أكثر من 100 منظمة عالمية تطالب بآلية أممية للرصد والإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر: أوقفوا مساعي القضاء على الحركة الحقوقية
حقوق الإنسان في مصر وصلت لـ«مفترق طرق حرج».. وتقاعس الشركاء الدوليين شجع الحكومة على إسكات أي معارضة وتهشيم أوصال المجتمع المدني المستقل
هيومن رايتس تدعو مجلس حقوق الإنسان لإبلاغ الحكومة المصرية بخضوعها للرصد.. وبهي الدين حسن: مستوى الاستبداد غير مسبوق والعواقب مرعبة
كتب- محمود هاشم:
حذرت رسالة حقوقية بتوقيع أكثر من 100 منظمة حقوقية بارزة من شتى أنحاء العالم، وزراء الخارجية المندوبين الدائمين في جنيف، وسفراء حقوق الإنسان، مما وصفوها بـ”مساعي الحكومة المصرية للقضاء على حركة حقوق الإنسان في مصر”.
وطالبت المنظمات، في رسالة مشتركة، الحكومات حول العالم بدعم وقيادة المطلب الخاص بتشكيل آلية رصد وإبلاغ أممية حول حالة حقوق الإنسان الآخذة في التدهور في مصر، قبل أيام من بداية الجلسة العادية الـ 46 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والمقرر أن تبدأ في 22 فبراير 2021.
وأوضحت أن تشكيل آلية للرصد والإبلاغ في الأمم المتحدة بشأن الأوضاع في مصر يُعدّ خطوة مهمة نحو تسليط الضوء على الانتهاكات والجرائم المرتكبة، وتقديم سبل إنصاف للناجين وأهالي الضحايا، ودرء المزيد من الانتهاكات، وفتح مسارات نحو المحاسبة.
وقال جون فيشر، مدير مكتب جنيف في «هيومن رايتس ووتش»: «على الحكومات في مجلس حقوق الإنسان أن توجه رسالة تأخرت كثيرًا إلى الحكومة المصرية، بأن الانتهاكات تخضع وستخضع للرصد والإبلاغ، وأن المصريين الشجعان الذين يواجهون الاضطهاد كل يوم ليسوا وحدهم في نضالهم.»
وأشار الموقعون إلى أنه بعد ثورة 25 يناير، التي أسفرت عن عزل الرئيس حسني مبارك، يعيش المصريون في ظل حكومة قمعية تخنق كافة أشكال المعارضة والتعبير السلمي، إلا أن الأسابيع الأخيرة أكدت أن التحرك الجماعي ممكن، وذو أثر.
وأكدوا أنه لا يمكن ضمان نجاة حركة حقوق الإنسان المصرية في الفترة المقبلة إلا عبر تحرك مستمر ودؤوب، وأن حقوق الإنسان في مصر وصلت إلى «مفترق طرق حرج»، إذ أدى تقاعس شركاء مصر والدول أعضاء مجلس حقوق الإنسان عن التحرك إلى مزيد من تشجيع الحكومة المصرية وجهودها «لإسكات أي معارضة وتهشيم أوصال المجتمع المدني المستقل».
ولفتت إلى أن أعمال الاعتقال والتحقيق مع كبار المسئولين بـ «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» – وتجميد أصولهم المالية ضمن إجراءات مسيئة أمام «دائرة إرهاب» بالمحكمة الجنائية، تمثل «هجمة بغيضة وغير مقبولة ضد أحد أبرز منظمات حقوق الإنسان في البلاد».
وبحسب الرسالة الحقوقية: «يُظهر هذا الأمر تصميم الحكومة المصرية على تصعيد هجماتها المستمرة والواسعة والممنهجة بحق المدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني».
ومنذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي عن السلطة في يوليو/تموز 2013، شنت السلطات المصرية حملة قمعية تزداد قسوتها بحق المدافعين عن حقوق الإنسان وعلى الحقوق المدنية والسياسية. وهناك آلاف المواطنين المصريين – بينهم مئات المدافعين عن الحقوق والصحفيين والأكاديميين والفنانين والساسة – تعرضوا للاحتجاز التعسفي، بناء على اتهامات جنائية متعسفة أو عبر محاكمات مجحفة في أغلب الحالات.
لقد دأبت قوات الأمن المصرية على تعريض هؤلاء المحتجزين بشكل ممنهج للمعاملة المسيئة والتعذيب. وقد حذر خبراء الأمم المتحدة من أن الظروف المتدهورة بشكل كارثي في السجون المصرية قد عرضت حياة وصحة المحتجزين للخطر، فضلاً عن إخفاء نشطاء سلميين آخرين قسريًا، لم يتم الكشف مطلقاً عما حدث لبعضهم رهن هذا الإخفاء.
وقال بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، إن المصريين عاشوا في الماضي في ظل حكومات مستبدة، لكن المستويات الحالية من الاستبداد غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث، والعواقب ربما تكون مرعبة على حقوق الإنسان وعلى الاستقرار الإقليمي”.
يذكر أنه في أغسطس من العام الماضي حُكم على بهي الدين حسن بالسجن 15 عاماً غيابياً أمام “دائرة إرهاب” في مصر، جراء دفاعه عن حقوق الإنسان.
وأوضحت الرسالة أنه في هذه البيئة شديدة القمع، اضطرت منظمات حقوقية عديدة إلى إغلاق أبوابها، أو تقليل أنشطتها، أو العمل من خارج البلاد، أو العمل تحت تهديد دائم بالاعتقال والمضايقات. وعادة ما تستعين الحكومة المصرية بقوانين «مكافحة الإرهاب» لتبرير هذه الانتهاكات وتجريم حرية تكوين الجمعيات والتعبير عن الرأي. وقد حذر خبراء الأمم المتحدة من توظيف مصر «لدوائر الإرهاب» بالمحاكم الجنائية لاستهداف المدافعين عن الحقوق، ولإسكات المعارضين، وحبس النشطاء أثناء جائحة «كوفيد-19».
وفي مواجهة هذه التحذيرات المتكررة، طالبت مجلس حقوق الإنسان بتحمل مسئولية التحرك لضمان إعداد التقارير بشكل فعال وتفعيل المتابعة والرصد الدوليين لحالة حقوق الإنسان المتدهورة في مصر، على النحو المشار له ضمن مطالب المنظمات في رسالتهم اليوم لوزراء الخارجية.
وقال كيفين ويلان، ممثل منظمة العفو الدولية أمام الأمم المتحدة في جنيف: «إن بقاء حركة حقوق الإنسان في مصر، والتي تعاني أشد المعاناة، على المحك. وعلى أعضاء المجتمع الدولي مسئولية دعم جهود تشكيل آلية رصد وإبلاغ بمجلس حقوق الإنسان فيما يخص الوضع في مصر، وتوجيه رسالة بأن تجاهل مصر لحقوق الإنسان أمر لن يستمر تجاهله أو تقبله.»