“هجمة مكارثية”.. القصة الكاملة لوقف مراسلة “بي بي سي” بالقاهرة بسبب إعجابها بتغريدات عن العدوان على غزة.. و”المبادرة المصرية” تستنكر
كتب- درب
أدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قرار هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إيقاف مراسلتها في القاهرة سالي نبيل عن العمل وإحالتها للتحقيق التأديبي، بدعوى مخالفة سياسة الهيئة بشأن استعمال وسائل التواصل الاجتماعي والانحياز ضد إسرائيل.
وقالت المبادرة المصرية – بوصفها الممثل القانوني لسالي نبيل عضوة نقابة الصحفيين المصريين- إن إيقاف ومساءلة سالي نبيل للمرة الثانية خلال بضعة أشهر، يأتي استمرارًا لسلسلة من إجراءات التنكيل بمراسلة خدمتي بي بي سي العربية والإنجليزية في مصر، وذلك ضمن إطار أوسع من إجراءات مكارثية دأبت الهيئة على اتخاذها مؤخرًا ضد صحافييها العرب تحديدًا، استجابة لضغوط حملات موجهة من منظمات موالية لإسرائيل تستهدف ترويعهم والتأثير على تغطيتهم لحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية الدائرة في غزة منذ أكتوبر الماضي.
كما حذرت المبادرة المصرية من أن استمرار إجراءات التنكيل المتواصل ضد سالي نبيل بالتحديد يثير شبهات واضحة بشأن وجود دوافع انتقامية لدى مديري بي بي سي في لندن، بسبب نشاطها النقابي المشروع والمحمي بموجب القوانين المصرية والبريطانية والدولية؛ حيث لعبت سالي – التي التحقت بالعمل في بي بي سي منذ أكثر من عشر سنوات- دورًا قياديًا كعضو في اللجنة الممثلة للعاملين في مكتب بي بي سي بالقاهرة، للتفاوض مع الإدارة في لندن دفاعًا عن الحقوق المالية لزملائهم، في ظل السياسات العنصرية للهيئة البريطانية في التمييز في الأجور ضدهم مقارنة بزملائهم في مكاتب أخرى، بحسب المبادرة.
وكان صحفيو مكتب القاهرة قد نظموا العام الماضي ثلاث إضرابات عن العمل، للمطالبة بالمساواة بزملائهم في الأجور، قبل انتهاء الأزمة في سبتمبر الماضي بمفاوضات اختتمها نقيب الصحفيين المصريين خالد البلشي مع إدارة الخدمة العالمية، توصل الطرفان خلالها إلى تحقيق اتفاق رضائي بشأن أجور الصحفيين والعاملين في مكتب الهيئة بالقاهرة.
وشددت المبادرة المصرية على أن قانون العمل المصري يحمي الخاضعين له من أي استهداف بناء على الرأي السياسي أو ممارسة صفة تمثيل العمال أو الممارسة السابقة لهذه الصفة.
يذكر أن إدارة الخدمة العالمية أخطرت سالي مساء أمس الثلاثاء الموافق 13 فبراير بإحالتها للمساءلة التأديبية، بعد أيام من نشر تقرير في صحيفة التلغراف البريطانية الموالية لإسرائيل، وجه لسالي تهمة “معاداة السامية” على خلفية ضغطها زر الإعجاب (لايك) لتغريدتين حول إسرائيل وفلسطين على موقع إكس (تويتر سابقاً). وتشير إحدى التغريدات إلى إعراب إحدى الرهائن الإسرائيليين المفرج عنهم في غزة عن “العرفان العميق” تجاه حركة حماس، بينما تتناول التغريدة الأخرى خبرًا نشرته صحف تركية بشأن قيام إسرائيليين مؤخرًا بشراء أراضٍ في جزيرة قبرص.
وأوقفت الخدمة العالمية لـ بي بي سي في أكتوبر الماضي كلًا من سالي وثلاثة صحفيين آخرين بمكتب القاهرة وصحفيتين من مكتبها ببيروت عن العمل للسبب نفسه، وبعد أيام من نشر تقرير مماثل في الصحيفة البريطانية ذاتها، اتهمهم بالانحياز لفلسطين على خلفية الإعجاب أو إعادة النشر لتغريدات على موقع إكس. واستند تقرير الصحيفة وقرار الإيقاف وقتها إلى حملة على الصحفيين الستة بالأسماء والصور، شنتها منظمة صهيونية تدعى كاميرا (اللجنة من أجل دقة التغطية والتحليل في الشرق الأوسط) والمتخصصة في الدفاع عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي واستهداف وترويع الصحفيين على خلفية ممارسة عملهم في تغطيتها.
وقررت بي بي سي بعد قرابة ستة أسابيع إنهاء التحقيق من دون إصدار عقوبة، والتنبيه على الصحفيين بالالتزام بسياسة الهيئة بشأن استعمال وسائل التواصل الاجتماعي، رغم إصرار الصحفيين وتأكيدهم على عدم انتهاكهم لأي من بنود تلك السياسة.
وأكدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أنها ـ وشركاءها في بريطانيا- ستتخذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة لضمان حقوق الصحفية المصرية سالي نبيل وكافة الصحفيين المصريين والعرب، في مواجهة هذه الهجمة المكارثية والمخالفة للقانون والمعايير المهنية والحقوقية.