت هيئة أركان الجيوش الفرنسية الخميس أن نحو 2500 إلى ثلاثة آلاف جندي فرنسي سيبقون منتشرين في منطقة الساحل بعد انسحابهم من مالي خلال ستة أشهر.
وقال المتحدث باسم هيئة الأركان العامة الكولونيل باسكال إياني في مؤتمر صحافي بباريس إن 4600 جندي فرنسي ينتشرون في قطاع الصحراء والساحل حاليا بينهم 2400 في مالي. وأضاف “في نهاية (الانسحاب) سيبلغ عددهم بين 2500 وثلاثة آلاف عنصر”.
وأكد ماكرون أن فرنسا وشركاءها الأوروبيين لا يشاطرون المجموعة العسكرية الحاكمة في مالي “استراتيجيتها ولا أهدافها الخفية”، مبررا بذلك انسحاب القوات الفرنسية والأوروبية من هذا البلد. وأضاف “لا يمكن ولا يجب أن تبرر مكافحة الإرهاب كل شيء، بحجة أنها أولوية مطلقة تحولت إلى تمرين للاحتفاظ بالسلطة إلى أجل غير مسمى”.
وقال الرئيس الفرنسي إن عسكريين أوروبيين يشاركون في تجمع القوات الخاصة تاكوبا “سيعاد تموضعهم إلى جانب القوات المسلحة النيجرية في المنطقة الحدودية لمالي”.
وأوضح أن إغلاق آخر القواعد الفرنسية في مالي سيستغرق “4 إلى 6 أشهر” مضيفا “خلال هذا الوقت، سنواصل مهام الحفاظ على الأمن” مع بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما) التي تعد أكثر من 13 ألف عنصر حفظ سلام.
وأشار ماكرون إلى أهمية إيصال رسالة باستمرار “التزام فرنسا وشركائها في مكافحة الجهاديين بمنطقة الساحل”. كما أكد ماكرون أن سيتم تقديم مزيد من “الدعم” لدول خليج غينيا.
وسيصبح السكان المدنيون في قلب استراتيجية مكافجة الجهاديين” إذ يقول الرئيس الفرنسي “البداية ستكون بالبرامج الاجتماعية والمدنية والتي من خلالها يمكن للعمل العكسري أن يكون ناجعا”.